ترجمات أجنبية

نيويورك تايمز: كيف يحاول نتنياهو إنقاذ نفسه وانتخاب ترامب وهزيمة هاريس

نيويورك تايمز 3-9-2024، توماس فريدمان: كيف يحاول نتنياهو إنقاذ نفسه وانتخاب ترامب وهزيمة هاريس

إذا كان الرئيس بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس بحاجة إلى أي تذكير بأن بنيامين نتنياهو ليس صديقهم، وليس صديق أمريكا، والأكثر خجلاً، ليس صديق الرهائن الإسرائيليين في غزة، فإن قتل حماس لستة أرواح إسرائيلية بينما كان نتنياهو يؤخر المفاوضات يجب أن يوضح ذلك. ولنتنياهو مصلحة واحدة: وهي بقائه السياسي المباشر، حتى لو كان ذلك يقوض بقاء إسرائيل على المدى الطويل.

إن هذا سيدفع نتنياهو بلا شك، القيام خلال الشهرين القادمين بأمور يمكن تهدد فرص انتخابها وتعزز من فرص دونالد ترامب، وعليها أن تقلق من هذه الحالة.

سيدي الرئيس، من فضلك، من فضلك أخبرني أن نتنياهو لم يخدعك. لقد أجريت محادثات متكررة معه، كل منها تليها تنبؤاتك المتفائلة حول وقف إطلاق النار الوشيك في غزة – ثم يخبر أتباعه بشيء آخر.

نتنياهو هو أحد الأسباب التي جعلته يضع هذه القاعدة حول تقارير الشرق الأوسط: “في واشنطن، يخبرك المسؤولون بالحقيقة في السر ويكذبون عليك في العلن. في الشرق الأوسط، يكذب المسؤولون عليك في السر ويقولون الحقيقة لك في العلن. لا تثق أبدا بما يقولونه لك في السر – وخاصة نتنياهو. استمع فقط إلى ما يقولونه في العلن لشعبهم بلغاتهم الخاصة”.

إن نتنياهو كان يهمس لقادة أمريكا، في مكالماته الهاتفية، باللغة الإنكليزية وأنه مهتم بوقف إطلاق النار واتفاقية الإفراج عن المحتجزين ويفكر في المقدمات الضرورية لـ“مبدأ بايدن”. ولكن بمجرد إغلاق الهاتف يقول لقاعدته، باللغة العبرية، أشياء تتناقض صراحة مع مبدأ بايدن، لأنها تهدد “مبدأ بيبي” وهو لقب نتنياهو. لكن ماهو مبدأ كل منهما؟

فما هو مبدأ بايدن، وما هو مبدأ بيبي، ولماذا هما مهمان؟

إن مبدأ بايدن يقوم على التحالفات الإقليمية مع شركاء يمتدون من اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى الهند والخليج، وحتى حلف شمال الأطلسي في أوروبا.

إنها تحالفات أمنية واقتصادية، مصممة لمواجهة روسيا في أوروبا، واحتواء الصين في المحيط الهادئ وعزل إيران في الشرق الأوسط. مشيرا كعادته لجهود بايدن دفع التطبيع بين السعودية وإسرائيل.

منذ حرب غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كان فريق بايدن يحاول بحكمة دمج مبدأ بايدن مع وقف إطلاق النار في غزة واتفاق الأسرى، من خلال التأكيد على المزايا المهمة لكل من إسرائيل وأمريكا: فقد يؤدي ذلك إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، ويؤدي إلى عودة الرهائن، ويمنح الجيش الإسرائيلي المنهك وقوات الاحتياط استراحة ضرورية للغاية، لأن وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يجبر حزب الله على وقف إطلاق النار من لبنان أيضا. كما وسيخلق وقف إطلاق النار الظروف للإمارات والمغرب ومصر لإرسال قوات حفظ سلام إلى غزة بالشراكة مع السلطة الفلسطينية المطورة، حتى لا تحتاج إسرائيل إلى احتلال دائم هناك، ويتم استبدال حماس بحكومة فلسطينية شرعية معتدلة.

بايدن كان يخبر نتنياهو، أن إسرائيل يمكن أن تجد شركاء عربا مستدامين لمسار آمن للخروج من غزة وتجد حلفاء عربا للتحالف الإقليمي الذي تحتاجه لمواجهة تحالف إيران الإقليمي المكون من حماس وحزب الله والحوثيين والميليشيات العراقية. وجهة نظر بايدن: يجب النظر إلى أمن إسرائيل اليوم في سياق أوسع بكثير من مجرد من يقوم بدوريات على حدود غزة.

لكن مبدأ بايدن اصطدم مباشرة بمبدأ بيبي، الذي يركز على بذل كل ما هو ممكن لتجنب أي عملية سياسية مع الفلسطينيين قد تتطلب تسوية إقليمية في الضفة الغربية من شأنها أن تكسر التحالف السياسي لنتنياهو مع أقصى اليمين الإسرائيلي.

ولهذه الغاية، حرص نتنياهو لسنوات على بقاء الفلسطينيين منقسمين وغير قادرين على اتخاذ موقف موحد.

وفعل نتنياهو كل ما في وسعه لتشويه سمعة السلطة الفلسطينية وإذلالها ورئيسها محمود عباس، الذي اعترف بإسرائيل، واحتضن عملية السلام في أوسلو وتعاون مع أجهزة الأمن الإسرائيلية لمحاولة الحفاظ على السلام في الضفة الغربية لما يقرب من ثلاثة عقود.

مبدأ بقاء نتنياهو أصبح أكثر أهمية بعد توجيه الاتهام إليه في عام 2019 بتهمة الاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة. والآن يجب أن يبقى في السلطة ليبقى بعيدا عن السجن، إذا أدين.

عندما فاز نتنياهو بالانتخابات بهامش ضئيل للغاية في عام 2022، كان مستعدا للتحالف مع أسوأ الأسوأ في السياسة الإسرائيلية لتشكيل ائتلاف حاكم من شأنه أن يبقيه في السلطة. وتحالف مع مجموعة من المتطرفين اليهود الذين وصفهم رئيس سابق للموساد الإسرائيلي بأنهم “عنصريون فظيعون” و”أسوأ بكثير” من كو كلوكس كلان.

هؤلاء المتطرفين اليهود وافقوا على السماح لنتنياهو بتولي منصب رئيس الوزراء طالما احتفظ بالسيطرة العسكرية الإسرائيلية الدائمة على الضفة الغربية، وبعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، على غزة أيضا.

لقد أخبروا نتنياهو فعليا أنه إذا وافق على صفقة بايدن بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل والسلطة الفلسطينية – أو وافق على وقف إطلاق النار الفوري لإعادة الأسرى الإسرائيليين والإفراج عن السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية – فإنهم سيسقطون حكومته. لأن هذه الأشياء ستكون بمثابة مقدمة لتطبيق مبدأ بايدن وتسوية إقليمية محتملة في يوم من الأيام في الضفة الغربية.

نتنياهو فهم الرسالة وأعلن أنه سينهي الحرب في غزة بعد أن تحقق إسرائيل “نصرا كاملا”، لكنه لم يحدد أبدا ما يعنيه ذلك بالضبط ومن سيحكم غزة في أعقابها. من خلال تحديد مثل هذا الهدف الذي لا يمكن تحقيقه في غزة – حيث يحتل الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية منذ 57 عاما، وكما تظهر الاشتباكات اليومية، لم يحقق “نصرا كاملا” على نشطاء حماس هناك – فقد وضع نتنياهو الأمور بحيث يمكنه وحده أن يقرر متى تنتهي الحرب في غزة. وهو ما سيكون عندما يناسب احتياجاته السياسية للبقاء. هذا بالتأكيد ليس اليوم.

إعلان نتنياهو، يوم الاثنين، أنه مستعد للتضحية بأي وقف لإطلاق النار مع حماس وإعادة الأسرى إذا كان ذلك يعني أن إسرائيل يجب أن تستسلم لمطالب حماس بإخلاء مواقعها العسكرية على ممر فيلادلفيا الذي يبلغ طوله 8.7 ميلا على طول الحدود بين غزة ومصر، والذي استخدمته حماس لفترة طويلة لتهريب الأسلحة ولكن الجيش الإسرائيلي لم يعتقد أنه مهم بما يكفي لاحتلاله حتى خلال الأشهر السبعة الأولى من الحرب.

الجنرالات الإسرائيليين أخبروا نتنياهو باستمرار أن هناك العديد من الوسائل البديلة الفعالة للسيطرة على الممر الآن وأن دعم القوات الإسرائيلية العالقة هناك سيكون صعبا وخطيرا. ويمكنهم استعادة الممر في أي وقت يحتاجون إليه.

الأمر كله احتيال، وكما أوضح مراسل “هآرتس” العسكري عاموس هرئيل، فما يحدث حقا هو أن حلفاء نتنياهو من اليمين يحلمون بإعادة الاستيطان في غزة، في حين أن “نتنياهو، تحت غطاء المصالح الأمنية، يحمي بشكل أساسي موقفه السياسي. إنه يقاتل من أجل سلامة ائتلافه الحاكم، والذي قد ينهار إذا تمت الموافقة على الصفقة”.

نتنياهو يعرف أن هاريس في مأزق. فإذا استمر في الحرب في غزة حتى “النصر الكامل”، مع المزيد من الضحايا المدنيين، فسوف يضطر هاريس إما إلى انتقاده علنا وخسارة الأصوات اليهودية أو عض لسانها وخسارة أصوات الأمريكيين العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان الرئيسية. وبما أن هاريس ستجد صعوبة على الأرجح في القيام بأي من الأمرين، فإن هذا سيجعلها تبدو ضعيفة في نظر اليهود والعرب الأمريكيين. ولن أتفاجأ لو اختار نتنياهو التصعيد في غزة بين الآن ويوم الانتخابات لجعل الحياة صعبة على الديمقراطيين الذين يترشحون لمنصب الرئاسة.

نتنياهو قد يفعل هذا لأنه يريد فوز ترامب ويريد أن يكون قادرا على إخبار ترامب أنه ساعده على الفوز. يعرف نتنياهو أن العديد من الجيل الصاعد من الديمقراطيين معادون لإسرائيل – أو على الأقل لإسرائيل التي يخلقها.

عندها، إذا فاز ترامب، لن أتفاجأ إذا أعلن بيبي أن “انتصاره الكامل” في غزة قد تحقق، ووافق على وقف إطلاق النار لاستعادة أي أسير ما زال على قيد الحياة، في هذه الحالة يفوز نتنياهو ويفوز ترامب وتخسر إسرائيل. لأن الوضع في غزة سيبقى على ما هو عليه الآن.

وسوف تظل غزة في حالة غليان. وسوف تظل القوات الإسرائيلية تحتلها. وسوف تصبح إسرائيل دولة منبوذة أكثر من أي وقت مضى، مع رحيل المزيد والمزيد من الإسرائيليين الموهوبين للعمل في الخارج، ولكن بيبي سوف يحظى بفترة ولاية أخرى ــ وهذا كل ما يهم.

أما إذا فازت هاريس، فإن بيبي يعرف أنه يحتاج فقط إلى نقر أصابعه، وسوف تحميه جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في واشنطن مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) والجمهوريون في الكونغرس من أي رد فعل سلبي.

في يوم ما في المستقبل، سيقوم نتنياهو بتكريم “صديقه العزيز لسنوات عديدة، الرئيس جو بايدن” على شكل إقامة مستوطنة جديدة في غزة، تسمى بالعبرية جفعات يوسف، والتي تعني: “تلة جو”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى