ترجمات أجنبية

نيويورك تايمز: انتخابات كوريا الجنوبية قد تعيد ضبط العلاقات مع الصين

نيويورك تايمز 2-6-2025، شو سانغ هون: انتخابات كوريا الجنوبية قد تعيد ضبط العلاقات مع الصين

إذا ما أثمرت الانتخابات الرئاسية بكوريا الجنوبية، المقررة اليوم، فوز المرشح الأوفر حظاً، فمن المرجح أن تشهد البلاد تحولاً كبيراً في مسار سياستها الخارجية نحو تحسين العلاقات مع كوريا الشمالية والصين.

يذكر أن علاقات كوريا الجنوبية مع كوريا الشمالية والصين تدهورت بشكل متزايد في ظل الرئيس السابق يون سوك يول، الذي أُقيل من منصبه في أبريل (نيسان) بعد فرضه، لفترة قصيرة الأمد، الأحكام العرفية. وخلال فترة حكم يون، أصبحت كوريا الجنوبية أكثر تصادمية مع كوريا الشمالية، مع تخليها عن الحوار وتشجيعها على نشر معلومات عن الخارج داخل الدولة المعزولة. من جهتها، ردت كوريا الشمالية بالتخلّي عن سياستها طويلة الأمد الداعمة لإعادة التوحيد مع الجنوب، وأعادت تعريف كوريا الجنوبية باعتبارها عدواً يجب إخضاعه، إذا لزم الأمر، باستخدام الأسلحة النووية.

علاوة على ذلك، تسبّب يون في الإخلال بالتوازن الدقيق الذي لطالما حاولت كوريا الجنوبية الحفاظ عليه دوماً بين واشنطن وبكين. وفي الوقت الذي أصبحت فيه الصين أكبر شريك تجاري لكوريا الجنوبية في العقود التي تلت الحرب الباردة، ظلّت الولايات المتحدة الحليفَ العسكري الوحيد لها. أما يون، فلم يكتفِ بالانحياز العلني إلى جانب واشنطن في خضم تنافسها الاستراتيجي مع الصين، بل استفزّ بكين كذلك من خلال إثارة الشبهات بشأن إرسالها جواسيسَ إلى كوريا الجنوبية، واحتمال تدخلها في الانتخابات.

من ناحيته، قال لي جاي ميونغ، المرشح الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات الرئاسية حسب استطلاعات ما قبل التصويت: «لقد وصلت العلاقات بين كوريا الجنوبية والصين إلى أسوأ حالاتها على الإطلاق». وقد وجّه انتقادات لسياسة يون تجاه الصين، مضيفاً: «سأعمل على استقرار هذه العلاقات وإدارتها».

وفي كثير من النواحي، تتشابه السياسات الخارجية التي يطرحها كل من لي وخصمه الرئيس كيم مون سو، فكلاهما تعهد بتعميق التحالف مع واشنطن، مؤكدَين أنَّه يمثل حجر الأساس لدبلوماسية كوريا الجنوبية. كما وعدا بالاستثمار أكثر في قدرات كوريا الجنوبية الدفاعية، وتعزيز الردع المشترك مع الولايات المتحدة، لمواجهة التهديد النووي المتزايد من كوريا الشمالية. كما أيَّدَا التعاون الثلاثي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان من أجل تعزيز الأمن الإقليمي.

كذلك، أقرّ كل من لي وكيم بضرورة بناء علاقة تفاهم مع الرئيس دونالد ترمب، الذي يطالب كوريا الجنوبية بدفع المزيد مقابل تمركز 28.500 جندي أميركي على أراضيها، في الوقت الذي يفرض رسوماً جمركية باهظة على السيارات والفولاذ وغيرهما من الصادرات التي تُعد أساسية لاقتصاد كوريا الجنوبية القائم على التصدير.

ومع ذلك، تبقى هناك كذلك اختلافات حادة بين المرشحين؛ إذ يمثل كل من لي وكيم وجهتي نظر متعارضتين داخل بلد منقسم بعمق حول القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية والصين.

وصف كيم، وحزبه اليميني «حزب سلطة الشعب»، الذي كان يدعم يون، خصومهما في «الحزب الديمقراطي» اليساري بأنهم «موالون لكوريا الشمالية» و«موالون للصين». وقال إنهم سيقوّضون تحالف سيول مع واشنطن، من أجل تحسين العلاقات مع بكين وبيونغ يانغ.

وخلال الحملة الانتخابية حاول كيم استغلال المشاعر السائدة المعادية لكوريا الشمالية، وكذلك خاصة ضد الصين، بين كبار السن من الكوريين الجنوبيين والناخبين الشباب من الذكور. ووصف لي بأنه متردد ويفتقر إلى الشعور بالمسؤولية في توجهه إزاء المنافسة الجيوسياسية بين واشنطن وبكين، بينما وصف نفسه بأنه داعم قوي للولايات المتحدة.

وقال كيم خلال مناظرة تلفزيونية، الشهر الماضي: «الصين كانت عدونا، فالحزب الشيوعي الصيني غزا بلدنا خلال الحرب الكورية. فكيف يمكن أن نعامل الصين على قدم المساواة مع الولايات المتحدة؟».

ورد لي وحزبه بأن مثل هذه الاتهامات ليست سوى جزء من حملة شرسة يشنها أبناء تيار المحافظين في كوريا الجنوبية، لتشويه صورة خصومهم الليبراليين منذ الحرب الباردة.

وجدد لي تأكيده بأنه إذا اضطر للاختيار، فسيُعطي الأولوية للتحالف مع الولايات المتحدة، لكنه اتهم كيم بأنه يعادي الصين وكوريا الشمالية وروسيا دون مبرر، وقال إنه سيسعى إلى «دبلوماسية براغماتية»، وسيعمل على تحسين العلاقات مع هذه الدول، لكن ضمن إطار التحالف مع واشنطن، بهدف تخفيف التوترات داخل شبه الجزيرة الكورية.

وقال لي: «التعاون مع الولايات المتحدة واليابان أمر أساسي، لكن لا ينبغي لنا أن نضع كل البيض في سلة واحدة».

من جانبه، قال لايف – إريك إيزلِي، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة إيهوا النسائية في سيول: «لي يقول الكثير من الأمور الصائبة»، لكنه أضاف: «السؤال: هل هذه التصريحات تمثل ملامح سياسة فعلية، أم أنها مجرد شعارات انتخابية؟».

وعلى الصعيد الرسمي، يؤيد كل من لي وكيم الحوار مع كوريا الشمالية، لكنهما يختلفان بشكل حاد حول كيفية التعامل مع التهديد النووي القادم من الشمال.

من ناحيته، استجاب كيم للمطالب المتزايدة في كوريا الجنوبية بشأن تطوير البلاد لأسلحتها النووية الخاصة، ووعد بأنه إذا جرى انتخابه، فسيتفاوض مع ترمب للحصول على حق تخصيب اليورانيوم، وإعادة معالجة الوقود النووي المستهلك من محطات الطاقة النووية الكورية باعتبارها عمليات ضرورية لإنتاج المواد اللازمة لصنع قنبلة نووية.

إلا أن لي وصف هذه الاقتراحات بأنها «حمقاء وغير قابلة للتنفيذ»، مشيراً إلى سياسة الولايات المتحدة القديمة التي تقوم على منع انتشار الأسلحة النووية. وقال إنه يؤيد تخصيب اليورانيوم فقط لتأمين إمدادات مستقرة من الوقود لمحطات الطاقة النووية في كوريا الجنوبية، وليس من أجل صنع أسلحة نووية.

وقال لي: «إذا أعدنا نشر الأسلحة النووية التكتيكية الأميركية، فلن يكون بإمكاننا مطالبة كوريا الشمالية بالتخلي عن أسلحتها النووية».

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى