ترجمات أجنبية

نيل كويليام: مؤتمر باريس عن سوريا: تحويل الكلمات أفعالاً

نيل كويليام 19-2-2025: مؤتمر باريس عن سوريا: تحويل الكلمات أفعالاً

في 13 فبراير (شباط) الماضي، استضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس الاجتماع الدولي الثالث حول سوريا، وهو أحدث محاولة لتنسيق استجابة دولية منسقة منذ سقوط نظام بشار الأسد. جمعت القمة ممثلين رفيعي المستوى من 20 دولة إقليمية وغربية، بما في ذلك السعودية وتركيا ومصر والأردن وألمانيا وبريطانيا، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة.

على خلفية الصراع المستمر في الشرق الأوسط، سعى الاجتماع إلى تنسيق الجهود لحماية سيادة سوريا وأمنها مع حشد الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الرئيسية لتقديم المساعدات الأساسية والدعم الاقتصادي. اختتم الاجتماع ببيان مشترك تضمن تعهدات دعم وحدد رؤية لبناء سوريا حرة موحدة ذات سيادة ومستقرة ومسالمة. ومع ذلك، فإن الكلمات وحدها لن تكفي؛ لقد حان وقت العمل. الأوضاع على الأرض تزداد سوءاً، وإذا لم يحوّل المجتمع الدولي الالتزامات المكتوبة إلى أفعال، فستضيع اللحظة وستنزلق سوريا إلى الوراء نحو عدم الاستقرار.

 

أظهرت القمة مستوى الدعم الدولي المرتفع الذي تتمتع به الحكومة السورية الجديدة. ومع ذلك، كان غياب التمثيل رفيع المستوى للولايات المتحدة ملحوظاً. وفي حين أبدى وزير الخارجية ماركو روبيو سابقاً دعمه لانتقال شامل، قائلاً إنه سيساعد في منع عودة تنظيم «داعش» وجماعات متطرفة أخرى، فإن واشنطن لم تضع بعد سياسة واضحة تجاه سوريا.

كذلك، رغم شمول البيان المشترك لاجتماع باريس، فإنه قدم القليل جداً من النتائج الملموسة، وعكس أولويات المجتمع الدولي أكثر من تقديم حلول للتحديات الفورية في سوريا. وكان التركيز الرئيسي على مواجهة تنظيم «داعش».

صحيح أن عودة التنظيم تشكل تهديداً للعملية الانتقالية في سوريا، مع زيادة عملياته خلال العام الماضي. لكن حكومة دمشق تحتاج إلى مساعدة تتجاوز بكثير مجرد ضرب المتطرفين. لذلك، فإن بناء العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة بشكل أساسي على هذه القضية سيكون خطأ استراتيجياً وتكتيكياً. بعد كل شيء، لم يخدم تركيز الغرب على مكافحة الإرهاب في علاقاته مع العراق واليمن وليبيا مصالح الحكومات المضيفة ولا المصالح الغربية، ويفترض أن هذه الدروس المؤلمة تم استيعابها.

دعا الرئيس الفرنسي الحكومة السورية إلى إدماج «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والمكونة بشكل رئيسي من الأكراد بشكل كامل في العملية الانتقالية، واصفاً إياها بـ«الحليف الثمين». وبينما يتشارك العديد من القادة الغربيين هذا الشعور، فإن «قسد» ترفض التخلي عن الحكم الذاتي الذي حصلت عليه من نظام الأسد. وبالتالي، فإن هذه ليست قضية يمكن حلها في قمة دولية كبيرة.

علاوة على ذلك، فإن التوترات الداخلية تعوق التعاون بين «قسد» ودمشق في قضايا رئيسية أخرى، مثل السيطرة على سجون «داعش». وكان لقرار الرئيس دونالد ترمب تجميد المساعدات الخارجية تأثير فوري على السجون. تم تعطيل توفير السلع الأساسية وخدمات توزيع المساعدات في سجون الهول والروج التي تضم عشرات الآلاف من المتهمين بالانتماء إلى «داعش». تلقت إحدى المنظمات العاملة في المعسكرين إعفاءات تسمح لها بالاستمرار في العمل، لكن الآخرين لم يحصلوا على ذلك.

هذه المعسكرات المغلقة تثير قلقاً خاصاً لدى القادة الأوروبيين الذين يخشون من أن التوترات بين الحكومة السورية و«قسد» قد تعرض أمن المنشآت للخطر وتحفز «داعش» على محاولة تهريب سجناء.

ربطت الدول المشاركة أيضاً العمل على رفع العقوبات الاقتصادية بتقدم العملية الانتقالية في سوريا وتنفيذ الإصلاحات المرتبطة بها. وقد دعت الدول العربية مراراً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى رفع أو تعليق العقوبات. رداً على ذلك، أعلنت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية كايا كالاس أن الكتلة تنوي الاجتماع مرة أخرى في 24 فبراير لمواصلة مناقشة رفع العقوبات.

وبالمثل، أعلنت بريطانيا أنها تنوي تقديم تدابير لتعديل نظام العقوبات الخاص بها، بما في ذلك تخفيف القيود المفروضة على قطاعات الطاقة والنقل والتمويل، إضافة إلى تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، لا توجد ضمانات بأن العقوبات سترفع قريباً.

ما يتم تجاهله غالباً هو الاعتبارات الجيوسياسية الأوسع التي تؤثر على صناع السياسة الغربيين. فهم يرون أن تخفيف العقوبات، إذا تم تنفيذه بتعجل أو بشكل غير دقيق، فقد يمكّن روسيا وإيران من الاستفادة. من السهل تقديم التعهدات. ومع ذلك، لن يرفع صناع السياسة في الغرب العقوبات أو يعلقوها حتى تتحقق شروط الاتحاد الأوروبي أو تتحرك الولايات المتحدة أولاً.

أظهر مؤتمر باريس أن أوروبا حريصة على تولي زمام المبادرة غربياً في دعم سوريا، خصوصاً وأن الولايات المتحدة مشغولة بقضايا أخرى، بما في ذلك إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وفي غزة، والمناقشات حول فرض رسوم على شركائها. وفي حين أسفر الاجتماع عن الكثير من الوعود، إلا أنه ما لم تتحول موجة حسن النيات إلى دعم مادي، فإن هناك خطراً من أن يزداد السخط بين السوريين، مما يخلق فرصة للجماعات المتطرفة.

وفي هذا الإطار، فإن مؤتمر التعهدات الأوروبي في بروكسل الشهر المقبل هو فرصة لتحويل الكلمات إلى أفعال. وإذا فشلت أوروبا في القيام بذلك، فإن خطر عدم الاستقرار في سوريا سيرتفع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى