ترجمات عبرية

نير حسون يكتب – اديب جودة يكتشف ان بيت عائلته في البلدة القديمة بيع للمستوطنين

بقلم: نير حسون، هآرتس ١١-١١-٢٠١٨

ذات يوم قبل نحو شهر، في الساعة الخامسة فجرا، سقطت السماء على اديب جودة. جودة إبن الـ 55 سنة هو شخصية معروفة ومحترمة في البلدة القديمة في القدس. عائلة جودة هي من أقدم العائلات الفلسطينية في المدينة، وهي واحدة من عائلتين فلسطينيتين تحتفظات بمفاتيح كنيسة القيامة. صفة “حامل المفاتيح” تنتقل بالوراثة من الآباء الى الأبناء منذ مئات السنين. في ذلك الصباح المر اتصل معه جيران للعائلة من حارة السعدية التي تقع في الحي الاسلامي وقالوا له “عليك القدوم بسرعة، وسترى المستوطنين في البيت”، واضاف “في تلك اللحظة فهمت ماذا حدث”. منذ ذلك الصباح يحاول جودة الدفاع عن سمعته امام المجتمع الفلسطيني في القدس، الذي في نظره ليس هناك جريمة أكبر من بيع بيت للمستوطنين.

منذ دخول المستوطنين الى بيت جودة تم الكشف عن صفقات اخرى، بيعت فيها بيوت اخرى لليهود وجرت احداث درامية اخرى حول بيع بيوت في البلدة القديمة في القدس. هذا الاسبوع على سبيل المثال، رفضت جميع المقابر في شرقي القدس دفن جثة علاء قرش، أحد القتلى في حادثة وادي عربة، لأن اسمه ارتبط ببيع بيت للمستوطنين، وذلك طبقا لفتوى اصدرها خطيب المسجد الاقصى. أخيرا تم دفنه دون الصلاة عليه خارج القدس. في السلطة الفلسطينية اعتقل عصام عقل بتهمة مشابهة، والشرطة واجهزة الامن العام الاسرائيلية تواصل الضغط على كبار شخصيات السلطة بسبب ذلك.

مع ذلك قضية بيع بيت جودة تواصل تأجيج الشارع الفلسطيني، في الشبكات الاجتماعية وفي وسائل الاعلام. يوجد لذلك سببين. الاول هو هوية عائلة جودة، الثاني تورط شخصيات كبيرة في السلطة الفلسطينية في القضية. جودة اعترف بأنه غير خائف، لكنه اعترف بأنه لا يتجول في البلدة القديمة مثلما كان يفعل في السابق. “يوجد ضدي الكثير من التحريض في الشارع، وهناك الكثير من الاغبياء في هذا المكان. لقد حكموا علي بالموت”، قال. وهو ايضا لم يشاهد البيت منذ بداية القضية، “يؤلمني الوصول الى هناك، ربما أصاب بالجلطة”، قال.

ملجأ ضريبي

“لقد بدأت في الوصول الى الكنيسة عندما كنت في جيل 8 سنوات مع والدي”، بدأ جودة قصته. “اليوم أنا عمري 55 سنة، وأنا حامل المفاتيح، وفي المستقبل أحد أبنائي سيواصل طريقي”. جودة لا يصلي في الكنيسة، هو مسلم، ومفاتيح الكنيسة مودعة لدى عائلات مسلمة منذ أجيال. بموازاة الدور الهام هو ايضا خدم سنوات كثيرة كمحقق جنائي في الشرطة الاسرائيلية، وهو أحد القلائل من رجال الشرطة في شرقي القدس. عندما تفجرت القضية استخدمت هذه الواقعة كدليل في أيدي خصومه على عدم اخلاصه للقضية الفلسطينية.

“في العام 2012 عرضت البيت للبيع”، قال جودة، “في البداية توجهت الى الأوقاف والى شركات فلسطينية، لكنهم لم يريدوا. اردنا أن يكون هذا المبنى في أيد جيدة، كي يحافظ عليه الفلسطينيون، لكنهم لم يريدوا”. قبل نحو سنتين جاء الى جودة شخص باسم فادي السلامين، وهو رجل اعمال وناشط سياسي يعيش في الولايات المتحدة، وعرض عليه شراء المبنى.

السلامين معروف أنه مقرب من محمد دحلان، الخصم السياسي اللدود لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو يكثر من مهاجمة السلطة بسبب الفساد. في زيارة للقدس قبل سنتين تجول في المدينة مع حراس خوفا من اختطافه من قبل رجال السلطة. السلامين يزعم أن السلطة الفلسطينية بذلت كل ما في استطاعتها لالغاء الصفقة. حساباته البنكية في الضفة الغربية جمدت وهو لم ينجح في تحويل المال لجودة. في نهاية المطاف الصفقة الغيت.

الشخص الآخر الذي توجه لجودة هو خالد عطاري، وهو رجل اعمال فلسطيني أدار بنك في رام الله ويعتبر مقرب من رئيس السلطة، وخاصة من رئيس المخابرات الفلسطينية، أحد المرشحين لوراثة محمود عباس، ماجد فرج. “أنا لا أعرف عطاري، لكني ذهبت للفحص”، قال جودة. “ذهبت الى عدنان الحسيني (وزير شؤون القدس في السلطة)، والى كل المسؤولين في السلطة. جميعهم قالوا إنهم يعرفونه شخصيا وأنه شخص نقي.

“أحد منهم لم يقل أي كلمة سيئة عنه. كذلك قابلته في افضل المطاعم في رام الله وشاهدت كيف يتعامل الناس معه. أنت تشعر بأنك تجلس مع شخص مقدر”.

في العام 2016 تم التوقيع على الصفقة والبيت بيع لعطاري مقابل 2.5 مليون دولار. خلال البيع حول عطاري المبنى من اسمه الى اسم شركة باسم “داهو” المسجلة في الملجأ الضريبي في جزر الكاريبي. من يعرف طبيعة نشاط الجمعيات الاستيطانية يعرف أن استخدام شركات مسجلة في الملاجيء الضريبية في ارجاء العالم هو أحد العلامات الدالة على نشاطات شرائها.

هذه الشركات تمكنها من اخفاء هوية المشترين وهوية البائعين. ايضا هذه العملية، حسب اقوال جودة، لم تثر لديه الشك. المشتري “شرح بأنه يريد توفير الضرائب”، قال. وحسب اقواله، حتى اللحظة التي تلقى فيها المكالمة الهاتفية من الجيران فجرا، لم يخطر بباله أن عطاري له علاقة بالمستوطنين. المكالمة التالية كانت الاتصال مع عطاري، لكنه لم يرد. فقط في الساعة الخامسة والنصف فجرا رد علي، قال جودة. قلت له إن المستوطنين في البيت. وهو حتى لم ينفعل وقال لي الساعة هي الخامسة والنصف فجرا، غدا سأتصل معك. وحتى اليوم لم يقم بالاتصال.

اجراء علني

منذ ذلك الحين التقى الاثنان مرة اخرى ضمن اجراءات التحكيم التي اجراها عدد من وجهاء العائلات في شرقي القدس وعلى رأسهم الشيخ عبد الله علقم، من مخيم شعفاط للاجئين. الاجراء تم بصورة علنية ووثق في الفيس بوك. في اللقاء حاول عطاري الدفاع عن نفسه وادعى أنه اشترى البيت بتوجيه من السلامين. في محادثة هاتفية مع هآرتس، السلامين نفى هذه الاقوال بشدة.

المحكم، الشيخ علقم، يميل الى تصديق جودة وليس عطاري. “أعتقد أن جودة بريء وعطاري هو الذي قام بالبيع”، قال علقم للصحيفة. “توجد لدي ورقة في البيت بأن عطاري سجل الأرنونا والمياه والكهرباء على اسمه. هو قال “أنا أريد البيت من اجل ابنتي”، وفي الصباح رأينا المستوطنين يدخلون الى البيت. واضاف جودة “لو أن السلامين أراد شراء البيت فلماذا كان بحاجة الى عطاري؟ كان عليه فقط تحويل المال لي. لقد سبق وكان هناك اتفاق”.

ولكن عملية التحكيم توقفت بعد أن اشتكى عطاري من تهديدات، والشرطة قامت باعتقال علقم. وحسب اقواله حظرت عليه مواصلة العمل في هذا الموضوع. “هناك من يحميه من اعلى”، قال جودة (ليس بالمعنى الديني). “من وراء هذا الرجل هناك سر كبير هو وحده يعرفه”.

في هذه الاثناء تستمر العاصفة حول جودة، في الاسبوع الماضي نشر أبناء عائلته بيان جاء فيه أن مفاتيح الكنيسة ستؤخذ منه وتنقل لشخص آخر في العائلة حتى يتوضح الامر. جودة يدعي أن الامر لا يتعلق بعائلة من البلاد، بل بفرع اردني لا يقرر مطلقا، والدليل على ذلك هو أنه يواصل الوصول الى الكنيسة كل يوم.

“أنا لم أهرب، وأنا لم أختف”، قال، “لقد قمت ببيع البيت في وضح النهار لشخص الجميع أوصى به، طوال الوقت أنا فقط افكر بكيفية الخروج من هذه القصة”. وحسب اقواله “المراسلون والناس في الشارع حكموا علي بالموت دون سؤالي مطلقا. لم يتوجه إلي أحد من أجل أن يستوضح الحقيقة. أنا انسان لي وظيفة مهمة، طوال الوقت حاربت من اجل الحفاظ على سمعة عائلتي. نحن من أقدم العائلات في القدس – فهل ألطخ اسمي بهذه السهولة؟ أنا أكرر بأنني بريء. والله يعلم أنني بريء”. رد عطاري لم يكن بالامكان الحصول عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى