ترجمات عبرية

نوعا لانداو / بعد 25 سنة صمت ، رجل رابين في اوسلو يحلل الاخفاقات والنجاحات

هآرتس – بقلم نوعا لانداو – 5/9/2018

من مكتبه في الطابق السابع في مبنى للمكاتب في واشنطن يطل المحامي يوئيل زنغر منذ اكثر من عشرين عام على نتائج المشروع الذي غير وجه الدولة، وكذلك مسار حياته وقطع بصورة استراتيجية. على الحائط الذي خلفه يلوح تذكار ثابت غير معياري في مكتب محامي امريكي: صورته وهو ينحني فوق شمعون بيرس في حفل التوقيع على اتفاق اوسلو في ساحة البيت الابيض، حيث بيل كلينتون واسحق رابين وياسر عرفات يقفون متوترين خلفه. هذه هي لحظات المجد لمن معظم الاسرائيليون الذين اذا نظروا في الصورة المشهورة هذه لم يعرفوا هويته، ولكن تأثيره على مجريات الامور كان حاسما.

زنغر كان هو المستشار القانوني الذي مثل اسرائيل الرسمية في الاتصالات وصاغ فعليا الاتفاقات. رجل رابين في اوسلو. في اعقاب القتل غادر الرجل بقلب منقبض ومنذ ذلك الحين يقل الحديث عن الموضوع. في ذكرى الـ 25 عام للعملية التي هزت تاريخ النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، قرر انه حان الوقت ان يشارك بصورة موسعة النتائج والمشاعر التي بلورها عن بعد وبعد فترة زمنية طويلة. في محادثة مع “هآرتس” يصف زنغر ما جرى في الغرف المغلقة ويقول: لقد فوتنا فرصة نادرة، لقد ارتكبنا اخطاء، والان ليس هنالك أمل بالسلام في السنوات القريبة القادمة. مع ذلك من الممنوع أن ننسى انه في العمليات التي فشلت يوجد نجاحات يجدر معرفتها والحفاظ  عليها.

الرجل الرمادي كما يبدو، المحامي الذي استدعي لكي ينزل مهندس السلام من سماء بيت الضيافة النرويجي الى ارض الواقع هو كل شيء باستثناء الرمادي. ابن الممثل جدعون زنغر، والذي خلافا لابيه دوره الاساسي كان خلف الكواليس، هكذا يصف بصورة مسرحية مآثره في القضية.

شمعون ويوسي يريدان ان تطلع على وثيقة

زنغر، من  مواليد تل أبيب،  ابن 68 عام، خدم 18 عام في النيابة العسكرية. لقد تخصص هناك في القانون الدولي وتحول الى مستشار القانوني لشؤون المناطق. تلك كانت ايام أمل. خلال خدمته ترك بصماته على باقي الاتفاقات: مع مصر، لبنان وسوريا. ايضا في اتفاق كامب ديفيد لمناحيم بيغن وملحقاته، والذي اصبح هو النموذج الذي استند عليه في اوسلو، كان ممثلا للجيش الاسرائيلي. في تلك السنوات بدأ في تطوير علاقات ثقة مع رابين. ابوه كان من جنوده في لواء هرئيل وبعد أن جرح تحول الى مغني منفرد في الغناء الاصلي لـ “اغنية الصداقة” الذي احبها قائده. من اليوم الذي دخل فيه رابين الى وزارة الدفاع عمل معه بصورة متلازمة. وعندما حلت حكومة الوحدة ترك الخدمة لدرجة عقيد وسافر للعمل في الوزارة كممثل لـجهاز الامن في الولايات المتحدة بنية العودة مع تجربة.

في يوم من الايام في نفس المكتب في الطابق السابع دق جرس الهاتف وكان على الخط مكتب يوسي بيلين الذي عرفه جيدا من جلسات الحكومة. “طلبوا ان احضر الى البلاد بصورة غير رسمية لكي اطلع على وثيقة ما”. “سألته عن ماذا قالوا هذا سري. سألته متى قالوا غدا. اخترعت هنا قصة ما وسافرت. قابلت في فندق هيلتون شخص لم اكن اعرفه باسم يئير هيرشفيلد. قالوا لي انه سيعطيك ورقة. اقرأها واحضر الى المكتب لمقابلة يوسي (بيلن) وشمعون (بيرس) واخبرهما برأيك. وهذا ما حصل. جلست في الفندق وقرأت وبكوني واحدا ممن جاء من هذا المجال، والذي اطلع على عدد من الاتفاقات، شاهدت مسودة لوثيقة مشوشة. ولكن كان هنالك شيئا اعجبني. كانت تلك خطة للحكم الذاتي على مراحل. الامر الذي سموه فيما بعد النبضات. حتى ذلك الحين كنا نقرر مسبقا. مثلا في الاتفاق مع مصر كتبنا الانسحاب من سيناء على مراحل ولكن منذ البداية كل شيء كان محددا متى ستتم كل مرحلة وما هو الوضع النهائي. ايضا في اتفاقات اخرى المضمون كان محددا مسبقا. جمال اوسلو كان في التدرج. اتفاق نمطي. يبنون طابق ومن ثم طابق آخر. في المقاربة الحذرة لرابين: سنقوم بخطوة، ونرى كيف تسير الامور، وحينئذ نقوم بخطوة اخرى.

“بالطبع فان المعارضين سيقولون انه بسبب هذا فشل اوسلو. ولكن هذا معناه ان نقلب السبب والنتيجة. يوجد لدينا مع الدول ذات السيادة الى جانبنا حدود واضحة. هنالك فصل. حتى لو أن التنفيذ يأخذ زمن. مع الفلسطينيين الامور اكثر عمقا. لذا ونظرا لانه ليس بالامكان الاتفاق على كل شيء منذ البداية الا يجب ان نعمل شيء طوال مئة سنة؟”.

زنغر سافر لابلاغ بيلن وبيرس عن رأيه. “يبدو أنني استخدمت تعبير “كعكة نصف مخبوزة” واتضح أن رابين كان يفكر مثلي. قبل عدة ايام من ذلك أمر بوقف المحادثات. انا اعتقد ان بيرس اراد ان أتولى عملية الاقناع. سافرنا معا بسيارة رابين. شمعون ويوسي وانا كنا مضغوطين في السيارة. رابين سأل. يوآل هل تستطيع اصلاح هذا؟ قلت بانني اعتقد ذلك ولكنني اريد أولا مقابلة الفلسطينيين. هيرشفيلد قال لي انهم وافقوا على هذا وذاك.  ولكن كل ما قاله لم يكن مكتوبا. قلت بانني اريد مقابلة هذه المجموعة من منظمة التحرير لكي اسمع منهم. وهذا قام بارسالي الى اوسلو. ليس بمهمة رسمية. بعد ذلك وصلوا ذلك بليلة الرعب. جاء عقيد احتياط وحقق معهم. الحقيقة هي أن النية كانت سليمة. بالرغم من أنني جئت من الجيش الاسرائيلي، الا انني في النهاية اعتبر يساريا. واليوم اعتبر يساري متطرف، ولكنني احب صنع سلام على قاعدة قوية. لذا فقد طرحت اسئلة، قضينا يوم ونصف وقلت لرابين ان الامر على ما يرام – هم في الاتجاه الصحيح”.

لقد كنت ساذجا وذرفت الدموع

“حوالي أربعة شهور جلس الطرفان لمناقشة التفاصيل والصياغات. فقط في 1  ايلول قبل حوالي اسبوعين من مراسم التوقيع الرسمية اصبح زنغر المستشار القانوني لوزارة الخارجية. لقد فعلت هذا من اجل رابين وبيرس بصورة تطوعية.  بعد ذلك عدت لاسرائيل ولم اعتقد انني سارجع للولايات المتحدة. كنت ساذجا. لقد نزلت دموغي حقا. فكرت بانني اساعد رابين وبيرس في صنع سلام مع الفلسطينيين ومع الاردنيين، ومع السوريين ومع اللبنانيين. هذا ما اعتقدته”. صوته كسر “انا اعتقد انني حتى اليوم اعاني مما بعد صدمة مقتل رابين”. صمت طويل. “احببت رابين. قدرته واحببته”.

اين اخطأنا في الطريق؟ وأين أنت اخطأت

زنغر يفسر ثلاثة اخفاقات رئيسية في نظره الى جانب ثلاثة نجاحات. بنظرة الى الخلف حول مشاركته في اتفاقات اوسلو. الخطأ الاول وهو الذي يلاحقه اكثر من اي شيء هو رفض مطلب فلسطيني. الطلب بتجميد المستوطنات. “لقد تقاتلت مع الفلسطينيين بامر من رابين وبيرس لمنع التجميد. لو رجعت الى الخلف وبرؤيا اسرائيلية وطنية كنت سأقول انه من مصلحة اسرائيل تجميد الاستيطان. لكي يكون هنالك امكانية لاقامة دولة فلسطينية هناك. ولكن من كان يفكر بان الخمس سنوات الانتقالية ستتحول الى 25؟ من ظن أن رابين سيقتل؟ اليوم ليس لدي شك بان هذا كان خطأ  فادحا من جانب رابين وبيرس وأنا كنت مبعوثه. انا قلت “ولا باي حال من الاحوال”. انا تقريبا اشعر بالذنب الشخصي. وهذا ذنبي. ولكن ما العمل انا لست رجل سياسي، قمت بتنفيذ التوجيهات.

“عندما اشتغلنا على اتفاق اوسلو كان هنالك حوالي 100 الف شخص في الضفة. كان ما زال هناك امكانية سواء بابقاء جزء منه وتعديل حدود بسيطة اخلاءه. الان انا لا ارى اي رئيس حكومة مهما كان قويا ومهما كان مؤيديا للسلام قادر على اعادة العجلة للوراء. كان هذا خطأ فادحا أن نسمح للمستوطنات بمواصلة الركض نحو الامام. حتى بوتيرة متسارعة. لانه فجأة اتفاق اوسلو خلق ساعة توقيت وجعل حركات الاستيطان البدء بسرعة كبيرة السيطرة على اراضي قبل الاتفاق النهائي. لقد خلقت ديناميكية تقول انه يجب الركض والاستيطان على كل تلة لانه بسرعة وبعد خمس سنوات الحدود سيتم تحديدها. هذا بكاء لاجيال”.

ألم يرَ رابين وبيرس ذلك؟

“لقد كان عليهم بلورة اغلبية. حيث أن اوسلو ب تم تمريرها بصعوة. ايضا لعرفات كان هنالك مشاكل. شركاء في منظمة التحرير تركوها وأنا لا اتحدث بعد عن حماس. انا اعتقد انهم (الفلسطينيون) تنازلوا على افتراض انهم لا يستطيعون اقناعنا بالتجميد وفضلوا قبول ما يمكنهم الحصول عليه لانه خلال عدة سنوات ستبدأ المفاوضات على الاتفاق النهائي”.

وماذا عن اقتراحات الضم أو اتفاقات بدون اخلاء؟

“ايضا حتى لو وجدوا اي وسيلة لخلق حدود متلوية، الذي تذهب يمينا ويسارا والى الاعلالى فانني لا اعتقد أن هذا سيصمد. هذا ليس  طبيعيا. لا تبلع ولا تتقيأ. وحتى ليس بالامكان الوصول الى اتفاق بحيث يبقى المستوطنون هناك. هذا لن ينفع. سيبدأون باطلاق النار احدهما على الاخر. ليس بالامكان خلط مجموعات سكانية. بصعوبة في ايرلندا حيث هناك يتحدثون نفس اللغة والثقافة، بصعوبة ناك. ماذا سيحدث، مجموعة من  الكانتونات مع حرب ابدية”.

بيغن اعطاهم بنادق

الفشل الثاني لاوسلو في نظر زنغر هو نقل المسؤولية الفورية على الامن الداخلي لايدي السلطة التي لم تكن مستعدة لهذا التحدي. وهو خطأ يقول انه حذر منه ولكن رابين لم يقتنع. “اقترحت على رابين ان تبقى المسؤولية عن الامن في ايدي اسرائيل في فترة الحكم الذاتي. اعتقدت ان من سيأتون من تونس لا  يستطيعون معالجة الامن. اعتقدت ان هذا يجب أن يبقى في ايدي اسرائيل وهكذا ايضا بنيت ذلك في كامب ديفيد في 1978 مع الجنرال ابراشا تمير. بحيث يتم بناء المسؤولية خلال الفترة الانتقالية. اقترحت على رابين أن يقوم بفعل ذلك في اوسلو ولكنه قال لا. وحتى في حينه كتبت ذلك وقال لي غيره. اعتقدت ان هذا خطأ. ايضا لاحقا. منظمة التحرير لم تنجح، وهنالك من سيقولون ايضا انها لم تحاول محاربة حماس. وانظري ماذا حدث في غزة في اللحظة التي خرجنا منه. انا لا اعرف ماذا نستطيع ان نقول الان للاسرائيليين الذين يسألون “وماذا سيكون الامر عندما نخرج من يهودا والسامرة”. لذا فانني حقا مقتنع بان احد اخطاء اوسلو كان اعطاؤهم المسؤولية عن الأمن.

“رابين لم يفعل ذلك لانه اراد أن يكون لطيفا لدى الفلسطينيين بل لانه اعتقد بان هذا سيساعد الامن،  اذا قام الفلسطينيون انفسهم بمحاربة حماس. اتضح انه لم يكن لديه القدرة ولا دافعية. رجال الشرطة الفلسطينيين اتضح بانهم رجال شرطة عاجزين. بصعوبة يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، فكيف سيدافعون عن الاسرائيليين؟ ولكن كل هذا عموما ليس مرتبط باسطورة “اعطيناهم بنادق”. اسرائيل لم تعطهم في يوم ما بنادق. اسرائيل مكنت الفلسطينيين من تشكيل شرطة فلسطينية مزوجة ببنادق؟ هذا هو اطار كامب ديفيد الخاصم بمناحيم بيغن. رجل الليكود”. اليوم بيغن اصبح يسارا متطرفا ما العمل. ولكن هذا لم يكن اوسلو. كان هذا هو اتفاق الليكود. شرطة فلسطينية قوية مكتوب هناك. القصد ليس تلبس قبعات عليها ريش او حراب للمراسيم. لقد قصدوا شرطة لديهم بنادق. القول بان اليسار اعطاهم بنادق هذه اسطورة لمنتقدين اوسلو من اليمين. هذا هراء.

ماذا بخصوص النقاش حول هل عاد الارهاب بسبب اعطاء هذه الصلاحيات للفلسطينيين أو بسبب  مذبحة غولدشتاين؟

“سأجيبك بمثال: شخصان تشاجرا في الشارع وجاء شرطي وفصل بينهما وسأل كيف بدأ الامر. احدهما اجاب بان الامر بدأ بقيامه بالرد علي بصفعة. هكذا هو الامر في الشرق الاوسط. ليس مهما من بدأ”.

على سرير عرفات

الاخفاق  الثالث الذي يعدده زنغر هو الثقة بياسر عرفات والذي كان يجب أن يكون اكثر تحفظا. لقد اخطأنا عندما اعتقدنا بانه تغير. يقول. “في الفترة التي كنت فيها هناك رأيته وهو يتخذ قرارات صعبة الواحد تلو الاخر ويبدي شجاعة وتمسك بالعملية. حينئذ لم تشتعل الاضواء التحذيرية بصورة قوية. ولكن كل هذا كان حول الاتفاق الانتقالي. من جهتنا كان من الاسهل التنازل عن امور سوف تنقضي. عندما وصلنا الى الاتفاق النهائي تحول متصلب جدا وغير  مستعد لتقديم اي تنازلات. لم يتحرك اي ميلمتر واحد. في موضوع محاربة الارهاب توقع رابين بانه سيتصرف مثلما تصرف رابين نفسه. رابين حارب التلينا – وعرفات لم يطلق النار على الالتلينا خاصته بل سمح لهم بالعربدة.

لقد قضيت في الحقيقة ساعات اكثر من اي اسرائيلي آخر

“في تلك السنوات وفي ذروة المفاوضات راكمت معه ساعات وربما اكثر من معظم الفلسطينيين ايضا. كان هنالك حالات لا  تصدق بنظرة الى الخلف. في احد الايام وجدت نفسي اجلس في غرفة عرفات في فندق، على سريره وهو يجلس الى جانبي حيث كنا محاطين برجال منظمة التحرير وانا كنت الاسرائيلي الوحيد. في مرة اخرى سافرت الى مكتب ابو مازن في تونس وانا اجلس في غرفته في مقر منظمة التحرير قال لي “هل ترى يوآل كرسي هذا؟ هنا وضعت مخابراتكم مايكروفون لي، وهذا صدمني – انا وحدي هنا”.

انا اريد قول شيء عن الزاوية الانسانية. رغم انه ربما يشنقونني بسبب ذلك. لقد تحدثت كثيرا مع الفلسطينيين، من رجالات منظمة التحرير ومن خارجها، كنا نسافر طوال الوقت من اوسلو الى لندن والى باريس وغزة والى القاهرة. وكنت أرى اننا نضحك من نفس النكات ونأكل نفس الاكل وهم يقصون القصص حول مسؤوليهم ونحن نتحدث عن مسؤولينا حينها كنت افكر بنفسي هل قبل الفي سنة كنا نفس الشعب. نحن نتصرف بنفس الصورة وانا اشعر معهم وكأنني في البيت اكثر مما اشعره وانا مع الامريكان او مع النرويجيين. نحن اعداء في هذه اللحظة ولكننا متشابهون جدا. ولكن اذا قلت انني اشعر مع رجال منظمة التحرير كاخوة سيقولوا هذا خائن، وبكوني محامي استطيع أن اقول لك ان بين هؤلاء الاخوة تدور النزاعات الاكثر فظاعة”.

لزنغر من المهم ان يفصل ايضا النجاحات التي جلبها الاتفاق. “خذي حرب الـ 1967 مقابل يوم الغفران. في 1967 ألم يكن هنالك اخطاء؟ كان هنالك الكثير. اشخاص قتلوا عبثا. ولكن في النهاية انتصرنا وحينئذ الجميع يركز الى النصر. في حرب يوم الغفران والتي انتصرنا فيها ايضا، ولكن بثمن بالغ الكل يركز على الفشل. يوجد شيء ما محير في العقل البشري والذي يلقيه خلفه من بين النتائج. لقد نسوا في الايام الستة ان يفكروا بالاخفاقات وبعد ذلك اكلوها في يوم الغفران. نفس الشيء في اوسلو. اي احمق سيكتب اليوم مقال في صحيفة يحمل عنوان “اوسلو نجح” ؟ ولكن من المحظور نسيان ذلك ايضا.

النجاح الاول حسب اقواله هو الاعتراف المتبادل والذي يحمل زنغر شخصيا فضله. عندما جئت الى البلاد وطلبوا مني قراءة المسودة قلت لبيرس انتم تجرون مفاوضات مع م.ت.ف بالسر. ماذا سيحدث عندما سينتهي ذلك؟ قال بيرس “سنعطي توجيه لبعثتنا في واشنطن بالتوقيع وم.ت.ف ستعطي توجيه لبعثتها”. لقد كانت تلك مفاوضات رسمية في نفس الوقت مع فلسطينيين الذين هم ظاهريا ليسوا م.ت.ف . قلت له “شمعون هذا لن ينفع. حيث سيتسرب بانكم تحدثتم مع م.ت.ف. والبعثة في واشنطن من اين جاء الاتفاق”. قلت له انه يتوجب أولا ان يكون هنالك اعتراف متبادل ولكنه رفض. ايضا رابين وعرفات لم يتحمسا. ولكنني لم اتنازل وواصلت التحريك. “اقنعت رابين، وقلنا لعرفات ان اعتراف متبادل مقابل العودة من تونس. بيرس ما زال معارضا. سافرنا بعرض ذلك على وورن كريستوفر في الولايات المتحدة. فوجيء تماما. بيرس طلب “اطرحوا اتفاق اوسلو كمسودة منكم”. اتصل بكلينتون وقال “نحن لا نستطيع ان نعرض هذا كمسودة منا ولكننا مستعدون لاستضافة التوقيع”.عندما قرر بيرس بانه يجب الاعتراف. بقي امامنا ايام معدودة على الاحتفال وقمنا بالصياغة.

“كان الامر اكثر صعوبة على عرفات. في الجانب الاسرائيلي كان ذلك فقط امرا واحدا: نعترف بكم كممثل شرعي للشعب الفلسطيني ونجري معكم مفاوضات. في الجانب الفلسطيني وضعت العديد من الالتزامات. ولكن عندما وضعناه في مفترق طرق حاسم إما ان توقع او تبقى في تونس تغلبت الرغبة بالعودة. كان لديه مصاعب اخرى بالطبع. لقد اعتقدوا اننا سنخرج من المناطق وهذا كل شيء. انا عرضت حكم ذاتي تحت مسؤولية اسرائيلية عسكريا عليا. الاحتلال العسكري يبقى من فوق كمظلة”.

النجاح الثاني الذي يعدده زنغر  هو فتح الباب امام تطبيع العلاقات مع العالم العربي والثالث هو بناء الاساسات لاتفاق سلام مستقبلي. في 1993، كان هنالك ظروف خاصة. فرصة لمرة واحدة. شيء ما يدمج ما بين رابين وبيرس، كل واحد مع افضلياته ونواقصه.

اذا خلقت في يوم ما الظروف للصفقة النهائية من الواضح انه سيكون هنالك مكان لاتفاق جديد يحل محل اوسلو. للاسف لست أرى هذه الظروف الان ويصعب علي رؤيتها قريبا. لماذا قررت كشف هذه الامور الان فجأة؟ في اوسلو جلس اوري سفير ويئير هيرشفيلد ورون فونداك وأنا. في المقر الاسرائيلي كان هنالك رابين وبيلن وبيرس وأنا. كنت انا الجسر. عبر اذني ويدي التي كتبت الصياغات. كنت اصغي لرابين وبيرس وكان علي ايجاد اولا ان اجد تسوية اولا بينهما. ليس ذلك في صياغات بل بالافكار. كان علي أن ادمج. حينئذ جئت لمقابلة الاسرائيليين وكان علي اجراء مفاوضات معهم على هذه الامور وبعدها مع الفلسطينيين، وهكذا دواليك. انا لست واثقا اين كان الامر اكثر صعوبة هل مع الفلسطينيين ام مع الاسرائيليين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى