نواف الزرو يكتب – لم يبق أمام الفلسطينيين سوى إعادة الاعتبار للصراع الإستراتيجي الشامل
بقلم نواف الزور – 3/9/2020
في فلسطين الحالة مختلفة عن باقي دول وشعوب العالم، ففي فلسطين يعاني اهلنا بالاساس من وطأة “فيروسات الاحتلال”، والعالم عمليا يقف متفرجاً على هذه “الكورونات” المتفشية على نحو كارثي مزمن، وما سياسات التمييز العنصري الصهيونية الشاملة سوى احدى تجلياتها، والاحتلال الإسرائيلي يضاعف الاعباء والاثقال والتداعيات على الشعب الفلسطيني، فالحكاية هناك اصبحت”فيروسات” تحتاج الى جهود وامكانات وطاقات هائلة لتزيلها عن كاهل أهل البلاد، والاحتلال بطبيعة الحال لا يكترث ابدا بهؤلاء البشر حتى لو تعرضوا الى الأوبئة الفتاكة، وحتى لو تعرضوا الى هجوم كوروني واسع النطاق ومرعب ويهدد بالابادة الجماعية، بل يمكن القول ان الاحتلال قد يعزز ذلك ويوفر المناخات لذلك، فالهدف الكبير الاساسي على اجندته هو”الاقتلاع الشامل لأهل البلاد من جذورهم…وانهاء حضورهم العربي في فلسطين..!. فصهيونيا لا يأبهون هناك ايضا لكل الاعتبارات الانسانية، ولا يأبهون منذ البداية بتداعيات الكورونا على الفلسطينيين، فمع الفلسطينيين يتحولون بالاجماع الى اليمين المتشدد والعنصرية والعسكرة المجرمة، فعلى الرغم من كل المناشدات العالمية التي طالبت الحكومة الصهيونية برفع-او تخفيف-الحصار عن قطاع غزة وإتاحة الفرصة لايصال العلاجات والمعدات والمواد اللازمة لمواجهة وباء الكورونا هناك، وكذلك لايصال المواد التموينية اللازمة للحد الادنى من البقاء، الا ان قادة الاحتلال على العكس تماما شددوا الحصار على اهلنا في القطاع، بل ويعسكرون كل المسألة تماما، ففي الوقت الذي “تفتح فيه حكومة الاحتلال الإسرائيلية ملجأ حربيا في تلال القدس المحتلة يطلق عليه “مركز الإدارة الوطني” الذي بني منذ أكثر من عقد بسبب القلق بشأن برنامج إيران النووي وتبادل الصواريخ مع “حزب الله” اللبناني وحركة “حماس- السبت 28 /آذار/2020″، فان الكيان يسعى لابتزاز :”وقف البالونات الحارقة مقابل تخفيف الحصار وادخال اموال قطر”…! وفي نهج قمع الفلسطينيين ايضا هناك اجماع سياسي وامني وحزبي وايديولوجي اسرائيلي، وهنا وثق الكاتب الاسرائيلي المناهض لسياسات الاحتلال كوبي نيف-هآرتس» 2020-3-6-قائلا:”ان المشكلة الرئيسية الحيوية والحاسمة لوجود اسرائيل هو استمرار قمع الشعب الفلسطيني من قبل دولة اسرائيل”، ويؤكد:”ان استمرار قمع الشعب الفلسطيني، بطرق اكثر وحشية أو أقل، هو في الحقيقة البرنامج الموحد لكل الأحزاب الصهيونية، وهذا تحت كل أنواع الشعارات – «فصل»، «انفصال»، «القدس الموحدة»، «دولتان»، «كتل الاستيطان»، “استمرار اللكمات”، كل هذا الهراء له معنى واحد: استمرار قمع الشعب الفلسطيني “على الاقل في المئة عام القادمة”، بينما تربط الكاتبة “نوعا لنداو”-هآرتس 18/3/2020 – بين الكورونا وشعار “الهدوء في المناطق” وتقول:”إنهم-اي الاحتلال- يطهّرون… هكذا يجرب الإسرائيليون حياة الفلسطينيين… تحت رعاية-ذريعة- “الأمن”…؟!.
ويبدو ان هذه هي الخلاصة المكثفة المفيدة للمشهد الفلسطيني الراهن فنحن امام كورونات خاصة بنا هي الكورونات الصهيونية العنصرية الارهابية المزمنة. وفي هذا السياق نوثق ما يلي: في المشهد الفلسطيني الراهن: الاحتلال يبقى احتلالا، والارهاب الصهيوني هو هو لا يتغير، وهو متواصل منذ قرن من الزمن في فلسطين، حتى في ظل هذا الوباء العالمي-كورونا- والارتباك الدولي والتداعيات الانسانية، يواصل الاحتلال نهجه الارهابي ضد الشعب الفلسطيي وكأنه ليس هناك وباء الكورونا، وليس هناك عوامل وموجبات انسانية وصحية، فهذه ليست في اعتبارات الاحتلال، ولذلك نتابع في المشهد الفلسطيني الراهن على امتداد الضفة الغربية والمدينة المقدسة: كيف تقوم عصابات المستعمرين المستوطنين الارهابيين بموجات متلاحقة من الهجمات على القدس والحرم الشريف، بل على كل بيت من بيوت القدس، بل على كل عائلة وعلى كل طفل من عائلات واطفال القدس، وفي انحاء الضفة الغربية، وكيف تقوم قوات الاحتلال بعملياتها العسكرية الميدانية الاقتحامية الارهابية على مدار الساعة، فتقوم بتفجير ألابواب وإلقاء قنابل صوت داخل المنازل، وتواصل حملات الرعب والاعتقال في كل مكان….! ونظرا للاهمية التوثيقية القصوى هنا نستحضر تقريرا حديثا لمركز حقوق الانسان “بتسيلم” الذي يؤكد: “ان جيش الاحتلال لم يقم بتعديل سياسته وروتين عمله اليومي في ظل انتشار وباء كورونا وانتهاكاته المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل واصل الروتين والنهج وسياسة الاعتقالات والانتهاكات غير الإنسانية وغير القانونية بحق المواطنين الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلة، وجاء ذلك في التقرير الشهري الذي استعرض فيه المركز روايات الضحايا لتلك الاعتقالات والاقتحامات التي تخللها تفجير أبواب المنازل، وتدمير المحتويات ومصادرة هواتف وسيارات وترويع الأطفال والنساء. وقال مركز “بتسيلم”: إنه بينما يتوقّف كلّ شيء في العالم عن العمل وروتين الحياة، يُحافظ الجيش الإسرائيلي على روتين عُنف الاحتلال في أنحاء الضفّة الغربيّة”. وفي ضوء هذه المعطيات وهناك غيرها الكثير الكثير مما لا تتسع له المساحة هنا، يقتضي السؤال المزمن ايضا: الى متى يبقى الاحتلال جاثما على صدر الفلسطينيين…؟!
الى متى تستمر أوبئة الاحتلال في التفشي الفتاك في الجسم الفلسطيني…؟ لماذا لا يهرع العالم معلنا حالة الاستنفار لعلاج ملف”الاحتلال الصهيوني” بكامله، كما يستنفر لمواجهة ملفات اخرى….؟! ولماذ لا تتحرك المؤسسة الاممية على نحو جاد ومسؤول في الحالة الفلسطينية…؟!
اسئلة كبيرة انسانية واخلاقية وضميرية وقانونية على اجندة العرب والعالم…! ثم اليس من المنطق والحكمة والعقل والعدل وفقا للمواثيق الاممية ان يتم وضع “اسرائيل” الارهابية الخارجة على كافة القوانين والمواثيق الدولية في الحجر الصحي فورا…..؟!
وفلسطينيا نوثق في الخاتمة: لم يبق أمام الفلسطينيين سوى الخيار الاستراتيجي الجذري والتمسك بالبوصلة الجذرية: إعادة الاعتبار للصراع الاستراتيجي الشامل مع الاحتلال والمشروع الصهيوني، والعمل على اقتلاع الاحتلال من جذوره..ولعل الزمن يكون في صالح النضال والكفاح الوطني التحرري الفلسطيني ….!
Nzaro22@hotmail.com