أقلام وأراء

نواف الزرو يكتب لا تكفي عبارة”القدس خط احمر” من قبل الانظمة والحكام والاحتلال يجتاز كل الخطوط الحمر يوميا !

نواف الزرو 29/4/2021

ربما يتساءل الكثيرون من المتابعين لتطورات الهبة المقدسية: هل انتهت يا ترى الامور عند إزالة الحاجز عن درج باب العامود كما طالب وحقق الشباب المنتفض….؟!

ام اننا بانتظار المزيد من المعارك والاشتباكات في المشهد المقدسي….؟!

الحقيقة الكبيرة الناصعة القائمة منذ سنوات طويلة ان المدينة المقدسة لم ترتح في يوم من الايام من الهجمات التي يشنها المستوطنون الارهابيون على مدار الساعة ضد المدينة واهلها ومقدساتها، وبالتالي لم تهدأ المعارك والاشتباكات في يوم من الايام هناك، فالحرب الصهيونيّة الشرسة على القدس لم تنتهِ، بل إنّها أيضًا  متصاعدة ولم تتراجع، ونحن ما زلنا امام معركتي الشيخ جراح وسلوان المهددتين بالتهجير نحو خطير، ناهيكم عن الهحمات اليومية على الاقصى.

الى ذلك، بل وفي ضوء كل ذلك، وفي ظل هذه المناخات الممهدة للانتفاضة، فقد تابعنا ونتابع كيف كانت دولة الاحتلال  مهدت لمواقفها وقراراتها المتعلقة بتهويد وتزييف التاريخ والتراث واعلان “القدس عاصمة للشعب اليهودي” بسلسلة لا حصر لها من المخططات والقرارات والقوانين والاجراءات على الارض، كلها تسيدت المشهد المقدسي في السنوات الاخيرة، ولعل ابرزها واهمها  العناوين التالية التي تلقي الضوء على حقيقة ما يجري على ارض القدس.

استيطانيا، فان المعارك هناك على ارض القدس تدور رحاها وبصورة  يومية-من حي لحي ومن بيت لبيت-داخل البلدة القديمة وخارج اسوارها..من الشيخ جراح- الى شعفاط – حي الصوانة- الطور- رأس العامود- العيزرية، ثم الى ابو ديس-جبل ابو غنيم، سلوان- البستان وعين الحلوة….الخ

واستيطانيا ايضا، تمخضت العمليات الاستيطانية التي قادتها الحكومات والجمعيات والتنظيمات الصهيونية على مدى سنوات الاحتلال الماضية إلى اقامة سلسلة من الاحزمة – الاسيجة – الاستيطانية التي تحاصر وتطوق وتخنق المدينة المقدسة القديمة منها والجديدة .. داخل أسوارها وخارجها، ولعل أبرزها ذلك الحزام المكون من الاحياء الاستيطانية في البلدة القديمة، الذي يحكم قبضة الاحتلال بصورة مرعبة على قدسنا العتيقة .

وفي هذا الصدد حذرت تقارير فلسطينية مقدسية وغيرها من تصعيد نوعي في الاستيطان اليهودي في القدس المحتلة ، يستهدف تهويد البلدة القديمة بالكامل وتشديد قبضة الاحتلال على المدينة المقدسة ، خاصة ما يعرف بـ ” الحوض المقدس ” والسفوح الشرقية المطلة على البلدة القديمة بدءاً من حي الشيخ جراح ، مروراً بأحياء الصوانة ، جبل الزيتون ، رأس العمود ، وانتهاء بالخاصرة الغربية لبلدة أبو ديس شرق المدينة المقدسة، حيث تعتزم سلطات الاحتلال بناء المزيد من المستوطنات هناك.

واشارت التقارير إلى النقاط الاستيطانية الاستراتيجية التي أعلنتها وزارة الإسكان الإسرائيلية  بالتعاون مع بلدية القدس الغربية على النحو التالي:

أولاً – الحي الاستيطاني في الشيخ جراح

ثانياً – الحي الاستيطاني في وادي الجوز

ثالثاً – الحي الاستيطاني في رأس العامود

رابعاً – الحي الاستيطاني في سلوان

خامساً : الحي الاستيطاني في جبل المبكر “منظر من ذهب “

سادساً : الحي الاستيطاني في أبو ديس

سابعا:  أحياء الاستيطانية صغيرة داخل البلدة القديمة

ثامنا: حي استيطاني جديد على جبل الزيتون

الى كل ذلك، استعرت في دولة الاحتلال حمى الاستيطان التي تسعى من خلالها الدولة العبرية لخلق أمر واقع جديد على ارض القدس والضفة، يستبق أي احتمالات لاي تدخلات من اجل وقف كل ما يجري…!

  وفي سياق كل ذلك، لم تكن عمليات المواجهة والمطاردة  التي تجري  في سلوان المقدسية هكذا عفوية وبلا تبييت مسبق من قبل الاحتلال، بل جاءت في سياق مسلسل مفتوح من المواجهات والصدامات الساخنة منذ سنوات عديدة، بل انها لا تتوقف عمليا، وذلك على ارضية ما تقوم به دولة الاحتلال في المنطقة من حملات هدم واستيلاء وتهويد..

 وتركز التصعيد الاخطر للاحتلال باتجاه حي البستان في سلوان، حيث يتركز هجوم الاحتلال، اذ تعتبر بلدة سلوان المقدسية المنطقة الاكثر تركيزا من قبل الاحتلال في قصة الحفريات حول الهيكل، فمن “يسير في الطريق التاريخي الذي يلتف حول أسوار البلدة القديمة بالقدس، ويلتف باتجاه عقارب الساعة… على اليمين تطل قبة المسجد الأقصى على الطريق الواصل بين باب الأسباط وباب المغاربة، هذه القبة التي تتجه أنظار المسلمين إليها لقدسيتها، وتتجه إليها أيضا أنظار اليهود لزعمهم بوجود الهيكل تحتها، ويرى المسافر على يسار الطريق إشارة صغيرة برتقالية تشير إلى: “عير دافيد” باللغة العبرية، أي مدينة داوود، وإذا اتبع اللافتة البرتقالية فسيجد نفسه حقيقة في سلوان”.

وخلال السنوات الماضية تمكنت الجمعيات الاستيطانية من السيطرة على منازل عديدة في مناطق متفرقة من سلوان مثل ” عين اللوزة ” وعين الحلوة ” وحولتها إلى بؤر استيطانية محاطة بحماية أمنية مشددة، كما سيطرت هذه الجماعات على مساحة مهمة من الحي، وكانت شرعت خلال سنوات القليلة الماضية في تهيئة المنطقة لإعادة بناء ما تطلق عليه “مدينة داود” وهي التسمية العبرانية لحي سلوان .

وتعد هذه المنطقة قلب ما يعرف بـ” الحوض المقدس ” وهي تسمية أطلقها المفاوضون الإسرائيليون في مفاوضات كامب ديفيد الأخيرة عام 2000 وأصروا في حينه على احتفاظهم بالسيطرة عليها.

وكانت مخططات استيطانية عدة أعلنت في السابق لربط سلوان بالقدس القديمة، خاصة منطقة حائط البراق، منها شق نفق أسفل سور القدس يفضي إلى ساحة “البراق “، و” الحي اليهودي ” المقام على أنقاض حارة الشرف، بغرض توفير الأمن والحماية للمستوطنين خلال تجوالهم وتنقلهم بين سلوان والقدس القديمة.

وعن حقيقة ما يجري هناك في حي البستان في سلوان المقدسية جاء في تقرير لمؤسسة القدس الدولية:

“ان هناك اربعة اهداف وراء مخطط الاحتلال في القدس هي:

1– محو الهويّة العربية والإسلاميّة لمدينة القدس واستبدالها بهويّة يهوديّة من الناحيتين التاريخيّة والدينيّة.

2- ترحيل عدد كبير من المقدسيّين إلى مناطق أبعد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة أو حتى ترحيلهم خارج مدينة القدس.

3- عزل المسجد الأقصى عن الأحياء العربية الفلسطينية في مدينة القدس، مما يحرم المسجد من أحد أهمّ خطوط دفاعه، ويُسهّل على المحتلّ الاعتداء عليه كيف ومتى أراد.

4- تحقيق تواصل جغرافيّ بين البؤر الاستيطانيّة في البلدة القديمة ومحيطها وبين المستوطنات الموجودة على أطراف مدينة القدس كمستوطنة التلّة الفرنسيّة في الشمال، وكتلة E1 الاستيطانيّة في الشرق، ومستوطنة تل بيوت الشرقيّة في الجنوب”، مضيفة:” ان الاحتلال يسعى الى تهويد”الحوض المقدس” تحت الاقصى المبارك، وانشاء مدينة اثرية مزعومة مطابقة للوصف التوراتي ل”اورشليم المقدسة”.

 فالحقيقة الساطعة اذن، ان هناك اجندات احتلالية ايديولوجية وسياسية  تهويدية تقف وراء كل ما يجري على امتداد مساحة منطقة سلوان وايضا الشيخ جراح..والحقيقة الكبيرة ان اهالي سلوان والشيخ جراح ومعهم اهل القدس في كل مكان،  هم عمليا في حالة اشتباك مفتوح ومواجهة حملات احتلالية متصلة شرسة تستهدف  تهويد المنطقة وتهجير اهلها وتزوير تاريخها وتراثها ليصبح  تاريخيا يهوديا…وهم بذلك لا يتوقفون عن سياسات التطهير العرقي في المنطقة.

تحتاج سلوان وكذلك يحتاج حي الشيخ جراح، كما تحتاج المدينة المقدسة الى حسابات ومواقف واولويات فلسطينية وعربية مختلفة اوضح واشد حزما وتأييدا من قبل الجامعة والقمم والدول العربية…..!

كما تحتاج المدينة المقدسة الى مواقف عربية حقيقية ولا يكفي هنا الاعلان من قبل البعض ب”ان القدس خط احمر”، والاحتلال يعربد ويجتاز كل الخطوط الحمر يوميا بل على مدار الساعة….!؟

*كاتب فلسطيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى