أقلام وأراء

نواف الزرو يكتب – تطورات المشهد المقدسي مرعبة

بقلم  نواف الزرو – 17/11/2020

ليس هناك من مبالغة في العنوان اعلاه ابدا، فاقتحامات واجتياحات السطو الصهيوني الاحتلالي المسلح على القدس بكل عناوينها تجاوز في الآونة الاخيرة كل الخطوط الحمر الفلسطينية والعربية والأممية، فالحدث المقدسي لم يعد يغيب عن الناظر الفلسطيني والعربي والاسلامي والدولي أبدا، فنحن نتابع الهجمات والانتهاكات والعربدات الاحتلالية الصهيونية على مدار الساعة، بل ربما أصبح حتى كبار الباحثين والمتابعين المختصين يلهثون وراء الحدث المقدسي، فنحن امام تسارع هائل في وتيرة الاقتحامات والمصادرات وبناء المستعمرات والمخططات والإعتقالات والإبعادات عن الأقصى والقدس، وحصاد اجراءات الاحتلال ضد القدس والمقدسيين في تسارع وتزايد كبير، فالاحتلال يلاحق الشخصيات الفاعلة بالقدس ويقصيها-يبعدها-عن الاقصى والمدينة لشهور طويلة، وتقدر منظمات مقدسية عدد الشخصيات الاعتبارية والسياسية والدينية التي شملتها قيود الاحتلال وإجراءاته بأكثر من ثلاثمائة شخصية، بهدف النيل من عزيمة السكان المرابطين بالمدينة المقدسة، وتراوحت إجراءات الاحتلال بين الإبعاد عن الأقصى، كما حدث مع وزير القدس السابق حاتم عبد القدر، والمنع من السفر كما حدث مع الشيخ عكرمة صبري، والإبعاد عن القدس كما حدث مع اثنين من نواب المجلس التشريعي، والاحتلال يوجه الانذارات بهدم عشرات المنازل والمنشآت وخاصة في سلوان والعيسوية، وقالت مصادر فلسطينية تعنى بشؤون المقدسات والأوقاف في القدس المحتلة، أن الاحتلال قام بحفر نفق جديد أسفل باب المغاربة وحائط البراق في المسجد الأقصى، ونشر موقع ما يسمى “شبيبة التلال” الاستيطاني، الذي انضم في مساعيه إلى “جماعات الهيكل” المتطرفة مقاطع فيديو لدقائق، ثم تم حذفها، تظهر عملية حفر نفق ومشاركة عدد كبير من المستوطنين، كانوا يحملون التراب، ويتبادلون معدات الحفر ويلتقطون صورًا لبعضهم البعض وهم في حالةٍ من النشوة والفرح.

في هذا السياق، وفي احدث تطورات المشهد المقدسي، اتخذت المحاكم الاحتلالية قرارات بإخلاء عائلات مقدسية من بيوتها في حي الشيخ جراح منها :عائلة اسكافي وعائلات “كرم الجاعوني” الجزء الشرقي” من حي الشيخ جراح، والتي تسلمت قرارات إخلاء من محكمة الصلح الإسرائيلية، إضافة إلى عائلات الكرد والجاعوني والقاسم، ويقضي القرار بإمهالهم مدة شهر للاستئناف على القرار إضافة إلى دفع 70 ألف شيكل لكل عائلة “إتعاب محامين للمستوطنين”، وخطر التشريد يهدد حوالي 30 فردا بينهم أطفال-12/11/2020-“.

كما دعت ما تسمى بـ “جماعات المعبد الإسرائيلي” المتطرفة الاثنين2020/11/16 وزير داخلية الاحتلال الإسرائيلي “أمير أوحانا” بالسيطرة على الساحة الشرقية للمسجد الأقصى وتحويلها إلى مدرسة توراتية دائمة، وطالبت الجماعات المتطرفة، المستوطنين بقضاء كامل الفترة المتاحة للاقتحامات في تعلم “التوراة” وتعليمها في الساحة الشرقية للمسجد الأقصى.وتسعى الجماعات الاستيطانية لتحويل المسجد الأقصى مركز “تدريس اليهود”، ويمهد لاحقاً لإدخال الكتب ولفائف التوراة والكراسي، ومن ثم المطالبة بمظلات بلاستيكية على غرار تلك المنصوبة في ساحة البراق. وكل ذلك يؤسس مساراً جديداً للتقسيم المكاني للأقصى واقتطاع ساحته الشرقية بعد أن فشل الرهان الذي استمر 16 عاماً بالسيطرة على مصلى باب الرحمة كنقطة انطلاق للتقسيم المكاني.

وقبل ذلك اقتحم عشرات المستوطنين، سوق القطانين التاريخي والمُفضي إلى المسجد الأقصى وشرعوا بأداء طقوس وشعائر تلمودية خاصة بما يسمى عيد “العرش اليهودي” بحراسات معززة من جنود وشرطة الاحتلال، وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (وفا- بوابة الهدف-2020-10-10) بأنّ المستوطنين أدوا طقوسهم على “باب القطانين” الذي تغلقه شرطة الاحتلال، مستغلين منع الحركة الذي فرضته سلطات الاحتلال بحجة تفشي فيروس “كورونا”.

 كما رصد تقرير الهيئة الاسلامية المسيحية في مدينة القدس 29 مستوطنة، منها 15 في الجزء الشرقي والباقي في الغربي، أما حول القدس فهناك 43 مستوطنة على 46 ألف دونم تهدف إلى تغيير طبيعة القدس من خلال الحفريات والتهويدات الجارية على قدم وساق، ويحيط بالأقصى الآن 105 كنس يهودية، علما أن عدد المساجد بالقدس 107 منها 43 في البلدة القديمة، و95 كنيسة.

 وهذا الذي يجري في قلب المدينة المقدسة وعلى امتداد مساحة المدينة من اجتياحات تهويدية مرعبة،  فاق كل تصور محتمل، دون ان يواجه باي رد فعل عربي او اسلامي او دولي مناسب، بل ان الاحتلال تجاوز في تماديه كل الحسابات الفلسطينية والعربية وكل المواثيق الاممية، وهو يمضي غير آبه ابدا بكافة ردود الفعل الهزيلة من هنا او هناك.

   –  فاين العرب العرب من كل ذلك …؟

  – واين الامة الاسلامية من كل ذلك …؟

  – ثم اين المجتمع الدولي  واين مواثيقه وقوانينه من هذه الانتهاكات والجرائم التي تقارفها دولة الاحتلال ضد القدس والمقدسات العربية الاسلامية والمسيحية على حد سواء…؟

والاخطر من كل ذلك :

 لماذا يفك العرب انفسهم من فلسطين والقدس ويمارسون التطبيع الخياني مع ذلك الكيان المغتصب …!

 وكأن شيئا لا يحدث وكأن كل شيء طبيعي هناك …؟

وكان فلسطين لا تعني احدا منهم …؟

وكانها ليست جزءا من جسم الامة العربية …؟.

تحتاج القدس وفلسطين في هذه المرحلة العصيبة المفصلية الى تحركات شعبية عارمة مناهضة في فلسطين والعالمين العربي والاسلامي، بل تحتاج الى انتفاضات حقيقية في وجه الاحتلال لانه في الحاصل الاستراتيجي:

 لا يحبط مخططات ومشاريع الاحتلال سوى الحراكات الشعبية المناهضة المقاومة ….!؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى