الاستيطان

نواف الزرو يكتب- الصراع الديموغرافي هو الاخطر و”الرحم الفلسطيني قنبلة متكتكة”واليمين الصهيوني يعد لحملة مليوني مستعمر في الضفة !

نواف الزرو *- 6/1/2021

مجددا نعود للصراع الديموغرافي في فلسطين عموما، وفي الضفة الغربية على نحو خاص، فبينما كانت الضفة في عام احتلالها 1967 عربية بالكامل وخالية من اي مستعمر صهيوني، اصبح عدد المستعمرين المستوطنين فيها يتراوح ما بين 750- 800 الف مستعمر وفقا لمصادر عديدة فلسطينية وعبرية، بل وفي ظل صفقة القرن التي يعملون على تنفيذها بهدوء ودون ضجيج اعلامي، حيث ينقضون على الارض وينهبونها شبرا شبرا ومترا مترا، اصبحوا يستشرسون للاستيلاء على ما تبقى من الارض ويتطلعون حتى لحسم الصراع الديموغرافي وهم الاهم في فلسطين بمضاعفة أعداد المستعمرين المستوطنين في انحاء الضفة، وفي هذا السياق و في الوقت الذي يتسابق فيه بعض الزعماء والوزراء والمدراء وبعض المثقفين والاعلاميين والتجار العرب على التطبيع المجاني مع الاحتلال الصهيوني، سارع عدد كبير من أعضاء “الكنيست” والوزراء من حزب “الليكود” وأحزاب يمينية أخرى الى التوقيع على وثيقة تعهدوا فيها بدعم الاستيطان والعمل على بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية. ووفقاً لصحيفة “إسرائيل اليوم-“، فإن الحديث يدور عن وثيقة بادرت بطرحها حركة “نحلا” الاستيطانية، حيث تهدف إلى جمع تعهدات من وزراء وأعضاء كنيست بالعمل على توطين أكثر من مليونَيْ مستوطن في الضفة الغربية. ومن بين الوزراء والمسؤولين الذين وقعوا على الوثيقة: رئيس الكنيست “يولي أدلشتاين”، والوزير “يسرائيل كاتس”، والوزير “يريف لفين”، والوزير “زئيف ألكين”، والوزير “جلعاد أردان”، والوزير “أيالت شاكيد”، والوزير “نفتالي بنيت”، والوزيرة “ميري ريغف”، والوزير “أيوب قرا”، والوزير “يوآف غالنت”.

  وفي هذا السياق ايضا، كان أطل علينا رئيس الموساد الأسبق أفرايم هليفي بتصريح من الوزن الثقيل ، يعيدنا فيه، بل يعيد الصراع الى بداياته الى هناك الى الساحة الفلسطينية، ليعلن: إن التهديد الوجودي بالنسبة لدولة إسرائيل ليس تهديد النووي الإيراني، وإنما “اليوم الذي يكون فيه عدد اليهود في البلاد أقل من عدد العرب بين النهر والبحر”، مضيفا في فعالية نظمت من قبل “منظمة حاخامات تسوهار-التي  تعرف نفسها بأنها منظمة صهيونية تشكلت من مجموعة من الحاخامات بهدف المشاركة في صياغة هوية يهودية دولة إسرائيل”، إنه أدلى بأقوال مماثلة في لقاء مغلق جمعه مع قادة الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية قبل عدة سنوات”، مؤكدا من جديد:”قبل أسبوعين عقدت جلسة للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وقدم نائب رئيس الإدارة المدنية، مندس، معطيات إحصائية جاء فيها أن عدد المسلمين بين البحر والنهر أكبر من عدد اليهود، وذلك استنادا لسجلات الفلسطينيين وإسرائيل، وهي سجلات دقيقة”، موضحا:” أيضا إن ذلك يشكل تهديدا وجوديا على دولة إسرائيل لأنها “لم تنه بعد حرب استقلالها، والسؤال الرقمي الديمغرافي مصيري من كل النواحي لمستقبلنا”، مؤكدا: “إن إسرائيل ستصمد عسكريا، ولكن إذا تناقص العدد فإن التفوق العسكري لن يكون كافيا بحد ذاته، ولن يكون ذا أهمية بشأن وجودنا القومي على أرضنا، وهذه مأساتنا الكبرى”.

    والملاحظ في اعقاب قتبلة هليفي الجديدة-القديمة، انه تراكمت في الآونة الاخيرة جملة كبيرة متزايد من الاشارات والمعطيات الخطيرة التي تؤكد من جهة اولى: ان المؤسسة السياسية – الامنية- الاكاديمية- الاستراتيجية الاسرائيلية فتحت و/او سحبت من الجارور مجددا ملف “الخطر الديموغرافي العربي” على “اسرائيل” في الوقت الذي اخذت فيه تلك الاصوات المنادية بـ”ضم الضفة الغربية للسيدة الاسرائيلية-ما يعني عمليا ترانسفير”جماعي جديد ضد الشعب الفلسطيني باتجاه “الوطن البديل”، تتزايد وتتقوى من جهة ثانية، ما يقود من جهة ثالثة الى تراصف الاسئلة والتساؤلات الكبيرة المتفجرة المتعلقة بالاجندة الصهيونية الحقيقية تجاه من بقي من عرب فلسطين 1948 او في الضفة والقطاع.

   وفق المؤشرات الاسرائيلية فإنه ما  من موضوع راهن في سياق الصراع يحتشد حوله “اجماع قومي اسرائيلي” اكثر من موضوع “الأرض” و”الديموغرافيا”.. فهم وفق هذا الاجماع يريدون الأرض كلها يهودية صهيونية بلا سكان عرب، ومن هنا شكلت وما تزال دائما هذه المسألة هاجسا يقض مضاجعهم..

يطلقون عليها تارة “المسألة الديموغرافية”، وتارة اخرى “الخطر الديموغرافي” وتارة ثالثة “القنبلة الديموغرافية المتكتكة”.. ويجمعون هناك في “اسرائيل” على انها “تشكل تهديدا استراتيجيا داهما لوجود اسرائيل”..

وقد اطلقوا على أولئك الباحثين والمحللين والمفكرين من الاسرائيليين الذين يفتحون “الملف الديموغرافي” ويثيرون الجدل حوله اسم “انبياء الغضب الديموغرافي”، ذلك ان عددا منهم يتنبئون بنهاية الدولة اليهودية، بسبب التكاثر الديموغرافي العربي..

كان في مقدمة هؤلاء وأولهم البروفسور “الياهو رابينوفتش”الذي تنبأ بـ”خراب اسرائيل” بعد احتلالها للاراضي العربية في حزيران 1967م.

وكثر عدد “انبياء الغضب الديموغرافي”اليوم لدرجة بات يصعب حصرهم.. فحتى السياسيون الاسرائيليون وعلى رأسهم على سبيل المثال شمعون بيريز “الحمامة المعتدل”، الذي صرح قبل وفاته: “ان القدس لا يمكن ان تبقى موحدة عاصمة اسرائيل الى الابد طالما هناك “240” ألف عربي فيها”، ما فهم على انه دعوة لـ”ترانسفير” ضد عرب القدس.

وقد تأجج الجدل الاسرائيلي على مختلف المستويات حول هذه المسألة/ المشكلة الاستراتيجية ويصل في هذه الايام الى ذروته المحمومة في ظل حكومة نتنياهو واليمين الفاشي المتشدد الذين يرددون على مدار الساعة المطالبة ب”ضم القضفة للسيادة الاسرائيلية”،  الذي ينطوي  من ضمن ما ينطوي عليه على “التخلص من المشكلة الديموغرافية العربية في هذه الجبهة”.

ربط الدكتور عبدالوهاب المسيري في  مقالة له حول المسألة ربطا جدليا ما بين ثلاثة هواجس تهيمن على “الخريطة الادراكية الاسرائيلية” هي :

1- الهاجس الديموغرافي.

2- هاجس نهاية وجود اسرائيل كدولة يهودية.

3- هاجس حق العودة وتقري المصير لملايين اللاجئين الفلسطينيين.

وكان المؤرخ الاسرائيلي البروفسور بني موريس قد تناول مشكلة “الخطر الديموغرافي العربي” قائلا: “فقط اذا واجهت اسرائيل المسائل الحقيقية الجوهرية في الصراع -مثل الديموغرافيا وحق العودة، والاعتراف بحدود اسرائيل الديموغرافية – فإن مستقبل الدولة سيكون مضمونا”.

اما كبير الديموغرافيين المختص في “الديموغرافيا اليهودية” البروفسور سيرجي ديلا فرغولا فقد تنبأ مبكرا حين قال: “خلال سنوات معدودات سيتحول اليهود الى اقلية في المساحة الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الاردن”

و”ان الحل يكمن في تغيير الوضع الديموغرافي لصالح اليهود بصورة ملموسة.. ويجب مثلا نقل عرب المثلث للجانب الآخر مما سيريح اسرائيل من ثلث سكانها العرب، الامر الذي يضمن اغلبية يهودية حتى العام 2050 على الاقل”.

اما  البروفسور الديموغرافي الآخر وهو “امنون سوفر” فقد قال”ان اسرائيل تسير نحو الانتحار” و”ان الحل يكمن في التخلص من السكان واقامة الجدار.. فهذا يعني النجاة لليهود”.. مضيفا: “ان السور هو الطريق الوحيد للانتصار على الرحم الفلسطيني، فإذا سقط هذا الجدار سيغمرنا طوفان هائل من الفلسطينيين.. واذا سقط الجدار سقطت اسرائيل”.

الصحفي الامريكي بنجامين شفارتس” احد كبار محرري مجلة “اتلانتيك” الامريكية اوصل “الجدل الديموغرافي” الاسرائيلي الى ذروة جديدة محمومة حينما كتب في وقت سابق متسائلا تحت عنوان: “هل ستبقى اسرائيل قائمة بعد مئة عام؟”، يجيب “شفارتس” بوضوح: “انه قرر مستندا الى محادثات اجراها مع جهات اسرائيلية مختلفة في اسرائيل وبالاساس على التوقعات الديموغرافية الاسرائيلية: ان الرحم الفلسطيني هو قنبلة متكتكة فعلا.. وستؤدي في نهاية المطاف الى ترجيح كفة الميزان السكاني الفلسطيني ومنع اسرائيل من الحفاظ على التوازن الديموغرافي في ايار 2048”.

كانت”وثيقة مؤتمر هرتسليا” الذي عقد خلال فترة 19-21 كانون الاول/ 2000 وهي الاخطر في هذا المنطلق، اوصت المؤسسة الاسرائيلية باعطاء الاولوية العليا للمشكلة الديموغرافية مؤكدة:”سيكون من الواجب ايجاد مخرج.. ليس في دولة اسرائيل، دائما الى الشرق من الاردن”..

تشكل “وثيقة هرتسليا” الخلاصة المكثفة لذلك الكم الهائل من الادبيات والافكار والمشاريع والاصوات الداعية الى التدمير الشامل للمجتمع الفلسطيني.. والى الترانسفير الجماعي ضد الفلسطينيين، ليتبين لنا مجددا اننا عمليا من جهة اولى امام نبوءات “انبياء الغضب الديموغرافي”، واننا من جهة ثانية امام نوايا ومخططات اسرائيلية جهنمية تبيت لنا المزيد والمزيد من النكبات..

تستحق تصريحات وأقوال رئيس الموساد الاسبق هليفي، وكذلك  نبوءات “انبياء الغضب الديموغرافي” المتابعة والعناية والتعزيز على مستوى الدائرتين الفلسطينية والعربية…إن جد الجد لدى الجميع….!؟

وفي الخلاصة المكثفة نوثق: هم يعملون على مدار الساعة من اجل تحقيق حلمهم باختطاف الارض والوطن والتاريخ والحقوق وتهويدها هكذا بفعل القوة والارهاب، في حين يهرول بعض العرب لمنحهم الاعتراف والغطاء والشرعية بالتطبيع معهم…؟

*كاتب فلسطيني

Nzaro22@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى