نواف الزرو يكتب – التطبيع ما بين زمنين
بقلم نواف الزرو – 23/9/2020
نعود مرة اخرى لظاهرة التهافت التطبيعي العربي الخطير، ففي ايام الزمن الجميل، زمن المد القومي العروبي الناصري، كان كل المطبعين يختبئون كالفئران في جحورهم ، ولم يكن احد يجرؤ على الظهور، إدراكا بدهيا منهم بان التطبيع خيانة عظمى، أما في هذا الزمن ، زمن الهزائم والانهيارات العربية، فلم يعد هناك من يردع هؤلاء المجردين من كل الاعتبارات الوطنية والقومية والاخلاقية، فاصبحوا يصطفون بالدور للحصول على مباركة الادارة الامريكية واللوبي الصهيوني، واصبحنا نلهي كسياسيين وباحثين ومؤرخين وراءهم لإحصائهم وتوثيق انحرافاتهم، فيا لهذا الزمن الغريب العجيب.
ولو كان هذا التهافت التطبيعي العربي مع الكيان وفقا –مثلا- للمبادرة العربية(وانا شخصيا اسجل بانني ضد المبادرة واي مبادرة تصفوية طرحت او ستطرح-، اي بعد ان تلتزم”اسرائيل” ب”إقامة الدولة الفلسطينية ” و”الانسحاب من الاراضي المحتلة”، وحل”قضية اللاجئين وحق العودة”، واعتبار “القدس عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة”، لقلنا هي المبادرة هكذا “تطبيع مقابل دولة عاصمتها القدس”، ولكن هذا الذي يجري في هذه الايام انما هو تطبيع عربي انهزامي مرعب امام الكيان.
مؤسف ان نعترف ان السياسات الامريكية –الصهيونية الهجومية في جبهة التطبيع نجحت الى حد مقلق في اختراق هذه الجبهة الاهم والاخطر في المواجهة العربية التاريخية للمشروع الصهيوني، كما نجحت على نحو اخطر في بث الفتن والجدالات الداخلية في الاوساط السياسية والاكاديمية والثقافية وغيرها في الدول والمجتمعات العربية، الامر الذي ترك ويترك وراءه حالات من الصراعات والانشغالات الداخلية العربية في الوقت الذي كان يجب ان ينشغل العرب اكثر بالمضامين الحقيقية للصراع وبكيفية التصدي لهذا الهجوم الامريكي –الاسرائيلي الذي يستهدف تفكيك اهم واخطر جبهة مناهضة وممانعة عربية في وجه تطبيع” اسرائيل” في المنطقة…!
وخلاصة القول في المشهد: ان فيروسات التطبيع العربي كأنها فيروسات صهيونية زرعت في صلب هؤلاء الاعراب، انه تطبيع عربي انهزامي غير طبيعي مع “اسرائيل” في زمن الحروب الاستعمارية الصهيونية-الامريكية المفتوحة على فلسطين والامة بكاملها…!.