أقلام وأراء

نواف الزرو: يا عنب الخليل كُن سماً على الأعداء!

نواف الزرو 2-9-2024: يا عنب الخليل كُن سماً على الأعداء!

كانت مدينة خليل الرحمن على مدى الزمن جزءاً عضوياً لا ينفصم من الوطن الكنعاني العربي المترامي الجميل المقدس.. وكان أهلها وما يزالون، يعشقون أرضها وترابها وخيراتها الخضراء، ويعشقون عبرها الوطن الفلسطيني كله.. إلى أن جاءت تلك البروتوكولات الاستعمارية التي فتحت أبواب الغزو والاستيطان والتهويد في فلسطين، حيث تـقاطر الغزاة الصهاينة إليها من أقاصي الدنيا تحت ستار الأيديولوجيا الدينية اليهودية… يحملون علانية وعودهم الكاذبة وصكوكهم التهويدية المزيفة التي تزعم أن فلسطين لهم، وأن مدينة خليل الرحمن لهم، وأن الحرم الإبراهيمي الشريف جزءاً من ممتلكاتهم.

عاشت المدينة كما عاشت فلسطين كلها، منذ بدايات المشروع وعلى امتداد محطاته المتلاحقة تئن تحت براثن الاستعمار البريطاني، ومخالب موجات الغزو الاغتصابي الصهيوني، وكان ملف الخليل منذ ذلك الحين مفتوحاً للصراع الدامي، متوجاً مسيرة النضال والتصدي بالثلاثاء الحمراء، وحظيت المدينة بقصب السبق في مسيرة الكفاح والجهاد الوطني الفلسطيني، حين خرجت قوافل القادة والمناضلين.

وفي أعقاب احتلالها غداة عدوان حزيران (يونيو) 1967، فتح ملف الصراع في المدينة من جديد، وبرزت بوصفها هدفاً مركزياً يتقدم جملة الأهداف الرئيسة في استراتيجية الاستيطان والسيطرة والتهويد الصهيونية للأراضي الفلسطينية المحتلة، وشهدت المدينة منذ احتلالها مسلسلاً طويلاً متواصلاً لم يتوقف من مخططات ومشاريع وإجراءات المصادرة والاستيطان والتهويد والقمع والتنكيل والتدمير والتخريب.. المستوطنون يستبيحون مدينة خليل الرحمن، استباحة شاملة جامحة لم يسبق لها مثيل قبل ذلك، ويبدأون عملياً حملة جديدة لترحيل أهل البلدة القديمة حصراً قبل غيرها، وتتصاعد الاعتداءات الاستيطانية إلى أن وصلت لدرجة بات حال أهل “خليل الرحمن” يقول متمنياً: “لو أننا نصبح على نهار تكون الخليل فيه محررة من ما فيها من جيش إسرائيلي ومستوطنين..”. وإحدى نساء الخليل تعرب عن أملها ب”تفكيك الحصار عن المدينة، والخلاص من السجن الكبير الذي يبتلعهم بالإكراه”، مضيفة قبل أن يتطاير كلامها الخجول في فضاء البلدة القديمة وهي على مقربة من مستوطنين يعربدون في المكان: “سنواجه عملية تهجيرنا من منازلنا وممتلكاتنا بكل ما أوتينا من قوة، ومهما كلفنا الأمر، حتى لو دفعنا أرواحنا ثمناً لذلك”.

تكثف لنا أقوال المرأة الفلسطينية من قلب الخليل المشهد الراهن في المدينة الذي يحمل الكثير الكثير من المعاني والدلات الصراعية على الوجود هناك…!

وليس ذلك فحسب، فالمستوطنون يشنون على مدار الساعة موجات متلاحقة من الاعتداءات المنهجية على أهل الخليل لا يمكن حصرها في عجالة، غير أن الأهم هو تلك الأجندة الأيديولوجية والسياسية الاستراتيجية التي تقف وراءها عملياً.. وعلى نحو مكمل، فأهم العناوين الأخيرة في المشهد القائم هناك في قلب المدينة:

– المستوطنون يواصلون عربداتهم الهمجية في الخليل ضد الفلسطينيين، وذلك في إطار محاولاتهم المحمومة للسيطرة على المزيد من ممتلكات في المدينة، وقالت مصادر إسرائيلية “إن المواجهات العنيفة تتواصل بين المستوطنين والفلسطينيين في مدينة الخليل، وذلك خلال محاولة المستوطنين اقتحام أحد المنازل العربية في المدينة”، واعترفت مصادر عسكرية إسرائيلية “أن عربدات المستوطنين في الخليل لم يسبق لها مثيل”، وذلك في سياق تنصل الاحتلال من مسؤولياته عما يجري تحت ذريعة “أن الجيش لا يستطيع السيطرة على المستوطنين..”!

هكذا هو المشهد، وهذه صورة مصغرة جداً عما يجري في مدينة خليل الرحمن، سطو مسلح في وضح النهار على كل بيت عربي متاخم للحرم، في سياق عملية استيلاء استراتيجية يواصلونها في انحاء المدينة.

وما يجري في المدينة يحتاج إلى مجلدات ومجلدات لشرحه، فالأحداث يومية متلاحقة وكأن الاحتلال ومستعمريه في سباق مع الزمن لإحكام سيطرتهم على خليل الرحمن. وفي مواجهة كل ذلك تبرز الصورة المشرقة المشرفة لمسيرة الصمود والتصدي والمقاومة والتـشبث العنيد بكل حبة تراب من أرضها.

يتميز المشهد في مدينة خليل الرحمن بالإباء والكبرياء والدماء التي عطرت وما تزال تراب الوطن هناك، حتى ينبلج فجر التحرير مشرقاً ندي القسمات.

فيا عنب الخليل * :-

سمعتك عبر ليل الحزن أغنية خليليَّة

يرددها الصغار و أنت مرخاة الضفائر

أنت دامية الجبين

ومرمرنا الزمان المر يا ” حبرون “

يعز علي أن ألقاك مسبيَّة

سمعتك عبر ليل الصيف أغنية خليليَّة

تقول تقول : يا عنب الخليل الحُر لا تـثمر

وإن أثمرت كن سُمَّاً على الأعداء .. لا تـثمر

لقد مات الرجال وشيخك الأعور

يصلي وهو رجسٌ ، شيخك الدجال ، لا تـثمر

وإن أثمرت كن سٌمَّاً على الأعداء ، كن علقم

*              *              *

وستبقين يا مدينة خليل الرحمن المقدسة ، المفترق الأكثر حساسية وتفجراً في الصراع العربي – الصهيوني . وسيرحل الغزاة أن عاجلاً أم آجلاً يا خليل الرحمن .. سيرحلون ..

من قصيدة الشاعر عز الدين المناصرة :يا عنب الخليل » .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى