نواف الزرو: هل الاردن قادمة بعد لبنان حقا، الأجندة الصهيونية المبيتة تجاه الاردن خطيرة وحقيقية؟!
نواف الزرو 1-10-2024: هل الاردن قادمة بعد لبنان حقا، الأجندة الصهيونية المبيتة تجاه الاردن خطيرة وحقيقية؟!
“الأردن قادمة بعد لبنان”، كان هذا عنوان تصريح خطير ادلى به المدعو “روني مزراحي” وهو رجل أعمال مقرب من نتنياهو حيث قال: “ما نفعله في لبنان اليوم ، قادرون على فعله في الأردن ، الأردن قادمة بعد لبنان” ..، ولا يتوقف الصهاينة عن الادلاء بتصريحات وقحة حول مخططاتهم اتجاه الدول العربية.. والحديث عن مخططاتهم اتجاه الأردن يدور علنا عبر القنوات الإسرائيلية ..!
وهذا ليس مفاجئا، وهذه التصريحات والوثائق التي تستهدف الاردن تتلاحق وتتكاثر يوما عن يوم، فقبل مدة قصيرة وعلى خلفية “خارطة سموترتش التي عرضها في مؤتمره الاحد 2023/3/19 في باريس واشتملت على “جزء من لبنان وسوريا والسعودية وكل فلسطين وكل الأردن باعتبارها كلها ارض اسرائيل) اصدرت الخارجية الاردنية بيانا شجبت فيه تصرف سموترتش وكفى، علما بان المسألة ليس فردية فالمؤسسة الصهيونية كلها وعلى رأسها نتنياهو وراء هذه الاجندة، الامر الذي يستدعي فتح هذا الملف مجددا امام الرأي العام…؟، كما صوّت مجلس النواب الأردني بالموافقة على مقترح بطرد السفير الصهيوني، على خلفية تصريحات وتصرفات سموترتش العنصرية تجاه الأردن وفلسطين، وطالبت لجنة فلسطين النيابية وعدد كبير من النواب بطرد السفير من الأردن بناء على مقترحات عديدة قدمت بهذا الشأن، وأكَّد رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي خلال الجلسة، أنّ “مجلس النواب يُطالب الحكومة بإجراءات فاعلة ومؤثّرة تجاه استخدام وزير مالية حكومة الاحتلال لخريطة ما يُسمى إسرائيل تضم حدود المملكة الأردنية الهاشمية والأراضي الفلسطينيّة المحتلة-وكالات- الأربعاء 22 مارس 2023″، ولكن مع الاسف وكالعادة لم تنفذ الحكومة قرار مجلس النواب….؟!.
ومن ذلك الوقت وحتى الراهن الفلسطيني وفي ظل المحرقة الصهيونية الجارية بالبث الحي والمباشر ضد اهلنا في غزة، يعود المستعمرون المستوطنون بقيادة بينيت رئيس وزراء اسرائيل الاسبق وسموترتش مرة اخرى للتحريض ضد الاردن، وكذلك لتهديد الاردن بالتعطيش بسبب رفضه التوقيع على “اتفاقية الماء مقابل الطاقة”…!
ولكن التطور الاخطر في هذا السياق جاء متمثلا بالمناشير التي عممها المستعمرون على أهالي الخليل ورام الله ومناطق اخرى في الضفة يطالبونهم فيها بالرحيل الى الضفة الشرقية، وهذا التصعيد يتماهى تاما مع خريطة سموترتش وتحريضاته العنصرية الاستعمارية…!
الامر الذي يجعلنا نستحضر هنا مرة اخرى أجندتهم الحقيقية اتجاه الاردن، فحينما يصر الليكوديون المتشددون في الخريطة السياسية الاسرائيلية بين آونة واخرى على استحضار شعارهم الجابوتنسكي”ضفتان للاردن”، فان المسألة اذن ليست عفوية، وليست لمرة واحدة، وليست ردة فعل ابدا، بل هي برنامج سياسي معزز بالايديولوجيا الصهيونية والتوراتية، لذلك لم تكن عملية “اقتحام الحدود الاردنية-مثلا- في الثاني والعشرين من كانون اول/2011 على يد مجموعة من المستوطنين المتطرفين” عفوية وبدون مناخات ايديولوجية وسياسية ناضجة، ففي الخلفية كم هائل من الادبيات السياسية والتوراتية التي تزعم ان “الاردن جزء من ارض اسرائيل”، و”ان الدولة اليهودية كان يجب ان تقام على ضفتي الاردن”، و”ان الوقت لم يفت على مثل هذه الدولة”…!
فرئيس الكنيست الاسرائيلي السابق روبي رفلين كان أعلن “أن قيام “دولة إسرائيل على ضفتى نهر الأردن هدف قابل للتحقيق الآن أكثر من أى وقت مضى”، وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت- الثلاثاء 28 / 07 / 2009″ذكرت”إن مراقبين سياسيين فى إسرائيل رأوا أن تصريحات ريفلين تعنى أن تل أبيب تعتبر أرض الأردن أرضا إسرائيلية، وأنه لا يجوز التفريط بها أو التفريط بالضفة الشرقية”، وأفادت الصحيفة “أن تصريح ريفلين كان للرد على رئيس الدولة “شيمون بيريز” الذى قال: “إن أمنية زئيف جابوتنسكى، أحد مؤسسى الحركة الصهيونية، بقيام دولة إسرائيل على ضفتى نهر الأردن أصبحت صعبة التحقيق”، وأكد بيريز خلال الجلسة أن “جابوتنسكى كان يحلم بدولة يهودية على ضفتى نهر الأردن، وأن هذا الحلم كان حلما كبيرا بالنسبة لنا، ربما أكبر من الحياة والزعماء قد يرتكبون أخطاء كبيرة أحيانا”، وفى رده عليه قال رفلين: “إن أمنية جابوتنسكى بقيام دولة إسرائيل على ضفتى نهر الأردن تصلح اليوم أكثر من أى وقت مضى فى تاريخ إسرائيل”، مضيفا بأن “جابوتنسكى لم يكن مخطئا”.وكذلك كانت دعوات سابقة صدرت من الكنيست الإسرائيلى لمطالبة الحكومة بعدم “التنازل عن جزء من أراضيها”، معتبرة أن “الأراضى الواقعة غربى وشرقى ضفتى نهر الأردن هى جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل الكبرى”.
ونتنياهو يزعم في كتابه “مكان تحت الشمس” مثلا:” أن اسرائيل نفذت سنة 1948 قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الصادر بعد تسعة عشر سنة في تشرين ثاني/نوفمبر 1967، وذلك بتخليها عن الضفة الشرقية لنهر الأردن..وأن هذه الضفة هي حصة الفلسطينيين من فلسطين، تنفيذا للقرار المذكور..؟، ويستحضر نتنياهو الماضي الاستعماري مذكرا أنه قد “تم في فرساي التعهد لليهود بإقامة دولة في فلسطين، وشمل الوطن القومي آنذاك ضفتي نهر الأردن..هذه المنطقة التي تسمى أرض إسرائيل الانتدابية..تشمل أراضي دولتي الأردن وإسرائيل اليوم..”، ويرى أن بريطانيا التي كلفت بالانتداب على هذا الوطن القومي لليهود قد تراجعت عن التعهدات التي أخذتها على عاتقها بموجب وعد بلفور…ففي عام 1922 انتزعت بريطانيا شرق الأردن من الوطن القومي لليهود، وبجرة قلم واحدة انتزع من الأراضي المخصصة للشعب اليهودي ما يقارب 80% من هذه الأراضي، وتم إغلاق شرق الأردن بكاملها في وجه لاستيطان اليهودي حتى يومنا هذا. ص109″، ويزعم:”أن البريطانيين اقتطعوا الأردن من أرض إسرائيل، وقدموه هدية للعرب ليكسبوا ودهم، وبذلك”تقلص الوطن القومي اليهودي إلى ثلث مساحة فلسطين”، ص121”.
فالواضح اذن، في ضوء هذا الكم من الادبيات والبرامج والمواقف الاسرائيلية، وهناك غيرها الكثير الكثير، ان استحضار”الوطن البديل” و”ضفتان للاردن”، بين آونة واخرى، وفي قلب الكنيست الاسرائيلي، وفي اروقة اكبر معسكر سياسي حزبي اسرائيلي، هو الليكود اليميني المتشدد الجابوتنسكي، ليست مسألة اعلامية او استهلاكية للراي العام، وانما هي مسألة حقيقية وحاضرة في البرامج والايديولوجيات الصهيونية، وتقف وراءها لوبيات تنتمي وفق احدث المعطيات الى مجالس المستعمرات اليهودية في الضفة الغربية، التي تطالب على مدار الساعة مدعمة بفتاوى الحاخامات، بالتهويد الكامل الشامل للقدس والضفة، وبالانتقال في مشروع الاستيطان والتهويد الى الضفة الاخرى… الشرقية وفق البرنامج الجابوتنسكي.
ما يعني ان المطامع الصهيونية في الأردن ما تزال قائمة وتتجدد بقوة، وقد لا يكون ذلك اليوم الذي تصبح فيه هناك اغلبية صهيونية تطالب باجتياح الضفة الشرقية ببعيد، اذا لم يستيقظ الفلسطينيون والاردنيون والعرب، ما يستدعي وحدة وطنية فلسطينية اردنية حقيقية على الارض، وحدة واعية ناضجة في مواجهة الاطماع والمشاريع والتهديدات الصهيونية المتصاعدة، وفي مواجهة مشروع الوطن البديل، و”ضفتان للاردن”، وحدة تسقط تلك البرامج التي توظف”الوطن البديل” كفزاعة تعمق الهوة والتفكك بين الفلسطينيين والاردنيين، فالتناقض الحقيقي مع المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني الذي يتطلع للتمدد شرقا.
ونعتقد بقناعة راسخة ان الوحدة الوطنية الاردنية تبقى الحصن المنيع الذي تتحطم عليه البرامج والاجندات والاهداف الصهيونية السياسية والتوراتية.