أقلام وأراء

نواف الزرو: كي لا ننسى دلالات حريق الاقصى

نواف الزرو 21-8-2024: كي لا ننسى دلالات حريق الاقصى

برغم كل هذه التطورات الدراماتيكية على مستوى حرب الإبادة ضد اهلنا في غزة، الا اننا لا نستطيع ان نغفل حقيقة ما يجري هناك في قلب المدينة المقدسة وفي قلب الحرم الشريف من موجات متلاحقة من الهجمات والانتهاكات الاسرائيلية، التي تأتي كلها في السياق الاقتلاعي الارهابي الصهيوني، ما يعيدنا بالضرورة الى تلك البدايات والدلالات التي ترتبت على احراق الاقصى.

ففي ذلك الوقت الذي اقدم فيه الارهابي الصهيوني مايكل روهان على احراق المسجد الاقصى في الحادي والعشرين من آب/1969، كان الاحتلال في بداياته، وشكلت عملية احراق الاقصى، تصعيدا خطيرا جدا كان يجب ان يحرك العالم كله وفي مقدمته العرب والمسلمين، الذين اكتفوا مع الاسف باصدار البيانات الاستنكارية…!

وما بين ذلك الوقت واليوم، يكون قد انقضى على احراق الاقص خمسة وخمسون عاما كاملة، تحول فيه المشهد المقدسي بالكامل، من مشهد فلسطيني عربي، الى مشهد صهيوني مدجج بمعطيات وحقائق الامر الواقع التي تتحدث بنصوص توراتية، ونكاد نقول ان القدس تحت القبضة الصهيونية الاحتلالية بكاملها، وتحت وطأة الاجتياحات اليومية من قبل الجماعات اليهودية الارهابية المحمية بجيش الاحتلال، بل وصلت الامور الى قلب الاقصى، والى المطالبة الصهيونية رسميا- وبدعم من جهات امريكية في الكونغرس- بتقسيم الاقصى زمانيا ومكانيا على نمط ما هو مطبق في الحرم الابراهيمي الشريف، ما يعني ان الاقصى لن يكون عربيا اسلاميا، وان هويته لن تبقى عربية اسلامية، وقد ينتقل ذلك بمعنى آخر ايضا الى كنيسة القيامة، حيث قد تصعد سلطات الاحتلال هجومها التهويدي ليصل الى هناك وتدعي لاحقا ان القيامة ليست مكانا مقدسا للمسيحيين فقط، وان لليهود آثار هناك تشرع لهم اداء صلواتهم هناك، وربما يتقاسمون المكان والزمان مع المسيحيين..ايضا.

ولم يكن الارهابي روهان ليقدم على فعلته الاجرامية لو لم تتكشفت قبل ذلك، تلك العقلية اليهودية التدميرية مبكرا جدا على نحو خاص بعد العدوان والاحتلال عام 67، حينما طلب الجنرال الحاخام شلومو غورن كبير حاخامات الجيش الصهيوني من الجنرال عوزي نركيس قائد المنطقة الوسطى – في يوم احتلال القدس واقتحام الحرم القدسي الشريف عام 1967 ، ” العمل على نسف الصخرة والمسجد الأقصى للتخلص منهما مرة واحدة وإلى الأبد”.

ويتكشف اليوم – ان من ابرز المفارقات العجيبة الغريبة التي تهيمن اليوم على المشهد الفلسطيني ما يتعلق منها بوضع المدينة المقدسة التي تحظى دون غيرها –نظريا واعلاميا وسياسيا ودينيا وروحيا- بالاجماع العربي / الاسلامي على نحو خاص بانها جوهرة وسرة الامتين وعاصمتهما الدينية، فهذه المدينة تواجه تحديات استراتيجية تهدد بضياعه بالكامل.

فتبين لنا معطيات المشهد المقدسي ان الذي يستثمر الزمن ويعمل على تغيير المعطيات ويبني حقائق الامر الواقع هو الاحتلال الصهيوني الذي لا يكل ولا يمل عن مواصلة العمل من اجل ما ان يطلق عليه:”اختلاق اسرائيل” و” اختلاق قدس يهودية”.

والواضح ان”اسرائيل” تستثمر “سكرة العرب وانشغالاتهم بصراعاتهم ومنافساتهم وفسادهم وحروبهم الداخلية وتفككهم وعجزهم المطلق عن العمل الحقيقي”، كما تستثمر رضوخهم ل”خيار ومؤتمرات السلام والتطبيع”من اجل احكام قبضتها على المشهد المقدسي برمته الى الابد.

وما بين احراق الاقصى واليوم، فما لم ينتفض الجميع من فلسطينيين وعرب لصالح انقاذ القدس والاقصى وفلسطين، فان الاحتلال لن يتوقف ابدا عن ابتلاع المدينة ومقدساتها الاسلامية والمسيحية، ولن يتوقف حتى يقول الجميع:

نشهد ان القدس يهودية، وان الاقصى ليس عربيا اسلاميا خالصا، ولليهود الحق في تقاسمه مع المسلمين، هذا ان لم تتطور الامور الى نسف ومحو الاقصى عن وجه الارض…!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى