نواف الزرو: قصة المحرقة الصهيونية والبطولة الفلسطينية

نواف الزرو 10-10-2023: قصة المحرقة الصهيونية والبطولة الفلسطينية
ما نتابعه من تفاصيل المشهد الفلسطيني في هذه الايام التاريخية وخاصة ما يتعلق منها بالمحرقة الصهيونية المتجددة ضد اهلنا من نساء واطفال ومن تدمير كبير مروع للبنية التحتية:
هي مشاهد وحكايات وجراح قديمة – جديدة – متجددة تنطق بها الاحياء والبيوت المهدمة والقبور الجماعية … كلها تتراكم وتتقافز على أرض قطاع فلسطين لتحكي لنا قصة فلسطين من بدايات الصراع والنكبة الأولى مرورا بالفصول والمراحل المختلفة على مدى العقود الماضية من عمر القضية، وصولا إلى هذا العدوان الصهيوني الاجرامي او المحرقة الصهيونية الجارية ضد اهلنا في غزة….!
في مواجهة كل تلك العناوين التي تجمع كلها على اننا في مواجهة اعتى واقسى وابشع حرب عدوانية، وامام جرائم حرب هي الابشع حتى الآن التي تقترفها دولة الاحتلال، وفي مواجهة كمائن الموت اليومي التي نصبتها وما تزال تنصبها قوات الاحتلال لنساء وأطفال وشيوخ أهلنا هناك أيضاً نتابع:
كان هناك “قرار وارادة التصدي” و” روحية الصمود والإباء والكبرياء والبقاء”، و” إرادة الحياة في مواجهة الموت “، و” كسر الحصار والإصرار على البقاء “، و كان هناك” الأطفال والنساء والشيوخ الذين يتحدون الصواريخ و الرصاص والدبابات ” ..!
إنها قصة الكارثة/المحرقة- والبطولة الفلسطينية تتفاعل في قلب مدن وقرى ومخيمات القطاع ، وعلى امتداد مساحة فلسطين التاريخ والتراث والحضارة والاقتصاد والسياسة والنضال ..
الراحل محمود درويش شاعر فلسطين والعرب كان قد عبر اعمق تعبير عن “غزة وروحها وصمودها وبطولاتها ومعنوياتها وجدارتها بالحياة” حينما كتب قائلا:
“ليست لغزة خيول، ولا طائرات، ولا عصى سحرية، ولا مكاتب في العواصم، إن غزة تحرر نفسها من صفاتنا ولغتنا، ومن غزاتها في وقت واحد، وحين نلتقي بها ـ ذات حلم ـ ربما لن تعرفنا، لأن غزة من مواليد النار، ونحن من مواليد الانتظار، والبكاء على الديار، صحيح أن لغزة ظروفًا خاصة، وتقاليد ثورية خاصة، ولكن سرها ليس لغزًا، مقاومتها شعبية متلاحمة، تعرف ماذا تريد “تريد طرد العدو من ثيابها”.
لم تقبل وصاية أحد، ولم تعلق مصيرها على توقيع أحد، أو بصمة أحد، ولا يهمها كثيرًا أن نعرف اسمها وصورتها وفصاحتها، لم تصدق أنها مادة إعلامية، لم تتأهب لعدسات التصوير ولم تضع معجون الابتسام على وجهها.
قد ينتصر الأعداء على غزة، وقد ينتصر البحر الهائج على جزيرة، قد يقطعون كل أشجارها، قد يكسرون عظامها.. قد يزرعون الدبابات في أحشاء أطفالها ونسائها، وقد يرمون في البحر أو الرمل أو الدم، ولكنها لن تكرر الأكاذيب ولن تقول للغزاة: نعم وستستمر في الانفجار.
لا هو موت، ولا هو انتحار، ولكنه أسلوب غزة في إعلان جدارتها بالحياة”.
*الف قصة وقصة
فالحقيقة الكبيرة الصارخة في عمق هذا المشهد اذن:
هناك في كل شارع وزقاق وحي.. بل في كل بيت غزاوي …
الف قصة وقصة عن التضحيات والشهداء والجرحى والمعتقلين…
وعن الاجتياحات والتجريفات وعمليات الهدم والتدمير..
وكذلك عن خيام الالم والمعاناة والصبر..
وكذلك عن البطولات الفردية والجماعية ..
وعن الملاحم التي يسطرها اهل غزة منذ احتلالها عام/1967…!!
هكذا هي المعطيات المتوافرة في المشهد الفلسطيني ..لذلك فان الحديث المتجدد في هذه الايام عن احتمالية حرب اسرائيلية جديدة شاملة اشد اجرامية على غزة هاشم ليس عفويا او عبثيا وبلا مؤشرات او اساس.
ولذلك نسخلص في هذه القراءة المتجددة لما بين سطور الحرب العسكرية الاسرائيلية المبيتة اننا امام مشهد جديد وامام حكومة صهيونية متأزمة تريد ان تهرب الى الامام والى الخيار الحربي الشامل تحديدا، وامام قيادة وخطة واهداف عسكرية اسرائيلية جديدة يحتل محورها ليس فقط نزعة اعادة الاعتبار لذلك الجيش الاسرائيلي الذي لا يهزم وقد هزم ..وانما ايضا تفكيك الاخطار الفلسطينية العربية المحتملة في ظل الثورات العربية.
ناهيكم عن اعادة ترتيب البيت السياسي والايديولوجي الاسرائيلي من جديد، وذلك لن يكون من وجهة نظرهم الا عبر غزة والفلسطينيين.
ما يقود الى الاستخلاص في هذا السياق بان المشهد الفلسطيني الراهن سوف يشهد المزيد من التصعيد الاعلامي التحريضي التعبوي الاعدادي في الوقت الذي يشهد فيه المزيد من التصعيد الصهيوني الحربي الاجتياحي …
هكذا كان وما يزال المشهد في قطاع غزة، واليوم، يعود جنرالات الاحتلال ليهددوا ويتوعدوا بمحرقة جديدة اشد شراسة من السابقات لتصبح غزة ثانية على صفيح محرقة جديدة في الافق…!.
ولكن في ظل ملحمة كفاحية فلسطينية استثنائية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الصراع …!