نواف الزرو: قراءة متجددة في حقائق المشهد الاستعماري الاستيطاني الصهيوني المرعب في الضفة الغربية

نواف الزرو 28-6-2025: قراءة متجددة في حقائق المشهد الاستعماري الاستيطاني الصهيوني المرعب في الضفة الغربية
نعود لفتح ملف الاستعمار الاستيطاني الصهيوني المرعب الذي يجتاح الضفة الغربية وينهب الارض فيها مترا مترا بل وشبرا شبرا، ونعتقد ان هذا الملف اليوم هو الاهم والاخطر في المشهد الفلسطيني في سياق الإبادة الشاملة التي تقترف ضد اهلنا في غزة، ويجب ان يبقى مفتوحا وان لا يغفل عنه ابدا، لأن الاستيطان يعني النهب والسلب والتهويد وإقامة حقائق الامر الواقع بهدف تخليد الاحتلال والاستيطان حسب مخططهم، وهو التحدي الاستراتيجي الاكبر امام الفلسطينيين، لذلك قد يتساءل البعض باستغراب: العالم كله منشغل بالقضايا المعيشية والترفيهية والخاصة، وانت منشغل بالمستعمرة الصهيونية(اسرائيل) وسياساتها وارهابها وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني…؟!، بينما يقول لي البعض الآخر: ألم تتعب…ألم تمل من الكتابة عنها ….!؟.
في الرد على هذه التساؤلات وغيرها الكثير اقول: لا لن نكل ولن نمل ابدا، فهذه بلادنا وارضنا وقضيتنا وحقوقنا التاريخية، وهذا الصراع معهم صراع وجود وبقاء يحتاج الى كل الجهود والامكانيات، وفي مقدمتها الكتابة والفكر والثقافة والاعلام.
وفي هذا السياق الاستعماري الاستيطاني الصهيوني حدث ولا حرج….؟!
ad
فنحن في المشهد الفلسطيني الراهن امام ما يمكن ان نطلق عليه”الحرب الاستيطانية الثالثة-الاولى بدأت عام1948 والثانية بعد العدوان عام 1967-كما وثقها الكاتب توفيق ابو شومر” التي بدأت طلائعها منذ منتصف شهر ديسمبر 2018، ولكنها في سياق سلسلة متصلة من المعارك الطاحنة الوجودية على اهم موقعين في الضفة الغربية وهما: القدس والخليل، ولكن، وفي الوقت الذي يتسابق فيه بعض الزعماء والوزراء والمدراء وبعض المثقفين والاعلاميين والتجار العرب على التطبيع المجاني مع الاحتلال الصهيوني، سارع عدد كبير من أعضاء “الكنيست” والوزراء من حزب “الليكود” وأحزاب يمينية أخرى الى التوقيع على وثيقة تعهدوا فيها بدعم الاستيطان والعمل على بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، ووفقاً لصحيفة “إسرائيل اليوم” فإن الحديث يدور عن وثيقة بادرت بطرحها حركة “نحلا” الاستيطانية، حيث تهدف إلى جمع تعهدات من وزراء وأعضاء كنيست بالعمل على توطين أكثر من مليونَيْ مستوطن في الضفة الغربية، ومن بين الوزراء والمسؤولين الذين وقعوا على الوثيقة: رئيس الكنيست -المستقيل-“يولي أدلشتاين”، والوزير “يسرائيل كاتس”، والوزير “يريف لفين”، والوزير “زئيف ألكين”، والوزير “جلعاد أردان”، والوزير “أيالت شاكيد”، والوزير “نفتالي بنيت”، والوزيرة “ميري ريغف”، والوزير “أيوب قرا”، والوزير “يوآف غالنت”.
وفي احدث معطيات وتطورات الاستعمار الاستيطاني أعلن وزير البناء الإسرائيلي اسحق غولدكنوفيف، مساء الخميس23 /5/ 2025،عن البدء في التخطيط لإقامة 13 مدينة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة خلال الـ25 عامًا المقبلة، وذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، وفق ترجمة وكالة “صفا”، أن القرار يشمل أيضًا التخطيط لإقامة 5 مناطق صناعية.وأشارت الصحيفة إلى أن الخطة تهدف لبناء 180 ألف وحدة استيطانية لزيادة عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى مليون مع حلول عام 2050، وكانت وزارة الدفاع الإسرائيلية أكدت أن الوزراء وافقوا على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، تشمل إقامة تجمعات سكنية جديدة وإضفاء الشرعية على عدد من البؤر الاستيطانية العشوائية. ووصفت وزارة الدفاع الإسرائيلية، في بيان لها، تصويت الحكومة بأنه “قرار تاريخي”، مشيرة إلى أن هذه المستوطنات ستُعزز “السيطرة الاستراتيجية على جميع أنحاء يهودا والسامرة (الضفة الغربية)” وستمنع “قيام دولة فلسطينية”، بحسب ما ذكرت صحيفة “ذي تايمز أوف إسرائيل، وحول هذه القرارات اعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن “هذا يوم عظيم لحركة الاستيطان ويوم مهم لدولة إسرائيل”، مضيفاً: “الاستيطان في وطننا هو الدرع الواقي لدولة إسرائيل”، ومن جانبه، قال وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن هذه الخطوة “ستعزز قبضتنا على الأرض وتشكل رداً حاسماً على الإرهاب الفلسطيني-حنان غرينوود-إسرائيل اليوم 23/5/2025”. ويدور الحديث عن خطة “مليون في السامرة”، التي كشفت “إسرائيل اليوم” النقاب عنها في 2023 التي وضعها مهنيون في مجلس السامرة مع خبراء خارجيين، بينهم مهندسون، معماريون، جغرافيون ومستشارون ممن يسعون لأن يجلبوا حتى عام 2050 ما لا يقل عن 1.150.500 نسمة إلى منطقة يسكن فيها اليوم نحو 140 ألف نسمة. تتضمن الخطة توسيع مستوطنات إلى مدن كبرى، إقامة مدن جديدة، تجاوز مدن قائمة قرب الخط الأخضر، عودة إلى مناطق أخليت في فك الارتباط، إقامة مناطق صناعية كبرى ومستشفى إقليميا، تمديد خطوط
وعلى نحو مكمل وخطير جدا، يواجه الشعب الفلسطيني منذ سنوات تهديدا حقيقيا يطلقون عليه هناك في”اسرائيل” “دويلة المستوطنين اليهود في يهودا والسامرة-اي الضفة الغربية-“، اذ بدأ هؤلاء يهددون بالانفصال عن دولة “إسرائيل” وإقامة دولتهم الخاصة المستقلة، وذلك حسب زعمهم ردًّا على أي محاولة من الحكومة الإسرائيلية للانسحاب من الضفة في إطار التسوية الدائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
فقد كان المستعمرون المستوطنون اعلنوا في منشور حمل عنوان “إسرائيل أرضنا” عن “مسابقة لوضع نشيد قومي واختيار علم آخر لدولتهم، وسيمنح الفائز بأحسن تصميم للعلم والنشيد بجائزة نقدية”، وجاء الإعلان عن هذا المخطط في مقال في صحيفة يديعوت أحرنوت/كتبه الراباي شالوم دوف وولفا رئيس “الطاقم العالمي لإنقاذ الشعب اليهودي” وهي المنظمة التي شكلت خصيصًا لذلك، تحت عنوان “الزلزال المقبل”، وقال الحاخام شالوم دوف في بيان له “بعد موافقة إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية واقتراح قانون لتعويض المستوطنين تمهيدًا لإخلائهم: ف”إن الحل هو إعلان دولة-أو مستعمرة يهودية-اخرى- ذات حكم ذاتي في إطار المستعمرة الكبرى-اسرائيل-“.
وعن هذه الدولة كتب يهودا باور- في هآرتس”ان اسرائيل لا تسيطر على بضع مئات الآلاف من المستوطنين اليهود هناك، فهم يقبلون الحكم الاسرائيلي فقط اذا كان يصب في مصلحتهم، أما عندما لا يحدث ذلك وفقا لتصورهم، فهم يتجاهلونه في أحسن الاحوال وينجحون في مقاومتهم له في اسوأ الاحوال”، ويضيف :” الشرطة والسلطات الأمنية والجيش يخضعون لتهديد المقاومة النشطة المتواصل من قبل المستوطنين، ويخضعون لهذه التهديدات ، واصبح هناك دولتان، الاولى ملتزمة بالقانون الديمقراطي الغربي، والثانية بالحكم الديني المتطرف والخلاصي”.
اما الخبير بالشؤون العربية داني روبنشتاين فقد كتب بدوره في هآرتس-عن دولة المستوطنين يقول:”على خلفية اتفاق السلام مع مصر والانسحاب الاسرائيلي من سيناء أقام نشيط حركة “كاخ”، ميخائيل بن حورين، في الثمانينيات ما سماه هو ورفاقه “دولة يهودا”، وكان قصدهم رمزيا وهو الاشارة الى بديل ممكن عن السلطة الاسرائيلية في الضفة الغربية اذا ما انسحبت اسرائيل من المناطق وعندما تفعل ذلك، ولقّب بن حورين نفسه بلقب “رئيس دولة يهودا”، بعد ذلك كان من محرري كتاب “باروخ الرجل”، الذي امتدح القاتل في الحرم الابراهيمي باروخ غولدشتاين، وكان من أبطال البولسا دينورا ضد اسحق رابين”و”لكن-يضيف روبنشتاين- في العديد من الجوانب أُقيم في الضفة، برعاية حكومات اسرائيل وتشجيعها، كيان سياسي ذو طابع يخصه،أي أنه نشأ فصل حيث توجد دولة اسرائيل على حدة، والضفة أو دولة يهودا على حدة”.
ونحن هنا إذ نتحدث عن دولة أو جمهورية المستوطنين اليهود الإرهابية القائمة في أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام ، فإننا لا نبالغ في ذلك أبداً، ذلك أن المستعمرات اليهودية المنتشرة في أنحاء الضفة عبارة عن ترسانات مسلحة أولاً، وعبارة عن مستنبتات أو دفيئات لتفريخ الفكر السياسي والأيديولوجي الإرهابي اليهودي ثانياً ، ودفيئات أيضاً لتشكيل وانطلاق التنظيمات والحركات الإرهابية السرية في نشاطاتها وممارساتها الإرهابية ثالثاً ، فضلاً عن كونها قوة ضغط هائلة على قرارات الحكومة الإسرائيلية ونهجها الاستيطاني والتنكيلي ضد الفلسطينيين رابعاً ، وذلك رغم الحقيقة الساطعة المتمثلة بالتعاون والتكامل القائم بين الجانبين ، فلا تعارض ولا تناقض قطعاً ما بين الدولة الإسرائيلية الرسمية بمؤسساتها وأجهزتها السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والإدارية والمالية، وسياساتها الاستيطانية ، وما بين دولة المستوطنين اليهود المنفلتة في الأراضي الفلسطينية المحتلة .
وعندما نتحدث عن دويلة أو جمهورية-والاصح مستعمرة- المستوطنين اليهود، فإننا نتوقف عند حقيقة الصفات والخصائص الأساسية ومنها العنصرية الفوقية والإرهابية التي ميزت ودمغت الحركة الصهيونية والتنظيمات الصهيونية التاريخية، فمشروع الاستعمار الاستيطاني اليهودي ترجمة صارخة للاستراتيجية الصهيونية على الأرض الفلسطينية ، ودولة المستعمرين المستوطنين هي نتاج عملي لتلك الترجمة .
وعندما نتحدث عن دولة المستوطنين اليهود، فإننا نتحدث عن … ، ونتوقف أمام ، مسلسل لا حصر له، من الانتهاكات والممارسات الإرهابية الدموية التنكيلية والتدميرية الجامحة المنطلقة من صميم المستوطنات اليهودية … وكلها تجري بصورة سافرة تحت سمع وبصر وحماية الحكومة والجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية .
هكذا هي حقائق المشهد الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في الاراضي المحتلة في ظل تهافت التطبيع العربي المرعب ايضا..
والمؤسف هنا: انهم يعملون هناك في المستعمرة الصهيونية وعلى مدار الساعة من اجل تحقيق حلمهم باختطاف الارض والوطن والتاريخ والحقوق وتهويدها هكذا بفعل القوة والارهاب، بينما يهرول بعض العرب لمنحهم الاعتراف والغطاء والشرعية بالتطبيع معهم…؟