أقلام وأراء

نواف الزرو: الحرب المنهجية وفتاوى الحاخامات وأدبيات الإبادة ضد الشعب الفلسطيني!

نواف الزرو 25-12-2023: الحرب المنهجية وفتاوى الحاخامات وأدبيات الإبادة ضد الشعب الفلسطيني! 

ربما تكون شهادات وتصريحات كبار الحاخامات اليهود بشأن”أرض إسرائيل الكبرى” و”الكاملة” و”اختطاف فلسطين” وإاقتلاع الشعب الفلسطيني وتهجيره”هي الأهم والأخطر حاليا على خلفية المحرقة الصهيونية ضد اهلنا في غزة وخاصة ضد النساء والاطفال.. وهي التي تشكل أساس وبوصلة السياسة الرسمية للدولة الصهيونية.
ويربط أولئك الحاخامات بين”إبادة الكنعانييل الاصليين”و” الرؤية الاستيطانية اليهودية و”أرض إسرائيل الكبرى”من منظورهم…!
ad
وفي أساس الرؤيا الاستيطانية لهم هناك ما يسمى الاحتلال العظيم:أي توسيع مملكة إسرائيل حتى الحدود الموعودة في العهد القديم. وتقول لجنة حاخامي مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة والقطاع في هذا الصدد:”كل من في قلبه إيمان.. لا يجب أن يساهم في خيانة وعد الرب الوارد في توراتنا والتي وعد بها شعب إسرائيل بأرض إسرائيل..”، والحاخام دودي شبيتس، من رؤساء كتاب حركة “قيادة يهودية”، يقرر: “الحفاظ على العهد الذي وعدت به البلاد لأبناء أبينا ابراهيم، ليس موضوعاً للمفاوضات. هذا إرث شعب إسرائيل.. وأقوال مشابهة كتب فيها “موتى كرفن” منظر”القيادة اليهودية” يقول أن”الوعي العقائدي يتناول حدود أرض إسرائيل كحدود الوعد، الحدود الواسعة، في يوم ما سنعود إلى أنفسنا، نقف على وعينا ونخرج في حرب الفريضة لتحرير البلاد”. والبروفسور هيلل فايس، أحد المنظرين والكتاب المهمين للحركة كتب يقول في كتابه “سبيل الملك” أموراً لا تقل حزماً عن ذلك. وعلى حد نهجه فان “غاية الكفاح المسلح هي إقامة دولة يهودية في كل أرض تحتل من نهر الفرات وحتى جدول مصر”، وفي موقع “قيادة يهودية” يمكن إيجاد دعاية لهذا الكتاب بل وأقوال تضامن مع مضمونه.و”علم خلاص أرض الميعاد لإبراهيم لا يرفع علنا ولكن أحداً لم يلقه فهو ينتظر محروس بعناية، كي لا يوقظ شياطين الخوف العلماني من حروب الاحتلال ومن الواقع الديني الذي سيسود إسرائيل في أكنافها”.
وهناك إلى كل ذلك سر علني هو:”معجزة الأيام الستة” التي أثارت رؤى غافية، أخرجت الحبس الخطير لشمشون وصموئيل من الخزانة، هذه الأحلام، أحلام الخروج من القمقم، لن يوقفها أحد حسب المؤشرات الإسرائيلية المترامية في الآونة الأخيرة، فها هو الحاخام زلمان ميلماد يدعو إلى الحذر من تكرار الاحتلال الأصغر مما ينبغي، برأيه للعام ،1967 وهو يدعي أنه يجب”اعداد الشعب لقفزة درجة ستأتي قريباً أي الاحتلال الكبير، ذاك الذي يشمل شرقي الأردن، ويدق بوابتنا، ويجب الاستعداد لأفعال حازمة، بعد أن نخلص الأرض برمتها”.
ولكن، ما هي في واقع الأمر حدود أرض الميعاد…؟، كما هو معروف في أدبياتهم الدينية هي ما بين النهرين “لزرعك أعطيت هذه الأرض، من نهر مصر حتى النهر الكبير، نهر الفرات”، أما بالنسبة لهوية نهر مصر، فان الآراء منقسمة وأحياناً غامضة على نحو مقصود، “القيادة اليهودية” في أحد تصريحاتها الأولى تصف الأهداف التالية :”ملكية، هيكل، نبوءة وأرض إسرائيل الكاملة من الفرات وحتى جدول مصر”، حتى النسور حادة البصر لموقع”القيادة اليهودية” كما تقول الوثيقة “لا توضح الأمر : فهل المقصود هو النيل أم جدول العريش فقط؟، موتي كارفل، من مؤسسي الحركة وكاتب النصوص الأيديولوجية لها، يقترح في كتابه “الثورة العقائدية” “التفكير أيضاً باحتلال سيناء”، والحاخام عوزئيل الياهو كتب في موقع موريا بأن “الحدود الغربية هي جدول العريش أو النيل”، والأكثر حسماً في هذا الصدد هو الحاخام حاييم شتاينر، الذي يتحدث باسم حاخامي مدرسة بيت ايل : “بشكل عام، الفرات والنيل هما نقطتا العلامة الأساسية وكذا البحر المتوسط والبحر الأحمر”، كما أن الحاخام يسرائيل غينزبرغ، الشهير بتطرفه يقول:”جدول مصر حسب أغلب التفسيرات، بمن فيهم راشي رحمه الله، هو النيل”.
حتى هنا عن الحدود الغربية، أما بالنسبة للحدود الشرقية فهنا أيضاً توجد تفسيرات مختلفة، فبينما الأغلبية تقبل “استناد مملكة إسرائيل المستقبلية إلى الجزء الأعلى، السوري، للفرات، ولكن توجد هناك روايات أوسع. ففي مقالة أكاديمية يتحدث الحاخام د. موشيه هكوهين، من جامعة بار – ايلان قائلاً :”بعض المفسرين القدماء رأوا النهر كحدود في قسمه الأكبر والطويل جداً، الموجود شرقي أرض كنعان، حتى مصبه في الخليج الفارسي”.
أما الحاخام شتاينر من مدرسة بيت ايل الدينية فيميل إلى قبول هذه الرواية القديمة، وهو يفيد، على لسان الرامبام “بأن أبانا إبراهيم ولد في كوتا المجاورة للخليج الفارسي، ويقرر شتاينر بأن “كوتا ليست “أرض إسرائيل” لأنها شرقي الفرات”، ويمكن الاستنتاج من ذلك بأن ما هو موجود غربي الفرات، في طرفه الجنوبي، هو أرض إسرائيل، ويتحفظ شتاينر من هذا القول بقوله بأنه”توجد آراء أخرى، ولكن من المعقول الافتراض بأن الرأي (‘الطريقة”) الذي سيسود سيكون الأوسع، وذلك عقب التزمت الفقهي للمستوطنين وعقب الفقه الذي يجلبه الحاخام زلمان ميلماد:”بلدان عربية، مثل العربية السعودية، الكويت و اليمن، التي لا خلاف عليها في أنها خارج نطاق البلاد، فحيثما يوجد خلاف يجب التوجه نحو التشدد”، أما العراق فلا يذكر هنا، وليس صدفة : فالفرات يتدفق فيه، ولما كان “يجب التوجه نحو التشدد”، فيحتمل أن يكون العراق غربي الفرات ينضم في خريطة أرض الميعاد، المقبولة من أغلبية الحركة الاستيطانية.
وهناك الموسعون للحدود الشرقية إلى شمالي العراق أيضاً، فالحاخام يهودا هليفي عميحاي من”معهد التوراة والبلاد” الذي كان قائما في غوش قطيف كتب يقول:”في القسم الجنوبي من تركيا توجد مناطق تعود إلى أرض الميعاد، حسب مناهج مختلفة”، وهناك فكرة بعيدة الأثر أكثر بكثير يجلبها أحد الحاخاميين في موقع “موريا”، وحسب نهجه فإن”الحل العسكري الكامل يحتمل فقط من خلال احتلال شامل والإخضاع النهائي للدول العربية برمتها، من المحيط الهندي وحتى المحيط الأطلسي، ولكن لا يوجد أحد في إسرائيل يتصور هذه الإمكانية في هذه اللحظة” ولكن غداً، ربما بعد غد، يجب التذكر:”حسب أقوال الرامبان فبعد احتلالات كل أرض إسرائيل، فإن كل ما يحتل أكثر – حكم قدسية أرض إسرائيل تكون له”، ومثلما يقرر موقع “موريا” “إذ أن لنا خياراً مفتوحاً، وإن لم يكن في هذه “اللحظة” لـ “أرض إسرائيل العظمى”.
ولكن حتى هذا ليس كل شيء في أدبياتهم، هناك من يعتقد أن شعب إسرائيل يمكنه أن يسيطر على العالم بأسره، “ليس من المستبعد أن يكون لشعب إسرائيل القدرة على التهديد والضغط على العالم بأسره لقبول طريقه، ولكن حتى لو وصلنا إلى ذلك في أن تكون لنا القوة للسيطرة على العالم، فليست هذه الطريقة لتحقيق رؤيا الخلاص الكامل”، كما يقول الحاخام زلمان ميلماد، أما اسحق غينسبرغ فأكثر حزماً، فهو يعرف أنه في المستقبل القريب من شأن أرض إسرائيل أن تتوسع، بواسطة الحرب، في كل العالم (“كل البلدان”). وعندها، كما يقول غينسبرغ “من واجبنا أن نفرض على كل قادمي العالم الفرائض السبعة المريحة، وإلا فسيقتلون”.
ليتبين لنا في ضوء كل هذه التصريحات التوراتية الموثقة أننا أمام أدبيات توراتية حاخامية صهيونية تتحدث عن “أرض إسرائيل الكاملة” من النيل إلى الفرات، ولتتحول هذه الأحلام التوراتية في زمن الصهيونية السياسية إلى أهداف وخطط ومخططات ومؤامرات صهيونية صريحة مدعومة من الغرب الاستعماري وفي صميمها”اختطاف فلسطين كاملة من نهرها الى بحرها، وإلغاء وجود الشعب الفلسطيني وشطب حقوقه كاملة في الوطن والتاريخ والسيادة…!
في الحقيقة وميدانيا هم يجمعون ويعملون من أجل تحقيق هذه الاحلام التوراتية، بينما يحتاج الرد عليها وإحباطها الى أوسع جبهة وطنية فلسطينية عربية عروبية حقيقية وفاعلة…؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى