ترجمات عبرية

نظرة عليا –  بقلم  يوئيل جوجنسكي وسيما شاين  – حوار سعودي – ايران –  هل نحن نحو تغيير استراتيجي؟

قسم الملحق الاستراتيجي –  نظرة عليا– بقلم  يوئيل جوجنسكي وسيما شاين  – 5/5/2021

” ان تقاربا ايرانيا سعوديا حقيقيا سيشكل خرقا هاما في الجبهة المضادة لايران التي تسعى اسرائيل لان تعرضها. والاهم من ذلك فانه سيزيل عنصرا مركزيا من جبهة المعارضة للعودة الامريكية للاتفاق النووي “.

       تشكل اللقاءات في الاسابيع الاخيرة بين ايران والسعودية تطورا جديدا منذ قطع العلاقات بين الدولتين في 2016. والسياق الفوري هو تغيير الادارة في الولايات المتحدة. بدأت ادارة بايدن حوارا مع طهران حول العودة الى الاتفاق النووي بل واتخذت سياسة النقد الشديد ضد السعودية. وحثت التغييرات في نهج البيت الابيض السعودية  على اجراء تعديلات في السياسة الخارجية، تضمنت اتفاق مصالحة مع قطر في كانون الثاني 2021 واتفاق وقف النار في اذار 2021 الذي عرض على الحوثيين والان ايضا بداية الحوار مع ايران. محادثات مباشرة مع الرياض تخدم جيدا السياسة المعلنة الايرانية الساعية الى ابقاء المسألة الاقليمية خارج الحوار الجاري مع واشنطن حول العودة الى الاتفاق النووي. وعلى هذه الخلفية تبرز جولة المحادثات التي اجراها وزير الخارجية الايراني ايضا في قطر، الكويت وعُمان. اما السعودية فمن جانبها فمعنية بان تحاول الوصول الى حل ينهي الحرب في اليمن وهي على وعي بالتغييرات الاقليمية الكفيلة بان تقع، اذا ما عادت واشنطن وطهران الى الاتفاق النووي. من ناحية اسرائيل، فان مجرد وجود الحوار السعودي الايراني لا يفترض أن يشكل تغييرا مبدئيا في ميل تحسين العلاقات مع دول الخليج، التي تقيم بعضها علاقات رسمية وغير رسمية معها  بالتوازي مع علاقاتها مع ايران. ومع ذلك، فان تقاربا ايرانيا سعوديا حقيقيا سيشكل خرقا هاما في الجبهة المناهضة لايران التي سعت اسرائيل لان تعرضها والاهم من ذلك سيزيل عاملا مركزيا من جبهة المعارضة للعودة الامريكية للاتفاق النووي.

       في الاسابيع الاخيرة تسربت تقارير عديدة عن لقاءات بين مندوبين من ايران والسعودية وكذا بين ايران ومصر، اتحاد الامارات والاردن، برعاية رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي. وحسب هذه التقارير، جرت حتى الان جولتان من المحادثات المباشرة بين ايران والسعودية برعاية عراقية، حيث ترأس الفريق السعودي رئيس المخابرات خالد الحميدان. وردا على ما نشر امتنع الناطق بلسان الخارجية الايرانية تأكيد او نفي الاتصالات، ولكنه قال ان بلاده تؤيد الحوار مع السعودية. اما السفير الايراني في بغداد فقد كان اكثر تحديدا إذ اعرب عن تأييده لمساعي الوساطة العراقية بهدف التقريب بين ايران وباقي الدول العربية واجراء محادثات مع الدول العربية التي انقطع الاتصال بها”. كما أن اجتماع حكومة السعودية برئاسة الملك، والذي عقد في 20 نيسان دعا ايران “للمشاركة في المفاوضات في الموضوع النووي،  للامتناع عن التصعيد وضعضعة الاستقرار الاقليمي”. وفي هذه الاثناء علم عن زيارة قام بها الى العراق في 26 نيسان وزير الخارجية الايراني محمد ظريف، حيث كان سيلتقي مسؤولين سعوديين كبار، مثلما علم عن زيارات اضافية اجراها الى العراق، قطر وعُمان.

       السعودية قلقة من الزخم الايراني والقوى الموالية لها في اليمن وكذا من انجازاتها في سوريا، في العراق وفي لبنان. اما ايران من جهتها فتواصل النظر الى السعودية كخصم وكجهة مركزية في  تشجيع السياسة الامريكية ضدها. اضافة الى ذلك، ترى ايران في تطبيع العلاقات بين اسرائيل واتحاد الامارات والبحرين تطورا سلبيا من ناحيتها وتقدر بانه رغم عدم وجود تطوير علني مشابه في العلاقات مع السعودية، توجد اتصالات سرية، ولا سيما استخبارية بينها وبين اسرائيل.

       لقد شجع التغيير في نهج البيت الابيض، سواء تجاه حليف الولايات المتحدة – السعودية. اما تجاه خصمها – ايران، شجع السعودية على اجراء تعديل في السياسة الخارجية. وتضمن هذا التعديل اتفاق مصالحة مع قطر في كانون الثاني 2021 واتفاق وقف النار في اذار  2021، الذي عرض على الحوثيين، والان الحوار مع ايران. ويوجد في رأس اهتمام المملكة الحاجة الى انهاء النزاع في اليمن الذي يجبي منها ثمنا، سياسي واعلامي لا بأس به أساسا. تخشى الرياض من أن يؤدي نضوج المفاوضات بين الولايات المتحدة وايران الى تعزيز مكانة ايران الاقليمية. ولتقليص التداعيات المحتملة لذلك جزئيا على الاقل على مكانتها ونفوذها، تسعى لان تتحاور مع ايران.

       على هذه الخلفية تشكل اللقاءات تطورا جديدا منذ انقطاع العلاقات بين السعودية وايران في  2016. وبخلاف الاتصالات بين ايران والولايات المتحدة والتي نضجت الى اتفاق في 2015، فان الرياض معنية هذه المرة في ان تبقى في صورة الاتصالات بين الطرفين وتعمل لهذا الغرض. اعربت السعودية عن تأييد علني للاتصالات غير الرسمية التي تجري بين ايران والولايات المتحدة في الموضوع النووي على أن تبحث بعد تحقيق التوافق في الموضوع النووي مواضيع مقلقة اخرى بينها ترسانة صواريخ ارض ارض، صواريخ جوالة وطائرات مسيرة لايران، وكذا نشاط فروعها في المنطقة. واوضح رئيس دائرة التخطيط في وزارة الخارجية السعودية بان العودة الى اتفاق لا يعالج ايضا مسائل الصواريخ الايرانية ودعمها لجهات اقليمية تضعضع الاستقرار لن تصمد. وبالتالي فان العودة الى الاتفاق النووي يجب أن يكون خطوة اولية لدمج العناصرالاقليمية بهدف توسيع بنود الاتفاق وضمان الا تنتقل الاموال المحررة مع رفع العقوبات عن ايران الى ضعضعة الاستقرار الاقليمي.

       من ناحية ايران، فان التحسن في العلاقات مع الرياض يعد كمساهمة لتقليص آثار التطبيع  بين الامارات والبحرين وبين اسرتائيل، لتقليص اجواء المواجهة في الخليج ولتحسين مكانتها الاقليمية. كل هذه تنخرط في السياسة الايرانية المعلنة التي تعارض طلب الولايات المتحدة ودول اوروبا لتوسيع المباحثات عن الاتفاق النووي ليشمل مسـألة صواريخها وسياستها الاقليمية مع تشديدها على ان المسائل الاقليمية يجب أن تبحث بين الجهات الاقليمية فقط. الحوار بين السعودية وايران، على فرض أن يتقدم، سيشكل تطورا هاما للغاية وايران ستستغله ايضا لتحسين  مكانتها في الحوار مع واشنطن، في تطلع لان يؤدي الى رفع العقوبات عنها وتحسين وضعها الاقتصادي.

       ستتطلع السعودية اساسا لان تصل الى اتفاقات محددة تؤدي الى انهاء الحرب في اليمن وهجمات الحوثيين عليها. الرياض، التي تعيش منذ سنين تحت هجمة متواصلة من اليمن، من العراق ومن ايران نحو منشآتها الاستراتيجية، بما في ذلك منشآتها النفطية الاهم في العالم، تقدمت مؤخرا بعرض سخي للحوثيين من اجل انهاء الحرب. وتبين معطيات الجيش السعودي بانه اطلقت نحو اراضي المملكة صحيح حتى شباط 2021 ما لا يقل  عن 860 قذيفة وطائرة مسيرة منذ اذار 2015، حين بدأ الهجوم السعودي في اليمن. في ايلول 2019 ومرة اخرى في  اذار هذه السنة نفذت ايران هجمات متداخلة بجملة من الصواريخ، الطائرات المسيرة والقذائف  الجوالة، فاصابت عنق الزجاجة لانتاج النفط السعودي. اما السعوديون، بحرجهم، فلم يتهموا ايران مباشرة لهشاشتهم ولفهم ضعفهم بالنسبة لايران. ورغم مشتريات السلاح المكثفة على مدى السنين، فان المملكة عديمة القدرة الدفاعية الكافية، ناهيك عن القدرة الهجومية. لقد تحولت  الحرب في اليمن الى مسألة خلاف حاد مع واشنطن ايضا، التي ترى بعين الخطوة الازمة الانسانية في الدولة.

       اقوال قالها ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي محمد بن سلمان في 28 نيسان تشهد على أنه طرأ تغيير هام في السياسة السعودية، على الاقل تصريحيا، بالنسبة لايران. فقد قال ان “ايران هي جارتنا ونأمل ان تكون لنا علاقات طيبة وخاصة معها. نريد ان تزدهر وان تنمو لان لنا مصالح سعودية في ايران ولهم مصالح ايرانية في  السعودية”. هذه الاقوال تتعارض تماما وادعاءات سابقة لابن سلمان الذي شبه في الماضي الزعيم الايراني الاعلى بهتلر.

       في المرحلة الاولية هذه من الاتصالات من الصعب تقدير فرص نجاحها. مثلما في الماضي، فان الاتصالات كفيلة الا تنضج، وحتى لو تحسن العلاقات بين البلدين فان هذا لن يكون جوهريا. فالرواسب السلبية في الطرفين عميقة واسباب العداء الاساسية لم تختفي، حتى لو تغيرت الظروف في المنطقة وشجعت الطرفين على اعادة النظر وتخفيف التوتر حتى وان كان جزئيا بينهما. ان الخصومة تعود الى خلافات جغرافية سياسية وتختلط فيها الجوانب الايديولوجية. والمنافسة على النفوذ الاقليمي تجد تعبيرها اساسا في الصراع في ساحات مختلفة، من خلال حلفاء ومبعوثين من الطرفين.

        ان مجرد وجود الحوار السعودي الايراني لا يعني تغييرا استراتيجيا في الميل المبدئي لتحسين العلاقات مع اسرائيل. اذ ان جزءا من دول الخليج تقيم علاقات رسمية وغير رسمية مع اسرائيل بالتوازي مع علاتها مع ايران. ومع ذلك، فانه حيال الخط الكدي الذي تبنته اسرائيل بالنسبة للمفاوضات مع ايران، وكذا تجاه نشاطها الاقليمي، يبرز الخط اللين ان لم نقل المتصالح الذي تتخذه دول الخليج العربية تجاهها وتجاه ادارة بايدن. فضلا عن ذلك فان تقاربا ايرانيا سعوديا حقيقيا سيشكل خرقا هاما في الجبهة المضادة لايران التي تسعى اسرائيل لان تعرضها. والاهم من ذلك فانه سيزيل  عنصرا مركزيا من جبهة المعارضة للعودة الامريكية للاتفاق النووي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى