ترجمات عبرية

 نظرة عليا – بقلم  تومار فيدلون وشموئيل ايفن وكرميت بدان ومئير الران – خارطة الأخطار العالمية وتداعياتها على اسرائيل

نظرة عليا – بقلم  تومار فيدلون وشموئيل ايفن وكرميت بدان ومئير الران – 11/2/2021

” ازمة الكورونا زادت الوعي حول اخطار الطبيعة ووضعتها على رأس سلم المخاطر العالمية. المنتدى الدولي الاقتصادي في دافوس (كانون الثاني 2021) قرر أن الامراض المعدية هي الخطر الاكبر من ناحية تأثيرها على العالم في السنة القادمة. التداعيات الاقتصادية – الاجتماعية لوباء الكورونا هي اخطار رائدة حتى على المدى المتوسط، وحتى بعد تلاشي الوباء. وأكد المنتدى ايضا على الاخطار الاخرى للطبيعة، بما في ذلك تغير كبير في المناخ واضرار بيئية فعلية على أيدي الانسان “.

       ازمة الكورونا زادت الوعي حول اخطار الطبيعة ووضعتها على رأس سلم المخاطر العالمية. المنتدى الدولي الاقتصادي في دافوس (كانون الثاني 2021) قرر أن الامراض المعدية هي الخطر الاكبر من ناحية تأثيرها على العالم في السنة القادمة. التداعيات الاقتصادية – الاجتماعية لوباء الكورونا هي اخطار رائدة حتى على المدى المتوسط، وحتى بعد تلاشي الوباء. وأكد المنتدى ايضا على الاخطار الاخرى للطبيعة، بما في ذلك تغير كبير في المناخ واضرار بيئية فعلية على أيدي الانسان. المجال الا؟؟

       المنتدى الاقتصادي العالمي، (“منتدى دافوس”)، يعرض في كل سنة في شهر كانون الثاني عرض موسع لخارطة الاخطار العالمية للسنة القريبة القادمة ويصنفها طبقا لتنبؤات الخبراء. التقرير تمت بلورته بالتعاون مع اضخم شركات التأمين وادارة الاخطار، “مارش آندماكلينان”، ومع 700 خبير ومتخذ قرار من القطاع الخاص والعام في ارجاء العالم. التقرير يعرض تسلسل الاخطار حسب مستوى تأثيرها (اضرارها) واحتمالية حدوثها في الفترات الزمنية المختلفة. هذه المكونات تعطي فكرة حول توقع الضرر من الاخطار. هذا التصنيف استهدف تمكين رؤساء الدول ومتخذي القرارات والمدراء في مجالات مختلفة من تخطيط برامج سياستهم، ايضا طبقا لمستوى الاخطار في البيئة الدولية.

       المنتدى يضع في كل سنة “موضوع رئيسي” لبحثه. في هذه السنة تم اختيار “اعادة انعاش الاقتصاد العالمي”، في اعقاب تأثيرات ازمة الكورونا التي اعتبرت تهديدا رئيسيا للنظام العالمي في السنوات القادمة. هدف النقاشات كان مساعدة القاعدة من القطاع العام والخاص في الدول المتقدمة على بلورة حلول للازمة الحالية ووضع برامج لمستقبل افضل. كلاوس شفاب، مؤسس ورئيس منتدى دافوس، اعلن عن اعادة الانعاش كـ “سياسة اقتصادية يجب على العالم تبنيها فيما يتعلق باللقاء الحتمي مع الاخطار المتوقعة وانعكاسها على الاجندة الاقتصادية – الاجتماعية. حسب قوله، في العهد الذي سيعقب الكورونا يجب علينا أن نتجاوز الليبرالية الجديدة. هذه رسالة تختلف جوهريا عن الرسائل التي اسمعها المنتدى في السابق، والتي أيدت رأسمالية متحررة من القيود ومن أي تدخل حكومي قليل. ازمة الكورونا اوجدت واقع فيه التدخل الحكومي ضروري، سواء من اجل مكافحة الوباء وتداعياته أو من اجل اعادة بناء الاقتصاد والمجتمع. اضافة الى ذلك، في هذا الاطار الجديد فان الشركات يمكن أن تتغير وأن تظهر مسؤولية اجتماعية أكبر، وأن تجري تعاون مع الحكومات في مجالاتها، وخلال ذلك أن تمنح الاقليات صوت وتأثير في عملية اتخاذ القرارات.

       مجموعة الامراض المعدية وتداعياتها ظهرت دائما كعامل مخاطرة بارز في التقرير. في السنة الماضية هذه المخاطرة تم تصنيفها في المكان العاشر، بعد اخطار تتعلق بأزمة المناخ. في اعقاب ازمة الكورونا احتلت المكان الاول، سواء في فئة الاخطار حسب درجة تأثيرها الواسع أو في فئة الاخطار الفورية للسنتين القادمتين. وفي اعقابها تم عرض الاخطار المتوقعة، ومنها احداث مناخية شديدة، عدم مساواة رقمية واخفاقات حماية سبرانية. ويشار الى أن الحروب والارهاب لم يتم عدها بصورة صريحة في الاخطار العشرة الاكثر احتمالية. مع ذلك، في المكان الثامن تم طرح خطر الازمات بين الدول (التي يمكن أن تنزلق الى اعمال عنف).

       التقرير يؤكد على أن القضايا البيئية هي الاكثر خطورة على مستقبل البشرية. وخلال ذلك اشار التقرير الى أن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لوباء الكورونا، التي تهدد باحداث عدم استقرار اجتماعي نتيجة لاتساع عدم المساواة، وفجوات رقمية وتآكل في التماسك الاجتماعي وانقسام سياسي وتوترات جيوسياسية، كل ذلك سيقيد نجاعة الردود على الاخطار العالمية، وهكذا ستهدد بالمس بمناعة الدول. التقرير تطرق ايضا الى السياسات المالية والنقدية الواسعة التي اتخذتها الحكومات من اجل التعامل مع تداعيات ازمة الكورونا التي من شأنها أن تتسبب بأخطار اقتصادية واسعة النطاق خلال السنوات القريبة القادمة. وهذه يمكن أن تتميز بفقاعات الأصول (زيادات مبالغ فيها في اسعار العقارات والاسهم والاصول الاخرى، بصورة منفصلة عن الاقتصاد الحقيقي)، وعدم استقرار للاسعار وازمات ديون واسعة ستتطور في اعقاب العجز في الميزانيات الحكومية، التي استهدفت ايضا تغطية اضرار الوباء.

       كاتبو التقرير يتوقعون أنه نتيجة لازمة الكورونا فان اربعة من بين الخمسة اخطار في المدى المتوسط (3 – 5 سنوات) ستكون اقتصادية في جوهرها. وعلى المدى البعيد (10 سنوات) الاخطار ذات التداعيات الاوسع (لكن ليست من بين الاخطار الاكثر احتمالية)، هي انتشار سلاح الدمار الشامل، هذا بعد الاخطار البيئية، بما في ذلك ازمات الموارد الطبيعية وفقدان التنوع الحيوي والفشل في التعامل مع ازمة المناخ. في الآماد الثلاثة (الزمنية) التي تم عرضها في التقرير، بالضبط المسائل الامنية التي تأخذ وزن كبير في الخطاب الاسرائيلي، تحظى بتطرق مقلص جدا من قبل المنتدى. مقدمة المسرح تحتلها قضايا اقتصادية وبيئية وصحية عالمية. لذلك، من المهم فحص مكونات الاخطار الرئيسية التي ظهرت في التقرير مقارنة بمكونات الاخطار الرئيسية في دولة اسرائيل.

        إن ارتفاع وزن الاخطار امام الطبيعة في تصنيف الاخطار العالمية من شأنه أن يخلق فرصة للتعاون العالمي برئاسة ادارة جو بايدن، بالاساس في مجال تغير المناخ.

       تداعيات وتوصيات لاسرائيل

       في حين أنه على رأس الاهتمام العالمي تقف بصورة واضحة اخطار مصدرها الطبيعة وتداعياتها، منها الأوبئة والاحتباس الحراري ومشاكل اللاجئين ومشاكل الغذاء، وهي المواضيع البارزة ايضا على رأس اجندة ادارة بايدن، فانه على رأس اجندة اسرائيل تقف بشكل عام مواضيع امنية في اساسها، حيث وباء الكورونا هو استثناء. السؤال هو الى أي درجة ستتبنى اسرائيل الأولويات التي تنبع من التوقعات العالمية، والتي تتعامل معها ادارة بايدن بجدية كبيرة. حتى الآن تقدم اسرائيل في هذه المجالات كان تقدم ضئيل ودلالي في اساسه.

       مجال التغير في المناخ هو موضوع حيوي بالنسبة لاسرائيل بسبب الاخطار الكثيرة التي تكتنفه (عملية التصحر والحرائق والفيضانات والمس بالتنوع البيئي والهجرة وتغير انتشار السكان). وهو ايضا مهم من اجل أن يمكن اسرائيل من الاندماج في الاجندة العالمية في مجالات مدنية. ايضا في مجال التعامل مع التغيرات في المناخ ومسائل مدنية اخرى يمكن لاسرائيل أن تحتل مكانة في القمة العالمية من ناحية قدرات البحث والتطوير والصناعة المتقدمة، مثلما فعلت في مجال السايبر. يوجد لاسرائيل اعتماد كبير ومتعدد الابعاد على بعض الدول. مثلا، تصدير اسرائيل يشكل 29 في المئة من الناتج (بيانات 2019). وهكذا فان النمو في الانتاج والزيادة في التشغيل مرهونة بدرجة كبيرة بالطلبات من الخارج. إن الاتصال بالعالم يسمح لاسرائيل، ضمن امور اخرى، بالتعلم في وقت مبكر عن الاتجاهات في وباء الكورونا والتغيرات المتكررة في الأوبئة وطرق الحماية منها وطرق مساعدة المجموعات السكانية المتضررة وكذلك الاستفادة من التطعيمات التي تطورها وتسوقها شركات اجنبية. وبفضل تحليل ذكي للوضع وخفة الحركة فان اسرائيل هي رائدة في اعطاء تطعيمات ضد الكورونا لسكانها. مع ذلك، اسرائيل يمكن أن تتضرر جدا اقتصاديا واجتماعيا اذا واصل الوباء التفشي في العالم، حتى لو تم كبحه فيها.

       ازمة الكورونا تعزز عملية الرقمنة التي تحمل معها فرص الى جانب الاخطار. في مجال الاخطار حدثت زيادة حادة على اعتماد دول، منها اسرائيل، على بنى تحتية رقمية، التي ستواصل الزيادة ايضا بعد ازمة الكورونا. هذا الاعتماد يزيد ايضا الاخطار التي تكمن في السايبر، اخطار من جانب عوامل اجرامية، من جانب اعداء مثل ايران وكذلك حالات من الاعطال في انظمة البنية التحتية الحيوية. اسرائيل تعتبر الآن دولة سايبر عالمية، لكن التغيرات السريعة في هذا المجال تحتاج الى تقدم مستمر وسريع، على سبيل المثال توسيع قدرات الدفاع عن الاقتصاد (انظروا مثلا اختراق السايبر لشركة التأمين “شيربت” في 1 كانون الاول 2020). ولأن السايبر هو مجال عالمي، يتوقع أن تبذل جهود متزايدة في العالم من اجل تسوية النشاطات الدولية فيه. يجب على اسرائيل زيادة تعاونها مع دول اجنبية من اجل تحسين قدرتها الدفاعية في هذا المجال.

       إن الزيادة في عدم المساواة (بما في ذلك عدم المساواة الرقمية) والتآكل المقلق في التماسك الاجتماعي تعتبر ايضا اخطار متزايدة على استقرار الدول، الذي تلقى تأكيد متزايد عليه بسبب ازمة الكورونا. الازمة اضرت بالاساس بدول متقدمة، للطبقات الوسطى والفئات الضعيفة، في حين أن العشرية العليا تضررت بدرجة أقل بكثير (في عدد من الحالات حتى انها ازدهرت). هذه الظاهرة تعمق الفجوات وعدم المساواة الاجتماعية وتخلق اخطار على الاستقرار الداخلي والاستقرار بين الدول. وضعضعة الاستقرار يمكن أن تتمثل بالنداءات لخلق نظام اقتصادي – اجتماعي جديد في دول مختلفة، حتى من خلال تعبيرات عن العنف. اسرائيل مصنفة في مكان عال في الفجوات الاقتصادية – الاجتماعية في قائمة الدول المتقدمة، فهي تعاني من شلل سياسي طويل يزيد الانقسام فيها ويضع امامها ليس فقط تحد اقتصادي واجتماعي، بل ايضا تحد حكومي يمس بادارة ازمة الكورونا.

       اسرائيل غير مستعدة بما فيه الكفاية لمواجهة اخطار حادة للطبيعة. وهذا الامر يبرز بشكل خاص في الاستعداد المقلص جدا للانظمة المدنية في مواجهة الهزات الارضية والتغيرات المناخية التي من شأن اضرارها أن تكون واسعة وقاسية. الافضلية المتدنية جدا التي تعطى للاستعداد المطلوب لاخطار الطبيعة، تم التعبير عنها تنظيميا بغياب آلية حكومية متكاملة بشكل كبير في التعامل مع الكوارث الجماعية، وايضا في ظل عدم وجود تنسيق للمسؤولية والصلاحية بين الانظمة المختلفة (مدنية وعسكرية)، التي من شأنها أن تدير هذه الكوارث وتعالجها. سلطة الطواريء الوطنية انشئت في 2007 في اعقاب حرب لبنان الثانية، وتعاملت بالاساس مع اخطار أمنية في الجبهة المدنية، وتدخلها في ازمة الكورونا كان تدخل هامشي. لذلك، يجب أن يقام في اسرائيل، كأحد الدروس من ازمة الكورونا، نظام حكومي متكامل يتناول الدفع قدما بقدرات اسرائيل على التعامل مع كوارث من جميع الانواع، حسب مفهوم “كل الاخطار”، التي بحسبها مصدر الكارثة هو اقل اهمية من الاستعداد والاستجابة لتداعياتها، وأقل أهمية من المعالجة المنهجية لضحايا الكارثة في الدوائر المختلفة.

       إن تركيز الاهتمام على الاستعداد المنظم ازاء اخطار الطبيعة التي تحدث، مثلما شاهدنا في ازمة الكورونا، دوائر واسعة من الاضرار الاجتماعية والاقتصادية، يلزم اسرائيل ليس فقط باعادة تفكير ابداعية، بل ايضا باعادة تنظيم منهجي واستثمارات غير قليلة. هذا الى جانب الاستثمارات التي سنحتاجها لغاية الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي بعد  تلاشي الازمة الصحية. لذلك، ستكون هناك آثار كبيرة في الميزانية التي ستحتاج الى فحص دقيق لسلم الاولويات الوطنية ازاء الاخطار المتوقعة، المدنية والامنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى