أقلام وأراء

نضال أبو شمالة يكتب – القضية الفلسطينية ما بعد ترامب الى أين؟

نضال أبو شمالة – 14/11/2020

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعنة على القضية الفلسطينية، إذ إتخذ خطوات وقرارات عملية شهدت معها القضية الفلسطينية تراجعاً حاداً في ظل الحالة الفلسطينية المتردية والمتهالكة بفعل الإنقسام وغياب الموقف الفلسطيني الموحد، فقد إستطاع ترامب نقل السفارة الأمريكية للقدس والإعتراف بها عاصمة للشعب اليهودي، وأغلق القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية كما وأوقف الدعم الأمريكي للأونروا، وأغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وأعلن صفقة القرن التي تتنكر للحقوق السياسية للاجئين الفلسطينين وتُبدد حُلم الدولة، ووافق على ضم الجولان السوري لدولة الإحتلال، وغض النظر عن عمليات الإستيطان المتسارعة في الضفة الغربية، ودعم قانون القوية الصهيوني، وضرب مبادرة السلام العربية في مقتل بعدأن إتبع سياسة فرق تسد في تمزيق شمل العرب، ومارس السياسة الصهيونية أكثر من الصهاينة أنفسهم بل سخر نفسه و كافة إمكانيات السياسة الخارجية الأمريكية لخدمة المشروع القومي الصهيوني، وتبنى بالكامل موقف دولة الإحتلال فيما يتعلق بمبادرة السلام العربية التي ترى فيها

دولة الاحتلال تعبيراً عن حالة الضعف العربي والخوف من إجراءات عقابية أمريكية قاسية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2000، ما دعى العرب وخاصة العربية السعودية الى طرح المبادرة وتبني السلام كخيار إستراتيجي لحل الصراع العربي الإسرائيلي على قاعدة حل الدولتين وانسحاب دولة الإحتلال الى ما قبل الرابع من حزيران 67 مقابل تطبيع وإعتراف عربي بدولة الإحتلال ، ولكن كيف ردت دولة الإحتلال على مبادرة السلام العربية؟

إن الموقف الإسرائيلي واضح من المبادرة العربية إذ ترفض دولة الإحتلال أهم البنود الواردة فيها و المتعلقة باللاجئين وتقسيم القدس او العودة الى حدود حزيران 67، وتطالب بتطبيع العلاقات العربية كشرط سابق للمفاوضات على اساس المبادرة. وبالمناسبة لم يتأخر الرد الإسرائيلي على المبادرة العربية فبالتزامن مع إنعقاد القمة العربية في بيروت هاجم جيش الإحتلال مقر الرئاسة الفلسطينية وحاصر الزعيم ياسر عرفات، ومنعه من حضور القمة، كما وقام جيش الإحتلال بالتوغل في الضفة الغربية،وقام بتدمير مقرات ومؤسسات السلطة وشرع الإحتلال ببناء جدار الفصل العنصري مما إعتبره المراقبون لتلك الإجراءات إهانة واضحة لمبادرة السلام العربية، ونفذت دولة الإحتلال مخطط التطبيع وإقامة علاقات ثنائية مع الدول العربية على حساب القضية الفلسطينية في نسف واضح لمبادرة السلام العربية التي ولدت ميتة.

إنتفضت القيادات الفلسطينية في أعقاب قرار الضم في تموز الماضي وموجات التطبيع مما أسفر عن إنعقاد مؤتمر الأمناء العامين رام الله/بيروت يوم الثالث من سبتمبر الماضي لبحث الموقف الفلسطيني ورص الصف وإنهاء الإنقسام وبحث مسألة الإنتخابات العامة ومناقشة سُبل الرد الفلسطيني بما في ذلك تشكيل قيادة موحدة للمقاومة الشعبية التي تلت بيانها الأول والأخير وسادات أجواء فلسطينية متدحرجة من المماطلة والتسويف والقاء اللوم المتبادل الى حين جرت الإنتخابات الرئاسية الأمريكية وإعلان فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن الذي يصف نفسه بالصهيوني ولو أنه كان يهودياً لكان صهيونياً، والذي يقول لو لم توجد إسرائيل لكان لِزاماً على الولايات المتحدة إختراع إسرائيل إذ أنها تمثل القوة الأكبر للولايات المتحدة في الشرق الاوسط حسب وصفه.

لِمن يُعوّل على فوز بايدن فإن هذا الأخير لا يستطيع اللعب في الإستراتيجية الثابتة للسياسية الخارجية الأمريكية وانما يستطيع التلاعب في تغيير تكتيتها، وبالتالي لا يمكن ان يقوم بايدن بسحب الإعتراف بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل ولا يستطيع إجبار إسرائيل على وقف الإستيطان وان تظاهر بعكس ذلك ولا يستطيع الغاء قانون القومية الصهيوني، وانما يمكن لبايدن إعادة فتح مكتب م.ت.ف في واشنطن أو إعادة تقديم الدعم للاونروا بدواعي إنسانية لا سياسية، ولن تكون القضية الفلسطينية على سُلّم أولوياته، وبالتالى من غير المقبول أن نتسول حلاًّ سياسياً للقضية الفلسطينية على عتبات البيت الأبيض، بل يجب على القيادة الفلسطينية فرض القضية على طاولة البحث من خلال توحيد الجهود الفلسطينية والإلتزام على الأقل بمخرجات مؤتمر الأمناء العامون والذهاب الى إنتخابات تشريعية ورئاسية ووطنية حرة ونزيهة إستناداً لتفاهمات القاهرة 2011،والتعامل مع العالم من حولنا بواقعية و بما لا يقود الى التخلّي عن الثوابت الفلسطينية وعدم الإنتظار حتى تسلم بايدن مهامه الرئاسية في يناير المقبل ،و إن الأصل أن تفرض القيادة الفلسطينية الحل لا أن تتسوله وهذا لن يكون الا بتوحيد الجهود الفلسطينية في موقف واحد وقيادة موحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى