ترجمات عبرية

نداف شرغاي – الأمن يخدم الهدف : الوجود اليهودي في بلاد اسرائيل

اسرائيل اليوم – مقال – 17/12/2018

بقلم: نداف شرغاي

“بلدة عبرية صغيرة بين قرى عربية كبيرة شرقا وشمالا وجنوبا. بيوتها في مكان واحد، حقولها في مكان آخر، وحقول العرب في الممر، والملكية على الاراضي معقدة” – هكذا وصف موشيه سميلنسكي الايام الاولى لأم المستوطنات بيتح تكفا. بكلمات وكأنها كتبت في عصرنا نحن عن عوفرا، عن بيت ايل وعن جفعات اساف، التي وضعها الارضي والامني معقد، ولكنه أفضل بكثير من وضع “ملبس” في ايامها الاولى.

لم يُعنَ سيملنسكي ورفاقه بمسألة مساهمة بيتح تكفا في الامن العسكري. بن غوريون هو الاخر لم يُعنَ بذلك، حين اصر على مواصلة الاحتفاظ ببلدات بعيدة في جبال القدس، في النقب وفي الجليل الغربي. فوجود يحيعام وغوش عصيون كان يتضارب هو الاخر مع المنطق الامني الصرف والضيق، ومع ذلك كافحت الصهيونية على وجودها. وقاست قيمتها بمسطرة أوسع ضمت قيما صهيونية ووطنية، روح الشعب ومسألة الحدود. اما اليوم فيسمى هذا الكل “مفهوم الامن الوطني” – وهو لا يعتمد فقط على عناصر امنية – عسكرية. هذا هو الاطار المناسب للجدال.

من يقيس الان قيمة المستوطنات المصابة بالارهاب في المسطرة الامنية فقط ويحاول ان يحرض الجمهور عليها بدعوى أن ثمن حمايتها عال، يقوم بعمل مخادع ويساعد الارهاب بشكل غير مباشر. لقد كان للقتلة في موقف الباصات في عوفرا وفي جفعات اساف هدف واضح: تقريب نهاية هذه المستوطنات، التشكيك بوجودها وتقويضه. اقتلاعها من مكانها. يعرف اليسار جيدا بان عوفرا، بيت ايل والون موريه، تماما مثل منيرا وافيفيم ومطلة وكريات شمونا، غير قادرة على أن توقف الدبابات والصواريخ. ومع ذلك، فان الدولة “تبذر” على حمايتها كتائب  من الجنود. وهي تتصرف هكذا لان الف باء الوجود  اليهودي هنا هو الوجود نفسه. اما الامن فهي أداة تستهدف خدمة الوجود اليهودي، والذي الاستيطان، في كل المواقع، هو احد تعابيره المفتخرة.

حسب المنطق الامني الضيق – والاعوج كما ينبغي أن يقال – كان يمكن اليوم ان نجمع كل سكان اسرائيل في غوش دان، في القدس وفي حيفا. كل ما تبقى، في الشمال، في الجنوب وفي الشرق، لا يحمي الاساس، ومن يفعل هذا هو الجيش الاسرائيلي. هذا مفهوم أشوه. فهو يتجاهل حقيقة أن الاستيطان في البلاد هو جوهر الصهيونية والامن وكذا السلام هما هدفان وطنيان هامان، ولكنهما هدفان مساعدان وأداة لتحقيق الهدف الاساس: اعادة توطين شعب اسرائيل في بلاد اسرائيل.

ان  الاستيطان،  الذي في حالات عديدة – مثلما في نجبا وفي غوش عصيون، في كفار دروم وفي يد مردخاي وفي مشمار هعيمق – ساهم في الامن، لم يقم كي يوفر الامن، بل كي يحقق الوجود اليهودي ويصمم حدود الدولة. هكذا في اصبع الجليل، وفي النقب، وكذا في غور الاردن وفي بنيامين وفي السامرة. في خريطة الاستيطان لـ “العمل” في عهد حكومة رابين الاولى كانت عشرات المستوطنات اليهودية بينها كدوميم، عوفرا، كرنيه شمرون، الكنا ومعاليه أدوميم هي والتالية بعدها، التي بنيت في عهد حكومات الليكود، اقيمت من أجل ما وصفه يغئال الون ذات مرة “نقل نقاط حيوية في مناطق مختلفة من البلاد من الملكية الاجنبية الى ملكية الشعب اليهودي”.

وشرح الون يقول انه “كلما نجح الاستيطان في توسيع الحدود، وتعميقه الى مناطق البلاد الداخلية، هكذا تتسع قاعدة وجودنا الاقتصادي والاجتماعي، تزداد قوة دفاع الشعب الذي عاد الى صهيون كما تتسع قاعدة وجودنا الوطني”.

كلمات بسيطة، قديمة وعتيقة ولكنها دقيقة جدا: المزارع ومحراثه كانا أداة في الكفاح لتحقيق السيادة، سواء في المناطق المجردة حيال سوريا قبل 67 أم في الكروم وحقول الزيتون في السامرة ويهودا. لقد قامت الاحياء في القدس كي توحد من جديد. هناك وهناك وهناك حاولوا قتلنا كي يصفوا الاستيطان، اي الوجود اليهودي.

في يهودا والسامرة تساعد المستوطنات والتواصلات الاستيطانية في الاعمال الامنية الاعتيادية للجيش الاسرائيلي. فهي تمنح وجودنا هناك بعدا مدنيا من الديمومة وليس من الضعف والآنية اللذين يستدعيان الارهاب. مئات الاف المستوطنين في يهودا والسامرة ليسوا هم عبء على الجيش الاسرائيلي بل لولاهم لكان الجيش الاسرائيلي يضطر الى تفعيل قوات بحجوم اكبر باضعاف كي يمنع اقامة حماستان في مواجهة غوش دان ونار الصواريخ نحو الخاصرة الضيقة للدولة.

اضيفوا الى ذلك حقيقة أن هذه المستوطنات تحتمل منذ سنوات، في واقع الامر منذ ان قامت، جزء كبيرا من موجات الارهاب، وتمنع وصولها بتواتر وقوة اكبرين باضعاف الى المراكز السكانية في السهل الساحلي، لتفهموا لماذا هي تساهم بوجودها سواء للامن ام للامن القومي، رغم انها اقيمت لسبب ابسط بكثير – لان بلاد اسرائيل  تعود لشعب اسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى