نداف شرغاي : اسرائيل هي المدافع الاساسي عن مطالبة الفلسطينيين بالعودة : هذا غير معقول
اسرائيل اليوم – بقلم نداف شرغاي – 25/5/2018
من لم يقتنع حتى الآن أن الفلسطينيين يقصدون كل كلمة يقولونها في مسألة “حق العودة”؛ وأن الحديث لا يدور عن ضريبة كلامية فقط للرواية الفلسطينية؛ وأن عودة رمزية لن تكفيهم، سيكف بالتأكيد عن التشكيك في ذلك بعد قراءة الكتاب الجديد لعدي شورتس وعنات ويلف بعنوان “معركة حق العودة”. الكتاب الذي صدر عن دار النشر دبير يصدر في الايام التي فيها عشرات آلاف الفلسطينيين يحاولون اقتحام الجدار الحدودي بين قطاع غزة واسرائيل، وهو يبرهن بشكل ملموس وفي توقيت لم يخطط مسبقا، على البصيرة الموثقة التي جزء منها مفاجئ لويلف وشورتس.
شورتس وهو باحث ومحاضر وصحفي سابق في “هآرتس” وفي “اسرائيل اليوم”، يستكمل اليوم رسالة الدكتوراة في تسوية الصراعات. ويلف، عضوة كنيست سابقة في حزب العمل وقائمة الاستقلال التي شغلت منصب رئيسة لجنة التعليم في الكنيست، راكمت تجربة كبيرة في بحث مسألة اللاجئين الفلسطينيين. الاثنان ترعرعا في بيئة اليسار الصهيوني.
الكتاب موجه، قالا، الى “اليسار المفكر بشكل خاص”. ولكن ايضا للحكومة الحالية التي ينتقدانها لأنها “تستمر في الدفاع عن وكالة غوث اللاجئين ومنع المس بميزاتيتها. الاونروا توقفت منذ زمن عن أن تكون جزء من الامم المتحدة”. وهما يقولان إنه خلال سنوات استخدمت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين كـ “رحم للارهاب الفلسطيني. وهي لم تتوقف عن تطوير وعي الطرد والعودة في اوساط الفلسطينيين”.
ويلف كتبت في الكتاب عدد من الجمل التي يصعب هضمها: “دولة اسرائيل تخشى من امكانية أن يتم طرح مسألة الاونروا على جدول الاعمال الدولي… دولة اسرائيل وبشكل خاص جهاز الامن، هما اللذان يمنعان أي احتمالية عمل ضد الاونروا. من غير المعقول، كما تبين لي، أن دولة اسرائيل هي المدافع الاساسي عن المطالبة الفلسطينية بالعودة”. الى هذه الدرجة؟.
ويلف: “نحن نوثق في الكتاب تدخل الاونروا في تطوير وعي الطرد والعودة، دعمها على مدى السنين للارهاب، ما اكتشفناه هو أن موقف اسرائيل في كل ما يتعلق باحتمالية أن تتوقف الميزانيات عن التدفق لهذه المنظمة، يحدد فقط من جهاز الامن”.
هذا يبدو تقريبا غير منطقي.
ويلف: “أنا أعرف، لكن الاجهزة الامنية لا تعرف التعامل مع الروايات، هي تعرف أن تطلب وتحقق الآن هدوء. اذا كان جهاز الامن يعتقد أن الاونروا وميزانيات لقطاع غزة ستجلب الهدوء، فهو سيعمل بكل الطرق الممكنة من اجل تدفق هذه الميزانيات، حتى لو كان معنى الامر أن هذا الهدوء يكون ثمنه حرب ستستمر عشرات السنين”.
هذه حكومة يمينية، ألا تفهم هي ذلك؟
ويلف: “حكومة اليمين تميل بصورة طبيعية اكثر الى تقديس الوضع الراهن. أنا افترض أنها لو جففت المطالبة القصوى الفلسطينية التي تطالب بالعودة الى اسدود وعسقلان وحيفا – سيكون عليها أن تجفف ايضا المطالبة القصوى اليهودية من اليمين والاعتراف بالمطالب الفلسطينية خلف الخط الاخضر”.
هناك شخص واحد يصرخ بأقوالكم منذ عشرات السنين، وهو الصحفي والباحث دافيد بادين، الذي تحرص المؤسسة على تصويره كشخص مزعج، لكن حسب تقديري فان مواده مقنعة، وها أنتم تأتون وتوثقون وتعززون العديد من ادعاءاته. لماذا هذا صعب جدا على الكثير من الاسرائيليين وخلال فترة طويلة أن يصدقوا أن الفلسطينيين يقصدون ما يقولونه في موضوع العودة، وأنهم جديون في اعتقادهم بأنهم سيعودون الى هنا بدلا منا؟.
شورتس: “لأنه ليس لطيفا اكتشاف الحقيقة. أنا ايضا غير مسرور مما اكتشفناه. كنت اريد أن نكتشف شيء آخر. كنت اريد هذا جدا، لكن المواقف السياسية لا يتم تحديدها فقط حسب المنطق، الناس يميلون الى التمسك بالمقاربة الرومانسية؛ لنفرض أن كل ما يريده العرب هو أن يستيقظوا في الصباح ويذهبون الى العمل ويحصلون على رزقهم باحترام. وأن الامور في النهاية ستتم تسويتها. ولكننا نحن وهم لسنا نفس الشيء
“من السهل جدا على العلمانيين أن يفهموا أنه يوجد للحريديين عالم آخر من القيم؛ وأنهم يتنازلون عن الحلم البرجوازي؛ وأنهم مستعدون لتربية 13 طفل في غرفتين، لأن تعلم التوراة مهم لهم أكثر. يصعب جدا على الناس فهم أنه من ناحية الفلسطينيين من المهين أكثر التنازل عن البلاد وعن العودة، من الوقوف ساعات في الحواجز. هم يقومون بحق الاختيار، بالضبط مثلما يقوم الحريدي بحقه في الاختيار. أن يكون فقير ولكن أن يتعلم التوراة طوال اليوم. أنا لا أقارن بين الجمهورين، لكن من الضروري القيام بالمقارنة من اجل أن نفهم ماذا يحدث لنا؛ ولماذا في هذا الشأن المتعلق باللجوء نحن نسير طوال سنوات مثل العميان”.
شورتس يدعي أنه في مسألة العودة، “اليسار واليمين لا يختلفان؛ لكن من اليسار يهاجمون اليمين على رفضه، في حينه أنهم في اليمين ببساطة يتجاهلون مسألة اللاجئين وكأنها غير موجودة. منذ حرب الايام الستة يرافق الخطاب في اسرائيل شجار داخلي في مسألة هل نعيد اراضي أم لا؛ ولكن كل الاطراف تتجاهل تماما الجانب الرئيسي للنزاع: مشكلة اللاجئين. هذا التجاهل يمنعنا من فهم الطبيعة الحقيقية للنزاع.
“النزاع ليس على حدود، أو على اراض يمكن تقسيمها، بل على نفس وجود دولة يهودية ذات سيادة في ارض اسرائيل. كل نقاش في النزاع دون علاج جوهري لقصة اللاجئين هو نقاش مضحك. هو يشبه محاولة التغطية على بقع المرض لانسان يحتضر بالماكياج، أو التغطية بالطين على بناء اساساته متهاوية تماما”.
قياس ما يعتمل في النفس
في كتابهما يكشف كل من ويلف وشورتس للمرة الاولى وثيقة داخلية فلسطينية سرية من نيسان 2008 هدفها منح تأسيس علمي لموقف القيادة الفلسطينية بشأن العودة الى فلسطين. لقد استهدفت هذه الوثيقة توفير تحليل منطقي يؤيد المقاربة الفلسطينية للعودة الى اسرائيل وايضا يأخذ في الحسبان امكانية الاستيعاب والهجرة الى اسرائيل.
“الوثيقة فحصت ثلاثة سيناريوهات للعودة – بين مئات الآلاف من العائدين الى اسرائيل وحتى مليون عائد”، قال شورتس “لقد ادعت أنه في كل سيناريون من السيناريوهات فان اليهود سيبقون اغلبية في حدود دولة اسرائيل. وحتى في سيناريو عودة المليوني لاجيء، فان نسبة الفلسطينيين في اسرائيل ستصل في 2058 الى 36 في المئة فقط.
“هذه ورقة كان يجب على الدعاية الفلسطينية التقاطها”، يقول شورتس ويواصل “هذه واحدة من الـ 1700 وثيقة اصلية التي عرضها قناة “الجزيرة” في 2011. ليس هناك مشكلة في الوصول اليها، وهذا يعتبر المقياس المفصل جدا لما يعتمل في قلوب الفلسطينيين عندما يتحدثون عن العودة الى اسرائيل. هو يرفع الغطاء عن المفهوم المهديء كما يبدو: “الاهتمام بالاحتياجات الديمغرافية”، الذي يحاولون من خلاله تسميمنا. ولكن هذه الورقة ليست الكلمة الاخيرة”.
ماذا يعني ذلك؟
شورتس: “ما يراه الفلسطينيون حقا امام ناظريهم هو عودة بلا نهاية. من الوثائق التي بين أيدينا يتبين أن مطالبتهم كانت أن هناك حصة متفق عليها للاجئين سيسمح لها بالدخول الى اسرائيل في كل سنة على مدى 15 سنة، ومواصلة المطالبة بذلك ايضا فيما بعد. الى ذلك يجب اضافة حقيقة أن الفلسطينيين يرون في حق العودة حق شخصي لكل لاجيء، من الثمانية ملايين شخص الذين يعتبرون من قبلهم كلاجئين. اللجوء هناك هو لجوء الى الأبد – الآباء والأبناء والاحفاد وأبناء الاحفاد. الجيل الخامس. ليست لهم أي نية لتصفية هذا اللجوء سوى بطريقة واحدة – العودة. السلطة الفلسطينية طالبت في المفاوضات التي اجريت معها بأن يكون لكل لاجيء الحق في اختيار هل سيعود الى اسرائيل”.
هل قيل هذا لطواقم المفاوضات الاسرائيلية في الماضي؟
شورتس: “لا. هذا جهاز تحايل حقيقي. لقد وجدنا وثيقة اخرى فيها يشرح طاقم المفاوضات الفلسطيني بصورة لا تقبل التأويل معنى تعبير “حل متفق عليه لمشكلة اللاجئين”. لقد كتب هناك “يجب استخدام الصيغة التي تقول بأنه في الاتفاق يتم انجاز حل متفق عليه. هذه المقاربة هي الامكانية الافضل للفلسطينيين، لأنها لا تقتضي منهم التنازل عن احتمالية العودة لملايين اللاجئين”.
نهاية “موسى العربي”
ويلف تعترف بأنها “كرهت المستوطنين” وآمنت بأنهم هم فقط يمنعون عنها السلام المأمول؛ وأن رئيسي حكومتين، اسحق رابين واهود باراك، أعطياها أمل كبير، هي تقول إنها تربت على افتراض أن الخط الاخضر هو الذي يفصل بين اسرائيل الشرعية واسرائيل غير الشرعية. الانتفاضة الثانية، تكشف الكاتبة، ضعضعت موقفها. في لقاءات مع “فلسطينيين معتدلين” سمعت ويلف أن اليهود ليسوا شعب على الاطلاق، بل ديانة. وليس لهم حق في دولة وحق تقرير المصير.
شورتس عمل في العقد الاخير على دراسة النزاع الاسرائيلي العربي. وقد وجد أن مشكلة اللاجئين وحق العودة تقف في صلب روح الشعب الفلسطيني، ولكنها غائبة عن الخطاب الاسرائيلي. هكذا ولد في الحقيقة كتابهما المشترك.
في أحد الفصول يوردون قصة تأسيسية تخص موسى العلمي، الذي كان في السابق عضو في اللجنة العربية العليا، والذي هرب في 1948 الى بيروت وعمان، لكنه سارع في العودة الى الضفة وطلب العمل هناك من اجل أبناء شعبه الذين شاهد معاناتهم.
العلمي قرر المبادرة الى انشاء قرى زراعية على طول نهر الاردن. هو ورجاله حفروا بأيديهم 15 بئر واكتشفوا المياه العذبة في جوف الارض. الخضروات التي زرعوها تميزت بالجودة. لقد حلم العلمي باقامة مزرعة تجريبية لتأهيل اللاجئين والمهجرين، بحيث تكون الهام ومصدر للمحاكاة. وهو لم ير في العمل من اجل اللاجئين تعاون مع اسرائيل أو تنازل عن المطالبة بالعودة الى حدودها. هو فقط فكر أنه من اجل احترام ورفاه ابناء شعبه من الافضل لهم العيش في ظروف انسانية.
صحيفة “نيويورك تايمز” وصفت العلمي بـ “موسى العربي”، بل أن الكثير من المهجرين الفلسطينيين من سكان المخيمات المحيطة بأريحا رفضوا التعاون معه. لقد اعتقدوا أن الامر يتعلق بمؤامرة استهدفت منعهم من العودة الى اسرائيل.
في كانون الاول 1955 هاجم آلاف الفلسطينيون المزرعة ودمروها تماما. رؤساء العائلات في المخيمات حرضوا الجمهور ضد “شبكة الخونة”، التي يترأسها “الخائن موسى العلمي”. لقد تم احراق المنشأة ونهبها. اطفال أيتام تمت تعريتهم وضربهم، نساء نجون في اللحظة الاخيرة من الاغتصاب، كان ذلك هو الدليل الواضح والاكثر عنفا حتى ذلك الوقت على الموقف العربي الذي رأى في كل محاولة لاعادة التأهيل والاندماج في الاقتصاد وفي الحياة الطبيعية – خيانة شديدة.
“عند الاختيار بين الاهانة لحياة الفقر والضائقة في مخيمات اللاجئين وبين الاهانة التي رأوها في قبول دولة اسرائيل كحقيقة واقعة، اختار اللاجئون البقاء في المخيمات”. كتبت ويلف وشورتس. في البداية يكشفان أن “رؤساء اللجنة العربية العليا رأوا في عودة المهجرين واللاجئين الى حدود الدولة الجديدة – اعترافا بوجودها نفسه، وعارضوا ذلك بكل شدة.
بعد ذلك تم انشاء الاونروا، وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة، المخيمات التي اقامتها الوكالة تحولت مع مرور الوقت الى دفيئة للكراهية؛ اجهزة التعليم هناك عملت من اجل تمجيد العودة ورواية قصة “الطرد”. الاونروا وفرت في تلك السنين الغلاف والقاعدة الطبيعية الاجتماعية التي نمت في داخلها الهوية الفلسطينية.
في تلك الفترة اتخذت الاونروا قرار كانت له تداعيات دراماتيكية: أن تشمل احفاد اللاجئين والمهجرين طوال اجيال قادمة وبصورة تلقائية، في قائمة “لاجئو فلسطين”. المكوث في المخيمات لم يكن شأن يتعلق بالحاجة الوجودية أو الانسانية. هو نبع بدرجة كبيرة من التمييز ضد اللاجئين على أيدي الدول العربية. كلها، باستثناء الاردن، اختارت عدم منحهم الجنسية. وجود المخيمات، تشير ويلف، تحول فعليا الى مهزلة.
كيف ذلك؟
ويلف: “تحسين وضع اللاجئين الاقتصادي سرعان ما أدى بهم الى تطوير سوق عقارات في المخيمات. لقد بدأوا ببيع بيوت وقطع اراضي. الاونروا فقدت تدريجيا السيطرة على هوية سكان المخيمات. سكان جدد انضموا اليهم، لم يكن هناك علاقة بين عدد اللاجئين المسجلين في الوكالة وعددهم الفعلي. لم يتم الابلاغ عن وفاة مسنين أو اقارب هاجروا الى دول اخرى. في الستينيات والسبعينيات هاجر مئات آلاف الشباب من مخيمات اللاجئين الى دول الخليج، لكن هذا الامر لم يقلل ولو لاجيء واحد عدد اللاجئين الذي تبلغ عنه الاونروا.
اذاً هذا لجوء على الورق؟
ويلف: “بالضبط، اللجوء الفلسطيني في معظمه فقد اغلبية الخصائص الكلاسيكية للجوء في اماكن اخرى في العالم. كل من لديه عقل في رأسه يعرف أن الخدمة التي يمنحها المجتمع الدولي للاجئين بواسطة الاونروا لمعظم المخيمات هي أمر ثانوي في اهميته مقابل الاهمية السياسية للوكالة. الاونروا تحولت مع مرور السنين الى الاداة الاولى في بناء أمة جديدة، الأمة الفلسطينية. في مدارس الوكالة في قطاع غزة وبتمويل الدول العربية ودعمها، انشد الاولاد في كل صباح “فلسطين ارضي/ فلسطين ارضي/ هدفنا هو العودة/ الموت لا يخيفنا/ فلسطين لنا/ لن ننساها أبدا… لقد أقسمنا على تقديم دمنا من اجلها”.
خلال سنين يذكر الاثنان “تعززت سيطرة م.ت.ف في المخيمات، مسلحون بدأوا يتجولون فيها دون ازعاج، لقد اصبحت دولة داخل دولة، وأنبتت اجيال من الارهابيين، حلم العودة غذى الارهاب، والعالم غذى الاونروا التي طورت هذا الحلم”.
كسوف متواصل
شورتس وويلف يصفان في كتابهما كيف زار اعضاء كونغرس كثيرون مكتب داني ايلون، سفير اسرائيل السابق في الامم المتحدة، وبعد بضع سنوات، مكتب السفير مايكل أورن. لقد غضب اعضاء الكونغرس من أن بلادهم تمول وكالة تضر باسرائيل: “ايلون نقل اليهم موقف الحكومة الاسرائيلية بأنها لا تؤيد محاولات المس بالاونروا”، قالوا.
أورن ايضا اضطر الى رفض مبادرات للحزب الجمهوري لاغلاق الصنبور عن الاونروا: “عاموس جلعاد، رئيس القسم الامني السياسي في وزارة الدفاع اتصل هاتفيا مع اورن واوضح له بأن الاونروا صحيح أنها وكالة سيئة، لكن حماس اسوأ منها”.
كسوف، هكذا تعتبر ويلف. هذا الكسوف حسب قولها يحل على “كل مستويات القيادة الاسرائيلية، اليمين واليسار، خلال سنوات كثيرة. يصعب على الكثيرين في اسرائيل تخيل الواقع بدون الاونروا، لكن بوجودها هي تمنح صك لطلب حق العودة. حتى الآن، حيث ترامب يطلب تقليص المساعدات للاونروا، يرسل اليه مبعوثون من اجل عدم المس بها، هذا لا يصدق”.
هل الجميع عميان وأنتم فقط ترون؟
شورتس: “سبب هذه السذاجة المستمرة هو أنه خلال عشرات السنين تم قبول النظرية التي تقول إنه من اجل التوصل الى السلام يجب اتخاذ غموض بناء، التوقيع على اتفاقات يوجد فيه غموض كلامي بخصوص مواضيع اساسية مختلف عليها. “شمعون بيرس كان معروفا بالوصف الذي طرحه والذي يقول “السلام والحب يجب القيام بهما بأعين نصف مغمضة”، لكن العيون المغمضة مكنت الفلسطينيين من الادعاء امام كل العالم بأنهم حصلوا على حل الدولتين واعترفوا باسرائيل. وفي نفس الوقت عدم التوقيع على أي صيغة من شأنها التنازل عن طلب حق العودة، التي تطبيقها معناه دمارنا. هذا الغموض مدمر، التسوية يجب أن تقوم على وضوح بناء، على عيون مفتوحة، حلم العودة الفلسطينية آخذ في النمو والتطور تحت مظلة الحماية الاسرائيلية والغمى الغربي”.
ما الذي تقترحون عمله؟
أولا، الاعلان بصورة واضحة عن تغيير السياسة تجاه الاونروا، وعن رفع “القبة الحديدية” الاسرائيلية عن هذه المنظمة؛ المطالبة بأن تكف الاونروا عن العمل من اجل العودة، وأن تموضع من جديد قصة اللجوء الفلسطيني كما هي حقا اليوم، موضوع سياسي وليس انساني.
“في اراضي السلطة الفلسطينية وفي الشرق الاوسط يعيش جمهور مسجل كلاجئين، لكن منذ زمن بعيد هم ليسوا كذلك. الدول المانحة يجب أن تحول الاموال مباشرة الى السلطة وليس من خلال الاونروا، التي فقط تخلد كذبة اللجوء الفلسطيني. كل جوهر الاونروا هو التوضيح لـ 80 في المئة من الغزيين المسجلين لديها كلاجئين من فلسطين، أن غزة ليست بيتهم الحقيقي، حيث أن البيت الذي أخذ منهم بالقوة موجود خلف الجدار. فما الغريب في أنهم يستخدمون الباطون الذي يحصلون عليه في بناء الانفاق نحو اسدود وعسقلان وليس لبناء بيت دائم من اجلهم في غزة؟.
ويلف وشورتس يدعوان للعمل على انشاء منظمة عليا جديدة هدفها الوحيد هو اعادة اعمار قطاع غزة، ويقترحان أن تقوم اسرائيل بالاعلان عن خطوات بعيدة المدى بخصوص اعادة اعمار القطاع، لكنها تشترط هذا الامر بدمج كل نشاطات الأونروا في هذه المنظمة التي تكون انسانية. “كل هذه الخطوات وغيرها من الخطوات التي نقترحها”، اشارا في كتابهما، “لا يمكن القيام بها طالما أن الجمهور الاسرائيلي لا يدرك عمق الحماية التي تقدمها اسرائيل وجهازها الامني لمنظمة ترعى حق العودة.
“من غير الممكن أن سياسة اسرائيل في هذا الشأن الذي يقف في لب النزاع، تدار من قبل اربعة اشخاص في اروقة الكرياه ومنسق اعمال الحكومة في المناطق”، قالا، “مسألة الثمن الباهظ الذي تدفعه اسرائيل على القبة الحديدية التي تمنحها للاونروا يجب أن يتم اختباره ونقاشه من قبل الجمهور”.