ترجمات عبرية

نداف ايال / في اليوم التالي لابو مازن – من البلقان الى هنا

يديعوت – بقلم  نداف ايال – 29/5/2018

قبل بضعة اشهر سافرت الى دول يوغسلافيا السابقة، في محاولة للفهم ما الذي أدى الى انهيار فكرة الدولة الواحدة التي عاشت فيها قوميات كثيرة. فقد كانت يوغسلافيا دولة ناجحة نسبيا، مع فكرة الوحدة السلافية، البربوسلافية، الكاثوليكية والاسلامية. وقد انهارت في نفسها بسرعة وبعنف لم يتخيلهما العالم، وجلبت الى اوروبا، لاول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، قتل شعب ارتكبه الصرب بحق البوسنيين المسلمين.

سلسلة التقارير التي بثثتها في القناة 10، “تأكل سكانها”، ادت الى ردود فعل من كل اطياف الساحة السياسية، واحد هذه الاطياف كان النائب ايتان كابل الذي طلب الحديث وقال انه يعمل على خطة سياسية. من تجربتي، كابل هو سياسي مع نوايا طيبة، وسررت للحديث معه عن الانطباعات من يوغسلافيا. عندما رأيت المقال الذي نشرته في نهاية الاسبوع عن خطته السياسية، التي تتضمن ضم المناطق ج، كنت ملزما بالوصول الى الاستنتاج بانه لم يقبل أو لم يفهم، السطر الاخير.

وها هو: المسؤولون الصربيون الكبار الذين تحدثت معهم، وهم اصدقاء أوفياء لاسرائيل، بينهم رئيس صربيا فيتشتش، حذروا تحذيرا خطيرا من واقع خلط السكان العرقيين – الدينيين المختلفين. فيتشتش، وهو وطني يميني معظم سنواته في السياسة وصديق سياسيين من اليمين الاسرائيلي، ناشد حقا الاسرائيليين السير الى حل سياسي وتقسيم البلاد. ولم يكن الوحيد. مرة اخرى، وانا اشدد، يدور الحديث عن شخصيات معروفة بمحبتها لاسرائيل. لقد عرض كابل خطة تريد ان تعانق وتوطن ما لا يقل عن 200 الف فلسطيني وتثبيت واقع اقليمي بلقاني صرف.

ولكن حظوة واحدة ينبغي أن نمنحها لكابل: فهو محامي ما. ابو مازن خرج أمس من المستشفى، ولكن عصره انتهى من العالم، ودليل واضح على ذلك ليس حالته الصحية بل خطابه اللاسامي اياه. انتخابات حرة في السلطة الفلسطينية لم تجري منذ سنوات، والمواجهة التاريخية بين الحركتين – حماس وفتح – لم تكن خطرة بقدر ما هي الان. اسرائيل الرسمية لا تعنى في الفترة الجديدة التي تهل علينا، وتدمن اساسا على الركلات الحادة بالجسم الضعيف للسلطة الفلسطينية.

تعالوا نتخيل أن اليوم، تماما اليوم، كان سيأتي العالم الى اسرائيل ويقول ما يلي: في الضفة الغربية لن تقوم في هذه المرحلة دولة فلسطينية، بل حكم ذاتي محدود. سيكون له سيطرة في مراكز المدن الفلسطينية بالاساس، مع صلاحيات مدنية وشرطية فقط. لن يكون له جيش ومعابر حدود، وتكون له قوة حفظ نظام ومخابرات تتعاون، معظم الوقت في مكافحة الارهاب. وبالتوازي، يكون للجيش الاسرائيلي حرية عمل كاملة جدا في كل يهودا والسامرة، واسرائيل تحمي نحو 60 في المئة من المنطقة، بما في ذلك الغور وبالطبع الكتل الاستيطانية التي يمكن البناء فيها. وضع الامن سيكون بعيدا عن الكمال، ولكن افضل بكثير مما كان معظم السنين منذ الانتفاضة الاولى في 1987. بالنسبة للحل الدائم – سنة لاحقا ما سيحصل، وعلى أي حال الوضع الاقتصادي للفلسطينيين سيتحسن جدا.

لنفترض أن العالم كان سيقترح على اسرائيل هذه التسوية. ولكن اليوم. يبدو أنه لا بأس به، اليس كذلك؟ وبالفعل هذا هو الوضع في يهودا والسامرة في العقد الاخير. هذا هو الواقع الذي نشأ هنا. وهو يرتبط بالكثير من العناصر: بهزيمة الانتفاضة الثانية، بصعود ابو مازن الذي ابعد السلطة عن الارهاب، بالقوة الفلسطينية التي بنتها ادارتا اوباما وبوش، بالانقسام الفلسطيني، وبغيره وغيره. ودون رتوش، نشأ في يهودا والسامرة واقع يخدم اسرائيل، على الاقل في المدى القصير. اما في المدى البعيد، كما يحذر الكثيرون، فهو سيؤدي الى دولة ثنائية القومية. يوغسلافية، مضيعة للدولة اليهودية والديمقراطية.

تعالوا نلغي في هذه اللحظة هذه الحجة تماما: نفعل ما لا يصدق، ونضعه جانبا للحظة. فاذا ما تركناه، يكون سؤال واحد فقط: لماذا لا تفعل حكومة نتنياهو كل ما في وسعها كي تواصل الحفاظ على الوضع الحالي، الذي يخدمها تقريبا بكل مفهوم؟ إذ انه اذا كان الهدف هو الجمود والوضع الراهن، اذا كانت الرغبة هي شد الحكم الذاتي الفلسطيني الى ما لا نهاية باسلوب اوسلو، فعلى اسرائيل أن تساعد بحرارة السلطة الفلسطينية في كل وسيلة ممكنة، بل وتعزيز مكانتها. هذا واضح جدا: اذا كان الوقع على الارض سيئا جدا، فيجب على اسرائيل أن تغيره، وعندما يكون السؤال كيف. اما اذا كان الواقع على ما يكفي من الجودة بالنسبة للحكومة الحالية – فما الذي تفعله كي تحافظ عليه؟ هذه اسئلة حرجة قبيل التقلبات المرتقبة في المجتمع الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى