نحاميا شترسلر يكتب – هرتسوغ هرب وشتاينيتس في الطريق
بقلم: نحاميا شترسلر، هآرتس 26/6/2018
الحيلة التي قام بها اسحق هرتسوغ على بنيامين نتنياهو سيتم تعليمها في مدارس السياسة في دولة للمتقدمين. لقد قام بتخدير رئيس الحكومة، ضلل رئيس حزبه آفي غباي، عمل بهدوء من خلف الكواليس ونجح في الحصول على منصب رئيس الوكالة اليهودية. يجب عدم الاستخفاف بهذا الامر. هذه هي المرة الاولى التي يكون فيها تعيين كبير كهذا قد تم رغم أنف رئيس الحكومة، الذي أراد رؤية يوفال شتاينيتس في هذا المنصب. ولكن لماذا اراد هرتسوغ وشتاينيتس الهرب من الكنيست ومن الحكومة؟ هل لأن هذا لا يشرف بما يكفي؟ أليس هذا مهم وجذاب؟.
نبدأ بهرتسوغ. وسائل الاعلام نكلت به. فقد حولت اسمه الى كلمة مرادفة للضعف رغم أنه حظي بـ 24 مقعد في الانتخابات الاخيرة. اذا لم يكن لك صوت بنبرة عميقة مثل نتنياهو ومنظر دبابة روسية مثل ليبرمان فلا احتمال لك في واقعنا السياسي. أنت محكوم عليك بالاهانة، التي كانت ذروتها في صورته المضحكة في “الارض الرائعة”، الامر الذي ذكر بالتصفية التي تمت لدان مريدور. كما يبدو فانه للاشخاص الجيدين والمثقفين والذين يعرفون التاريخ ويبحثون الموضوع بصورة عميقة – لا يوجد لهم مكان في سياستنا. من يقرأ تشيخوف – مرفوض.
الانتخابات التمهيدية في العام 2013. ماذا لو أن الشرطة قامت بالتوصية باغلاق الملف، والمستشار القانوني للحكومة قام باغلاقه؟ من يذكر ذلك؟ يتذكرون فقط الاهانة. حتى هذا يقلل الرغبة في الاستمرار.
شتاينيتس ايضا تلقى عدد غير قليل من الاهانات. هو ايضا انسان جدي ومثقف ويفحص كل شيء بعمق. لقد أثبت شجاعة فريدة عندما تطرق لموضوع الغاز. بدونه كان الغاز سيبقى مدفون عميقا في الارض، لكن عن هذا الامر بالضبط يتلقى الاهانة والاكاذيب.
قبل نحو نصف سنة دخل شتاينيتس في صدمة عندما الصقت به وسائل الاعلام اتهامات في قضية الغواصات. لقد تعامل مع ذلك بشكل جدي وشعر بالسوء من مجرد فكرة أن شخص ما يربطه بتلقي الرشوة. هكذا يكون الامر عندما لا يكون لك جلد فيل، وهكذا يكون الامر عندما تكون نزيها، بدون تفكير جنائي، وفجأة يتآمرون ضدك. من الصدمة اختفى سرا لفترة طويلة وفقط مؤخرا استيقظ.
وسائل الاعلام لا تحبهما، فهما جديان جدا. وسائل الاعلام تشجع نماذج مختلفة تماما، السياسيون المتوحشون والسطحيون وغير الجديين الذين يعرفون اطلاق الشعارات وخلق الفضائح، دون أي احترام للحقيقة. كلما كان الكذب اكثر كلما كنت اكثر وقاحة وتشتم، وهكذا تحصل على نسبة مشاهدة اعلى، ولهذا ستتم دعوتك اكثر لبرامج الاستضافة وهكذا تصعد في سلم الانتخابات التمهيدية. لأن من لا يوجد في الاعلام فهو غير موجود.
اليكم مثال في الاقتصاد. بدل أن تتم دعوة البروفيسور مناويل تريختنبرغ الى التلفزيون، وهو اقتصادي جدي في الاقتصاد الكلي، أو اريئيل مرغليت، احد رجال الاعمال ذوي المعرفة في الهاي تيك، يقومون بدعوة ستاف شبير لتتحدث عن الاقتصاد. ميزتها الوحيدة هي اللغة النابية واقوال لا اساس لها عن الفساد والتحايل والسرقة. ولكن هذا جيد لنسبة المشاهدة. النتيجة هي أن تريختنبرغ ومرغليت استقالا من الكنيست وشبير تتقدم.
هذا ليس سوى أن نموذج السياسي الناجح هو ميري ريغف وأورين حزان ودافيد أمسالم. هم عدوانيون ومتوحشون ويأتون لتقديم عرض. هم يدفنون بسهولة رجال جديين مثل دان مريدور وميكي ايتان وليمور لفنات الذين اضطروا الى الانسحاب.
اليوم لم يعد يشكل شرفا كبيرا الانتماء لنادي اعضاء الكنيست والوزراء. مستواهم آخذ في الانخفاض وصورتهم في الحضيض التاريخي. كل الجهاز السياسي مريض، ولوائح الاتهام التي تحلق فوق نتنياهو لا تضيف له صحة. فما الغريب اذا أن اشخاص جيدين مثل هرتسوغ وشتاينيتس يبحثون عن طريقهم الى الخارج؟ لقد ملوا من العفن ومن المستوى المتدني. هرتسوغ نجح في الخروج وشتاينيتس في الطريق.