أقلام وأراء

نبيل عمرو يكتب – «فتح» و«حماس»… تحالف انتخابي وتناقض سياسي

نبيل عمرو  – 12/2/2021

شاءت التطورات الإقليمية والدولية أن يُفتح ملف الانتخابات الفلسطينية، مع تأجيل إلى أمد غير معلوم لاستئناف جهود التسوية، ذلك بفعل عدم جاهزية القوى المؤثرة في هذا الاتجاه وأولها إسرائيل ثم أميركا، وحين لا يكون هذان الطرفان غير جاهزين فلا جاهزية لأحد.

المرحلة السياسية الراهنة فيما يخص الفلسطينيين تحديداً، يمكن وضع عنوان لها وهو تزويد غرفة إنعاش فكرة السلام ببعض الأكسجين كي تواصل التنفس، أما الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك فقد أفصح عنه وزير الخارجية الأميركي الجديد بلينكن، بجملة محددة أترجمها إلى العامية «… مش وقتو».

في فترة جعل الفكرة تتنفس بالأكسجين الصناعي، تلقى الفلسطينيون أوامر بصيغة الرجاء والتشجيع أن انتبهوا لأنفسكم، وإذا كانت التسوية مستحيلة على المدى المنظور فبقاؤكم داخل المعادلة سيكون مستحيلاً، لو بقيت حالكم على ما هي عليه الآن، والمسألة بالنسبة لكم ليست مجرد انقسام بين شطري وطنكم عنوانه الخيارات المتناقضة، مفاوضات سياسية أم الكفاح بكل الأشكال بما في ذلك المسلح، بل إنه تدهور شامل ومتسارع طال مقومات الحياة، فما زالت في ذهن العالم حكاية المقاصة التي قصمت ظهر الوضع المالي للسلطة الفلسطينية، وحكاية أزمة القضاء التي لا تزال متدحرجة في الشارع الفلسطيني، وأزمات غزة المركبة والمتوالدة التي تهيمن على الحياة من ألفها إلى يائها وكل هذا يتفاقم تحت تأثير انقسام لم يجد حلاً، وأفق سياسي لا يزال مغلقاً.

«فتح» في الضفة… و«حماس» في غزة بمعنى السلطة والحكم، أدركتا حقيقة عدم القدرة على الاستمرار تحت تأثير هذه الأزمات، وأدركتا كذلك أن المواطنين الفلسطينيين هنا وهناك سئموا الشعارات والتنظير الإعلامي للخيارات، وبفعل ذلك دخل القطبان حالة خيار اضطراري، فتوافقا على إجراء الانتخابات، وخشية أن تفلت الأمور من يد القطبين شرعا في التفتيش عن صيغة تحالفية، فإما قائمة مشتركة بينهما وإما قائمة جبهوية تضم معهما كل الفصائل مع ديكورات لآخرين، وهذا أدى إلى إلقاء ظلال على الأساس السياسي للتحالف الانتخابي تحت شعار مصلحة النفوذ لها الأفضلية على ثوابت الموقف السياسي.

جزء كبير من مكونات «فتح» و«حماس» ليس مقتنعاً بمنطقية وصدقية الانتقال المفاجئ من خصومة حادة بلغت حد الاقتتال إلى عناق تحالفي. وكذلك الأمر بالنسبة لثلاثة ملايين ناخب فلسطيني، حيث يرى جزء كبير منهم أن ما يجري الحديث عنه ليس وحدة وطنية حقيقية، بقدر ما هو ممر إجباري لحماية الدور والنفوذ.

سيمضي الشقيقان اللدودان في عملية الوفاق المصلحي مع استبعاد الاختلاف السياسي، وفي هذه الحالة سيظل السؤال قائما… هل سينهي التحالف الانتخابي المؤقت انقساماً اتخذ صفة الديمومة؟ وهل سيُجر الشعب الفلسطيني كله مرة أخرى إلى الخضوع للقطبية الثنائية التي فعلت فعلها المدمر طيلة سنوات كبيسة؟ أم أن مفاجآت التصويت ستفرض على الطبقة السياسية والنظام السياسي وضعاً مختلفاً؟

لو قُرأت تجربة الماضي منذ بداية الانقسام حتى الذهاب إلى الصناديق، ونفذ المواطنون وعدهم بالمحاسبة فلربما نرى جديداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى