أقلام وأراء

نبيل عمرو يكتب – براعة إهدار الفرص

نبيل عمرو – 12/5/2018
أثبتت الطبقة السياسية الفلسطينية ما اتهمت به تاريخياً، من أنها إن كانت بارعة في شيء، فهو إهدار الفرص.
أقول ذلك بعد أيام قليلة عن انفضاض المجلس الوطني، الذي يعتبر الإطار الأهم والاعلى والأكثر شرعية في الحياة السياسية والوطنية الفلسطينية.
نظرياً وحتى وفق مقاييس الماضي، كان يفترض أن يكون المجلس الوطني الذي يكلف عقده الملايين، محطة نوعية لمراجعة الأداء السياسي للقيادة الفلسطينية خلال العقود التي لم يلتئم فيها المجلس، وأن يتاح للأعضاء القادمين من كل أنحاء العالم فرصة إبداء رأيهم حول ما كان وما يجب أن يكون.
ثم كان فرصة للم الشمل الفلسطيني الذي تبعثر بين غزة والضفة، وبين الداخل والخارج وبين الاتجاه الوطني والديمقراطي والاتجاه الإسلامي السياسي، الذي أورث الوضع الفلسطيني انقسامات متكاثرة تراها في الوطن والمنفى.
كان مجلساً لم تتح فيه غير الخطب، وعلى عكس ما كان في الماضي حين كان المجلس ينقسم إلى لجان تغطي كافة نواحي الحياة الفلسطينية، فإن هذا الامر لم يحدث، وحين كانت تقدم تقارير مالية وإدارية وتنظيمية لتناقش كي تخرج الحصيلة في برنامج عمل للمرحلة القادمة، فإن شيئاً كهذا لم يحدث أيضاً.
كانت الجملة الأكثر شيوعاً في الدورة الرابعة والعشرين هي أن مجرد عقد المجلس هو الإنجاز الأكبر وتحت هذه الجملة غاب كل شيء.
وفي وضع كهذا يمكن وصف المجلس بأنه حقق أمراً تعتبره الطبقة السياسية حيوياً ومهماً، وهو تجديد اعتمادها وبقائها في الواجهة، وإذا كان هذا مهماً بالنسبة لها فهو ليس بالأمر الذي يجعل الفلسطينيين يرون فيه إنجازاً لأن الفلسطينيين قالوا رأيهم في هذه الطبقة مرتين، الأولى حين لم تحصل الفصائل التي تشكل منظمة التحرير على الأصوات التي تؤهلها الادعاء بوجودها في الساحة، ناهيك عن ادعائها الوهمي بأنها تمثل وتقود، ذلك حين اكتسحت حماس هذه الطبقة في عقر دارها “أوسلو”، وثانياً حين كانت هذه الفصائل تدعو الجمهور للتظاهر في مناسبات مفصلية فلا يستجيب أحد لهذه الدعوات.
لقد أُهدرت فرص كثيرة لبناء نظام سياسي فلسطيني حديث وفعال وتواطأ القوم على إقصاء صندوق الاقتراع من أي مكان، فإذا بالطبقة السياسية تستنسخ نفسها ظانة أنها ما تزال تمثل شعباً انصرف عنها إلى همومه وقبل أن يعزلها عن حياته قامت هي بعزل نفسها، وهذا بكل اسف ما حدث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى