أقلام وأراء

نبيل عمرو –  رسالتان عاجلتان من العراق لنا ..!!

بقلم   نبيل عمرو *- 13/10/2021

مبروك… للعراق الشقيق انتخاباته العامة، التي أهم نتائجها ما أعلنه السيد مقتدى الصدر الفائز بأكبر عدد من المقاعد من أن العراق للعراقيين. وجملة كهذه ليست مجرد شعار يرفع في مناسبة، بل انه التزام يدفع ثمنه غاليا، ذلك أن العراق العربي المحاط بالأطماع من كل الجهات خاض وما يزال صراع هوية وانتماء ورسالة، وها هو يتقدم نحو النجاح وان بصعوبة وتحدٍ… الا انه يتقدم.

لن اعالج نتائج الانتخابات العراقية من زاوية من تقدم ومن تراجع، ذلك ان التيارات السياسية والعقائدية التي تحكمت بالعراق لفترة طويلة من الزمن وخربته وأوقفت نموه وفتحت بواباته لكل من رغب في تحويل هذا البلد العظيم الى مزرعة بلا سياج. هذه التيارات وارتباطاتها وصراعاتها لم تنل من روح العراق ووجدان شعبه ولا من التزامه بقضايا امته.

ان جملة العراق للعراقيين بعد كل ما حدث وما يجري على ارضه ومن حوله، جملة صعبة ومكلفة ولكنها هي الأقوى في التعبير عن جوهره كيانا وشعبا وهوية .

أرسل لنا العراق رسالتين الأولى جاءت قبل الانتخابات حين اختبر ولاءه والتزامه بفلسطين، من خلال مؤتمر التطبيع الذي قامر به عدد محدود وهامشي من العراقيين، فإذا بالشعب العراقي بكل فئاته يحول هذا المؤتمر الى فقاعة تلاشت بلمح البصر، ويظهر الالتزام الأصيل بما فطر عليه العراقيون من حب لفلسطين يوازي حبهم لوطنهم.

هنالك مبدأ يجدر تذكره دائما يقول، يختلف العراقيون على أمور كثيرة الا انهم لا يختلفون على فلسطين.

اما الرسالة الثانية فحملها النجاح الذي يقتدى به في تخطي الصعوبات لإجراء الانتخابات.

درس العراقيين في هذه النقطة هو ان اختلافهم معنا يتجسد في مبدأ هم على جانب الصواب فيه ونحن على جانب الخطأ، فهم عملوا بدأب على الغاء المعوقات لإجراء الانتخابات اما نحن فقد عكسنا الامر بحيث الغينا الانتخابات من اجل المعوقات، ذلك ان النجاح العراقي الاعمق والاكبر والاهم هو ان الانتخابات الصعبة أدخلت الشعب في معركة هويته وانتمائه، ومهما كانت النتائج على صعيد المقاعد او نسبة الناخبين او السلبيات والثغرات، الا ان العالم سوف يتعامل مع العراق بجدية اكبر واحترام اكبر وإيجابية اكبر.

كان يقال ان أمريكا ابتلعت العراق، وها هي تغادر أخيرا، وكان يقال ان داعش قسمت العراق وها هي وحدة العراق تتكرس، وكان يقال ان ايران الحقت هذا البلد العريق الى ممتلكاتها وها هي الانتخابات تمنح مبدأ العراق للعراقيين الأولوية على كل الأولويات.

ما يجري في العراق بسلبه وايجابه يظهر باليقين ان كل الرهانات الغريبة على هذا البلد ان لم تتبدد تماما فهي آخذة بالتبدد، لم يفعل ذلك حزب او حكومة او زعيم او مذهب بل فعله العراق.

لقد دخل هذا البلد العربي الهام والغني ومهد حضارة إنسانية كبرى الى الطريق المؤدي الى حداثة كيان ونظام ومجتمع، قد يتعثر بل لابد وان يتعثر وقد لا يحقق ما يريد في نقلة واحدة، الا انه وضع اقدامه على الطريق الصحيح، وهذا ما يجعلنا نقول بحب وإخلاص وثقة الف مبروك يا عراق العرب وفلسطين، ونقول كذلك العقبى لنا نحن الذين الأكثر احتياجا من غيرنا لان يكون الشعب هو صاحب القول الفصل في حياته وقضيته ومصيره، من خلال انتخابات تكون فيها إرادة التحدي في القدس وفي كل مكان هي عمادها الذي يذلل كل العقبات.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى