أقلام وأراء

نبيل السهلي يكتب – يوم الأرض ومراحل التسلل الصهيوني إلى فلسطين واحتلالها

نبيل السهلي *- 25/3/2021

في الثلاثين من آذار / مارس الجاري يحيي الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده الذكرى الخامسة والأربعين ليوم الأرض، حيث أصبح يوماً وطنياً للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، يعبر فيه عن تمسكه بوطن الآباء والأجداد، رغم شراسة الهجمة الصهيونية المدعومة غربياً بغرض تهويده. وفي هذا السياق نلقي الضوء على مراحل التسلل الصهيوني إلى فلسطين واحتلالها.

الزحف المنظم

ثمة مؤسسات يهودية صهيونية تشكلت بشأن الزحف المنظم إلى فلسطين والسيطرة المتدرجة على أرضها، ومنها منظمة بيكا التي أسسها روتشيلد، والوكالة اليهودية التي انبثقت من المؤتمر الصهيوني العالمي الأول عام 1897، والصندوق القومي اليهودي «الكيرن كايمت» وصندوق التأسيس اليهودي»الكيرن هايسود» والشركة الإنكليزية الفلسطينية.

ونشطت هذه المؤسسات بعد الحرب العالمية الأولى خصوصاً بعد تمكن المنظمة الصهيونية العالمية من استصدار وعد بلفور الشهير عام 1917 الذي يقضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، ثم وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، حيث لعبت حكومة الانتداب دوراً كبيراً في تمكين اليهودمن السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية، وذلك باتخاذها العديد من الإجراءات، منها فتح الأراضي الأميرية وجعلها أراضي ملكية وسن قانون أملاك الغائبين.

وتمكن اليهود بفضل هذه الإجراءات استملاك مساحات كبيرة من فلسطين حتى إعلان دولة إسرائيل في الخامس عشر من أيار / مايو 1948.

وقد حرصت المؤسسات الصهيونية المذكورة على أن تكون هذه الأراضي في مناطق متباعدة من أجل توسيع رقعة الدولة اليهودية؛ في مقابل ذلك لم تظهر المستوطنات بشكل منتظم خلال القرن التاسع عشر إلا في عام 1878، عندما تمكنت مجموعة من يهود القدس من تأسيس مستوطنة بتاح تكفا.
بداية المستوطنات

في عام 1882 تم إنشاء ثلاث مستوطنات، هي مستوطنة ريشون ليتسيون وزخرون يعقوب وروش يبنا قرب قرية الجاعونة في قضاء مدينة صفد في الجليل الفلسطيني، ثم مستوطنتي يسود همعليه وعفرون عام 1883 ومستوطنة جديرا عام 1884 وفي عام 1890 أقيمت مستوطنات رحوبوت ومشمار هيارون؛ وبعد انعقاد المؤتمر الصهيوني العالمي الثاني عام 1898 أقر قانون المنظمة الصهيونية العالمية التي أخذت على عاتقها كافة الشؤون المتعلقة بالاستيطان بعد أن وصل عدد المستوطنات الإسرائيلية الزراعية إلى 22 مستوطنة، سيطرت على 200 ألف دونم ارتفعت إلى 418 ألف دونم بعد الحرب العالمية الأولى.

بعد هذا التاريخ انطلقت مرحلة جديدة من مراحل الاستيطان اليهودي في فلسطين، حيث عملت المؤتمرات الصهيونية العالمية بدءاً من المؤتمرالأول على تنفيذ برامجها التي تمحورت حول برنامج المؤتمر الأول عام 1897 ويدعو هذا البرنامج إلى:

العمل على استعمار فلسطين بواسطة العمال الزراعيين والصناعيين اليهود وفق أسس مناسبة، وتغذية وتقوية المشاعر اليهودية والوعي القومي اليهودي، فضلاً عن اتخاذ الخطوات التمهيدية للحصول على الموافقة الضرورية لتحقيق غاية الصهيونية. لقد كانت السيطرة على الأرض الفلسطينية جوهر الفلسفة التي انتهجتها الصهيونية العالمية منذ نشوء الفكرة الأولى لاحتلال فلسطين وجذب المهاجرين اليهود إليها؛ وبعد إقامة إسرائيل وحتى يومنا هذا تستمر في اتباع الإجراءات نفسها.

وقد رافق عمليات الاستيلاء على الأراضي عملية تغيير ديموغرافي، ففي جميع حالات الاستيلاء كانت تتم عملية جلب أعداد من اليهود من مختلف أنحاء العالم، ليحلوا مكان السكان العرب الفلسطينيين بعد التنكيل بهم وطردهم.

موجات الهجرة

فقد تعرضت فلسطين لست موجات متتالية من الهجرات اليهودية، وذلك في أعقاب الأزمات السياسية المتعاقبة والتي حدثت منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الثانية وذلك في المناطق التي تواجد فيها اليهود.

شهدت أرض فلسطين سيلاً من الهجرات اليهودية المنظمة من قبل الحركة الصهيونية قبل عام 1948، وهو العام الذي شهد في أيار /مايو منه إنشاء إسرائيل، ويمكن ملاحظة عدة موجات هجرة خلال الفترة (1880 1948) تم فرض وتمرير معظمها بلغة القوة تحت غطاء وحماية ورعاية سلطات الانتداب البريطاني؛ وقد هاجر نحو (758 ,482) يهودياً إلى فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني عليها (1919 1948) (6, 89) في المئة منهم من يهود أوروبا وأميركا، و(4,10) في المئة من قارتي آسيا وإفريقيا، وثمة موجه ذهبية من حيث أرقام الهجرة اليهودية، حيث هاجر إلى فلسطين خلال الفترة (1932 1939) نحو (225) ألف يهودي معظمهم من ألمانيا ودول أوروبا الغربية وبولندا، تلاها موجة متسارعة تمّ خلالها جذب (300 ,118) يهودي إلى فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وذلك في الفترة التي سبقت الإعلان عن قيام إسرائيل، وبالتحديد خلال الفترة مابين الاعوام (1940 1948).

وليصبح مجموع اليهود في فلسطين في 15 أيار- مايو 1948 (650) ألف يهودي، في مقابل (151) ألف فلسطيني في المناطق التي أنشئت عليها إسرائيل بعد تهجير غالبية المواطنين الفلسطينيين من أرضهم إلى الدول العربية المجاورة وباقي أصقاع المعمورة، وليقيم الغرب دولة الاحتلال الإسرائيلي على ما نسبته (78 في المئة) من مساحة أرض فلسطين التاريخية البالغة (27009) كيلومتر مربع؛فضلاً عن ذلك ولترسيخ جذورها سعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1948 إلى جذب مزيد من يهود العالم إلى فلسطين لفرض تفوق سكاني مطلق على العرب بعد الزحف المنظم في مناحي الوطن الفلسطيني.

* كاتب فلسطين مقيم في هولند

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى