شؤون إسرائيلية

نبيل السهلي يكتب – انتخابات مبكرة وتحولات في المشهد الإسرائيلي

نبيل السهلي *- 7/1/2021

بعد فشله في الوفاء بالموعد النهائي لإقرار الموازنة الإسرائيلية ؛ أعلن «الكنيست» الإسرائيلي في الثاني والعشرين من كانون الأول / ديسمبر الماضي، حل نفسه وتحديد موعد انتخابات مبكرة في آذار/ مارس المقبل؛ وهي الرابعة خلال عامين، لتدخل الساحة السياسية الإسرائيلية من جديد في تحولات قد تطيح بشخصيات وأحزاب بعينها في وقت تتفاقم فيه العنصرية الإسرائيلية إزاء الشعب الفلسطيني وقضاياه الجوهرية.

النظام السياسي

ثمة خصائص يتصف بها النظام السياسي في إسرائيل، تتضح قبل كل انتخابات، ومن بينها أن الائتلافات والتكتلات تحصل عادة بين أحزاب من طيف سياسي واحد له مواقف متقاربة. وتتآكل أكثر التكتلات مع مرور الوقت، أو تتم عملية اندماج بين أحزابها المختلفة، خاصة عند تشكيل قوائم لخوض الانتخابات العامة.

حزب العمل الذي قاد إسرائيل لسنوات طويلة كان محصلة سلسلة طويلة ومعقدة من الاندماجات بين أحزاب المعسكر اليساري، في حين تشكل «الليكود» من ائتلاف أحزاب اليمين والوسط مع بعض أفراد حزب العمل الذين انشقوا عن حزب العمل وأيدوا فكرة أرض إسرائيل الكاملة.

وقد سطع نجم تجمع «الليكود» بعد فوزه في انتخابات صيف عام 1977، الأمر الذي أتاح بعد ذلك التاريخ للأقلية العربية وأحزابها المختلفة دخول اللعبة الانتخابية في إسرائيل. ومع صعود الأحزاب الدينية الشرقية والغربية ممثلة بحركتي «شاس» و «المفدال» إلى واجهة العمل السياسي في عقد التسعينيات من القرن الماضي، باتت الخريطة السياسية تتشكل من أربعة أطياف رئيسية هي:

تكتل حزب العمل وحلفاؤه.

تكتل «الليكود» وحزب «إسرائيل بيتنا» الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان، فضلاً عن الأحزاب الدينية، الغربية والشرقية، وتكتل الأحزاب العربية، التي خاضت انتخابات الكنسيت 22 بقائمة موحدة رغم خلافات متشعبة.

تحولات وتشظيات

واللافت حصول تحولات في المشهد السياسي الإسرائيلي بعد حل الكنسيت وتحديد موعد انتخابات مبكرة في آذار/ مارس المقبل.

وقد تجلى ذلك في التشظيات وإعادة تموضع لشخصيات إسرائيلية؛ حيث انشق ساعر عن حزب الليكود في الثامن من كانون اول ديسمبر الماضي وسحب معه النائبة «يفعات شاشا- بيطون « بعد عدة أيام، كما سبقهم في ذلك من من إئتلاف «كاحول لافان «تسيفكا هاوزر ويوعاز هندل من كتلة ديريخ ايرتس» ؛ لكن الأخطر على نتنياهو كان انشقاق حليفه المقرب «زئيف إلكين « في الثالث والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر المنصرم؛ وإصداره بيانا بمثابة لائحة اتهام لنتنياهو.

وبعد إعلان «ساعر» تشكيل حزب جديد بمسمى «أمل إسرائيل» وحصد أكثر من عشرين مقعدا في الكنيسين؛ حسب استطلاعات الرأي الإسرائيلية، فإن الساحة الإسرائيلية ستشهد مزيداً من التشظيات والانقسامات؛ فضلاً عن تشكيل أحزاب ضمن قوائم إئتلافية تخدم التوجهات السياسية؛ محاولة للاستئثار بنسبة عالية من أصوات الناخبين الإسرائيليين عند الانتخابات.

الخريطة الحزبية المرتقبة

مع قرب حملة الانتخابات الإسرائيلية المبكرة وتفاقم العنصرية الإسرائيلية، ستشهد الساحة السياسية الإسرائيلية ولادة أحزاب أكثر عنصرية لكسب رضى التجمع الاستيطاني الإسرائيلي الذي يتنكر للحقوق الفلسطينية برمتها؛ وستتشكل الخارطة الحزبية الإسرائيلية المقبلة من بقايا الليكود وحزب العمل وحزب إسرائيل بيتنا وتجمع أبيض أزرق ؛ فضلاً عن بقايا تحالف «حركة ميرست» اليسارية وحزب «إسرائيل الديمقراطية» الذي شكله رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك، ثم تحالف حزب العمل مع حزب غيشر، هذا إضافة إلى الأحزاب العربية التي شكلت قائمة مشتركة من ثلاثة أحزاب وحركات عربية، وهي التجمع الوطني الديمقراطي، والحركة الإسلامية، والحركة العربية للتغيير، مع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي تضم في صفوفها الحزب الشيوعي الإسـرائيلي أيـضاً.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية المبكرة ستحصل بكل تأكيد اندماجات أحزاب صغيرة وغياب أخرى عن المشهد السياسي ؛ لكن الثابت ستتشكل أحزاب إسرائيلية أكثر يمينية كإنعكاس مباشر وجدلي لتفاقم العنصرية في التجمع الاستيطاني الإسرائيلي، وتبعاً لذلك ستحمل الأحزاب الإسرائيلية، التي ستخوض الانتخابات؛ وبشكل خاص «حزب أمل « الذي شكله ساعر، في جعبتها أجندة عنصرية ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المعروفة. وستكون الحكومة الإسرائيلية المقبلة أكثر يمينية في تاريخ دولة الاحتلال، وفي سلم أولوياتها تسريع الاستيطان في القدس والعمل على تنشيط الاستيطان في عمق الضفة الغربية لفرض السيطرة والسيادة الإسرائيلية مستغلة الانحياز الأمريكي المطلق للرؤى والتصورات الإسرائيلية.

* كاتب فلسطيني مقيم في هولندا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى