أقلام وأراء

نبيل السهلي : هل تحقق «مسيرة العودة» أهدافها؟

بقلم : نبيل السهلي ، الحياة ٩-٤-٢٠١٨م
انطلقت فعاليات مسيرة العودة الفلسطينية الشعبية من عدة مناطق في قطاع غزة في الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض في الثلاثين من آذار (مارس) الماضي، والمسيرة فعل كفاحي جديد لن ينتهي إلا بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم المحتلة التي أنشئت عليها إسرائيل قبل سبعين عاماً. ولن تقتصر التظاهرات التي تستمر إلى منتصف شهر أيار (مايو) المقبل على سكان قطاع غزة، بل ستتسع المسيرة لتشمل الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس، ومناطق اللجوء الفلسطيني في الأردن ولبنان وسوريا ومصر باتجاه الحدود القسرية مع المناطق المحتلة عام 1948. ومن شأن استمرار الحراك الشعبي الفلسطيني أن يمهد لتضامن دولي حقيقي مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، خصوصاً مع تفاقم عنصرية إسرائيل التي توضحت صورها مع ارتفاع وتيرة قتل واعتقال الأطفال الفلسطينيين في الآونة الأخيرة.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن مسيرة العودة تهدف، كما يؤكد منسقوها، إلى تنفيذ وتطبيق حق العودة لستة ملايين ونصف المليون لاجئ فلسطيني إلى وطنهم.
اللافت أن لمسيرة العودة الفلسطينية صدى مدوي في الساحة السياسية الإسرائيلية، حيث أشار الخبير الإسرائيلي في شؤون الإعلام والأمن يوني بن مناحيم «إلى أن هناك عدة أهداف يسعى الفلسطينيون إلى تحقيقها رزمة واحدة من خلال مسيرات العودة على الحدود في قطاع غزة، جنباً إلى جنب مع ابتكارهم طرقاً جديدة وحيوية لانتفاضة من نوع آخر، وإستراتيجية تهدف إلى تسخين الحدود لإلغاء صفقة القرن، واعتبرها بن مناحيم «إستراتيجية جديدة للمقاومة الفلسطينية بعد انتفاضات الحجارة والسكاكين والسلاح الناري، وقد أتى الدور اليوم على انتفاضة الجماهير المحتشدة من خلال مظاهرات ذات طابع سلمي، وبذلك ارتدت الفصائل الفلسطينية زياً جديداً من الثورة الشعبية». ومن الأهداف التي حددها الخبير الإسرائيلي، عودة القضية الفلسطينية وحق العودة للفلسطينيين إلى أجندة السياسة الإقليمية والدولية والتسبب بإحراج إسرائيل في الساحة الدولية، لأن الفلسطينيين نجحوا بتصوير جيشها يطلق النار ليقتل الفلسطينيين، هذا فضلاً عن إعادة طرح موضوع حصار غزة والأزمة الإنسانية فيها من جديد إلى صدارة الاهتمام العالمي، كما أن لمسيرة العودة هدف هام يتمثل بوضع المزيد من العقبات أمام صفقة القرن للرئيس الأميركي دونالد ترامب، من خلال تحويل حدود غزة الشرقية والجنوبية والشمالية إلى مراكز احتكاك جديدة بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، بغية استعادة الطابع الشعبي للصراع الذي يخوضه الفلسطينيون. وتخوف الخبير الإسرائيلي من تمكن الفلسطينيين في قطاع غزة من إيصال رسالتهم إلى مجلس الأمن والجامعة العربية، ومن ثم الضغط لعقد جلسات طارئة قد ينقل القضية الفلسطينية من الواقع الإقليمي إلى الواقع الدولي.
ثمة تخوف إسرائيلي من استمرار مسيرة العودة، حيث ينظر الجيش الإسرائيلي ينظر إليها بمنتهى الخطورة، وقد ألغيت إجازات جنود الاحتلال، وأعلن حالة الاستنفار استعداداً لإمكانية حدوث تصعيد في الأسابيع المقبلة، وقد اجتمع الجيش بقيادة رئيس الأركان أيزنچوت يوماً كاملاً على طول الحدود واتخذوا عدداً من الإجراءات الوقائية لمنع اقتحام السلك الشائك الفاصل، واعتمدوا في التعامل مع المظاهرات قاعدتين سيتم إلزام الجيش بتنفيذهما، الأولى، منع قتل أعداد كبيرة، والثانية، منع تجاوز السلك الفاصل بأي ثمن وقرروا الآتي: توزيع بيانات ومنشورات من الجو تحذر المتظاهرين من عواقب تجاوز السلك الفاصل، وإطلاق النار في الهواء، وقنابل دخانية، وقنابل صوتية وغازية، واستخدام الطلقات النارية.
بعد الهواجس الإسرائيلية المشار إليها من استمرار مسيرة العودة وتوسيع إطارها المكاني والزماني والشعبي في شكل مدروس، تبرز إلى الأمام أسئلة عديدة في المقدمة منها، هل تحقق المسيرة أهدافها المتشعبة وفي المقدمة حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم؟. صحيح أن الشعارات التي رفعها منسقو المسيرة محقة وعادلة وتسند إلى قرارات دولية في مجملها، لكن ثمة مخاوف من عدم رسم الخطوات اللاحقة للحراك الشعبي في شكل منهجي ومدروس، ولهذا لابد من دعم الحراك في مستويات عديدة، في الجانب السياسي تتطلب الضرورة دعم مطلق من كافة الفصائل والقوى والأحزاب الفلسطينية لمسيرة العودة باعتبارها نوعاً كفاحياً جديداً له بعده الشعبي، ولهذا يجب تغييب المصالح الفصائلية الضيقة لحساب دعم الحراك الشعبي باعتباره يخدم أهداف النضال الفلسطيني، وإلى جانب ذلك تتطلب الضرورة أيضاً إبداء المشورة والنصح من قبل شخصيات متخصصة في القانون الدولي، وأصحاب الرأي والفكر لترشيد الحراك الشعبي الفلسطيني بحلته الجديدة (مسيرة العودة الكبرى).
* كاتب فلسطيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى