أقلام وأراء

ناصر ناصر يكتب – الأسرى الفلسطينيون على مذبح الانتخابات في إسرائيل

بقلم ناصر ناصر – 4/1/2019

أعلن وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان سلسلة من إجراءات تصعيدية من الممكن وصفها بأنها إعلان حرب على الأسرى، حيث أوصى بضرورة تشديد شروط حياة الأسرى الفلسطينيين دون تمييز بين كبير وصغير، بين من أمضى شهر واحد أو ثلاثين عاماً في الأسر، بين فتحاوي أو حمساوي أو أي تنظيم آخر، حيث قرر إلغاء الأقسام الخاصة بكل من فتح وحماس، أو ما اسماه الحكم الذاتي الذي يتمتع به الاسرى، وذلك في مبالغة مقصودة من أجل تبرير هجومه على الاسرى.

تواجه الاجراءات التي أعلنها أردان عقبتين رئيسيتين الأولى مهنية والثانية والأهم أمنية، أما المهنية فتتعلق بالقدرة الفعلية لتنفيذ هذه الاجراءات بعد القيام بحسابات الربح والخسارة والتكلفة والفائدة، فمعظم هذه الاجراءات ستكلف اسرائيل ملايين الدولارات وأعداد كبيرة جدا من القوى البشرية الجديدة، وفي المقابل فإن الفوائد المرجوة من ذلك لا تتعدى على الأغلب أغراض معنوية ونفسية للجمهور الاسرائيلي، وعلى رأسها الانتقام والتنكيل بالأسرى.

إن وقف السماح للأسرى بالاستحمام داخل غرفهم، و منعهم من الطهي داخل هذه الغرف يتطلب بالقطع بنية تحتية جديدة ومكلفة جدا، لذلك قد يأخذ هذا الإجراء إن تم اقراره فترة لا تقل عن سنتين أو ثلاث، إضافة إلى تشغيل أعداد أخرى من السجانين، أما العقبة الثانية التي تواجه أحكام أردان فهي عقبة أمنية، حيث يتوقع أن تواجه هذه الاجراءات بمعارضة واحتجاجات من قبل الأسرى وما ينتج عن ذلك من احتماليات لإضرابات عن الطعام داخل السجون، ومظاهرات واسعة في الضفة الغربية، وهذا بالضبط ما دعي الدوائر الأمنية الاسرائيلية وعلى رأسها الجيش و جهاز الشاباك لإبداء معارضتهم لأحكام أردان ( الصبيانية ).

من المناسب الإشارة إلى موقف مصلحة السجون من خطة الوزير أردان والتي تتلخص في تحذيرها من نتائج تنفيذ الخطة على الوضع الأمني داخل السجون، مع تأكيدها أن بإمكانها تطبيق وتنفيذ تعليمات أردان إن تم إقرارها في الحكومة، والموافقة على كل ما تتطلب من تكاليف مالية وقوى بشرية.

إضافة إلى ذلك فقد صرح بعض كبار قادة مصلحة السجون السابقين، ومن بينهم مديرة سجن هداريم ومسؤولة الاستخبارات العامة في السجون سابقا بيتي لاهت، والتي تحفظت على هذه الاجراءات وعلى طريقة عرضها في مؤتمر صحفي صاخب من قبل أعلى مستوى في الأمن الداخلي وهو الوزير بنفسه، كما أعرب مدير سجن هداريم السابق داكار إيلات عن تحفظه أيضا، مشيرا إلى أن الأسرى الأمنيين يحرصون على نظافة الأقسام والغرف، ولا يسرفوا بالماء عمدا وقصدا.

وقد أشارت كلا الشخصيتين إلى أهمية منصب ما يسمى ب “الدوبير” أو الناطق باسم الأسرى، بغض النظر عن التسميات المقترحة من لجنة أردان.

من اللافت للنظر أن اللجنة التي شكلها أردان لدراسة شروط الأسرى، والتي قام هو بتبني توصياتها هي لجنة تتكون من كبار قادة مصلحة السجون السابقين، و الذين كان لهم دور بارز ومشهور في صياغة و تعزيز الشكل الحالي لحياة الأسرى في السجون ومعها قواعد السلوك بين الأسرى والسجان، ومن أهمهم آفي فاكلين مدير سجن بئر السبع سابقا، وقائد المنطقة الجنوبية في الشاباص وكذلك الضابط يتسيك غاباي رئيس الاستخبارات السابق في السجون، فلماذا اوصى هؤلاء على اجراءات معاكسة و تنسف كل ما كانوا جزءا من بنائه و صياغته؟ و هل كان لذلك علاقة برغبات وتطلعات من كلفهم بذلك؟  

لقد أصبح الأسرى الفلسطينيون مادة للدعاية الانتخابية في اسرائيل، ومصدراً من مصادر التحريض وتجنيد الأصوات للمعركة الانتخابية المحتدمة دوما في إسرائيل، فقبل ايام أعلن وزيرا الكابينت شاكيد وبينت حزبهما الجديد، رافعين راية الحرب على الأسرى وإطلاق سراحهم، ومن قبلهم سعى وزير الدفاع ليبرمان لاستصدار قانون إعدام الأسرى، ثم قطع رواتبهم ومعاشات أسرهم، واليوم جاء دور وزير الأمن الداخلي أردان ليجرب حظه وليأخذ قليلاً من دماء الأسرى ويمضي.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى