ناحوم برنياع يكتب – من ذهب ابيض حتى نهاية النفق
يديعوت – بقلم ناحوم برنياع – 5/12/2018
المطلة. قبل أن نلوث الحدث بالترهات السياسية، سأحاول ادخاله الى التوازن. فالجيش الاسرائيلي يعمل منذ سنتين على عملية تصفية أنفاق حزب الله. الاسم السري للاستعدادات كان “ذهب أبيض”. كتاب سميك يفصلها، والرجل الذي دفع بكل قوة نفوذه لتنفيذ الخطة، مع القيادة السياسية وضدها، كان رئيس الاركان غادي آيزنكوت. في 7 تشرين الثاني أعطى الكابنت ضوء اخضر لتنفيذ العملية، وترك للجيش الاسرائيلي القرار في الموعد الدقيق. وتحول الاسم الى “درع الشمال”. اما الموعد فتقرر لاعتبارات عملياتية.
الخطوة دراماتيكية. والطريقة التي سوقت فيها للجمهور لونتها بالوان دراماتيكية جدا. لا يدور الحديث هنا عن حملة عنتيبة أو القبض على سفينة كارين ايه. هذه خطوة مبررة، لازمة، نعرف كيف تبدأ ولكن احدا لا يعرف – بمن فيهم رئيس الاركان – كيف ستنتهي. التقدير في الجيش الاسرائيلي مركب: من جهة ليس معقولا ان يرد نصرالله على فقدان أنفاقه بهجمة صاروخية على اسرائيل؛ من جهة اخرى لا ضمانة لان يتصرف بشكل معقول. فنحن نعرف ان نصرالله قادر على ان يقرر بطريقة غير معقولة. فبعد نهاية حرب لبنان الثانية، في 2006، اعترف علنا بان قراره اختطاف جنديين، والذي أدى الى الحرب، كان خطأ غير محسوب. نصرالله يمكن ان يقفز له هذه المرة ايضا، في النفق الثالث، الرابع او الـ 17.
ما يمكن أن يغير قرار نصرالله هو مسألة السيادة. اذا كان نشاط للجيش الاسرائيلي ضد انفاق في اماكن يدعي حزب الله بانها تعود الى لبنان، فمن شأنه أن يرد بالنار.
سافرت أمس على طول الجدار في المطلة. بين الجدار الذي أحاط القرية وبين سور الحدود، في بداية سهل عيون، تقع منطقة واسعة من المزروعات التي لفلاحي القرية. وقد اعلن عن هذه المزروعات وهوامشها منطقة عسكرية مغلقة. اما القرية فتعيش حياتها كالمعتاد. والاعلانات الدراماتيكية عن حرب في المطلة لم تكن لها اساس، او في الاغلب سابقة لاوانها. فقد هربت عبثا من حجز الغرف للحانوكا.
من تحت السور الحدودي كانت تعمل آليات هندسية للعثور على النفق. وكان رجال حزب الله ينظرون اليها من منازل قرية كيلة، على مسافة أمتار قليلة من السور، ويصورون. ولم تطلق أي رصاصة. اما الاليات التي يستخدمها الجيش فترسم فقاعة دائرية. وفي داخلها هناك حاجة الى التفتيش طولا وعرضا وعمقا. واحيانا تكون الدائرة دقيقة واحيانا لا. كان هناك خبراء قدروا انه سيستغرق الامر اشهر حتى استكمال المهامة التي طول الخط الازرق، من المطلة حتى رأس الناقورة. التقدير الحالي اكثر تفاؤلا. فهو يتحدث عن اقل من شهر. وحسب بيان الجيش الاسرائيلي فان قائد المنطقة الشمالية، يوئيل ستريك، سيقود الخطوة.
الاصطلاح الذي يستخدمه الجيش الاسرائيلي هو “حملة”. هذا ما يقوله القاموس العسكري. “نعم، هذه حملة”، قال ليس امس مصدر عسكري رسمي. “توجد هنا جهود على المستوى الوطني، تكنولوجية، استخبارية، عملياتية، عملية متعددة الاذرع، غاية استراتيجية. بنيت قوة، عرضت نماذج، مئات الاشخاص يعملون على تنفيذ المهامة”.
كله صحيح، غير أنه في القاموس المدني الاسرائيلي، فان الحملة العسكرية هي عملية يطلق فيها الجيش الاسرائيلي النار الى ما وراء الحدود. واعتبر بيان الناطق العسكري صباح امس كمقدمة لحملة بحجم الجرف الصامد، ان لم يكن اكثر من هذا. وقدم نتنياهو في ذلك مساهمته، في ظهوره قبل اسبوعين وفي ظهوره أمس. لا معنى لخلق اجواء حرب اذا كان الهدف هو عدم الوصول الى حرب. شدة الدراما تزيف طبيعة العملية ومن شأنها ان تدفع الطرف الاخر الى قرار لا يريده.
يحتمل أن سوء الفهم هذا كنا سنعفى منه لو ان الجش كان يصف العملية بانها “حملة دفاعية”، كما يجدر بحملة مخصصة لان تجري بكاملها في الاراضي الاسرائيلية.
يرى نتنياهو بالتأكيد منفعة دعائية في وضع حزب الله، وسيدته ايران، على مقعد الاتهام الدولي. من ناحية العالم، هذه انباء قديمة أحد لا يتأثر بها. كما ان لاسرائيل مصلحة في احراج الامم المتحدة وقادة القوة الدولية في لبنان. عندما اشتكت اسرائيل لقادة القوة الدولية عن نصب وسائل اطلاق الصواريخ ومخازن الصواريخ في المنازل في جنوب لبنان، وغيرها من الخروقات لقرار 1701 لمجلس الامن، كان الجواب: “لا يوجد لديكم أدلة. لا يمكننا أن نفحص شكاواكم لانه محظور علينا الدخول الى الممتلكات الخاصة”.
أما الانفاق فهي أدلة. فهي ليست في الممتلكات اللبنانية الخاصة بل في اراضي اسرائيل. في مزروعات التفاح في المطلة. ينبغي الافتراض بان قائد القوة الدولية سيستدعى قريبا للتجول فيها. فماذا ستفعل القوة الدولية بالادلة: لشدة الاسف، ليس الكثير.
في الجيش الاسرائيلي مقتنعون بان كشف الانفاق يشكل ضربة قاضية لحزب الله. كان رئيس الاركان ظهر امس في معسكر جيبور، قرب كريات شمونا. وقدر بان حزب الله فوجيء ويعيش في صدمة. ضابط آخر قال لي ان المنظمة اهينت واحرجت. فقد ادير مشروع الانفاق بسرية تامة. وهو لن يتفاجأ اذا كان هناك تحقيق داخلي للكشف كيف حصل الجيش الاسرائيلي على المعلومات عن الانفاق.
الثقب الذي فتحه المثقاب في أرض الكرم نحو 40 متر داخل اراضي اسرائيل، كشف عن نفق بدأ من داخل مبنى، على مسافة نحو 140 متر في داخل الاراضي اللبنانية، حفر بعمق نحو 25 متر. وكان النفق قريبا من الانتهاء. والى داخل الثقب ادخلت كاميرا. وامس في الساعة السادسة صباحا التقطت بضع رجال لحزب الله كانوا يتسلقون أعلى النفق. كان يمكن اطلاق النار عليهم. وكان الامر العسكري عدم اطلاق النار. يمكن للامر ان يتغير في العمل على كشف الانفاق التالية.
الى جانب فرحة السكان في قرى الجدار بالكشف عن الانفاق طرح ادعاء أليم: لماذا نفيتم، لماذا أخفيتم. كان واجبكم ان تحذرونا. يتبين أنه في 2016، عندما أثارت الانباء عن انفاق حماس في غزة مخاوف مشابهة في الجليل وقال السكان انهم يسمعون ضجيج الحفر، في الجيش الاسرائيلي نفوا. في الفترة اياها لم يكونوا يعرفون عن الانفاق. في السنتين الاخيرتين دحرت المسألة الى الهوامش. والتعليمات لقادة الكتائب كانت: لا تتحدثوا عن هذا في لقاءاتكم مع السكان. اما أمس، بعد أن خرجت الانفاق الى النور، شعر السكان بفزع بأثر رجعي. فرحوا وغضبوا.
بعيدا عن هناك، في وسط البلاد، طرح ادعاء آخر: نتنياهو يستخدم الجيش الاسرائيلي كي يبتعد عن تحقيقاته. كعمق التحقيقات عمق الانفاق. وبقدر ما يمكنني ان حكم على الامور، فانه ليس لهذا الادعاء اساس في الواقع. التحقيقات في جهة والانفاق في جهة اخرى.