ترجمات أجنبية

ميشال كرانز – فورين بوليسي – خدع حزب الله القديمة لن تنجح في لبنان

ميشال كرانز ، فورين بوليسي -4/11/2019
ترجمة :هالة أبو سليم

كانت التوقعات مرتفعة بالنسبة لخطاب زعيم حزب الله حسن نصر الله في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني خلال أسبوع مضطرب في لبنان .
وشملت أعمال العنف الواسعة النطاق في الشوارع في بيروت، واستقالة رئيس الوزراء سعد الحريري بعد أسبوعين من الاحتجاجات على مستوى البلاد ، لكن الزعيم الشيعي لم يكن لدية الكثير للحديث عنة .
وكما حدث في خطابه السابق الذي ألقاه في الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول، أكد نصر الله على الحس العملي البرجماتي فيما يتصل بالمثالية، فوجه انتقادات لاذعة لساسة لبنان في حين ردد في نفس الوقت دعوتهم إلى التعجيل بعملية تشكيل الحكومة في أعقاب رحيل الحريري.
وقال نصر الله: “إننا ندعو إلى الحوار بين الأحزاب السياسية، والبرلمانيين، وزعماء الاحتجاجات الصادقين”. ويتعين علينا جميعاً أن نتجاوز الجراح التي خلقتها احداث طيلة الأسبوعين الماضيين”.
وبالنسبة لزعيم الحزب الذي وصف نفسه بأنه طليعة المقاومة الشعبية اللبنانية لعقود من الزمان، فإن دعم نصر الله للمؤسسة الفاسدة في البلاد قد يبدو غريباً.
ولكن في الوقت الحالي ـ النضال من أجل التكيف مع التغيرات المفاجئة التي طرأت على النظام السياسي من حوله وعلى الأرض من تحته ـ وقد تركت المجموعة نفسها ببدائل قليلة غير دعم النظام الحالي ورهان على قوة وجوده من خلال كونها “حركة مقاومة وقدرتها على توزيع العنف والتهديدات لإبقاء مؤيديها في المواجهة .
ويكاد يكون من المؤكد أن حزب الله سوف يتمكن من الصمود في وجه العاصفة المتنامية وسوف يحتفظ بموقفه القوي في السياسة اللبنانية ـ ولكن استقالة الحريري، فضلاً عن حالة عدم اليقين الاجتماعي والسياسي التي نتجت عن الاحتجاجات، كانت سبباً في جعل الأمور تبدو غير مؤكدة .
ومن خلال التوصل إلى اتفاق دقيق، والنجاح في صناديق الاقتراع، والاستخدام المحسوب للقوة على مدى العقد ونصف العقد الماضيين، لعب حزب الله دوراً رئيسياً في صياغة واقع سياسي في لبنان سمح للجماعة بالحفاظ على الاستقرار، وتوسيع ترسانتها الصاروخية، واستخدام البلاد كقاعدة يمكن الاعتماد عليها لشن حملة في سوريا لصالح الرئيس بشار الأسد وإيران
ورغم أن حزب الله لم يسيطر قط على الدولة بشكل صريح، إلا أنه اندمج معها، ولقد أصبح ينظر إلى المنافسين السابقين مثل الحريري باعتبارهم الضامنين الحيويين للنظام الذي ساعدت الجماعة في تأسيره.
ولكن الآن بعد أن قفز الحريري من على متن السفينة، وحليف حزب الله، الرئيس ميشيل عون يدعو إلى حكومة تكنوقراطية. فقد أصبح نموذجها مهددا. ويبدو أن حزب الله يدرك تمام الإدراك المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها إطاره التشغيلي؛ وقبل إعلان الحريري في التاسع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول، كان أحد مستشاري حزب الله قد ضغط على رئيس الوزراء لإعادة النظر في اختياره، فأخبره بأن الاحتجاجات اقتربت من نهايتها.
ما هي أهداف حزب الله اللبناني ؟
” وفي الأسبوع الماضي قال لي(الحديث هنا للكاتب ) عضو البرلمان السابق مصطفى علوش، الذي يشكل جزءاً من المكتب السياسي لحزب الحريري في المستقبل: “إن ما يريده حزب الله هو موقف مشابه كان من قبل؛ بل إن نفس التحالف، ربما بأسماء مختلفة”. “إن الجميع يعلمون أن إعادة التفاوض على نفس الشروط التي كانت في السنوات الثلاث السابقة لن تنجح مع الناس المتجمهرين في الشوارع.
وقد صرح أعضاء حركة المستقبل “أنه يجب إعادة ترشيح الحريري لتشكيل حكومة جديدة, لكنّ مها يحيى, مدير مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت, قالت أنّ مثل هذه النّتيجة غير مرجحة. وفي حالة وجود حكومة تكنوقراطية فإن المهم بالنسبة لحزب الله يتلخص في إيجاد السبل اللازمة للحفاظ على نفوذه في مجلس الوزراء، حتى ولو كان ذلك يصب في إطار القواعد التي كانت تحكم النظام اللبناني قبل الثورة.
وقال يحيى: “سوف يتكيفون إلى حد ما. “سوف يستخدمون هذا الكتاب المسرحي القديم، ولكن ما سوف يهتمون به هو ما إذا كانت مصالحهم محمية، أياً كان من يعمل في الحكومة.
ولقد رفض المكتب الإعلامي لحزب الله وأعضاء الحزب التعليق على هذه القصة. ولكن إذا كان الماضي أي مؤشر فإن الحزب سيفعل كل ما في وسعه كأفضل آلة سياسية في لبنان للضغط على كل من يكلف بتشكيل حكومة جديدة حتى ولو كان المقصود منها أن تكون حكومة تكنوقراطية تسمية المرشحين الذين سيحتفظون بمنصب حزب الله.
ومن أجل التعامل مع المحتجين في الشارع، أعرب نصر الله، وغيره من مسؤولي حزب الله، وحلفاءهم في حركة أمل الشيعية ذات الأغلبية، عن دعمهم المحدود والحذر لجهودهم.
بل لقد حاولوا في واقع الأمر أن يشهدوا الاحتجاجات باعتبارها نعمة لحزب الله وحلفائه. وقال مسؤول كبير في حركة أمل طلب عدم الكشف عن اسمه “إن هذه المطالب فرصة ذهبية للشيعة”. ولكن في استجابة للهتافات ضد الحزب في الشوارع أضاف المسؤول: “عندما تلعب السياسة، فأنت تتوقع أن تكون المعارضة في بعض الأحيان. وفي بعض الأحيان تتخذ قراراً لا يحظى بشعبية كبيرة، ولكن الناس في وقت لاحق يدركون أنه قرار صائب”
ومع ذلك، لا يزال علينا أن نرى ما إذا كان الشعب سيقدر في نهاية المطاف العنف الذي يمارسه المتشددون من الحزب ضد بعض المحتجين. لقد تغذى الوعي الوطني غير الطائفي الجديد الذي اكتسح البلاد بالكامل، ولقد تحدث العديد من الشيعة في لبنان ضد حزب الله وأمل بعدد من الطرق غير المسبوقة.
وردا على ذلك، اعتدى أنصار أمل على المتظاهرين في مدينة صور الجنوبية في 19 أكتوبر/تشرين الأول. ووقعت حوادث مماثلة في النبطية، معقل حزب الله، في الأسبوع التالي. وقال محمد, وهو أحد سكان صور الذي شارك في الاحتجاجات هناك ولم يعط سوى اسمه الأوّل لأسباب أمنيّة, أنّ الموالين للحزب كانوا يهددون المحتجّين بالعقاب أو بالسجن لتخليه عن الحزب.
وبعد أيام من انحسار الاحتجاجات في صور، بدا أن هذه التهديدات لم تكن خالية. وكانت السلطات في جنوب لبنان، التي يسيطر عليها حزب الله وأمل، قد اتهمت بالتحيز عندما اتهمت 12 شخصا من صور بارتكاب جرائم تتعلق بالمظاهرات التي تنفذ أحكاما بالسجن تصل إلى سبع سنوات ولكن لم يعتقل أي من أنصار الأحزاب الذين نفذوا أعمال العنف ضد المحتجين. وظهرت حالات أخرى من الإكراه المحتمل من قبل عناصر حزبية، بما في ذلك عدد من مقاطع الفيديو لأشخاص يعبرون عن اعتذارات قسرية لإهانة نصر الله ورئيس البرلمان نبيه بري، رئيس أمل، أثناء المظاهرات .
وقال الصحفي علي الأمين: “لقد بدأت أمل ونصر الله يستشعرون بالخطر ولا يمكنهما إلا أن يواجها الخطر من خلال العنف”. وقد تعرض أمين لهجوم من قبل مؤيّدي حزب الله المشتبه فيهم بعد أن ركض ضدّ الجماعة للحصول على مقعد برلمانيّ في جنوبيّ لبنان العام الماضي. وهذا من شأنه أن يزعزع الثقة في هذه البلدان، فيفضي إلى المزيد والمزيد من المعارضين”.

ما هي توجهات حزب الله المستقبلية؟
وفي الأيام القليلة الماضية حاول حزب الله تصحيح مساره بما في ذلك بتذكير الجمهور اللبناني بأن الجماعة هي قوة مقاومة أولا وحزب سياسي ثانياً، وأعلن حزب الله أنه أطلق النار على طائرة إسرائيلية من دون طيار عبرت المجال الجوي اللبناني في 31 أكتوبر/تشرين الأول، واختتم نصر الله خطابه بعد يوم بالتفاخر بالحادث. ولكن طبقاً لما ذكره نيكولاس بلانفورد من مجلس الأطلنطي، “فإن حزب الله كان يواجه صعوبة كبيرة في الحفاظ على سرد المقاومة في ظل صراع مثير في سوريا وتورط في المعارك السياسية اللبنانية”.
لكن فكرة المقاومة ما زالت تتأرجح بين اعضاء الطائفة الشيعية.
وفي التاسع عشر من أكتوبر/تشرين الأول قال أحد المحتجين عباس حيدر في بيروت: “إن حزب الله، باعتباره حكومة، لابد أن يرحل بطبيعة الحال”، ولكن المقاومة ضد إسرائيل ليست بكل تأكيد”.
واعترف أمين بأن الاحتجاجات في لبنان هي التي دفعت الطائفة الشيعية إلى التحرك ،هذه كانت البداية فقط، ولكن في رأيه، فإن التحولات الاجتماعية التي حدثت حتى الآن هي مؤشرات قوية على أن التغيرات السياسية تنتظر في انتظار ما يحدث.
الرابط الأصلي للمقال :
Hezbollah’s Old Tricks Won’t Work in Lebanon

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى