ترجمات أجنبية

ميدل إيست أي: زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر يرسم مخططًا مرعبًا للمملكة المتحدة

ميدل إيست أي 31-5-2024، بيتر أوبورن: زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر يرسم مخططًا مرعبًا للمملكة المتحدة

عبر المعلقون السياسيون عن صدمتهم واستغرابهم من استهداف ستارمر وسط الحملات الانتخابية، اليسار في داخل الحزب. فمن الواضح أن زعيم العمال يقود آلة سياسية لا إنسانية لا ترحم. فقبل عامين بثت قناة الجزيرة سلسلة من خمس حلقات تحت عنوان “ملفات العمال”. وكشفت فيها عن الحقيقة القاتمة في داخل حزب ستارمر. وقام التحقيق الاستقصائي المذهل على ملفات ووثائق سرية داخل الحزب وقدم أدلة ثرية وشهادات شخصية تظهر أن آلة الحزب تنمرت على أعضاء الحزب وتلاعبت وبطريقة مخزية بالديمقراطية الداخلية للحزب. وما هو صادم في تحقيق الجزيرة هو كشفه عن القصة المخفية للعنصرية ضد السود والإسلاموفوبيا في مقرات العمال.

كالعادة تجاهلت الصحف الرئيسية تحقيق “الجزيرة”. وبدلا من ذلك ابتلع الصحافيون السذج رواية ستارمر أن العمال الجدد تحت قيادته أعاد الحزب لفطرته السليمة وطريقه الصحيح بعد جيرمي كوربن.

وهو سرد أثبت تحقيق الجزيرة خطله، وما علينا إلا أخذ مثال واحد وهي الطريقة التي عوملت فيها دايان أبوت، أول نائبة سوداء تدخل البرلمان البريطاني، وكانت عضوا بارزا في حكومة ظل العمال تحت قيادة كوربن. وكانت مكروهة بشدة من البيروقراطية اليمينية التي سيطرت على الحزب في سنوات كوربن الأولى”. وكشفت “ملفات العمال” رسائل واتساب بين مجموعات إدارية بارزة، حيث كتبت مسؤولة بارزة عن أبوت “تجعلني حقا أشعر بالغثيان” وكتبت أخرى “أبوت مقرفة في الحقيقة”.

عندما قابلت فريق الجزيرة أبوت قالت عن كاتبة الرسالة “يبدو أنها تعبر عن كراهيتها للمرأة السوداء مما يعني أن حزب العمال ليس مكانا آمنا للمرأة السوداء”. 

الطريقة التي عوملت فيها آبوت ليس المثال الوحيد للعنصرية في داخل حزب العمال. فقد كشفت “ملفات العمال” عن دوسيه سري استخدم لطرد حوالي 5,000 من أعضاء الحزب المسلمين الذين اتهموا بمحاولة “اختراق” الحزب في نيوهام. وقال واحد ممن وردت أسماؤهم في الدوسيه للجزيرة “يبدو أن أحدا يعمل داخل الحزب ضد الأقليات العرقية”، وعندما طلبت الجزيرة من الحزب التعليق، نفى وجود العنصرية داخل حزبه.

“ملفات العمال” تقوت عندما أصدر المحامي مارتن فورد تقريرا عام 2022 عن معاداة السامية وأشكال التمييز الأخرى داخل حزب العمال. ووجد فورد الذي كلفه ستارمر بإجراء التحقيق “مشاكل خطيرة في التمييز” داخل حزب العمال، بما في ذلك مواقف فصائلية غير حساسة” بين مجموعات واتساب.  وحدد تقريره “هيكلية عنصرية” داخل حزب العمال، حيث كانت معاداة السامية أخطر من الأشكال الأخرى للعنصرية. ولم يتحرك ستارمر لتنفيذ توصيات فورد، ولم يكن يتعرض لضغوط كبيرة لعمل هذا.

ومع أن الإعلام لم يتجاهل كليا تقرير فورد كتجاهله تحقيق الجزيرة، إلا أن الإعلام أساء تفسير ما ورد فيه واعتبره تافها. ومهما كان دافع ستارمر لعدم تطبيق ما ورد في تقرير فورد، إلا أن عرض نفسه لاتهامات بأنه منح ضوءا أخضر بأن سلوكا كهذا قد يمر بدون عقاب.

طريقة معاملة فايزة شاهين (المسلمة)، التي تم استبعادها بطريقة مفاجئة لتمثل الحزب في منطقة تيشنغورد وغرين فورد الأسبوع الماضي، تقدم فهما وصورة واضحة في سياق ما ورد بـ “ملفات العمال” قبل عامين.

حتى يكون الواحد منصفا فالعنصرية واحتقار الأقليات الذي فضحته سلسلة “ملفات العمال” كانت من عمل الاتجاه اليميني الذي كره كوربن وسابق لقيادته. لكن لا أحد يعفيه من المسؤولية عن الثقافة المسمومة وغير الديمقراطية التي عادت وبانتقام في ظل قيادته. وقام الحزب بتصنيف عدد من المنظمات اليسارية بغير المرغوبة، ويتم طرد أي عضو عمالي لو عبر عن تعاطف مع واحدة منها. وتمت إضافة بند إلى قواعد الحزب “لا تنطبق مبادئ العدالة الطبيعية والإنصاف على من جمدت عضويته”، وهذا أمر مثير في حزب يزعم أنه ديمقراطي.

الحزب سيطرت عليه شلة من المتطرفين اليمينيين الذين لا يبالون بتاريخ الحزب المجيد وتقاليده الديمقراطية ويحتقرون الأقليات العرقية. ومن المنطق طرح سؤال عن سبب تجاهل الإعلام هذه العنصرية العارية.

 وبحسبه الجواب هو أن معظم الإعلام يشترك مع مواقف حزب ستارمر: العنصرية السامة ضد السود واحتقار المسلمين ودعمهم المطلق لإسرائيل رغم جرائمها ضد الفلسطينيين وعبادتهم للسلطة مهما كان الثمن، ولا نحتاج لذكر الشمولية البدهية واحتقار أبسط قواعد اللياقة. فالطريقة التي عامل فيها ستارمر آبوت وشاهين هي رسالة للإعلام المتطرف أنه معها ويستحق الدعم منها. وبهذه الطريقة، فهو يفتح، طريقا للتحالف مع إعلام ميردوك مع اقتراب الانتخابات العامة.

وهناك مقاربة لهذه الإستراتيجية التي تخدم مصالح القادة، بتلك التي قادتها مجموعة صغيرة ممولة بشكل جيد في حزب المحافظين، وحصلت على نصائح من دومينك كامينغز، مستشار رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، باستهداف من لا يشتركون معها بالرأي واستبعدت كينيث كلارك وروري ستيورات ودومينك غريف من انتخابات 2019.

حزب المحافظين خسر روحه وأصبح بيد مجموعة من المتطرفين اليمنيين، ولو نجا فربما تحول إلى نسخة من حزب البديل الألماني المتطرف أو التجمع الوطني الفرنسي اليميني, ولدى ستارمر ما يقابل كومينغز وهو مستشاره مورغان سويني، غير المعروف، ولكنه سيصبح قريبا مثل بيتر ماندلسون في ظل حكومة توني بلير.

أحداث الأسبوع الماضي ستقترح أمرا مهما وهو أن ستارمر هو مخلوق ناتج عن مشروع سياسي لا يفهمه بدرجة كبيرة.

وفي هذا السياق قالت صحيفة “صاندي تايمز” إن حزب العمال عرض على النواب الذين لا يريدهم التقاعد والحصول على لقب لورد، في محاولة من ستارمر مكافأة حلفائه. ونقلت عن عدد من  النواب المحسوبين على اليسار قولهم إنهم تلقوا ومنذ الإعلان عن موعد الانتخابات العامة أنهم سيرفعون لمجلس اللوردات لو تخلوا عن مقاعدهم. ويقوم الحزب بترفيع الموالين لستارمر وترشيحهم في المقاعد الآمنة.

ورفض ستارمر يوم السبت التعليق على موضوع آبوت، زاعما أنه تعامل معه يوم الجمعة. ولا يعرف إن كانت سترشح نفسها عن منطقتها في شرق لندن، هاكني وستوك نيوتن او تقبل عرض مجلس اللوردات.

 ومن المتوقع أن يغرق ستارمر مجلس اللوردات بأعضاء عماليين جدد لو فاز في الانتخابات. ومع أنه تعهد بإلغاء اللوردات إلا مطلعين في داخل الحزب، قالوا إنه مضطر لتعيين لوردات عماليين حتى لا تتصادم حكومته مع الغرفة العليا في البرلمان. وهو بحاجة للوردات كي يصوتوا على إلغاء المجلس. وفي الوقت الحالي هناك 172 لوردا عماليا مقابل 277 لوردا محافظا، مما يعني أن المحافظين هم الغالبية إلا في حالة ترشيح ستارمر 100 عضو آخرين. وقال نائب عمالي سابق عرضت عليه عضوية مجلس اللوردات “عرضوا علي مقعدا في مجلس اللوردات لأن بعض الأولاد الصغار يريدون مقعدي”. وقال مصدر آخر “عرضت عضوية اللوردات بعد الإعلان عن الانتخابات العامة وبدأ عدد من الأشخاص يعلنون عن عدم ترشحهم رغم تأكيدهم على الترشح”. ومن بين من عرض عليهم لقب لورد، آبوت التي أعيدت لها العضوية في الحزب بدون معرفة  إن كان سيسمح لها بالترشح مرة أخرى. ويتُهم ستارمر بعملية تطهير لليساريين وبعدما أخبر عدد من رموز الحزب أنه لن يسمح لهم بالترشح على تذكرة الحزب. وقال مصدر في حزب العمال أن آبوت عرضت عليها فكرة التقاعد بهدوء والذهاب إلى مجلس اللوردات.

 إلا أن اليسار العمالي يخشى من عملية تطهير جديدة عند لقاء اللجنة التنفيذية الوطنية يوم الثلاثاء لتأكيد قائمة المرشحين النهائية. ومن بين هؤلاء كيت أوسامور، العضو السابق في حكومة كوربن والتي أعيدت قبل فترة لحزب العمال بعد التحقيق معها لدعوتها لإحياء ذكرى غزة كإبادة مثل اليوم التذكاري للهولوكوست. واتهم النقاد حزب العمال بأنه يستبعد المرشحين من الأقليات العرقية مثل فايزة شاهين (المسلمة) التي منعت الأسبوع الماضي من تمثيل دائرة في شمال- شرق لندن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى