ترجمات أجنبية

ميدل إيست أونلاين – إسرائيل لا تريد أن ينفذ ترامب تهديده بوقف المساعدات للفلسطينيين

ميدل إيست أونلاين – غريغوري أفتاندليان* – 15/1/2018
على الرغم من تهديده بوقف المساعدات للفلسطينيين رداً على انتقادهم الصارخ لقراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قد لا ينفذ الرئيس دونالد ترامب هذا التهديد بسبب المعارضة من مصدر غير متوقع: إسرائيل.
كان أسلوب ترامب، كرجل أعمال، هو الرد بالضرب بعنف عندما يتم تحديه. وفي الممارسة، عنى ذلك رفع قضايا قانونية مضادة عندما يقاضيه أحد، ومهاجمة أولئك الذين يقفون في طريقه بلا هوادة.
وقد أخذ هذه الممارسة إلى حلبة السياسة الدولية، وعلى نحو ملاحظ أكثر بعد قراري مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة اللذين دانا قراره الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل. وهدد ترامب والسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، بقطع المساعدات الأميركية عن البلدان التي صوتت ضد القرار الأميركي –والتي كانت الغالبية العظمى من بلدان العالم.
مع ذلك، يشعر ترامب بحنق خاص من الفلسطينيين الذين لم ينتقدوا قراره حول القدس وحسب، بل أعلنوا أيضاً أنهم لم يعودوا يعتبرون واشنطن وسيطاً نزيهاً في عملية السلام.
وقال بعض المسؤولين في إدارة ترامب إنهم يتوقعون فترة “برود” في عملية السلام، بعد القرار الخاص بمدينة القدس، لكنهم بدوا مندهشين من حدة الانتقاد.
وقال مستشار السلطة الفلسطينية منذ وقت طويل والأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات: “هكذا إذن يا سيد ترامب.. هذا هو فنك في إبرام الصفقات. ماذا تركت للتفاوض عليه؟ أنت تنتقل من التفاوض إلى الإملاء، ثم تهددنا إذا لم نقبل بإملاءاتك”.
وقال نبيل أبو ردينة، الناطق بلسان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس: “القدس والأماكن المقدسة فيها ليست للبيع، لا بالذهب ولا بالفضة”.
ما أضاف الوقود إلى النار لم يكن قرار ترامب عن القدس وحسب، والذي امتدحه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية، وإنما أيضاً قانون مرره الكنيست الإسرائيلي، والذي يقضي بأن أي قرار إسرائيلي على القدس سيخضع للأغلبية العظمى (80 صوتاً من أصل 120 صوتاً) في البرلمان. وسمح الإجراء بإعادة تأطير حدود القدس، وهو ما ينطوي على احتمال استثناء ضواحٍ فلسطينية.
رداً على الغضبة الفلسطينية، غرد ترامب على وسيلة التواصل الاجتماعية، “تويتر”، فكتب: “نحن نعطي الفلسطينيين ملايين الدولارات كل عام ولا نجد منهم الاحترام. لأن الفلسطينيين لم يعودوا راغبين في التفاوض على السلام، لماذا يجب علينا تقديم أي من هذه الدفعات الضخمة لهم في المستقبل”؟
بلغ ما قدمته الولايات المتحدة للفلسطينيين في العام 2016 حوالي 650 مليون دولار، بما في ذلك تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والإدارة والمشروعات الأمنية الفلسطينية، ومشروعات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وبينما يبدو هذا المبلغ شاحباً بما لا يقاس عند مقارنته بحجم المساعدات الأميركية لإسرائيل والتي تبلغ أكثر من ثلاثة مليارات دولار في العام الواحد، فقد أثارت تغريدة ترامب نقاشاً داخل إسرائيل نفسها.
وقال العديد من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين إن وقف الأموال الأميركية التي يتم تقديمها للفلسطينيين سوف يلحق ضرراً أكبر من النفع، لأنه سوف يضعف السلطة الفلسطينية ويعطي المتطرفين نصراً. وقال مسؤول أمني اسرائيلي لم يكشف النقاب عنه لصحيفة “الواشنطن بوست” إن وقف المساعدات الأميركية “سوف يؤدي إلى جعل القيادة الفلسطينية الضعيفة أكثر ضعفاً”، وأضاف أنها إذا انهارت السلطة الفلسطينية، “فعندها لن يكون هناك في الحقيقة أحد للتحدث معه أو الاعتماد عليه”.
بينما يريد بعض المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم نتنياهو، من الولايات المتحدة وقف تمويل “الأونروا”، قال آخرون إن من شأن هذا الوقف أن يحمل إسرائيل كلفة تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين. وبينما تعرضت “الأونروا” للانتقاد من إسرائيليين ينتمون إلى اليمين بسبب مزاعم عن أن حماس تستخدم بعض مدارسها في غزة، قال العديد من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين إن مدارس الوكالة في غزة تشكل ثقلاً موازناً للمجموعة.
بسبب هذه المآزق الخفية، حذر المحلل الإسرائيلي موشي ماعوز من أنه في حال أقدمت الولايات المتحدة على وقف المساعدات عن الفلسطينيين، “فسوف يكون ذلك الإجراء كارثياً”.
وقالت السياسية الإسرائيلية المعارضة، تسيبي ليفني، إنه يجب على الحكومة الإسرائيلية “أن تشرح لترامب ما هي مصلحة إسرائيل الحقيقية”.
سوف يؤدي قرار ترامب الخاص بالقدس والهجوم الارتدادي في أوساط الشعب الفلسطيني عليه إلى تقويض البرامج الأميركية في الضفة الغربية. ويشار إلى أن المنظمات الفلسطينية غير الحكومية تواجه ضغطاً شعبياً لجهة عدم المشاركة في أي مشروعات تنفذها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وثمة العديد ممن لا يريدون الاجتماع مع مدراء مشروعات أميركية. وقد أقر مسؤول في منظمة فلسطينية غير حكومية لصحيفة “الغارديان” البريطانية بأن منظمته لم تعد تتعاون مع وكالة المساعدات الأميركية، لأن ذلك “يضعنا في وضع محرج”.
على الرغم من أن من غير المرجح أن يتراجع ترامب عن قراره الخاص بالقدس، نظراً لأنه يأنف الإقرار بارتكابه خطأً، فإنه قد لا يمضي قدما بتهديده إلى حد وقف المساعدات للفلسطينيين، على ضوء تعدد المشاكل التي سينتجها الوقف. ولأن الكلمة الفصل في السياسة الخارجية بيد الكونغرس، وحيث يبدي العديد من أعضاء الكونغرس حساسية تجاه مخاوف مسؤولي الأمن الإسرائيليين، فقد لا يكون ترامب قادراً على وقف المساعدات، حتى لو اراد ذلك.
*محاضر في كلية باردي للدراسات العالمية في جامعة بوسطن، وهو محلل سابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Trump Unlikely to Carry out Threat to Cut US Aid to Palestinians
ترجمة عبد الرحمن الحسيني – الغد – 27/1/2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى