ترجمات أجنبية

ميدل إيست آي – بقلم جوناثان كوك – الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستعمق الانقسامات ولن تعالجها

ميدل إيست آي – بقلم جوناثان كوك *- 4/6/2021

سوف تتعكر اللحظة الرمزية لحزب فلسطيني جالس في الحكومة إلى جانب قادة المستوطنين في وقت قريب جدًا .

كانت الصورة غير مسبوقة. ومن أظهر منصور عباس، زعيم حزب إسلامي للفلسطينيين في إسرائيل، وتوقيع اتفاق ليلة الاربعاء لاعتصام في “حكومة التغيير” إلى جانب زعيم للمستوطنين نفتالي بينيت.

سيحاول رئيس الوزراء المؤقت بنيامين نتنياهو بشدة إيجاد طريقة لتفكيك الائتلاف في الأيام القليلة المقبلة ، قبل إجراء تصويت برلماني. ولكن إذا فشل ، فستكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ البلاد الممتد 73 عامًا التي ينضم فيها حزب يقوده مواطن فلسطيني – أو يُسمح له بالانضمام – إلى حكومة إسرائيلية.

اعتبر الكاتب الصحفي البريطاني جوناثان كوك أن الاتفاق الثلاثي -الذي فتح الطريق أمام تشكيل “حكومة تغيير” ائتلافية في إسرائيل بمشاركة حزب القائمة العربية الموحدة لأول مرة في تاريخ البلاد- ليس مدعاة للاحتفال وستتعكر قريبا جدا اللحظة الرمزية التي مهدت لهذا الاتفاق.

وذكر الكاتب -في مقال له بموقع “ميدل إيست آي” (Middle East Eye) الإخباري البريطاني- أنه من شبه المؤكد أن مشاركة القائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس -والتي تمتلك 4 مقاعد بالكنيست لدعم الأغلبية في حكومة بقيادة زعيمي حزب “يمينا” نفتالي بينيت و”هناك مستقبل” يائير لبيد- ستؤدي لمزيد من التدهور في العلاقات بين غالبية المجتمع الإسرائيلي والأقلية العربية.

وأكد كوك -الذي يعيش في الناصرة بالداخل الإسرائيلي منذ عقد من الزمان- أنه سيكون هناك حساب لهذه اللحظة وسيدفع 1.8 مليون مواطن فلسطيني في داخل إسرائيل -أي خُمس السكان- الثمن غاليا مرة أخرى.

ويرى الكاتب أن السبب الوحيد لوجود هذا الائتلاف المؤقت هو عداء مختلف الأطراف المكونة له لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ليس بسبب مواقفه السياسية على الأرجح؛ بل بسبب شخصيته وقبضة الفساد الخانقة التي كتم بها أنفاس النظام السياسي في إسرائيل على مدى السنوات الـ12 الماضية.

ويضيف أن “التغيير” الذي يبشر به قادة الائتلاف الجديد ابتدأ وسينتهي بالإطاحة بنتنياهو، رغم أن الأخير سيسعى جاهدا وبكل قوة -خلال الأيام القليلة المقبلة- إلى إيجاد طريقة لتفكيك الائتلاف قبل إجراء تصويت برلماني للتصديق على حكومته المقترحة.

وبحسب الكاتب؛ لسنا بحاجة للتذكير بأن بينيت -الذي سيشغل منصب رئيس الوزراء أولا بالتناوب مع لبيد- يميني أكثر من نتنياهو، كما أن 3 من الأحزاب الرئيسية في الائتلاف الجديد على الأقل -إن لم يكن أكثر- قومية متطرفة أكثر منه، ولو لم تكن الظروف على ما هي عليه الآن لكانت هذه الأحزاب قد اتجهت بحماسة نحو حكومة ائتلافية مع حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو.

ويقول الكاتب إنه بينما كان بينيت وعباس مجتمعين داخل فندق بالقرب من تل أبيب للتوقيع على اتفاق الائتلاف مع انقضاء الوقت على تفويض لبيد لتشكيل حكومة؛ هتف متظاهرون يمينيون متطرفون بصوت عالٍ في الخارج بأن بينيت ينضم إلى “حكومة مع مؤيدي الإرهاب”.

ويشعر الكثير من أنصار اليمين القومي المتطرف داخل إسرائيل -وفق الكاتب- بالغضب الشديد من تصرفات بينيت لدرجة أنه تم اطلاعه مؤخرا وأعضاء آخرين في حزبه على تفاصيل أمنية خوفا من محاولات اغتيال قد تستهدفهم، كما حدث في العام 1995 مع رئيس الوزراء إسحاق رابين الذي قتل من قبل متطرف يهودي في محاولة لإفشال اتفاقات أوسلو للسلام مع الفلسطينيين.

ويشير الكاتب إلى أن مواقف بينيت الأخيرة ينظر إليها في الأوساط اليمينة المتطرفة على أنها طعنة للزعيم الطبيعي لليمين بنيامين نتنياهو في الظهر، وأنه سمح لمنصور عباس -الذي يعتبره اليمين رجل حماس في الكنيست- “بإملاء السياسة على أصحاب الأرض اليهود”.

وقد كان جديرا بالملاحظة -يضيف كوك- أن بينيت وعباس كانا آخر من وقع على اتفاق الائتلاف بعد أن بقيا معا متمسكين برفضهما الانضمام للحصول على أكبر قدر من التنازلات، لكن كلا منهما يخاطر بإثارة غضب مؤيديه من خلال الصورة التي يعكسانها للتعاون مع الآخر.

ويرى الكاتب أن معلقين إسرائيليين سيحاولون تصوير هذا الاتفاق -بين “زعيم للمستوطنين” ورئيس حزب عربي إسلامي- على أنها لحظة محتملة لشفاء الجراح بعد القتال غير المسبوق الذي شهدته الشهر الماضي مدن عدة داخل إسرائيل بين الفلسطينيين واليهود.

لكن هذه القراءة -يختم كوك- كانت مضللة كما كانت أيضا قراءة الصدامات اليهودية الفلسطينية الأخيرة، ففي واقع الأمر لم تتطور احتجاجات الشباب الفلسطينيين في الداخل ضد التمييز الممنهج إلى مواجهات مفتوحة إلا بعد أن استخدمت الشرطة الإسرائيلية العنف ضدهم وتركت عصابات يهودية تطبق القانون بيدها، ومثلما كانت كفة القوة تميل في الشارع لصالح هؤلاء البلطجية اليهود فإن ميزان القوى في التحالف الجديد سيميل أيضا وبقوة ضد زعيم حزب القائمة العربية الموحدة منصور عباس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى