ترجمات أجنبية

ميدل إيست آي – بقلم جوليان بيكيه – يواصل أعضاء جماعات الضغط في واشنطن الاستفادة من النزاع بين قطر والإمارات العربية المتحدة .

موقع  ميدل إيست آي – بقلم جوليان بيكيه  – 16/9/2020

أنفقت دول الخليج حوالي 100 مليون دولار على الضغط منذ انهيار العلاقات الدبلوماسية قبل ثلاث سنوات “.

افتتح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وقطر، يوم الاثنين الماضي، بالإعلان أن الوقت قد حان لدفن الأحقاد وتجديد العلاقات الدبلوماسية بين دول الخليج العربي المتخاصمة. لكن 100 مليون دولار تقول إنه ربما يتعين عليه الانتظار لفترة أطول قليلًا.

يتعلق هذا المبلغ بالأموال التي أنفقتها حكومتا الإمارات العربية المتحدة وقطر للضغط في واشنطن منذ قطع البلدين العلاقات الدبلوماسية بينهما قبل ثلاث سنوات. وقد تركز جزء كبير من هذا الإنفاق على محاربة بعضهما البعض؛ إذ تسعى أبوظبي إلى تصوير قطر كدولة مارقة تدعم الإرهاب، في حين، تدافع الدوحة عن نفسها كحليف غربي موثوق به.

قال بن فريمان، مدير مبادرة الشفافية للتأثير الأجنبي في مركز السياسة الدولية غير الربحي، لـ«ميدل إيست آي»: «إنها بالتأكيد واحدة من أكبر المعارك التي أعرف عنها، على الأقل في الذاكرة الحديثة. لا يمكنني التفكير في صراع كان أكثر ربحًا لجماعات الضغط من هذه المعركة».

تعود معركة جماعات الضغط المستمرة إلى يونيو (حزيران) 2017، عندما فرضت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين حصارًا على قطر، وذلك أساسًا بسبب دعمها المزعوم للإخوان المسلمين.

قادت الإمارات العربية المتحدة زمام المبادرة في حملة نفوذ شاملة أدت إلى إنفاق أكثر من الضعف بين عامي 2016 و2017 على جماعات الضغط، من 10.4 مليون دولار إلى 21.4 مليون دولار، وفقًا لمركز السياسة المستجيبة. وسرعان ما حذت قطر حذوها، إذ رفعت مدفوعاتها لجماعات الضغط بأكثر من ثلاثة أضعاف خلال الفترة نفسها، من 4 ملايين دولار إلى 12.9 مليون دولار.

لا يزال الصراع على النفوذ مستمرًا حتى اليوم؛ إذ تحتفظ الحكومة القطرية حاليًا بخدمات 16 شركة، بزيادة أكثر من خمس شركات في عام 2016، وفقًا لمركز السياسة المستجيبة. والإمارات لديها ثمان، بزيادة أيضًا أكثر من خمس في عام 2016.

قال جوناثان شانزر، نائب الرئيس الأول للأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن تنتقد قطر: «إن الإنفاق، على الأقل مما رأيته، مستمر هنا في الولايات المتحدة. بالطبع ليس كل هذا موجهًا ضد الإمارات… لكن الكثير منه يركز على استهداف خصمهم. وهذا لا يبشر بالخير».

قال فريمان، الذي كتب تقارير مطولة عن جهود الضغط من قبل الدول الثلاث، إن تصاعد الضغط من قبل السعودية والإمارات بدأ تقريبًا بمجرد انتخاب الرئيس دونالد ترامب. وأوضح أن ذلك ترك القطريين «مفككين» عندما جاء الحصار. أوضح فريمان: «كانت تلك هي اللحظة المناسبة التي أدرك فيها اللوبي القطري أن لديهم مشكلة هنا في الولايات المتحدة، وكانوا متأخرين كثيرًا عن السعوديين والإماراتيين عندما يتعلق الأمر بالتأثير هنا. لذا فقد بدأوا بالفعل في اكتساب القوة وإضافة شركات والمزيد من سماسرة القوة إلى ترسانة جماعات الضغط الخاصة بهم أيضًا».

سرعان ما أصبح تأثيرهم المتزايد داخل الإدارة واضحًا. عندما أعلنت دول الخليج لأول مرة عن حصارها، كان ترامب قد عاد لتوه من رحلته الأولى إلى المملكة العربية السعودية ووقف ضد قطر. ومع ذلك فبعد أقل من عام استضاف أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني كصديق في البيت الأبيض وروج للعلاقات الأمريكية القطرية. قال فريمان: «الطريق إلى ذلك المنعطف كان ممهدًا إلى حد كبير من قبل اللوبي القطري».

لوبيات الإمارات Vs لوبيات قطر

تظهر السجلات أنه على الرغم من حجمها الصغير مقارنة بالمملكة العربية السعودية، سرعان ما أخذت الإمارات زمام المبادرة في معركة الضغط ضد قطر. يتعلق جزء من السبب بانشغال الرياض بالدفاع عن نفسها من رد الفعل العنيف من الحزبين على مقتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي والحرب في اليمن.

لكن حسين إيبش، الباحث البارز المقيم في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، قال إن ثمة سببًا أكثر جوهرية يتعلق بمعركة الأفكار المستعرة بين الإمارات وقطر حول الإسلام السياسي في المجتمعات العربية. وأوضح أنه بالنسبة لقطر، فإن الجماعات مثل الإخوان المسلمين وفرعها في غزة – حماس – تعتبر «إصلاحية» بالنسبة للبدائل الأكثر تطرفًا. إما بالنسبة للإمارات، فهذه الجماعات «بوابة خفية» للإرهاب.

وقال إيبيش: «بالنسبة لقطر والإمارات، هذا صراع أيديولوجي. ويتعلق بتعريف الثقافة السياسية. لذا فهي معركة وجودية ضخمة. أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فالأمر يتعلق بسلوك قطر». أشار إيبيش إلى أنه عندما يتعلق الأمر بعمليات الضغط الخاصة بهما، فقد استغلت كلتاهما نقاط قوتيهما.

عبر سفيرها يوسف العتيبة، أحد أكثر الأشخاص نفوذا في واشنطن، عملت الإمارات العربية المتحدة على الضغط على الكونجرس والسلطة التنفيذية. اعتمدت الإمارات على حلفاء رئيسيين مثل إليوت برويدي، وهو جامع تبرعات جمهوري مقرب من ترامب ومول مؤتمر مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية لعام 2017 حول علاقات قطر بالإخوان المسلمين – الذي أعلن خلاله رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب آنذاك إد رويس (ولاية كاليفورنيا) عن مشروع قانون لتصنيف قطر دولة راعية للإرهاب.

وبالمثل أقامت قطر علاقات مع الكونجرس والإدارة. لكنها حاولت أيضًا تغيير مسار النقاشات في واشنطن من خلال الانخراط مع مراكز الفكر ووسائل الإعلام لإعادة صياغة النقاش حول ما هو جيد للمنطقة، كما قال إيبيش، عبر العديد من الفعاليات والمؤتمرات العامة مع المسؤولين الزائرين.

كما أنفقت قطر مبالغ كبيرة من المال في نقل المسؤولين الأمريكيين إلى الدوحة عبر معهد قطر أمريكا التابع لها. واضطر مركز الأبحاث، الذي حصل على تعهد بقيمة 5.2 مليون دولار من السفارة القطرية في واشنطن بعد أشهر قليلة من بدء الحصار، للتسجيل كوكيل أجنبي للدوحة في وقت سابق من هذا العام من قبل وزارة العدل.

وتمكنت الدوحة أيضًا من الاعتماد على تعاونها الوثيق مع البنتاجون. وقال إبيش إن البلاد موطن قاعدة العديد الجوية، التي توفر بنية تحتية لا مثيل لها في المنطقة، مثل مدارج لقاذفات بي-52. قال إيبيش عن قطر والإمارات: «كلتاهما أنفقتا الكثير من المال. لكنهما نوعًا ما تمارسان ألاعيب مختلفة».

الهدف: الجزيرة

مع معارضة البنتاجون بشدة لتصدع العلاقات مع القطريين واعتماد الرئيس ترامب عليهم في اتفاق السلام مع طالبان، تحولت الإمارات بشكل متزايد إلى حلفاء أيديولوجيين في الحزب الجمهوري لاستهداف خصم مشترك: الجزيرة.

مؤخرًا قامت الرئيسة السابقة للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إليانا روس ليتينين، وهي الآن تعمل لصالح جماعة الضغط للوكيل الإماراتي أكين جامب شتراوس هاور وفيلد، بتوزيع تقرير في مبنى الكابيتول هيل يهدف إلى تأجيج ضغط الكونجرس على وزارة العدل لطلب تصنيف شبكة الجزيرة كوكيل أجنبي لدولة قطر.

أظهرت سجلات الضغط أن الجزيرة ردت بدورها على الهجمات المتصاعدة بدفع 1.66 مليون دولار لشركة المحاماة DLA Piper منذ يونيو الماضي. وأمرت وزارة العدل الأمريكية، الثلاثاء الماضي، قناة الجزيرة بتسجيل وجودها الأمريكي كوكيل أجنبي بموجب قوانين الضغط في البلاد.

وقد تصرفت وزارة العدل بعد أن وجدت أن منصتها للفيديو الاجتماعي AJ+ قد شاركت في أنشطة سياسية على النحو المحدد في قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA). وقالت إن القناة تصرفت بتوجيهات وسيطرة القيادة القطرية. وأضافت أنه «على الرغم من التأكيد على استقلالية هيئة التحرير وحرية التعبير، فإن شبكة الجزيرة الإعلامية والشركات التابعة لها تسيطر عليها وتمولها حكومة قطر».

ومع توقيع الإمارات والبحرين على اتفاقيات تاريخية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، يعتقد بعض المراقبين أن قطر المعزولة قد تقلل في النهاية دعمها لجماعات مثل حماس.

وقال شانزر من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية: «أود أن أقول إن أساسيات الصراع في الخليج لم تتغير. ولكن ما يمكنني قوله إن المثير للاهتمام هنا هو التحولات التي نراها في المنطقة نتيجة لمعاهدة أبراهام ومن قد يلحق بركب التطبيع – لا سيما عمان أو السودان أو المغرب – يمكن أن تعيد صياغة الطريقة التي تنظر بها المنطقة إلى نفسها. وأعتقد أن هناك قدرًا معينًا من الضغط على قطر الآن للتفكير فيما إذا كانت تريد أن تحذو حذوهم».

لكن في الوقت الحالي، كان الفائز الوحيد في الخلاف الخليجي المستمر منذ ثلاث سنوات هي شركات الضغط المتمركزة في شارع كيه، المنطقة الواقعة في وسط مدينة واشنطن العاصمة حيث يوجد مكاتب للعديد من المحامين ومجموعات الضغط. لقد أصبح شارع كيه مصطلحًا للإشارة إلى صناعة الضغط ككل.

قال فريمان: «بالنسبة لي، عندما يسأل أي شخص، من فاز في الخلاف الخليجي… أعتقد أن الإجابة بسيطة: شارع كيه».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى