ترجمات أجنبية

موقع ستراتفور- بن وست – الاختبار الصعب… إعادة فتح الدول بعد إغلاقها بسبب كورونا

 موقع ستراتفور –  بن وست – 24/4/2020

بينما تستكشف الحكومات في جميع أنحاء العالم سبل الخروج من جائحة “كوفيد-19″، وتخفيف الألم الاقتصادي الناجم عن عمليات الإغلاق، دون مفاقمة أزمات الصحة العامة، ندرس تجربة البلدان الأخرى التي تفشى فيها المرض مبكرا لتقييم إجراءاتها.

وبينما تتكشف لدينا أفضل الممارسات، يتم تصميم استراتيجيات التعافي وفقا لنقاط الضعف لدى شعوب بعينها، مع الأخذ في الاعتبار الفروق في قدرات الحكومات.

كيف نعيد فتح البلاد؟

وفي أوروبا، أبقت السويد وبيلاروسيا الأماكن العامة مفتوحة. وهما البلدان الوحيدان في أوروبا التي ظلت فيهما المقاهي والحانات والمطاعم مفتوحة على مستوى الدولة.

ونفذ كل منهما بعض القيود؛ حيث أوقفت بيلاروسيا الزيارات إلى دور رعاية المسنين، التي كانت مواقع تفشي رئيسية في أماكن أخرى من العالم، بينما أغلقت السويد الجامعات، وعلقت الأحداث الرياضية الكبرى.

لكن في الغالب، اعتمدت الحكومات على حسن تقدير سكانها فيما يتعلق بالتباعد الاجتماعي وبشأن تحديد تحملهم للمخاطر في هذا الوباء.

وليس من قبيل الصدفة أن الحالات انتشرت بسرعة في كلا البلدين، وقد تفشى الوباء فيهما أكثر من الدنمارك والنرويج وبولندا وروسيا المجاورة، وذلك بالنظر إلى عدد السكان.

كما يجري البلدان بشكل عام اختبارات بمستويات أقل من جيرانهما، ما يشير إلى أن مستويات الإصابة الفعلية للسويد وبيلاروسيا قد تكون أعلى.

ولا يزال كلاهما في وقت مبكر نسبيا من تفشي المرض، بعد تأكيد الحالات الأولى في أواخر فبراير/شباط أو أوائل مارس/آذار، مقابل منتصف يناير/كانون الثاني لأماكن مثل الولايات المتحدة وفرنسا، التي تصل الآن إلى ذروتها.

ومع وجود لوائح أقل تقييدا، سيكون عدد الحالات في السويد وبيلاروسيا مهما للمراقبة، كعينة في إطار تجربة باقي الدول الأوروبية في التباعد الاجتماعي.

لذلك، في حين أنه لا يزال من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان النهج البديل للسويد وبيلاروسيا سيؤدي إلى نتائج مختلفة بشكل ملحوظ، فينبغي أن تكون لدينا فكرة أفضل خلال الشهر المقبل أو نحو ذلك.

لدبنا مجموعة أخرى من الدول اتبعت بقوة استراتيجيات الاحتواء، مع تجنب عمليات الإغلاق الشاملة.

وتعد كوريا الجنوبية أبرز مثال في هذه الفئة. وكانت سنغافورة أيضا في هذه الفئة حتى أوائل أبريل/نيسان، عندما بدأ عدد حالاتها في النمو بسرعة أكبر وأصدرت الحكومة أوامر الإغلاق.

وفي حين اتخذت كوريا الجنوبية إجراءات مثل جعل التدريس عبر الإنترنت، إلا أن الشركات هناك ظلت مفتوحة إلى حد كبير، وأغلقت حسب الحاجة فقط عند حدوث تفشي للمرض داخل الشركة.

ومن خلال مراجعة كيف تمكنت كوريا الجنوبية من احتواء الفيروس، وما الخطأ الذي حدث في استراتيجية سنغافورة المماثلة، نستطيع استخلاص دروس قيّمة تستفيد منها دول أخرى بينما تختبر مياه إعادة فتح مجتمعاتها واقتصاداتها.

كوريا الجنوبية مقابل سنغافورة

تعتبر كوريا الجنوبية واحدة من أقرب الدول إلى مصدر الفيروس، لذلك أظهرت واحدة من أكثر الاستجابات الصارمة لتفشي الوباء. وقد بدأت في إرساء الأساس لهذه الاستجابة حتى قبل ظهور فيروس كورونا الجديد.

ولا تعد هذه أول تجربة لكوريا الجنوبية في الآونة الأخيرة مع أزمة صحية عامة ضخمة. وفي عام 2015، عانت كوريا الجنوبية من أسوأ تفشي لمتلازمة الجهاز التنفسي في الشرق الأوسط (ميرس) خارج السعودية.

ووفقا لمقابلة مع وزير خارجية كوريا الجنوبية، نشرها المنتدى الاقتصادي العالمي، استفادت البلاد من دروس قيّمة من هذا التفشي تطبقها اليوم.

وكان أحد الدروس التي عززها تفشي فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية لعام 2015 هو أهمية الاختبار السريع، لذا وضع الكوريون الجنوبيون خطة استجابة للوباء جعلت من الممكن للبلاد طرح اختبارات موسعة وقوية بسرعة في عام 2020.

وفي حين قامت العديد من البلدان الأخرى باختبار نسبة أعلى من السكان، كان قليل منها فقط قد قام بذلك بسرعة مثل كوريا الجنوبية، وبدلا من ذلك، انتظرت تلك الدول حتى بدأ تفشي المرض بالفعل.

وكانت القليل من البلدان أيضا قد توسعت في اختباراتها، فعلى سبيل المثال، في حين اختبرت الولايات المتحدة نسبة أعلى من سكانها (12 ألفا و45 شخصا لكل مليون شخص، مقابل 10 ألاف و982 شخص لكل مليون شخص في كوريا الجنوبية)، كان لدى الولايات المتحدة معدل اختبار إيجابي بنسبة 20%، مقارنة بـ 2% في كوريا الجنوبية.

ويشير هذا إلى أن كوريا الجنوبية لم تفرضا شروطا كثيرة لإجراء الاختبارات، بينما كان لدى الولايات المتحدة شروط أكثر صرامة لمجرد القبول بإجراء الاختبار لشخص ما.

ويعني تقييد الاختبارات وتقنينها أنه يتم الإمساك بعدد أقل من حاملي الأعراض أو الأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة، ما يسمح لهم بالاستمرار في إصابة الآخرين.

ومن خلال إجراء اختبارات أكثر توسعا، اكتسبت كوريا الجنوبية وعيا أفضل بالموقف والتحدي الذي تواجهه.

وكان الإجراء الثاني الذي استخدمته كوريا الجنوبية هو التقنيات الصارمة لتتبع الاتصالات للتعرف السريع على الأفراد الذين اتصلوا بشخص ثبتت إصابته بـ”كوفيد-19″.

ومرة أخرى، بعد تجربة “ميرس” لعام 2015، أنشأت كوريا الجنوبية فرق عمل مشتركة تتكون من المهنيين الطبيين وضباط إنفاذ القانون والمسؤولين القانونيين لتعزيز قدراتهم على تتبع الاتصال.

ويمكن للفرق استخدام البيانات من الهواتف الذكية للمرضى والأجهزة الإلكترونية الأخرى، وتاريخ الشراء عبر بطاقات الائتمان، ولقطات كاميرات المراقبة، لتتبع تحركاتهم خلال الأيام الأخيرة واختبار الأشخاص الذين اتصلوا بهم.

ويسمح هذا للسلطات بتعقب الأشخاص الذين قد يكون لديهم الفيروس وينشرونه ولكن لا تظهر عليهم الأعراض بعد. ومن ثم اختبارهم وعزلهم في وقت أقرب بدلا من الانتظار حتى تظهر عليها الأعراض.

ثالثا، قدمت كوريا الجنوبية دعما اقتصاديا يعوض تكاليف طلب المساعدة الطبية والابتعاد عن العمل لفترات طويلة أثناء فترة التعافي.

وضمنت الحكومة تغطية لجميع التكاليف الصحية المرتبطة بـ “كوفيد-19″، كما أتاحت إجازة مدفوعة الأجر لأولئك الذين ينقطعون عن العمل بسبب “كوفيد-19″، ووفرت دخلا للعاطلين عن العمل.

ويخفف هذا من الأثر الاقتصادي للوباء على الأفراد، ويزيل القلق حول فقدان العمل.

كما أعدت تجربة سنغافورة السابقة مع وباء “سارس” عام 2003 سلطاتها لاكتشاف الاتصالات في وقت مبكر لتجنب المزيد من الانتشار.

ونجحت هذه الاستراتيجية طوال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار، حيث ظل مجموع الحالات بالمئات. ولكن مع تجاوز عدد الحالات الألف في أوائل أبريل/نيسان، ارتفع معدل نمو الحالات المصابة.

لذلك، بينما استغرقت سنغافورة 10 أسابيع لتصل إلى 1000 حالة إصابة، أضافت الألف الثانية في 9 أيام فقط.

وحتى 20 أبريل/نيسان، كان لدى سنغافورة أكثر من 8 آلاف حالة مؤكدة. وبهذا المعدل، يتجاوز إجمالي الحالات في سنغافورة كوريا الجنوبية بحلول 25 أبريل/نيسان، ويبلغ عدد سكان كوريا الجنوبية حوالي 10 أضعاف سنغافورة.

ويبدو أن سنغافورة قد انحرفت عن منحنى معدل الإصابة المسطحة الذي نجحت فيه كوريا الجنوبية بسبب تفشي المرض في أماكن سكن العمال المهاجرين المكتظة.

وتمكنت سنغافورة من الحد من انتشار الوباء في المجتمع مع بقائها مفتوحة إلى حد كبير من خلال اختبار صارم للأشخاص القادمين إلى البلاد.

ولكن تمكنت بضع حالات على الأقل من التسلل، وبمجرد دخولهم إلى الأحياء المعيشية الضيقة للعمال والحرفيين، انتشر المرض مثل حرائق الغابات وتجاوز تلك المناطق قبل أن تتمكن السلطات من فرض الحجر الصحي.

وفي 7 أبريل/نيسان، أغلقت سنغافورة المدارس وأماكن العمل في محاولة لإبطاء الانتشار.

حدود النموذج الكوري الجنوبي

وبينما تكافح دول مثل إيطاليا، فإنها تحاول التعلم من دول مثل كوريا الجنوبية حول كيفية السماح بالنشاط الاقتصادي مع إبقاء المرض تحت السيطرة.

وأصبح من الواضح جدا أن معظم البلدان التي تفكر في تخفيف القيود تزيد من قدرة الاختبار في الوقت نفسه. وسوف يساعد بالتأكيد اكتشاف المزيد من الأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة أو معدومة وعزلهم، ولكن الخطوات الإضافية لتتبع الاتصال والتعويض المالي تمثل تحديات خارج كوريا الجنوبية.

واستثمر عدد قليل من الدول في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية في تهيئة البلاد للوباء مثلما فعلت كوريا الجنوبية، لذا ظهر في أغلب البلدان سوء التنسيق بين أجهزة ومؤسسات الدولة.

وتبقى مشكلات الخصوصية وحمايتها مشكلة أيضا. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان السكان في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية سيسمحون بالوصول إلى هواتفهم الذكية وسجلات الشراء والمعلومات الشخصية الأخرى كما هو الحال في كوريا الجنوبية.

وتعد الفترة بعد هجوم “سان برناردينو” عام 2015، عندما دخلت أبل ومكتب التحقيقات الفيدرالي في نزاع علني للغاية حول فتح جهاز “آيفون” الخاص بالمشتبه في أنه “إرهابي قتيل”، مفيدة في هذا الصدد.

وفي الوقت نفسه، تبنت أوروبا وسائل أشمل لحماية بيانات الأفراد في العالم، ما أدى إلى تعقيد قدرة الدول الأوروبية على استخدام أدوات التتبع الفنية لتتبع الاتصال.

وقد لا تتمكن البلدان الأكثر فقرا في أفريقيا أو أمريكا اللاتينية ببساطة من الوصول إلى الأدوات التكنولوجية المطلوبة لهذا التتبع، أو لن يكون لدى السكان نفس بيانات الهواتف الذكية لتتبعها بشكل موثوق.

كما أن الدول الفقيرة ليست قادرة على تحمل الضربة المالية لارتفاع التكاليف الطبية وتعويض الأجور المفقودة بسبب المرض.

وتتمتع كوريا الجنوبية بميزة أخرى من الامتثال العام. فالتجارب المشتركة والذكريات عن تفشي فيروس كورونا لعام 2015، والمستوى العالي من الاستقرار الاجتماعي في كوريا الجنوبية، يعني أن الشعب يفهم السياسات التي كانت حكومته تعتمدها وتتبعها عن كثب بشكل خاص.

ولا يمكن لمعظم البلدان الأخرى حول العالم أن تتوقع نفس المستوى من الامتثال العام لإجراءات الاستجابة للفيروس.

ومن الحركات الاحتجاجية في الولايات المتحدة ضد إجراءات الإغلاق، إلى النزاعات في أوروبا بين السلطات والأقليات حول الالتزام بأوامر الإغلاق، والاعتماد على الاعتقال والقوة الجبرية لفرض عمليات الإغلاق عبر أفريقيا وجنوب آسيا، يمكن لمعظم البلدان حول العالم أن تتوقع درجة كبيرة من المقاومة لأي سياسة تتبناها الحكومات.

وقد تؤدي محاولة توسيع أساليب المراقبة الصارمة وتتبع الاتصال، إلى إثارة اضطرابات اجتماعية من قبل السكان المتشككين بالفعل، ما يعني تقويض محاولات احتواء الجائحة.

ومع وجود العديد من الأسئلة التي لا تزال دون إجابة حول طبيعة “كوفيد-19″، لا يجد العالم في نهاية المطاف خيار سوى تجربة وملاحظة كيفية تعامل الآخرين مع المشكلة وتعلم الدروس.

8

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى