موقع المونيتور – مخاطر توغل سوريا في أنقرة أثارت عداء طويل الأمد في تركيا
ملخص المقال
التدخل العسكري التركي في عفرين قد يعرقل العلاقات الاجتماعية بين الأكراد والأتراك في تركيا بشكل دائم ويثير نزاعا عرقيا كرديا عرقيا يمكن أن يستمر لأجيال.
ترجمة خاصة عن موقع المونيتور – بقلم سينجيز كاندار* – 9/2/2018
بعد صمت واضح استمر نحو ثلاثة أسابيع، فتح الاتحاد الأوروبي أخيرا عيونه على التطورات المأساوية الجارية في محافظة عفرين السورية. اعربت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني اليوم الثلاثاء عن ” قلقها العميق ” ازاء التطورات الجارية في شمال سوريا.
ومن المفارقات أن عفرين كانت أكثر المناطق السورية هدوءا حتى بدأ التدخل العسكري التركي في مطلع كانون الثاني / يناير. في البداية، كان يعتقد أن هذه العملية ستكون ممر للجيش التركي، ثاني أكبر جيش في الناتو. لكن الجماعات الكردية قررت تحدي التوغل التركي، وأن الأسابيع الثلاثة الأولى من العملية لم تكن سهلة كما كان متوقعا.
وقد أصبح الاتحاد الأوروبي أول فاعل دولي يتفاعل مع الإصابات المتزايدة باستمرار.
واضاف “الى جانب المأساة الانسانية فان عملية عفرين يمكن ان تترتب عليها عواقب سياسية. وقال موغيريني في شباط / فبراير الماضي “انني اخشى ان لا تجعل تركيا اكثر امانا”. 6 عند مخاطبة جمعية الاتحاد الأوروبي.
كما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لي دريان ان التدخل العسكري التركي يشكل “انتهاكا” للقانون الدولي. استذكرت وزيرة الخارجية السويدية مارغوت والستروم زيارتها التي طال انتظارها لتركيا بسبب الوضع في عفرين، وتابع البرلمان السويدي دقيقة صمت للذين فقدوا أرواحهم في المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، أصدر البرلمان الأوروبي بيانا يحث تركيا على وقف العملية.
وبصرف النظر عن القادة الأوروبيين، فإن الأكراد في جميع أنحاء العالم آخذون في الارتفاع أيضا. أينما كانوا، هم في الحركة . وفي تصريحات تضامنية، توافد آلاف الأكراد في شمال سوريا إلى عفرين بعد بدء العملية، واتجه مئات المتظاهرين إلى الشوارع في عفرين في شباط / فبراير. 5 احتجاجا على تركيا.
وقد أصيب آلاف الأكراد العراقيين بالصدمة بسبب فقدان كركوك ، في شوارع السليمانية وأربيل تضامنا مع الأكراد السوريين. وفي عرض نادر للوحدة، أعربت الأحزاب السياسية في البرلمان الكردي عن دعمها لنظرائها الأكراد السوريين ضد التدخل العسكري التركي.
ويقوم الأكراد الأوروبيون بتنظيم مسيرات في مدن أوروبية مختلفة أيضا. فى فبراير. 12 عاما، ستزور حوالى 79 منظمة كردية من لوزان الى جنيف فى سويسرا احتجاجا على العملية. ومن المتوقع ان يشارك مئات الالاف من الناس فى المظاهرة. أما بالنسبة للمغتربين الأكراد، فقد أصبحت عفرين الآن تعادل عمليات الإبادة الجماعية الكردية في حلبجة وكوباني .
إن الغضب الكردي آخذ في الارتفاع في تركيا أيضا. وقال نواب كردى كان نائبا لرئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم ان عفرين قد يصبح “فيتنام”.
“الحكومة التركية قد تأخذ المنطقة تحت سلطتها. بيد ان هذا الامر سيشبه السيطرة الامريكية فى فيتنام الجنوبية “، وفقا لما نقلته وكالة انباء اهفال عن دنجير مير محمد فرات.
وفي الوقت نفسه، وصفت المؤسسة التركية أي نوع من المعارضة بأنها “خيانة”، وعزل عشرات الأشخاص لمجرد أنهم أعربوا عن قلقهم بشأن العملية.
يذكر ان وسائل الاعلام التركية الرئيسية ، تحت رقابة صارمة من الحكومة، تشيد بالعملية وتشيد بالثناء على “الجيش التركى المجيد”.
ويشير استطلاع حديث إلى مدى استمرار الهيجان الوطني والكردي ضد الأتراك وزيادة الاستقطاب بين الرأي العام. ويعتقد نحو 87٪ من الأتراك أن الدول الأوروبية تحاول تقسيم تركيا، وفقا لاستطلاع للرأي أجراه صندوق مارشال الألماني في نوفمبر / تشرين الثاني 2017. ويرى 54.3٪ من المستجيبين أيضا أن الولايات المتحدة تشكل أكبر تهديد للوحدة الإقليمية للبلاد لأن من تحالفها مع الجماعات الكردية السورية.
من ناحية أخرى، تشير استطلاعات الرأي إلى أن الصورة معاكسة تماما للسكان الأكراد العرقيين في تركيا. ووفقا لدراسة استقصائية أجرتها مؤسسة سامر، وهي مركز أبحاث سياسية واجتماعية غير حكومية مقرها ديار بكر، فإن نحو 57٪ من الأكراد الإثنيين يعتقدون أن الهدف من عملية عفرين هو الهوية الكردية، وحوالي 62٪ من المستطلعين يعتقدون أن العملية تهدف إلى “تدمير مكاسب” الأكراد السوريين في شمال سوريا.
التدخل العسكري التركي في عفرين قد يعرقل العلاقات الاجتماعية بين الأكراد والأتراك في تركيا بشكل دائم. وفي الوقت الذي يكون فيه الانسجام الاجتماعي بين الهويات الإثنية المختلفة عنصرا أساسيا للوحدة الوطنية والتماسك لأي بلد في الشرق الأوسط، فإن النتائج الاجتماعية المحتملة لعملية عفرين قد تكون كارثية بالنسبة لتركيا.
ومدة العملية ليست واضحة بعد، ولكن معركة عفرين يمكن أن تمهد السبيل أمام نزاع بين الأتراك والأكراد الذي سيستمر لأجيال قادمة. ويجب تجنب هذا الاحتمال.
* سينجيز كاندار هو كاتب عمود في نبض تركيا المونيتور.