ترجمات أجنبية

موقع المونيتور – ما هي الخطوة التالية لعلاقات روسيا مع حزب الله؟

موقع المونيتور –    أنطون مارداسوف * –  18/3/2021

وفد من حزب الله يزور موسكو على رأس جدول الأعمال السياسة اللبنانية والاستقرار ومستقبل سوريا السياسي.

وصل وفد من “حزب الله” اللبناني برئاسة رئيس الكتلة النيابية للحركة “محمد رعد” إلى موسكو، في 14 مارس/آذار، في زيارة لمدة 4 أيام عشية الذكرى العاشرة لبدء الحرب السورية. وفي 15 مارس/آذار، استقبل وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” الوفد الذي ضم رئيس العلاقات الخارجية في حزب الله “عمار الموسوي” ومساعده “أحمد مهنا”. كما أجرى الوفد محادثات منفصلة مع “ميخائيل بوجدانوف”، نائب وزير الخارجية الروسي والممثل الرئاسي الخاص للشرق الأوسط.

وفي مصادفة غريبة، جاءت زيارة وفد “حزب الله” إلى روسيا بالتزامن تقريبا مع زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي “جابي أشكنازي”، الذي وصل موسكو في 17 مارس/آذار. علاوة على ذلك، جرت محادثات “حزب الله” مع “لافروف” في نفس اليوم الذي عقد فيه نائبان لوزير الخارجية الروسي، وهما “أوليج سيرومولوتوف” و”سيرجي ريابكوف”، لقاء مع نائب المدير العام للشؤون الاستراتيجية بوزارة الخارجية الإسرائيلية، “جوشوا زرقا”. ومن المعروف أن “سيرومولوتوف”، الرئيس السابق لجهاز مكافحة التجسس التابع لجهاز الأمن الفيدرالي وترقى إلى رتبة جنرال بالجيش، يشرف على إجراءات مكافحة الإرهاب. لذا فإن سلسلة الاجتماعات هذه تبدو أكثر من مجرد مصادفة.

وتثير أي اتصالات رسمية بين موسكو و”حزب الله” ضجة، وليست المشكلة فقط في تصنيف الحركة كجماعة إرهابية من قبل دول كثيرة بما فيها إسرائيل، بل أيضا في طبيعة علاقات “حزب الله” بالدبلوماسيين والمسؤولين الأمنيين وأجهزة المخابرات في روسيا. ويمكن للمرء أن يتذكر الضجة التي اندلعت في ديسمبر/كانون الأول عندما اتهم السفير الروسي في إسرائيل، “أناتولي فيكتوروف” تل أبيب بزعزعة استقرار الوضع في الشرق الأوسط بدرجة أكبر من طهران. وحاول “فيكتوروف” أيضا التبرير للمنظمات العسكرية المتحالفة مع طهران، وخاصة “حزب الله”.

وكان “حزب الله” في السابق قوة منافسة اختطفت وقتلت دبلوماسيين سوفييت، ولكن الحزب تحول إلى حليف للكرملين في “محاربة الإرهاب”. واتخذت موسكو خطوات لتهدئة ردود الفعل على تصريحات “فيكتوروف”. ومع ذلك، فإن مثل هذه التصريحات ليست الأولى من نوعها عن “حزب الله” الصادرة عن دبلوماسيين روس، مما يعني أن الأمر لا يتعلق بتقدير فردي لسفير أو دبلوماسي معين ولكن يتعلق بتفاصيل الوجود الروسي في لبنان ودور بيروت في الالتفاف على العقوبات ضد دمشق.

وفي الواقع، نفذ الجيش الروسي مهام مشتركة مع “حزب الله”، ومن الأمثلة على ذلك الاستيلاء على شرق حلب، حيث عملت القوات الخاصة الروسية ومقاتلو “حزب الله” معا. وقد سُمح للقوات الروسية بالتنكر في شكل مقاتلين من “حزب الله” في بعض العمليات. وبدورها، مُنحت وحدات “حزب الله” الإذن برفع العلم الروسي كغطاء للهروب من الضربات الجوية الإسرائيلية.

ومع ذلك، لم يبد الروس اعتراضات خاصة على الضربات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف متحركة. كما تشعر موسكو بأنها ملزمة بمراقبة حركة الأسلحة من سوريا إلى لبنان وتقييد تصرفات “حزب الله” في منطقة مطار دمشق وفي المحافظات الجنوبية الغربية.

وتعد زيارة حزب الله في 15 مارس/آذار ثاني زيارة رسمية للحركة إلى موسكو. وجاءت الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2011. وضم الوفدان “رعد”، المقرب لزعيم حزب الله “حسن نصر الله”. وبالنظر إلى الفاصل الزمني بين الرحلتين، فمن المنطقي مقارنة دوافع الزيارتين، خاصة أنه لم يكن هناك نقص في الاتصالات بين ممثلي موسكو و”حزب الله” على الأراضي اللبنانية في الفترة الفاصلة.

وبينما وصل الوفد الأول لـ”حزب الله” بدعوة من البرلمان الروسي، اتسمت المحادثات بالسرية. وكانت هذه السرية مفهومة لأن “حزب الله” كان يحاول قياس مواقف روسيا من نقطتين رئيسيتين. الأولى هي مدى قبول موسكو “للخطوط الحمراء” الشيعية بشأن التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان ومقرها هولندا، والتي سعت للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني “رفيق الحريري” عام 2005. ثانيا، وربما الأهم، سعي “حزب الله” إلى قياس مستوى دعم موسكو لرئيس النظام السوري “بشار الأسد”.

وكانت دوافع روسيا في ذلك الوقت غير واضحة. ففي عام 2011، زعمت روسيا أنه ليس لديها مصالح في سوريا، بينما كان خبراؤها يفكرون في إمكانية حدوث انقلاب ضد “الأسد”. وبحسب بعض التقارير، حتى “حزب الله” لم يكن لديه رأي موحد حول مدى الدعم الذي يجب أن يقدمه لـ “الأسد”، مع وجود كثير من الانتقادات لـ”الأسد” وخاصة في الجناح السياسي للحركة.

وهذه المرة، كانت رحلة “حزب الله” أكثر انفتاحا. ووصف “رعد” محادثاته التي استمرت 40 دقيقة مع “لافروف” بأنها كانت “منفتحة وصريحة”. ويرى مراقبون أن هناك سببين يستدعيان زيارة ممثلي “حزب الله” لروسيا.

ويتعلق السبب الأول بالخطة الفرنسية للتغلب على الأزمة السياسية في لبنان. وكان “لافروف” قد أيد المبادرة علنا، كما شدد في محادثاته مع “حزب الله” على أهمية تشكيل حكومة جديدة برئاسة “سعد الحريري” لمساعدة البلاد على الخروج من الأزمة الحالية. ومع الأخذ في الاعتبار الزيارة الأخيرة إلى موسكو من قبل “أمل أبو زيد”، مستشار الرئيس “ميشال عون”، يبدو أن هدف موسكو الحقيقي كان إقناع “حزب الله” و”عون” وصهره “جبران باسيل” بالتوقف عن عملية تخريب الدولة التي تجري الآن في لبنان.

ويتعلق السبب الآخر بالحرب السورية، فقد سئمت موسكو من الصراع. ومع ذلك، فإن خطتها لتحقيق السلام تفترض مسبقا أن إيران و”حزب الله” سوف يجمدان بطريقة ما نشاطهما في المنطقة.

وظاهريا، تعد هذه الأسباب جذابة ومنطقية. ومع ذلك، فقد أفرطت في تبسيط الوضع إلى حد ما. ويبدو فعلا أن روسيا سعت لتأجيل زيارة “حزب الله” إلى موسكو بسبب رحلة “لافروف” إلى الشرق الأوسط، وبالتالي فإن توقيت اللقاء مع “حزب الله” غير مرتبط بالمحادثات مع “الحريري”.

ثانيا، لدى روسيا مصالحها الخاصة في لبنان. وتسعى موسكو إلى زيادة نفوذها من خلال أدوات القوة الناعمة وعبر نشر المشاريع الاقتصادية السياسية التي تنفذها شركتا “روسنفت” و”نوفاتك”.

ثالثا، ربما تفضل موسكو الوقوف ضد الخطة الفرنسية للبنان، بالرغم من الدعم العلني لمبادرات الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”. وتفضل موسكو على الأرجح عدم انتقاد أي عروض بناءة علنا نظرا للوضع المتدهور بسرعة في لبنان والمشاكل التي يخلقها ذلك للعملة السورية.

رابعا، ربما تحاول روسيا إضفاء الشرعية على نظام “الأسد” من خلال إثارة احتمالية تراجع الوجود الإيراني في سوريا، رغم أن كلا من طهران و”حزب الله” يسعيان لترسيخ وجودهما في البلاد.وفضلا عن ذلك فإن الوضع الحالي للعلاقات بين لبنان وروسيا يتطلب أن ينسق اللاعبون مواقفهم.

وإجمالا، فإن القضايا الرئيسية ذات الاهتمام المشترك بين روسيا وإيران و”حزب الله” هي المأزق السياسي في لبنان ومستقبل نظام “الأسد”. ونجح “الأسد” في البقاء، لكنه لا يستطيع السيطرة على الموارد النفطية والزراعية في شرق البلاد وحل مشكلة الاكتفاء الاقتصادي الذاتي. ومن الصعب حل كلتا القضيتين دون تنازلات جدية قد تكون تكلفتها أعلى من تكلفة التدخل في حرب خارجية.

*أنطون مارداسوف خبير في الشؤون العسكرية وصحفي يركز على سوريا والعراق والمنظمات المتطرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى