ترجمات عبرية

موقع المونيتور- بقلم بن كاسبيت- إسرائيل وحزب الله يلعبان لعبة حرب، لكن تجنب حريق حقيقي ؟

موقع المونيتور  – بقلم بن كاسبيت* –  28/7/2020

في محاولة لتجنب المزيد من التصعيد مع حزب الله، يحرص الجيش الإسرائيلي على استعراض الكثير من «النار والكبريت» دون إيقاع إصابات في صفوف أي من الجانبين.

حوّل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، مصطلح «الفتك» إلى موضوع محوري خلال فترة ولايته. وذكر موقع «المونيتور» – في مقال للمحلل السياسي الإسرائيلي بن كاسبيت – أن كوخافي يبذل جهودًا كبيرة لتحسين قدرات الجيش القتالية الفتاكة – قدرته على ضرب أكبر عدد ممكن من الأهداف في أقصر وقت – بفضل التفوق التكنولوجي الحاسم الذي يتمتع به الجيش الإسرائيلي من حيث القدرات الاستخباراتية والقوة الجوية و«النيران المضادة» الدقيقة.

وأوضح الكاتب أن هدف كوخافي بسيط: إلحاق أكبر قدر من الأضرار الجسيمة والإصابات بالجانب الآخر، من خلال الوصول بالقدرة العسكرية للجيش الإسرائيلي إلى حدودها القصوى بهدف تقصير مدة الحرب القادمة. ويعتقد رئيس الأركان أنه إذا كانت الأضرار التي ستلحق بحزب الله في مواجهته القادمة مع الجيش الإسرائيلي غير محتملة منذ البداية، فإن زعيم الحزب وأمينه العام حسن نصر الله سيستنتج أنه لا جدوى من إطالة أمد المواجهة مع إسرائيل. وبعبارة أخرى: كلما ازداد الفتك، قل الوقت الذي سيستغرقه وقف القتال، وستنقذ إسرائيل نفسها من حرب طويلة الأمد مكلفة ودموية.

تطورات ساحة الحرب بين لبنان وإسرائيل

بيد أن الكاتب يشير إلى أن التطورات التي شهدتها ساحة الحرب بين إسرائيل وحزب الله في السنوات الأخيرة سارت عكس هذا السيناريو تمامًا، إذ استعرض الطرفان الكثير من النار والكبريت والدخان والانفجارات والأبواق، ولكن مع إيقاع عدد قليل للغاية من الإصابات، الأمر الذي مكَّن كلا الجانبين من التظاهر بأنه وجه ضربات موجعة للطرف الآخر، بينما في الواقع لم يلحق به أي أضرار، في أغلب الأحوال.

وأضاف الكاتب أن هذا كان الحال يوم 27 يوليو (تموز)، عندما عبر فريق مكون من بين ثلاثة إلى خمسة مسلحين من حزب الله الحدود الدولية «الخط الأزرق» بين لبنان وإسرائيل، بالقرب من جبل دوف (المعروف من قبل اللبنانيين باسم مزارع شبعا)، والذي يمثل الساحة المعتادة للاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله، كانوا في طريقهم لتنفيذ هجوم على قوات الجيش الإسرائيلي.

وأوضح الكاتب أن الجيش الإسرائيلي كان ينتظر محاولة الهجوم الجماعي هذه لعدة أيام، واستعد إلى أقصى درجة لتجنب المفاجأة. وأضاف أن أحد كشافي الجيش الإسرائيلي يبلغ من العمر 19 عامًا تعرف على مقاتلي حزب الله أثناء عبورهم الخط الحدودي – وهي منطقة لا يوجد فيها سياج – يحملون أسلحة شخصية وحقائب ثقيلة، فأطلق جرس الإنذار. وقال مصدر عسكري كبير، طلب عدم ذكر اسمه لـ«المونيتور» في وقت لاحق من ذلك اليوم: «أبقيناهم تحت أعيننا وتعقبناهم لمئات الأمتار، وأطلقنا نيرانًا كثيفة عندما اقتربوا من موقع الجيش الإسرائيلي المطل على سفوح جبل الشيخ».

ماذا حدث لعقيدة «الفتك» الإسرائيلية؟

واعتبر الكاتب أن ثمة سؤالًا محيرًا: كيف لكتيبة مشاة معززة – مدعومة بدبابة ميركافا وطائرة ومروحيات – أن تنتظر المتسللين لكنها تفشل في إصابة أي منهم من مسافة قصيرة نسبيًا، وبدلاً من ذلك تسمح لهم بالعودة والعبور إلى لبنان دون خدش؟ بعبارة أخرى: ماذا عن عقيدة «الفتك» الشهيرة التي يتبناها الجيش الإسرائيلي؟

وأشار إلى أن الجواب بسيط، فمن ضمن السيناريوهات التي وضُعت بعد نقاشات مستفيضة، صدرت تعليمات إلى الجيش الإسرائيلي بمحاولة إنهاء هذه الحادثة دون إيقاع إصابات في أي من الجانبين، وذلك لتجنب إطلاق سلسلة من ردود الفعل وردود الفعل المضادة من حزب الله وإسرائيل، والتي ربما تنتهي إلى إشعال حرب في أسوأ وقت يمكن تصوره لكل جانب.

لبنان غارق في أزمة اقتصادية غير مسبوقة، فالغذاء شحيح، والسلطة محدودة، ونصر الله تحت الحصار السياسي، إذ يلام على جر لبنان إلى الحفرة التي يجد نفسه فيها الآن. والوضع في إسرائيل مشابه إلى حد ما، فبالرغم من توافر الكثير من الغذاء والكهرباء إلا أن مستويات البطالة ارتفعت جدًا خلال أسابيع قليلة، من صفر إلى أكثر من 20%، بالإضافة إلى تراجع شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وبالتالي فإن آخر شيء يريده الآن هو الحرب.

تغير في التوجهات

كان من المفترض أن تثأر عملية حزب الله لمقتل أحد مقاتلي الجماعة، علي كامل محسن جواد، الذي قتل في هجوم 20 يوليو (تموز) على هدف مدعوم من إيران بالقرب من دمشق والذي نُسب إلى إسرائيل. ولكن بداية لم يستثمر نصر الله كثيرًا في عملية الانتقام هذه على الرغم من التزامه بالقواعد التي وضعها قبل أكثر من عام. وبحسب تلك القواعد، فإن حزب الله سيرد على مقتل أي من مقاتليه ليس فقط في لبنان بل في الساحة السورية أيضًا. ولكن هذه المرة، سعى نصر الله لضمان عملية منخفضة الشدة، ولم يصرح عن الحدث بنفسه، بل أوكل المهمة لنائبه نعيم قاسم للتحدث إلى التلفزيون والصحفيين المرتبطين بالحركة.

يواصل الكاتب: ومع ذلك يبدو أن تغيرًا في التوجهات حدث لنصر الله بعد وقت قصير من حادثة 27 يوليو (تموز). ومن دلائل هذا التغير، أن حزب الله نفى الحادث الذي كانت التقارير الإسرائيلية ذكرته مدعيًا أنه لم يحدث قط وأن الحزب لم يحسم بعد حساباته مع إسرائيل والانتقام ردًا على مقتل أحد رجاله في سوريا سيأتي لاحقًا.

أجبر هذا الرد غير المتوقع نتنياهو ووزير الدفاع بيني جانتس على استدعاء طواقم المصورين إلى مقر وزارة الدفاع في تل أبيب من أجل توجيه تهديد مباشر للحركة اللبنانية. وقال مصدر عسكري رفيع المستوى لم يكشف عن اسمه للمونيتور: «إذا ضرب حزب الله جنودًا إسرائيليين، فسترد إسرائيل بضرب العشرات من مقاتلي حزب الله في رد غير متناسق».

مخاوف وترقب من الجانبين

ولكن على عكس الانفجارات العنيفة السابقة بين الجانبين، طال هذا التوتر كثيرًا هذه المرة ولم يتبدد سريعًا. فتصريح حزب الله وتهديدات نتنياهو وجانتس أبقت الأمور مشتعلة، ما دعا الأطراف المعنية بالمسألة للتعبير عن قلقها العميق. ففي الجانب اللبناني، تنتشر التكهنات حول مأزق نصر الله المحاصر والاستنتاج المحتمل الذي قد يصل إليه من أن الاشتباك مع إسرائيل وإرسال جموع الإسرائيليين إلى الملاجئ كان هو الشيء الذي تبحث عنه الحركة تمامًا لاستعادة موقعها الذي أعلنته مدافعة عن لبنان.

كما ظهرت مخاوف مماثلة في إسرائيل أيضًا، إذ تقول مصادر سياسية بارزة إن البعض في دائرة نتنياهو تراودهم فكرة استغلال الوضع الحالي لتوجيه ضربة استباقية قوية لحزب الله من شأنها أن تزيل – أو على الأقل تقلل – من تهديد صواريخ وقذائف حزب الله الدقيقة على إسرائيل.
ووفقًا لهذه النظرية، فإن حقيقة كون الاقتصاد الإسرائيلي في أزمة والاقتصاد اللبناني على وشك الانهيار تجعل الظروف الحالية مثالية لتوجيه ضربة إسرائيلية استباقية. إضافة إلى حقيقة وجود رئيس داعم مثل دونالد ترامب لا يزال يشغل البيت الأبيض تشعل هذه الفكرة أكثر، تمامًا كما تفعل ظروف نتنياهو السياسية الشخصية ومأزقه مع منافسه/ شريكه جانتس.

مواقف متأزمة ومغامرات عسكرية مكبوتة

يختم المقال بالقول: بعبارة أخرى، على الرغم من النبرة الساخرة حول شعار الجيش الإسرائيلي «الفتك» في بداية هذا المقال، إلا أن الأشهر المقبلة يمكن أن تجر كلا الجانبين إلى فتك غير مسبوق لم يكن في نية أي من الطرفين في بداية هذا التوتر.

واستدرك الكاتب قائلًا: سأضيف هنا كلمة للتاريخ أن نتنياهو أبدى الكثير من الحذر بشأن المغامرات العسكرية على الرغم من أنه لم يسبق أن وجد نفسه من قبل في مثل هذا الطريق المسدود والمحاصر على الإطلاق. ولكن كلما قل ما سيخسره نتنياهو، زاد قلق الآخرين حول ما سيتحملون خسارته في حال تصاعد الحدث واشتعلت المنطقة.

*كاتب عمود في “نبض إسرائيل” للمونيتور. وهو أيضا كاتب عمود ومحلل سياسي للصحف الإسرائيلية، ولديه برنامج إذاعي يومي وبرامج تلفزيونية منتظمة عن السياسة وإسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى