القدس

منظمة “طلاب لأجل المعبد” ودورها في الاعتداء على الأقصى

بقلم علي حسن إبراهيم *  –  18/9/2020

تتفاقم اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وأذرعه بحق المسجد الأقصى عامًا بعد آخر، وتعمل هذه الأذرع على حشد أنصارها للمشاركة في اقتحام الأقصى وتدنيسه واستهداف المكون البشري الإسلامي داخل المسجد، وفي سياق تسليط الضوء على أعضاء منظمات الاحتلال المتطرفة، تعد منظمة “طلاب لأجل المعبد” ذراع اتحاد “منظمات المعبد” المعنية بنشر أفكار المعبد المزعوم بين الطلاب اليهود، خاصة بين طلاب الجامعات وطلاب معاهد الاحتلال التلمودية، لحشد الدعم لإعادة بناء المعبد.

أبرز أهداف المنظمة

في محاولة لنشر أفكار هذه المنظمة لدى أكبر شرائح ممكنة من الطلاب، لا يقتصر عملها على الطلاب المتدينين فقط، بل تعمل على نشر أفكارها بين مختلف فئات الطلاب من العلمانيين والمتدينين والقوميين، إن كانوا طلابًا في معاهد الاحتلال التلمودية أو الطلاب النظاميين في مدارس الاحتلال وجامعاته، وتهدف أذرع الاحتلال من هذه المشاركة بشكلٍ أساسي إلى ربط النشء الإسرائيلي بأكذوبة “المعبد”، وزيادة انتشار أفكار هذه المنظمات بين الفئات العمرية الصغيرة والشابة، وإشراك هؤلاء في أداء الصلوات التلمودية وغيرها من الاعتداءات ورفع أعداد مقتحمي الأقصى.

تُظهر اعتداءات هذه المنظمة بحق المسجد الأقصى أبرز أهدافها، إن كانت عبر الاعتداء المباشر على المسجد أو تلك بعيدة المدى، التي تسعى من خلالها إلى فرض سيطرة الاحتلال الكاملة على المسجد، فإلى جانب المشاركة الدائمة في اقتحام المسجد الأقصى وإدخال المزيد من الطلاب اليهود خاصة المتدينين منهم في ساعات الاقتحام شبه اليومية وتقديم الشروحات عن “المعبد” خلال هذه الجولات، تعلن هذه المنظمة في أدبياتها بأنها تعني بنشر الوعي بشأن قضية المعبد، وتسعى إلى “إيصال اليهود إلى موقعنا الأقدس”، في محاولة لإعادة سيادة الاحتلال على ما تسميه “جبل المعبد” والبلدة القديمة في القدس المحتلة، وتأكيدها بشكلٍ مستمر بأن القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال.

“الحق اليهودي في المسجد حق متجذر، حسب ما عبرت عنه المنظمة في العديد من تصريحاتها “.

وعملت هذه المنظمة في السنوات الماضية على تحويل المسجد الأقصى إلى مكان يستوعب المناسبات الدينية لطلاب المستوطنين، إذ كررت تنظيم المناسبات التلمودية المتعلقة بالشباب في أوقات الاقتحام، ومن أبرزها تنظيم “عقد القران” وحفلات “البلوغ” للتلموديين، ما يستفز مشاعر المصلين والمرابطين ويدنس المسجد الأقصى، وهي ممارسات تتصل بأداء الصلوات التلمودية والتوراتية وإنشاد الـ”هتفكاه”، وغيرها من الممارسات التهويدية الأخرى التي تأتي في سياق ضرب قدسية المسجد الأقصى وتحويل الوجود اليهودي داخله إلى وجود طبيعي ودائم، وبأن الحق اليهودي في المسجد “حق متجذر”، وهو ما عبرت عنه المنظمة في العديد من تصريحاتها.

اعتداءات متصاعدة في 2020

لمعرفة حجم هذه المنظمة، نقدم نموذج مشاركتها في اقتحام الأقصى في عدد من أشهر عام 2020 الماضية، إذ شكل الطلاب اليهود جزءًا رئيسًا من أعداد مقتحمي المسجد الأقصى فيها، حيث فاقت نسبة 10% من مجموع أعداد مقتحمي الأقصى شهريًا، ففي شهر يناير/كانون الثاني 2020 شارك نحو 300 طالب يهودي في اقتحام الأقصى، من أصل نحو 2000 مقتحم.

وفي شهر فبراير/شباط 2020 اقتحم المسجد 279 طالبًا يهوديًا من أصل 2046 مستوطنًا اقتحموا المسجد في هذا الشهر، وتقدم هذه الأمثلة نماذج ذات دلالة واضحة على حجم مشاركة الطلاب اليهود في الاقتحامات شبه اليومية، وقيامهم بجزءٍ كبير من مهمة الاعتداء على الأقصى، وقدرة “منظمة طلاب لأجل المعبد” على حشد أعداد ثابتة من الطلاب لاقتحام المسجد بشكلٍ شبه يومي.

“عملت هذه المنظمة في السنوات الماضية على تحويل المسجد الأقصى إلى مكان يستوعب المناسبات الدينية لطلاب المستوطنين “.

ولم تتوقف اعتداءات هذه المنظمة عند اقتحام الأقصى فقط، بل أطلقت في الأشهر الماضية دعوات في سياق حشد المستوطنين للاعتداء على الأقصى، وإبراز أعمالها التي تستهدف المسجد ومكونه البشري الإسلامي، ومن أبرزها:

دعت “منظمة طلاب لأجل المعبد” أنصارها إلى التضامن مع الحاخام المتطرف يهودا غليك، عبر فعالية المشي البطيء في أثناء اقتحام الأقصى في 20/2/2020، إذ كانت شرطة الاحتلال قد طردت غليك من المسجد صباح 18/2/2020، على خلفية مشيه ببطء داخل الأقصى، ثمّ فتشت منزله مساءً على خلفية الشكّ بأنه سرق وثائق من ملف التحقيق معه.

مع اقتراب انتخابات الكنيست الإسرائيلي في بداية شهر مارس/آذار، دعت “منظمة طلاب لأجل المعبد” و”ائتلاف منظمات المعبد”، أنصارهما إلى اقتحام الأقصى قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع في 2/3/2020، وذلك لتأكيد تمسّكها بأجندتها المتعلقة بالمسجد وبأنها منطلق للتصويت في الانتخابات.

أطلقت “منظمة طلاب لأجل المعبد” في 15/7/2020 حملتها “جبل المعبد بأيدينا”، التي تهدف إلى جمع أكبر عدد من المشاركين في هذه الجماعة، إضافةً إلى جمع التبرعات المالية لدعم برامج المنظمة وطباعة المنشورات وتوزيع الكتيبات على المقتحمين ونشر أفكارها التهويدية.

طالبت “منظمة طلاب لأجل المعبد” في 15/7/2020 سلطات الاحتلال، بتحويل مصلى باب الرحمة في المسجد الأقصى إلى كنيسٍ يهودي، ودعت أنصارها إلى المشاركة في تنفيذ اقتحامات كبيرة ونوعية للأقصى عشية عيد الأضحى.

أمام تزايد اعتداءات “منظمة طلاب لأجل المعبد”، وتحولها إلى واحدة من أبرز أذرع الاحتلال للاعتداء على المسجد، تشكل تجربتها في خطاب الطلاب اليهود وحشدهم خلف قضيتهم الفاسدة، نموذجًا يجب على الأطر الحزبية والشبابية التي تعني بالقدس وفلسطين محاولة إخضاعه للدراسة للاستفادة وتنظيم الأطر والمبادرات المضادة، لإيجاد أطر طلابية عربية وإسلامية تعني بالمسجد الأقصى بشكلٍ أكبر.

كما على علماء الأمة خاصة الذين يشرفون على المعاهد والجامعات التي تعني بالعلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، إطلاق مبادرات تنطلق من هذه المؤسسات، لنصرة المسجد الأقصى وبناء جيل من الدعاة والمشايخ يتخصص بالاهتمام بالأقصى والعمل لأجل قضيته، وهذه مهمة يمكن أن تتكامل فيها الهيئات الدينية مع المنظمات الشبابية العربية والإسلامية كما أسلفنا.

* علي حسن إبراهيم – باحث في مؤسسة القدس الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى