ترجمات عبرية

ملحق استراتيجي – اسرائيل اليوم – بقلم دان شيفتن – “موعد نفاد مفعول” الردع الاستراتيجي

اسرائيل اليوم – بقلم  دان شيفتن – رئيس البرنامج الدولي للامن القومي في جامعة حيفا  – 26/11/2019

الى جانب الاعتراف بالاهمية الحرجة للردع الاستراتيجي، هام الا نرفع مستوى التوقعات من نجاح اسرائيل المذهل في هذا المجال. في ضوء عمق الدافعية لدى اعداء اسرائيل للمس بها، محظور ان نتوقع ان تمنع استفزازات دائمة لجهات عربية متطرفة أو تطور تهديدات خطيرة. فقد نجح في الماضي ويعد المستقبل بمسافة بين انفجارات العنف الكبرى وبشكل عام ايضاتخفيف حدتها بقدر كبير ولكنه لا يخلق هدوء دائم فما بالك لتسليم ثابت باسرائيل. رغم وجه الشبه في جوانب عديدة، مطلوب بحث منفصل في الردع تجاه التهديد العربي المعروف والمتواصل وبين التهديد الجديد نسبيا لايران وفروعها.

ان الدافع للصراع الدائم ضد اسرائيل مغروس عميقا في الفشل التاريخي للمجتمعات العربية في التصدي لتحديات القرن العشرين والواحد والعشرين. فهذه المجتمعات تميل لان تبرر هذا الفشل الذريع بعوامل خارجية واتهام اسرائيل (والغرب بشكل عام) بدلا من احداث تغيير عميق في الثقافة السياسية القبلية عندها كي تنقذ نفسها من ضائقتها المستمرة في الزمن الجديد. ان التيار المركزي للنخب ومجتمعها (بما في ذلك القيادات العربيةلمواطني اسرائيل) اختاروا رفض شرعية الوجود السياسي اليهودي ويصفون اسرائيل كمشروع استعماري. ويدمن المتطرفون منهم على العنف ولكن حتى اولئك الذين لا يشاركون في ذلك بشكل مباشر، يرفعون عاليا من يمسون بالدولة اليهودية ويؤلمون سكانها بل واحيانا يسجدون لهم تماما.

ولما كان سكان المنطقة العرب يميلون حتى بينهم وبين أنفسهم للاضطرار لوسائل عنيفة ونهج التعددية المتمثل في “عش وضع الاخرين يعيشون” لا يسود في اوساطهم ايضا في سوريا، في العراق، في ليبيا، في اليمن وفي غزة، فلا غرو انهم يعمدون الى هذه الوسائل، وبقوة اكبر، في موقفهم من اسرائيل. وهم لا يرتدعون عن ذلك مؤقتا الا عندما يخافون من شدة ردود افعالها.

في التنوع الواسع للمجتمعات العربية توجد بالفعل فوارق عميقة في الاستعداد لاعتماد وسائل العنف في الصراع ضد اسرائيل. فالنظام الاردني يتحفظ عن ذلك منذ نحو مئة سنة. ومصر تقيم مع اسرائيل شراكة استراتيجية. سوريا الاسد امتنعت لعشرات السنين عن مواجهة مباشرة في حدودها. وحتى في اوساط الفلسطينيين، اعطى ابو مازن تعبيرا عن اعترافه بان المواجهة العنيفة مع اسرائيل تضر قضيته. غير أن كل هذه هشة. فقد خرج الاردن لحرب في 1967، لانه لم يكن بوسعه الصمود امام ضغوط ناصر، وسمح لـ م.ت.ف العمل من اراضيه حتى “ايلول الاسود” رغم انه عرض مجرد وجوده السياسي للخطر. في مصر كان من شأن نظام الاخوان المسلمين ان يعود الى صيغة المواجهة مع اسرائيل لو لم يسقط في 2013. سوريا قاتلت ضد اسرائيل عبر اراضي لبنان، حتى عندما امتنعت عن عمل ذلك من حدودها.

المشكلة هي ان العناصر الراديكالية عديمة المسؤولية تعتمد في المنطقة على أرضية جماهيرية مساندة بملايين عديدة. في مجتمع لا يضع في رأس سلم اولوياته جهدا بناءً يضمن لابنائه حياة افضل يشكل الرضى المرضي من القدرة على المس باسرائيل بالنسبة للكثيرين بديلا عن “طعم الحياة”. ومؤخرا تتيح لهم التكنولوجيا المتقدمة المتوفرة للجميع المس الشديد بقلب السكان المدنيين في اسرائيل، وقوة عظمى اقليمية – ايران – تقف من خلف الخطيرين من بينهم.

المعنى بالنسبة لاسرائيل بعيد الاثر: في الاجيال القريبة لا يمكنها أن تتوقع الا فترات من الهدوء بين انفجارات العنف والصمود الطويل في وجه استفزازات متواصلة بقوى اقل. فالردع الاستراتيجي يخرج، في افضل الاحوال، من دائرة المواجهة العنيفة الاخطر من بين اعدائها والاخطر من بين سيناريوهات الحرب ومسافات بين انفجارات العنف.

في مواجهة هذيانات “السلام في الشرق الاوسط” يدور الحديث، ظاهرا عن انجاز مشكوك فيه. ما يجعله مثيرا للانطباع هو حقيقة أنه منذ مئة سنة فأكثر تثبت الحاضرة اليهودية ودولتها بان فترات الهدوء هذه، ورغم الاستفزازات المتواصلة، يمكن بناء مجتمع مزدهر يتعزز باستمرار يشهد ابناؤه عليه بانه من الخير العيش فيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى