أقلام وأراء

مكرم محمد أحمد يكتب – لماذا يُهرول الأمريكيون خارج سوريا؟

بقلم مكرم محمد أحمد – 23/12/2018

ما معنى القرار المفاجئ الذي أعلنه الرئيس الأمريكي ترامب بأن تسحب الولايات المتحدة كل قواتها الموجودة في سوريا، بدعوى أن أمريكا قد انتصرت على تنظيم «داعش»هُناك، ولم يعُد ما يُبرر بقاء القوات الأمريكية، رغم العديد من التقارير التي تؤكد أن «داعش» لا يزال يملك في شرق سوريا آلاف المقاتلين فضلاً عن خلاياه النائمة، وأن ما فعله ترامب في سوريا أخيراً يُماثل ما فعله الرئيس الأمريكي أوباما في العراق، عندما أعلن عام 2011 أن قواته أنجزت مهامها، غير أن العراق بقي ساحة مفتوحة لقوات «داعش» التي نجحت في دخول مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية، حيث أعلن أبوبكر البغدادي زعيم «داعش» عودة الخلافة الإسلامية من فوق منبر جامعها الكبير!؟.

ولماذا هذه الهرولة نحو الخروج من سوريا والرئيس الأمريكي هو الذي وعد ببقاء قواته فى سوريا إلى أن تنسحب قوات إيران وميليشياتها العسكرية عائدة إلى أراضيها وتصبح عودة «داعش» إلى ساحة القتال أمراً مستحيلاً، وحتى يوم 24 ايلول الماضي كان مستشار ترامب للأمن القومي جون بولتون يؤكد أن أمريكا لن تُغادر سوريا طالما يوجد قوات إيرانية خارج حدود إيران، فما الذي حدث على وجه التحديد ليلزم الرئيس ترامب سُرعة سحب جميع قواته من سوريا وهي نحو ألفي جندي؟!، وهل يمكن أن يكون الرئيس الأمريكي سحب قواته من مواقعها شرق الفرات، لأن الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان هدد بأن يضرب قوات سوريا الديمقراطية، الحليف الأساسي للولايات المتحدة في حربها على «داعش»، المشكلة أساساً من الأكراد السوريين التي حاربت «داعش» ببسالة وطردته من كوباني في أقصى شمال شرق سوريا ومن الرقة عاصمة الخلافة ومن معظم المواقع التي احتلتها «داعش»، لأن أردوغان يعتقد أن قوات سوريا الديمقراطية تربطها علاقات وثيقة بعدوه اللدود حزب العمال الكردستاني، وما الذي يمكن أن يترتب على هروب الرئيس الأمريكي وتخلي الولايات المتحدة عن حليفها الأساسي في الحرب السورية الذي حارب في كل معاركها، سوى رسالة واضحة إلى كل الذين يتعاونون مع الولايات المتحدة بأنه يصعب الاعتماد على الحليف الأمريكي الذي سرعان ما يتخلى عن حلفائه ولا يفي أبداً بوعوده!.

لقد كان وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتس دائم التحذير من خطورة انسحاب القوات الأمريكية السريع من سوريا الذي يُهدد بعودة ميليشيات «داعش» المسلحة، وفى مرات كثيرة كان يؤكد أن سقوط الخلافة وتحرير عاصمتها الرقة لا يعني أن يقول البعض: لقد سقطت الخلافة وعلينا أن نرحل، لأن خطر «داعش» لا يزال قائماً ولأن الآلاف من مقاتليها لا يزالون يعيشون فى وادى الفرات، يحاولون استعادة قوتهم ومواقعهم متى سنحت الفرصة، وليس واضحاً بعد إن كانت الولايات المتحدة سوف تستمر في عمليات القصف الجوى لـ «داعش» بعد رحيل قواتها، خاصة أن «داعش« لا يزال قادرا على إطلاق طوابيره المقاتلة كما حدث قبل شهر عندما اقتحم طابور «داعش» في عربات مسلحة منطقة دير الزور وقتلوا العشرات ودمروا العديد من المواقع لكن القصف الجوي الأمريكي أجبرهم على الفرار.

وعلى حين يُعارض قرار الرئيس الأمريكي ترامب عدد من شيوخ الجمهوريين الذين يعتقدون أن «داعش» تلقى بالفعل ضربات موجعة لكنه لم يهزم بعد ما أكدت الخارجية الروسية أن انسحاب الأمريكيين سوف يعجل بتسوية المسألة السورية، خاصة أن ثمة اتفاقا بين جميع الأطراف على ضرورة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، وكتابة دستور جديد لسوريا، كما أن القوات الإيرانية تُخفف وجودها في سوريا وثمة ما يُشير إلى أنها تنسحب، فضلاً عن أن الأصوات التي كانت تعترض على بقاء بشار الأسد قد هبطت بعض الشيء وبرغم أن الروس سوف يحاولون تخفيف وجودهم العسكري بعد انسحاب القوات الأمريكية فإن روسيا قد نجحت بالفعل في تعزيز وجودها العسكري شرق المتوسط من خلال قاعدتها البحرية في طرطوس والجوية في حميميم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى