أقلام وأراء

مكرم محمد أحمد يكتب – القضية الفلسطينية ولاءات مصر الثلاث

بقلم  مكرم محمد أحمد* – 27/6/2018

لا نعرف حقا ان كان هناك بالفعل ما اصطلح الامريكيون اخيرا على تسميته بصفقة القرن, اشارة الى وجود رؤية امريكية لمستقبل السلام في الشرق الاوسط ترسم حلا للصراع العربي الاسرائيلي وتنهي كل اوجه القضية الفلسطينية، تعتزم ادارة الرئيس ترامب القيام باستطلاع اخير حولها في رحلة قام بها الى مصر والأردن والسعودية واسرائيل جاريد كاشونير، صهر الرئيس ترامب، ورفيقه جرينبلات، ممثل امريكا في الشرق الاوسط، ام ان هذه الخطة قد تبخرت دخانا في الهواء بعد ان اعلن الرئيس الأمريكي ترامب القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس في خطوة تعادي المصالح العربية والقانون الدولي، مؤكدا انحيازه الكامل لإسرائيل، الامر الذي ادى الى رفض الفلسطينيين أي وساطة امريكية منفردة في قضية سلام الشرق الاوسط بعد ان ثبت انحياز الوسيط الأمريكي!

لكن الواضح ان جاريد كاشونير وجرينبلات قد أتيا هذه المرة الى الشرق الاوسط يسبقهما وعود كثيرة بان الأمريكيين سوف يجمعون نصف مليار دولار من دول الخليج لإغراق غزة بأموال كثيرة، ثمة حديث عن محطة جديدة للكهرباء بدلا من المحطة الراهنة التي تعمل فقط اربع ساعات في اليوم وثمة احاديث اخرى عن مطار كبير وميناء لخدمة قطاع غزة يقوم على الارض المصرية, وثمة انباء غامضة عن تهدئة طويلة في القطاع وخطة مبيتة لاعلان دولة فلسطينية في غزة ترتبط بمصر على نحو غير واضح، اما مصير الضفة الغربية ومدنها العربية وكتلها الاستيطانية ونقاط استيطانها غير القانونية وغير المشروعة فمؤجل الى حين آخر.

وما يزيد من غموض الصورة اننا لا نكاد نجد موقفا واضحا ومحددا من اي من اطراف القضية باستثناء الرئيس محمود عباس الذي يرفض التعامل مع الامريكيين منذ ان صدر قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة لاسرائيل، ويعتبر المشروع الامريكي المتعلق بغزة وهما و خداعا هدفه فصل الضفة عن القطاع، كما يرفض الرئيس محمود عباس على نحو قاطع قيام دولة فلسطينية في غزة لان غزة لا تصلح ان تكون بمفردها دولة فلسطينية وان كان من المستحيل ان توجد دولة فلسطينية بدون قطاع غزة.

ولست في معرض مناقشة افكار الرئيس محمود عباس وان كان معظمها مقبولا من الرأي العام العربي الذي لا يزال يعتبر ان المبادرة العربية تشكل في حد ذاتها حلا متكاملا لا يجوز من بعدها ان يكون هناك نقاش عربي لرأي آخر لان المبادرة العربية من وجهة نظر عربية لا تزال قائمة ولا تزال صالحة لان تكون مشروع سلام متكاملا وأي تهرب من المبادرة العربية هو في الحقيقة تهرب من مسئولية السلام، خاصة ان المبادرة تفتح امام اسرائيل فرص سلام دائم وتعايش كامل مع العالم اجمع بما في ذلك العالمان العربي والاسلامي.

لقد انطلق رد الرئيس عبد الفتاح السيسي على افكار جاريد كاشونير ورفيقه جرينبلات من ثوابت مصر المؤكدة رفض قيام دولة فلسطينية يقتصر وجودها على قطاع غزة لأن ذلك يعني اهدار مصير الضفة الغربية وتركها لقمة سائغة لاسرائيل، والأمر الآخر الذي لاشك في انه يدخل ضمن ثوابت الموقف المصري رفض التنازل عن اي بوصة من الأرض المصرية لأي طرف كان حتى ان يكن الطرف الفلسطيني، وربما يقبل الذوق المصري أن يكون هناك ميناء مصري يقام على الارض المصرية يخدم ضمن ما يخدم مصالح أهل قطاع غزة لكن المصريين يرفضون بصورة قاطعة ان يكون هناك ميناء فلسطيني على الأرض المصرية، والامر الثالث الذي يشكل جزءا مهما من ثوابت مصر الأساسية ان مصر لا يمكن ان تقبل عودة الإشراف على قطاع غزة تحت اسم الادارة المصرية لان نضالنا جميعا من اجل ان يتحمل الفلسطينيون مسئولية تقرير مصيرهم و ليس من المعقول او المقبول ان نعود الى الوراء مرة أخرى وتعود الادارة المصرية الى قطاع، غزة خاصة ان القطاع الان هو جزء لا يتجزأ من أرض فلسطينية وثمة سلطة وطنية فلسطينية هي المسئول الاول والاخير عن الأرض الفلسطينية.

«الاهرام» المصرية

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى