ترجمات عبرية

مقالات وتقارير مترجمة من الصحافة الاسرائيلية ليوم 27-11-2012

هآرتس – من باراك رابيد:27/11/2012

اسرائيل تغير الاتجاه: تلطيف التوجه الى الامم المتحدة وليس الغاؤه../

          بدأت اسرائيل تدير مفاوضات هادئة، بواسطة الادارة الامريكية على صيغة القرار التي سيرفعها الفلسطينيون للتصويت في الجمعية العمومية للامم المتحدة يوم الخميس في موضوع الاعتراف بفلسطين كدولة مراقبة ليست عضوا كاملا في المنظمة. وسافر مبعوث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المحامي اسحق مولخو يوم الاحد الى واشنطن سرا كي يدير اتصالات في هذا الشأن مع مسؤولين كبار في البيت الابيض وفي وزارة الخارجية.

          وكانت اسرائيل أعلنت في الاسابيع الاخيرة، سواء علنا أم في قنوات دبلوماسية بانها تعارض كل صيغة قرار يرفعه الفلسطينيون الى التصويت في الجمعية العمومية. ورفضت اسرائيل الدخول في اي مفاوضات على صيغة القرار بل وطلبت من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي عدم اجراء اتصالات كهذه، بل التركيز على ممارسة الضغط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ابو مازن لتأجيل التصويت.

          واشار مسؤول اسرائيلي كبير الى ان مسؤولين امريكيين كبار اوضحوا مؤخرا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومستشاريه بان ابو مازن مصمم على استكمال الخطوة في الامم المتحدة وأن بتقديرهم لا يوجد أي سبيل لمنع التصويت. وأبلغت الادارة الامريكية اسرائيل بأنها تعتزم محاولة تلطيف حدة صيغة القرار لتقليص الاضرار.

          وحسب المسؤول الكبير، فقد قرر نتنياهو تغيير السياسة والانضمام الى الجهد الامريكي لتلطيف حدة صيغة القرار، وبالتالي بعث بمولخو للعمل مع مسؤولين كبار في ادارة اوباما على تغييرات ترغب اسرائيل في ان تراها في النص الذي يرفع الى التصويت. ومع ذلك، ليس واضحا اذا كان يمكن ادخال هذه التغييرات الى صيغة القرار في الزمن القصير المتبقي.

          وتبدي اسرائيل اهتماما في أن تدخل الى القرار بنودا تقول صراحة أو بشكل مبطن ان الفلسطينيين لن يطلبوا قبولهم كأعضاء في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لحث اجراءات قضائية ضد جهات اسرائيلية. وكبديل كانت اسرائيل ترغب في أن ترى في القرار بندا يشدد على أن هذا قرار رمزي فقط وليس فيه ما يعطي سيادة للفلسطينيين على الضفة الغربية، قطاع غزة وشرقي القدس. كما أن اسرائيل معنية بأن يتضمن القرار التزاما فلسطينيا باستئناف المفاوضات المباشرة مع اسرائيل دون شروط مسبقة.

          وتعنى محادثات مولخو في واشنطن أيضا بتنسيق الرد الاسرائيلي على الخطوة مع الامريكيين. وكان نشر في “هآرتس” يوم الجمعة بان وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون طلبت من نتنياهو عدم اتخاذ خطوات عقابية تدفع السلطة الفلسطينية الى الانهيار. وتأتي المحادثات لمنع التوتر مع الولايات المتحدة في الموضوع في اليوم التالي.

          هذا وعقد نتنياهو امس اجتماع لمحفل وزراء التسعة للبحث في خطوات الرد الاسرائيلي، حيث فور التصويت ستتخذ اسرائيل عقوبات ضد الفلسطينيين. ومع ذلك، من غير المتوقع لهذه الخطوات ان تكون لا رجعة عنها واسرائيل لن تعمل على انهيار السلطة الفلسطينية، كما يطلب وزير الخارجية افيغدور ليبرمان. وفقط اذا ما استخدم الفلسطينيون القرار في الامم المتحدة للتقدم باجراءات الى المحكمة الدولية، ستدرس اسرائيل خطوات اكثر حدة.

          وقال مسؤول اسرائيلي كبير: “يجب أن نكون حكماء وليس فقط محقين. ستكون خطوات رد ولكنها ستكون محسوبة نسبيا”.

          وأضاف المسؤول بانه في هذه المرحلة تخطط اسرائيل لتجميد أموال الضرائب التي تجبيها نيابة عن السلطة الفلسطينية. ويدور الحديث عن خطوة مشابهة لتلك التي تتخذها ادارة اوباما تبعا للقانون الذي أقره الكونغرس قبل نحو سنة. ومع ذلك، فالحديث يدور عن خطوة يمكن التراجع عنها، ولا سيما في ضوء التخوف من الا يسمح تجميد أموال الضرائب بدفع الرواتب لرجال أجهزة الامن الفلسطينية، الامر الذي سيضر بادائهم ويزيد التوتر في الضفة الغربية – وفي مثل هذه الحالة – يمكن لاسرائيل ان تحول الاموال من جديد.

          كما ان اسرائيل تخطط للاعلان عن بناء مئات وحدات السكن الجديدة في المستوطنات في الضفة الغربية وكذا إقرار أجزاء من تقرير البؤر الاستيطانية للقاضي المتقاعد ادموند ليفي في الحكومة. هذه الاجزاء التي سترفع لاقرارها تعنى بتسهيل اجراءات التخطيط والبناء في المستوطنات واجراءات لتسويغ البؤر الاستيطانية غير القانونية.

——————————————————  

انتخابات 2013 – يديعوت – من يوفال كارني:27/11/2012

فايغلين في الداخل.. بيغن في الخارج../ انتصار المتطرفين: الليكود يكسر يمينا../ كسروا يمينا../

          الليكود بيتهم: حتى قبل توحيد القائمة مع مرشحي اسرائيل بيتنا ضمن الاتفاق بين نتنياهو وليبرمان يمكن لنا أن نقول بيقين منذ الان – الليكود كسر يمينا. 71 ألف منتسب من الليكود أنهوا أمس انتخاب مرشحيهم، وسجلوا تغييرا واضحا للاجيال: اليمينيون المتطرفون الجدد في الداخل، المعتدلون القدامى في الخارج.

          لقد هزت الدراما الليلية الكبرى أمس في حدائق المعارض الليكود. لم يعد حزبا يمينيا معتدلا يغمز نحو اليسار، بل حزب يميني واضح بجلاء. المرشحون الذين القوا بكل وزنهم في الكنيست وفي الحملة على الخط اليميني وعلى المستوطنات اكتشفوا بأن اختيارهم كان مجديا على نحو خاص وتسلقوا عاليا في القائمة. كما أن قوائم حاييم كاتس خدمت كل من ادخل فيها.

          داني دانون، موشيه بوغي يعلون، زئيف الكين، يريف لفين ويولي ادلشتاين، كلهم ينتمون الى الجناح الصقري في الحركة، احتلوا القمة وكان يمكنهم أمس الاحتفال بالنصر. ولكن المنتصر الحقيقي هو أكثرهم يمينية. المرة تلو الاخرى حاول موشيه فايغلين دخول قائمة الليكود الى الكنيست وفي كل مرة كان يُصد. في الانتخابات التمهيدية السابقة استثمر نتنياهو جهودا كبيرة لمنع دخول فايغلين الى الكنيست ودفع القائمة نحو التطرف. هذه المرة استثمر رئيس الوزراء جهدا أقل ضد الرمز الاكثر تطرفا في الليكود والنتائج لم تتأخر: فايغلن وصل الى المكان الـ 14 في القائمة، وحتى بعد أن تتحد هذه مع مرشحي اسرائيل بيتنا، فان هذا مكانا يضمن له مقعدا في الكنيست القادمة.

          تسيبي حوتوبيلي المتماثلة هي ايضا مع الجناح اليميني في الليكود، دخلت الى مكان عال وانتخبت المرة الاولى في القائمة، في المكان 10 المخصص للنساء. والتالية في الدور كانت ميري ريغف. اما الخاسرة الكبرى فهي من كانت تعتبر المرأة الاعلى في الليكود الوزيرة ليمور لفنات التي وصلت الى المكان الـ 17 فقط. وفي المكان الـ 24 المخصص للنساء جاءت كيتي شطريت المتماثلة مع جناح فايغلين.

          أما من دفع الثمن فكانوا من رفضوا التطرف . “الامراء” القدامى في الليكود، اولئك الذين يرافقون القائمة سنوات عديدة وشغلوا عدة مناصب رفيعة المستوى في الدولة، ركلوا هذه المرة الى الخارج. ثلاثة وزراء، بيني بيغن، دان مريدور وميخائيل ايتان وجدوا أنفهم هذه المرة خارج صورة الاماكن الحقيقية – والكثير بفضل قوائم التصفية التي حسمت بقدر كبير مصير هذه الانتخابات التمهيدية.

          وبين كبار الخاسرين يمكن أن نجد آفي ديختر، ليئا نس، آريه بيبي، تسيون بنيان وأيوب قاره. الرجل الذي أثر باقل قدر على القائمة كان في نهاية الامر رئيس الحزب ورئيس الوزراء نتنياهو الذي أوصى بالوزراء بيغن ومريدور (في الخارج)، يوفال شتاينتس واوفير اكونيس (في اواخر العشرية الثانية) وآفي ديختر في الخارج.

          قائمة الليكود المنصرفة كانت معتدلة نسبيا، ولكنها عديمة التمثيل الشرقي وتمثيل المحيط. لم يكن فيها ممثلون عن فايغلين وان كان يمكن أن نجد فيها خمسة نواب ذوي مواقف يمينية متطرفة – الوزير يولي ادلشتاين، رئيس الائتلاف زئيف الكين والنواب تسيبي حوتوبيلي، يريف لفين وداني دانون.

          اما في القائمة الحالية فيمكن أن نجد وجوها جديدة أقل مقارنة مع من انتخب في 2008 – في القائمة السابقة كان تسعة نواب جدد – ولكن هذا بالاساس لان الليكود ارتفع في الكنيست الحالية الى 27 مقعدا مقابل 12 مقعدا في الانتخابات التي سبقتها.

——————————————————  

معاريف – مقال – 27/11/2012

على ألا نعتذر

بقلم: يوسي أحيميئير

فقط بعد رحيل اردوغان الذي يحرض ضد اسرائيل، سيكون ممكنا اعادة بناء العلاقات الثنائية.

          رجل خطير يتجول في أرجاء الشرق الاوسط في محاولة لاشعال النار وتغذية اللهيب. ولا نقصد نصرالله أو خالد مشعل. فقد كدنا نعتاد على لغتهما التحريضية. من يلعب بالنار ليس عربيا ولا يتكلم العربية. هو مسلم. وهو رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان.

          منذ تسلم حقيبة المحرض باسم الاسلام غير العربي ضد دولة اليهود، يتطرف اردوغان من يوم الى يوم في تصريحاته المناهضة لاسرائيل. وكانت الذروة في اثناء حملة “عمود السحاب”. من هذه الناحية بدأ الرجل يشبه زميله من طهران. وحكومة اسرائيل لا يمكنها بالطبع ان ترد بهجمات من جانبها على أردوغان، حبيب حماس، ضد الاكاذيب التي يوجهها اليها، وذلك كي لا تغلق تماما الابواب نحو أنقرة، لا تجمد تماما علاقات الدولتين ولا تصفي الأمل في أيام افضل في العلاقات بينهما.

          لقد اضطرت اسرائيل الى أن تحتوي الكثير من الاكاذيب التي توجه اليها وليس بالذات في دول العدو، على أمل أن تعطي الوقت المجال ليفعل فعله. ولكن ايضا من خلال اعلام ناجع ضد الاكاذيب التي توجه له. في هذه الاثناء نجد أن الدعاية المناهضة لاسرائيل تنتشر. فقد أخذت تركيا اردوغان  عصا القيادة في هذا المجال.

          لا يوجد تفسير منطقي للهوس المناهض لاسرائيل لدى أردوغان. فالنزول الى مثل  هذه السفالة في تصريحاته توصم دولته. لست واثقا اذا كان في تصريحاته يسحب الجماهير في بلاده وراءه، ولكننا نكاد لا نسمع اصوات احتجاج أو تحفظ من أرجاء هذه الدولة الكبرى.

          ما الذي لم يقله اردوغان عنا قبل اسطول الاستفزاز “مرمرة” وبعد أن صدت هذه السفينة وقتل تسعة من مسافريها؟ ما الذي لم يتفوه به لسانه ضد اسرائيل قبل “عمود السحاب” وفي اثنائها. طموحاته في أن يصبح زعيما اسلاميا عالميا يجسده على ظهر اسرائيل. وبالفعل فانه يحظى بالثناء من كل المتطرفين في الشرق الاوسط.

          فهو يسافر الى القاهرة في ذروة هجمات الصواريخ على مواطني اسرائيل من قطاع غزة من أجل البحث مع نظيره “الاخ المسلم” والرئيس محمد مرسي، في الخطوات لصد اسرائيل والجيش الاسرائيلي وانقاذ حماس. وهو يبعث بوزير خارجيته، الاكثر تطرفا منه، الى الجلوس في غزة مع رأس الافعى الحماسي، اسماعيل هنية، للتضامن والتنديد بـ “الاحتلال” الاسرائيلي.

          لقد شهدت علاقات اسرائيل – تركيا أياما جميلة من التعاون العسكري والمدني انطلاقا من مصالح مشتركة، كدولتين شرق اوسطيتين ليستا عربيتين وغير ناطقتين بالعربية. والقلب يتفطر لدولة سعت لان تكون جزء من الاتحاد الاوروبي، أمة متطورة ومتقدمة، تنزل بسبب حاكمها الحالي الى درك أخلاقي، وليس فقط في الموضوع الاسرائيلي.

          فهو يعتقد بان ما هو مسموح لبلاده – في حربها مثلا ضد مقاتلي الحرية الاكراد، في ظل التفاخر بتصفيتهم، وهو عمل شبه يومي – ممنوع على دولة صغيرة، غير عربية، غير اسلامية، نهضت لتدافع عن نفسها ضد ارهابيين اسلاميين. ولم نذكر بعد الموضوع الارمني.

          ناهيك عن أنه تنشر أنباء عن أنه في مكان ما تجري محادثات بين مندوبين عن الدولتين لانهاء قضية “مرمرة”، فانه واضح ان هذا لن يتاح الا على أساس اذلال اسرائيل، المطالبة بان تعتذر لتركيا وتدفع تعويضات لعائلات القتلى. نأمل الا يوافق نتنياهو على هذا المطلب الهاذي، الذي لا يرمي الا الى اذلالنا. اذا كان ثمة مجال للتفاؤل الاسرائيلي، فهو يقوم على أساس أن فقط بعد رحيل اردوغان اياه، وعلى ما يبدو ليس قريبا، سيكون ممكنا الشروع حقا باعادة بناء العلاقات الثنائية الهامة. اما الاعتذار الاسرائيلي عن استفزاز “مرمرة” التركية – فلا بأي حال من الاحوال.

——————————————————  

يديعوت – مقال – 27/11/2012

فايغلين الى الحكم

بقلم: ناحوم برنياع

 سيواجه نتنياهو الناخب الاسرائيلي بحكومة يمينية جدا فهل يستطيع اقناعه بأن يصوت له؟.

       فاز اليمين بالانتخابات لأول مرة في 1977. واحتيج الى 35 سنة اخرى كي يتخلص اليمين من جميع مخاوفه وجميع الانحراف الى مركز الخريطة السياسية، ومن فورات الأشواق الى جابوتنسكي ومناحيم بيغن، ليُنزل منتخبه الحقيقي الى الملعب من غير خجل ومن غير ندم ومن غير حقوق انسان. انتخب فايغلين للحكم.

          سيحاول نتنياهو ان يستعمل في الايام القريبة شيئا من التحسين. وسيُبين قائلا لن تبدو حكومتي على هذا النحو وسيتوسل الى ليبرمان كي يضم الى قائمته واحدا أو اثنين من المُبعدين كي يُحدث وهْم توازن. فالويل لرئيس وزراء يحتاج الى ليبرمان كي يجعل قائمة حزبه معتدلة. والويل لليكود الذي انحرف عن الخط.

          ان قائمة الليكود الحزبية هي بشرى غير طيبة لنتنياهو الذي سيق مُجبرا الى الهامش اليميني. وقد يكون للانحراف الى اليمين ثمن في صناديق الاقتراع. وهذه قاعدة جيدة تبدأ منها تسيبي لفني التي يفترض ان تعلن اليوم قرارها على المنافسة في قائمة خاصة بها للكنيست. وربما لاهود اولمرت ايضا اذا استقر رأيه في نهاية الامر على الترشح. ولحزب العمل ولبيد ايضا بالطبع. لأول مرة منذ بدأت المعركة الانتخابية بدا ان الحديث عن انتخابات حُسمت مسبقا ليس يقينا. فمصوتو كديما في السابق الذين كانوا ينوون العودة الى الليكود تلقوا سببين جيدين للحيرة من جديد الأول هو الوحدة مع ليبرمان وتأليف القائمة الآن.

          وهذه البشرى غير طيبة لنتنياهو لسبب آخر وهو انه حتى لو نجح في تأليف حكومة فستكون الأكثرية في كتلة الليكود الحزبية معارضة. وكل اجراء سياسي منه سيلقى جبهة رفض قوية في داخل كتلته الحزبية. حينما واجه شارون وضعا مشابها اتجه الى الانقسام لكن نتنياهو مبني من مواد مختلفة.

          أضاع في الطريق بيني بيغن ودان مريدور وهما وزيران كانا ورقة التين للحكومة الآفلة. فمن غيرهما (ومن غير ميخائيل ايتان الذي أُبعد هو ايضا، واهود باراك الذي أعلن اعتزاله أمس) لا يوجد من يغطيها بلحاف القانونية. ان حكومته عارية في مواجهة جهاز القضاء ورقابة الدولة، وفي مواجهة حكومات اجنبية والرأي العام في الغرب.

          ان ترتيب المنتخبين هو في الأساس نتيجة صفقة عُقدت بين موشيه فايغلين زعيم كتلة المستوطنين المتدينين، وبين حاييم كاتس رئيس مجلس عمال الصناعة الجوية. وهي صفقة فاسدة كما تبين في الماضي. ان المنتسبين من معسكر فايغلين يصوتون في جد في صناديق اقتراع الليكود لكنهم في انتخابات الكنيست يصوتون لقوائم حزبية اخرى أكثر تطرفا؛ والمنتسبون من الصناعة الجوية يخضعون لأوامر كاتس لأنهم يعتمدون في مصدر رزقهم عليه. “هذه ديمقراطية”، قال لي أمس متحدث كاتس ولم يكن هازلا.

          ان القائمة التي انتخبت تُعرف في الأساس بأسماء اولئك الذين تم ابعادهم، لكن الذين انتخبوا ايضا يعنون شيئا ما. انتُخب أولا جدعون ساعر وهو انتهازي يُبدل باحدى يديه الأشرطة في حانات في تل ابيب ويُدخل بيده الثانية الى جهاز التربية تسييسا خطيرا. في اللحظة التي أعلن فيها نتنياهو تقديم موعد الانتخابات انحرف ساعر نحو اليمين وما كان أي تصور عام ليستطيع ان يوقفه.

          وبعد ذلك داني دنون واسرائيل كاتس وتسيبي حوطوبلي وزئيف ألكين وياريف لفين الذي يشتاق الى تخليص الهيكل الصديء لسفينة السلاح “ألتلينا” وجعلها نُصباً وطنيا يشبه “يد وإسم” لخلاص الايتسل. بل ان الناس الأشد يمينية في كتلة الليكود يقولون عن لفين ان شيئا ما قد اختل عنده.

          سيضطر نتنياهو مع هؤلاء الى اقناع الناخب بأنه سيُنشيء حكومة ذات مسؤولية ومتزنة وحكومة للجميع. وسيقرر هؤلاء هل يهاجمون ايران وهل يحتلون غزة من جديد وهل يستوطنون نابلس ورام الله وبيت لحم.

——————————————————  

معاريف – مقال – 27/11/2012

العاصفة ما بعد الهدوء

بقلم: أودي بلنجا

                                            محاضر وباحث في دائرة دراسات الشرق الأوسط في جامعة بار ايلان

بعد مجد “عمود السحاب” يقف مرسي مرة أخرى أمام الاختبار. الآلاف يعودون إلى ميدان التحرير احتجاجا على المركزية ومعهم مسألة: إلى أين تسير مصر؟.

          اذا كان محمد مرسي توقع ان يرتاح على أكاليل الغار أو ان يستمتع ببضعة ايام من المجد بعد أن اتخذ صورة الشخصية المركزية في مساعي الوساطة بين حماس واسرائيل، فانه يكون قد اخطأ. ففي الاسابيع الاخيرة تحولت مصر الى برميل بارود يهدد بالانفجار في كل لحظة. فمنذ سبعة ايام تجري في شارع محمد محمود في القاهرة مظاهرات عنف ضد الرئيس والنظام الذي أقامه في مصر.

          وبالتوازي عاد الناس ليسكنوا الخيام في ميدان التحرير، فيما يعرب المتظاهرون هذه المرة عن احتجاجهم ضد اجراءات مرسي الاخيرة، بمعنى جمع صلاحيات اضافية لمؤسسة الرئاسة وتحويلها الى الجسم الاقوى في مصر دون منازع، التضييق على مكانة السلطة القضائية، اقالة النائب العام عبد المجيد محمود والدعم غير المتحفظ للجنة الخاصة لبلورة الدستور الجديد، والتي تتشكل في معظمها من مندوبين إسلاميين.

          ولكن بينما كانت المشاكل آنفة الذكر من انتاج مرسي نفسه، فان أساس مشاكل مصر ورثها من سلفه، ومثل مبارك، اكتشف ان من الصعب جدا التغلب عليها. وحسب مواقع “غلوبل فايننس” و “صندوق النقد الدولي”، فان معدل نمو الانتاج المحلي الخام (GPD) للعام 2011 كان 1.8 في المائة، والتقدير هو أن العام 2012 سينتهي بـ 1.5 في المائة نمو. وفي الربع الأخير فقط، حسب صحيفة “الاهرام” اليومية تقلص النمو الاقتصادي لمصر بـ 21 في المائة في الربع الأخير؛ وبشكل رسمي يوجد نحو 11.5 في المائة عاطلين عن العمل، ولكن معقول أكثر ان يكون العدد ضعف ذلك؛ اما الدين العام لمصر فيبلغ 79.2 في المائة من الانتاج المحلي الخام، والدخل القومي للفرد هو 3.118 دولار في السنة. لقد تحولت مصر لتكون اكثر مركزية مما كانت قبل سنتين وأكثر دينية من الماضي. واذا فحصنا للحظة الجانب الديني، حتى ولو بشكل سطح، سنرى أن اليوم، تحت حكم الاخوان المسلمين، يشعر السلفيون بحرية اكبر في الحديث علنا عن الحاجة الى تفجير الاهرامات وابو الهول. وغني عن البيان انهم هم ايضا وكثيرون غيرهم من الاخوان كانوا يرغبون في أن يروا مصر كدولة شريعة.

          من الجهة الاخرى فان جموع المتظاهرين الذين يأمون اليوم ميدان التحرير لا يرغبون في أن يروا مرسي كمبارك جديد بل ان بعضهم لا يريد أن تتحول مصر الى حكم ديني. ولهذا فانهم مستعدون لان يرفعوا مرة اخرى صوت احتجاج ضد الدكتاتورية التي ينتجها الرئيس مرسي امام ناظريه. “نحن نحتج منذ يوم أمس على الاعلان الدستوري والذي يجعل الرئيس دكتاتورا جديدا أو فرعون”، قال وليد ناصر، عضو ادارة “حزب الدستور”. وتجدر الاشارة الى أنه رغم الاحتجاج الحالي، فان مرسي يحظى بالتأييد من جانب أجزاء واسعة في البرلمان المصري ومن جانب الأخوان المسلمين على حد سواء، ممن يعقدون مظاهرات تأييد جماهيرية له.

 سطحيا تبدو خطواته في النصف سنة الأخيرة، ولا سيما تطهير قيادة المجلس العسكري الأعلى وأخذ الصلاحيات ترمي الى منحه قوة سياسية كبيرة لم يحظَ بها سوى مبارك.

في الأيام القادمة ستختبر زعامة مرسي سواء في أوساط ناخبيه وشعبه ام في أوساط الأسرة الدولية، حين ستقبع في بؤرة جدول الأعمال العام المسألة القديمة: الى اين تسير وجهة بلاد النيل؟

——————————————————  

يديعوت – مقال – 27/11/2012

بلا تفضل

بقلم: ايتان هابر

ترك اهود باراك الساحة السياسية الاسرائيلية لأنه بشخصيته الفريدة لا يستطيع ان يتحمل الهزيمة في صناديق الاقتراع.

       ان اهود باراك، كما عرفته من قريب لعشرات السنين هو الولد المدلل للسياسة الاسرائيلية. لا يعني هذا انه لم يكن يجب عليه ان يجتهد هنا وهناك لكنه بخلاف الآخرين أتاهُ كل شيء تقريبا بسهولة نسبية. وقد قالوا عنه منذ كان حدثا انه “سيكون”… سيكون جنرالا في الجيش الاسرائيلي. وسيكون رئيسا للاركان وسيكون وزيرا للدفاع، وسيكون رئيسا للوزراء. وقد كان. وقد أجلّه اسحق رابين جدا. وتأثر اسحق شمير به. وتنبأ له شمعون بيرس بالعظائم والأمجاد. وأجلّه بيبي نتنياهو (وعائلته). ولم يُجلّ اهود باراك في حياته سوى انسان واحد هو نفسه.

          رأى نفسه بحق أو بغير حق دائما طوال طريقه ومناصبه كلها زعيما أفضل من زعماء آخرين، وفاهما أفضل من فاهمين آخرين. وقد برز في الجيش الاسرائيلي قبل سن العشرين في دورية هيئة القيادة العامة أكثر من ذوي الرتب والقادة الآخرين في الزعامة والقيادة العسكرية والذكاء والدهاء في مواجهة العدو وفي كل شيء.

          لقد عرف كل شيء عن كل شيء: عن سرطان البنكرياس مثل طبيب أمراض داخلية، وعرف عن تشايكوفسكي مثل قائد فرقة في الهرمونية، وعن التاريخ اليهودي مثل بروفيسور في الفكر الاسرائيلي، وعرف ايضا عن “باتيك فيليب” (ساعات غالية الثمن) و”دافيدوف” (سيجار).

          ان اهود باراك بخلاف كثيرين آخرين يحاربون عن مواقعهم في السياسة الاسرائيلية أتاهُ كل شيء بسهولة نسبية: فقد عرضوا عليه ان يكون وزيرا للداخلية، وتحول من هناك ليصبح وزيرا للخارجية، وكان فوزه في انتخابات رئاسة الوزراء هو الأكثر اكتساحا في التاريخ الاسرائيلي (الى ان جاء الفشل بعد ذلك)، وعاد الى وزارة الدفاع مع إجلال كبير من وزارة الدفاع.

          كان وزير الدفاع الذي لا يوجد سواه، وهو الذي كان تاج الأساطير معقودا على رأسه بسبب عمليات مجهولة ولا نظير لها ايضا على نحو عام. كان ذهن فوار كذهنه فقط يستطيع ان يُبدع عملية اغتيال لصدام حسين حاكم العراق فشلت في تساليم ب. لكن لا أحد وجه دعاوى عليه بسبب جنون قتله لأبو جهاد على مبعدة آلاف الأميال عن البيت بعملية جريئة مدهشة في تونس البعيدة.

          بيد انه كان لاهود باراك وما يزال نقص منعه ويمنعه وسيمنعه دائما من ان يكون سياسيا في اسرائيل، فهو من أعلى مناصبه ومواهبه لم يحسب حسابا لأحد. فالجميع مطلوب اليهم ان يفعلوا ما يشاء. وهو لم يتخلَ قط: أنا أريد ان يكون ذلك – وهو ما كان في نهاية الامر. وقد عرف كل شيء أفضل من الجميع وكان على حق في الكثير جدا من الحالات. وهو لم يكن قط صاحبا لأحد ولم أر قط أحدا يُربت على كتفه في ود. ولم يتلفظ قط بشتيمة ولم يكد يقول – اذا قال – كلمة سيئة عن شخص ما (ما عدا غابي اشكنازي).

          في السياسة عامة وفي اسرائيل خاصة حيث كل سياسي يستكين ويتملق الجميع لا تُطاق صفات اهود باراك هذه: فقد تدهور وضعه من كونه العزيز على الشعب مع عشرات الآلاف الذين يهتفون له في ميدان رابين في ليلة فوزه في الانتخابات الى وضعه المتدني الحالي في السياسة. قد لا يشتاق الى السياسة لكن الأمن سيشتاق اليه.

          اليكم تخمينا: قال باراك في نفسه من أعلى مكانته المتدهورة وللمحيطين به قبل ان يقرر – “ألا تريدونني؟ لا يجب ذلك وبلا تفضل”. فهو لا يريد ان يحمل على ظهره كومة من اعضاء الكنيست يدخلون دار الكنيست بفضله وهو غير مستعد في الأساس لمواجهة هزيمة في صناديق الاقتراع. هذا هو الرجل للأحسن أو للأسوأ.

          الآن اذا أراده نتنياهو وزيرا للدفاع فسيأتي الى الحكومة وإلا فـ “بلا تفضل”.

——————————————————  

هآرتس – مقال – 27/11/2012

يعودون الى الميدان

بقلم: تسفي بارئيل

عندما تطبق النوايا الطيبة لمرسي باساليب النظام القديم، التي تهدد بتفريغ صلاحيات المحاكم من محتواها، حاليا على الاقل، فان ميدان التحرر ينبعث من جديد. يتعين على مرسي الان ان يقرر: إما أن يتراجع باهانة أو أن يوقع مصيبة سياسية على الاخوان المسلمين.

          لم يوجد بعد الزعيم الذي لم يتسلى بحلم “بدون محكمة العدل العليا وبدون “بتسيلم” (منظمة حقوق إنسان). هذا هو التطلع الى حكم الفرد، عديم القيود، بلا رقابة عامة أو قضائية، وكله بذريعة “المصلحة العامة”، التي لا يفهمها الجمهور نفسه. فالزعيم يعرف افضل. يخيل للحظة ان محمد مرسي ايضا، بطلة حملة “عمود السحاب” اجتاحه طوفان الطموح الزائد فيما ينسى ما ذكر به مؤيدوه اسرائيل: مصر بعد الثورة ليست مصر مبارك”.

          وهكذا، في غضون بضع ساعات من لحظة اعلان مرسي عن “الاعلان الدستوري” الجديد – الذي يمنحه صلاحيات تشريعية وتفوق على المحاكم – بدأت تظهر في مواقع الانترنت والصحف انتقادات لاذعة للقرار. وسارع قادة حركات الاحتجاج والأحزاب العلمانية الى تسمية هذه القرارات بـ “الفرمانات”، وهو التلميح بقرارات السلطان العثماني التي لم يكن مجال للطعن فيها؛ الأهالي الذين ثكلوا أبناءهم في مظاهرات الاحتجاج في 2011 نددوا حتى بقرار إعادة محاكمة المسؤولين عن القتل؛ وفي صفحات “الفيسبوك” وحسابات “التويتر” بدأت مساء يوم الخميس تتدفق نداءات لعقد مظاهرات جماهيرية في ميدان التحرير؛ وطالب نشطاء سياسيون بعقد اعتصام في ميدان التحرير حتى الغاء هذه القرارات، وطالب آخرون بتنحية مرسي عن الرئاسة. وبالمقابل، أعلن الاف مؤيديه في الشبكات الاجتماعية بانهم مع القرارات التي هي “استمرار مباشر للثورة وتأتي لحماتها”، وكالمعتاد، دعوا هم ايضا الجمهور للمشاركة في مظاهرات تأييد للرئيس وقراراته.

          ولعب ميدان التحرير مرة اخرى في نهاية الاسبوع دور البرلمان الجماهيري وذكر، اذا كانت حاجة الى ذلك، بالمعنى الحقيقي للثورة في مصر. ومع أن للرئيس صلاحيات واسعة للغاية، على الأقل إلى أن يقر الدستور الجديد وينتخب برلمان جديد – ولكن الان، خلافا للوضع في الماضي، تقف أمام هذه الصلاحيات صلاحية جديدة، صلاحية “الشارع”.

          على ماذا قامت الصرخة؟ قرار مرسي بإقالة النائب العام، عبد المجيد محمود، الذي عين في عهد مبارك ويعتبر المسؤول عن تبرئة ساحة الكثير من المسؤولين عن قتل المتظاهرين – استقبل بالذات بعطف. وقد استخدم مرسي مناورة دستورية قضت بان يتسلم النائب العام منصبه لاربع سنوات منذ تعيينه. ومحمود يوجد في منصبه منذ ست سنوات. وهكذا يكون مرسي تجاوز تعليمات الدستور في أن النائب العام لا يعينه ولا يقيله الرئيس. فالنائب العام “ببساطة” أنهى فترة ولايته.

          ولكن اذا كانت تنحية محمود وتعيين طلعت ابراهيم في هذا المنصب الهام تعد خطوة شعبية، فان القرار باعادة محاكمة كل من هو مسؤول عن قتل المتظاهرين – والمقصود هنا اولئك المسؤولين الذين برأتهم المحكمة – فقد بدأ تنم عنه رائحة كريهة.  وبالفعل فان المواطنين المصريين، من خلال حركات الاحتجاج يطالبون منذ فترة طويلة بتطهير الحكم من بقايا الحكم السابق بل ويحتجون ايضا على التسويف في تقديم المسؤولين عن قتل المتظاهرين الى المحاكمة. وفي الاسبوع الماضي عقدت مظاهرات عنيفة في شارع محمد محمود في الذكرى السنوية للاشتباكات مع قوات الشرط في المكان. واعتقد مرسي بان القرار باعادة محاكمة المسؤولين سيهديء المتظاهرين بل ويمنحه مزيدا من نقاط الاستحقاق. فقد قال ان “هكذا نبدأ بتعويض شهداء الثورة حقا”. ولكن عندها جاءت الضربة القاضية عندما قضى في اطار قراراته الجديدة بان كل قراراته من لحظة تعيينه (في 30 حزيران 2012) هي ذات مفعول دستوري وغير قابل للطعن في المحاكم، الى أن يقر دستور جديد وينتخب برلمان جديد. وبشكل محدد تقضي القرارات ايضا بان المحاكم لن تكون مخولة بحل مجلس الشورى ولجنة صياغة الدستور.

          وهنا علق مرسي في مسار صدام جبهوي مع الحركات الليبرالية والعلمانية، مع جمعية القضاة شديدة القوة، التي دعت إلى تعطيل الجهاز القضائي، مع رابطة المحامين ومع كل من يخشى على ميزان القوى السياسي في مصر. ولمرسي منذ الان صلاحيات تشريعية بعد أن الغى في آب ملحق الدستور الذي أملاه المجلس العسكري الأعلى وأخذ لنفسه الصلاحيات التشريعية التي كانت للمجلس العسكري من قبل. ومع ان  هذه الخطوة أثارت الانتقاد في حينه، ولكنها قبلت لدى الجمهور كيفما اتفق، وذلك لانه لماذا لا يكون للرئيس المصري المنتخب ذات الصلاحيات التي كانت للمجلس العسكري. ولكن أن يأخذ الصلاحيات التشريعية وان يضع نفسه ايضا فوق المحاكم، أي فوق القانون – فقد باتت هذه خطوة مبالغا فيها، “فرعونية جديدة”، كما قال خصومه.

          مرسي، من جهته، غاضب على ما يسميه “جر الأرجل” في لجنة صياغة الدستور، التي سبق أن حلت مرة واحدة، بعد أن قررت المحكمة بان مائة أعضائها لا يمثلون كل فئات الجمهور. وفي تركيبتها الجديدة أيضا تعاني اللجنة من وزن زائد لرجال الأخوان المسلمين والتيارات الدينية لدرجة أنه يوجد أمام المحكمة الدستورية الآن التماس بحلها، بدعوى أن شكل اختيار أعضائها لم يكن دستوريا. مرسي، الذي يسعى منذ الآن إلى إنهاء عملية الصياغة المعقدة، التي يتطلب فيها كل بند تأييد 67 من أعضاء اللجنة، عرض المسودة لمصادقة الجمهور ومن هناك التقدم نحو الانتخابات للبرلمان، يخشى من أن يطيل حل المحكمة للجنة أكثر فأكثر في المرحلة الانتقالية. كما أنه يريد أن يبقي على التشكيلة الحالة لمجلس الشورى، والذي توجد فيه أغلبية للحركات الدينية، بعد أن حلت المحكمة البرلمان.

          ظاهرا، هذه نوايا مرغوب فيها، ترمي إلى تسريع بناء المؤسسات الدستورية في مصر، نقل صلاحياته الى البرلمان الجديد، وتوفير دستور جديد لمصر “بروح الثورة” كما يدعي مرسي. ولكن عندما تطبق النوايا الطيبة بأساليب النظام القديم، التي تهدد بتفريغ صلاحيات المحاكم من محتواها، حاليا على الأقل، فان ميدان التحرر ينبعث من جديد. يتعين على مرسي الآن ان يقرر: إما أن يتراجع باهانة أو أن يوقع مصيبة سياسية على الأخوان المسلمين.

——————————————————  

هآرتس – مقال – 27/11/2012

الرجل الذي دمر اليسار من الداخل

بقلم: جدعون ليفي

تحول الأمل الكبير الى خيبة لا تقل كبرا. فقد أصبح باراك دودة فيروس تسللت الى اليسار الاسرائيلي ودمرته من الداخل، فنشر بنجاح مذهل أب كل الاكاذيب: لا شريك. واليسار، الهزيل على اي حال، لحقه ولم ينتعش حتى يومنا هذا.

ايهود باراك يضرب من جديد. قبل بضع دقائق من المؤتمر الصحفي أطلق المحللون تنبؤات مختلفة – وها هي وقعت القنبلة: اعتزال الحياة السياسية. ولكن حتى هذه القنبلة ليست قنبلة حقيقية: في اسرائيل كل اعتزال يبشر فقط ببداية العودة “الكبرى” التالية. في البوابة المستديرة للسياسة الاسرائيلية، يدخل الناس ويخرجون المرة تلو الاخرى، وكأن ليس لهؤلاء الاشخاص الرائعين اي بديل. وعندما يعودون فانهم يرتكبون ذات الاخطاء المصيرية، لا يتعلمون شيئا ولا ينسون شيئا. فقط موشيه دايان وحده، الذي تطلع باراك لان يشبهه، عاد كي يكفر ويحدث تغييرا.

باراك بالطبع لم يستبعد أن يعود. ظاهرا، رجل مسن، شبع بالافعال، يذهب الى بيته في ذروته نسبيا، يبعث على العطف وهو يقول انه يريد أن يبدأ “قضاء الوقت” على حد تعبيره وان يكون مع العائلة. عمليا، ايهود هرب من جديد – من الدوائر المنزلية الصغيرة، التي عن مصيرها اشتكى في المؤتمر الصحفي، يترك زملائه، بمن فيهم اوريت نوكيد يتأوهون.

منذ ان تجول في ساحات بيروت بملابس إمرأة وتسلق جناح طائرة “سبينا” بملابس الفني، فان باراك هو فنان الخداع، التمويه والدهاء – نجم حفلة التنكر الاسرائيلية. غير أن باراك لم يخدع العدو فقط، بل خدعنا جميعنا، وهو لم يخفِ أبدا متعته بذلك: انتبهوا لبارقة الابتسامة الداهية التي رافقت أيضا المؤتمر الصحفي. أنا أيضا، الصغير، وقعت في شباكه. في 1998، سألته ماذا كان سيحصل لو ولد فلسطينيا. فأجاب المرشح لرئاسة الوزراء في حينه باستقامة وشجاعة أثارت انطباعي في حينه: “لو كنت فلسطينيا في العمر المناسب، لدخلت في مرحلة معينة الى احدى منظمات الرفض”، واسرائيل تفجرت بالانسانية.

بعد أن انتخب وأطلق “فجر يوم جديد” له، ذهب الى شبردستاون لصنع السلام مع سوريا والى كامب ديفيد الى صنع السلام مع الفلسطينيين. السلام؟ تقريبا. بضعة أمتار وحفنة شجاعة فصلت بينه وبين السلام مع سوريا. والى كامب ديفيد ذهب، كما شهد لاحقا، كي يكشف الوجه الحقيقي للفلسطينيين – وكانت الخدعة كلها على حسابنا.

          الان، مع اعتزاله، ليس الاول وربما ليس الاخير، أراجع قليلا ما كتبته عنه على مدى السنين، وتبدو واضحة علامات الخداع وخيبة الأمل. لقد تحول الأمل الكبير الى خيبة لا تقل كبرا. فقد أصبح باراك دودة فيروس تسللت الى اليسار الاسرائيلي ودمرته من الداخل، فنشر بنجاح مذهل أب كل الاكاذيب: لا شريك. واليسار، الهزيل على اي حال، لحقه ولم ينتعش حتى يومنا هذا.

غير أن باراك بالذات هو الذي اثبت الضعف الفظيع للدهاء. فشيء لا ينقصه كي يصبح سياسيا ذا أبعاد تاريخية: ذكاء حاد، ثقافة واسعة، لسان قاطع، حضور بل وحتى وحشية، وهي البضاعة المطلوبة للسياسي الاسرائيلي. ولكن الدهاء وحده كان في طالحه.

فقط لو كان يقول الحقيقة البسيطة ويسير في أعقابها، لاصبح السياسي الأهم بعد بن غوريون. لو أنه فقط سار في الطريق المستقيم، لعله على الاقل أصبح رابين. ولكنه كان منشغلا بالاحابيل وبالخدع، من أفضل تقاليد الوحدة العسكرية. ثعلب ماكر مثله، لم يتحول ابدا ليصبح أسدا، رغم أنه كان يستطيع. ولكن ما هي هذه كل التأبينات؟ في الشتاء سيعود الينا، الى ذات الطريق، الى ذات الخدعة – فقط اذا ما استدعي لخدمة العلم.

——————————————————  

هآرتس – مقال -27/11/2012

ليس صاحبا ولا سياسيا بل هو استراتيجي

بقلم: الوف بن

أدرك وزير الدفاع الاسرائيلي اهود باراك ضعفه السياسي واستوعبه واستنتج من ذلك الاستنتاج المطلوب فترك السياسة.

       فهم اهود باراك انه لا أمل له في ان يجتاز نسبة الحسم في الانتخابات القريبة، فاستقر رأيه بدل ان يُدير حملة انتخابية تنتهي الى تحقير معلن وديون مالية، على بت الأمر والتخلي عن المنافسة على رأس كتلة “الاستقلال”. اذا أراد بنيامين نتنياهو ان يُبقيه في مكتب وزير الدفاع في الولاية القادمة ايضا فسيضطر الى ان يُعينه وزير دفاع “مختصا”. واذا استغل الاثنان الزمن الباقي من ولاية الحكومة الحالية وهاجما ايران في الاشهر الثلاثة القريبة، كما أشار باراك الى ذلك باعلان وداعه – “أعدكم بأن تكون تحديات أمنية كثيرة” – فستكون هذه نهاية مُدوية لحياة سياسية عاصفة كثيرة التقلبات وضعت باراك في موقف “الشخص الذي يحب الجميع ان يكرهوه”.

          أثر باراك أكثر من آخرين في التفكير الاستراتيجي لاسرائيل في الجيل الأخير وكان بقدر كبير صائغه الرئيس مثل موشيه ديان في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وقاد الثورة التكنولوجية في الجيش الاسرائيلي وشجع التسلح بسلاح موجه دقيق وبوسائل طيران من غير طيارين تتحمل اليوم جزءا كبيرا من المهمات القتالية. وقد بادر وقاد الانسحاب من جنوب لبنان في 2000 والذي كان بعد ذلك مُلهما للانفصال عن قطاع غزة.

          يعتبر اقتراحه السلمي الفاشل على ياسر عرفات في كامب ديفيد والذي تُرجم بعد ذلك الى “معايير كلينتون”، يعتبر منذ ذلك الحين هو الحل المعقول لتقاسم البلاد بين اسرائيل ودولة فلسطينية، وكان أساسا لاقامة جدار الفصل في الضفة الغربية. وأصبح تصريح باراك في نهاية القمة عن انه “لا يوجد شريك في الجانب الفلسطيني”، أصبح منذ ذلك الحين مواضعة سياسية في اسرائيل وهو شيء جعل باراك مكروها من اليسار المتقلص. ان تصور “وسائل الضغط والضغوط” عند باراك في مواجهات مع منظمات مسلحة كحزب الله وحماس والذي أساسه استعمال قوة نيران كبيرة من بعيد، تم تطبيقه لأول مرة في عملية “تصفية الحساب” (1993)، وفي الفترة الاخيرة في عملية “عمود السحاب” (2012)، ولم يقترح أحد تصورا مختلفا أو أكثر نجاحا.

          ان باراك بخلاف نتنياهو الذي يتحدث الى كتب التاريخ يُقدر القوة ويفحص عن الحياة من موقع مراقبة مستثمر في السوق المالية ينظر الى الأمام ويفكر في الربح أو الخسارة المتوقعين. ان تحليلاته الطويلة للتهديد من طهران لا تذكر المحرقة أو خطب تشهير محمود احمدي نجاد بل تعرض تقديرا باردا لتأثيرات القنبلة الذرية الايرانية في توازن القوى الاقليمي.

          لكن كلما نجح باراك بصفة مبادر ومخطط وصاحب أفكار فشل بصفة سياسي وصعب عليه ان يُجند تأييدا من الحكومة والكنيست. وقد فاز بأكثرية كبيرة لرئاسة الحكومة في 1999 ليُركل من منصبه بعد عشرين شهرا عاصفا فقط وهي أقصر ولاية لزعيم اسرائيلي بل انها أقصر من ولاية موشيه شريت. ولم ينجح منذ ذلك الحين في العودة الى القيادة الوطنية مثل اسحق رابين ونتنياهو اللذين حظيا بالعودة الى الحكم. وكانت خطيئته العامة الكبرى شراء الشقة الفخمة في أبراج أكيروف التي جعلته يبدو في مظهر ثري متكبر مقطوع عن الواقع. صحيح انه كان لساسة آخرين ايضا مزارع مثل اريئيل شارون أو فيلا مثل نتنياهو، لكن قصر باراك موجود في الشارع الرئيس يراه الجميع لا في النقب أو في زقاق بعيد في قيسارية.

          تمتع باراك في الولاية الحالية بمنزلة صاحب سر نتنياهو والمقرب منه، وعمل مبعوثا لرئيس الوزراء لمحادثات مع الادارة الامريكية وعامل توازن في مواجهة المواقف المتطرفة والمُهيجة لوزير الخارجية افيغدور ليبرمان. وتعاون الاثنان على اعداد الجيش الاسرائيلي واعداد الرأي العام الاسرائيلي والمجتمع الدولي لحرب ايران. لكن باراك لم ينجح في اقناع رئيس الوزراء باظهار مرونة واعتدال مع الفلسطينيين أو الاعتذار لتركيا. وعلل باراك فشله بضعفه السياسي: “لا استطيع ان أُسقط الحكومة مثل ايفيت ليبرمان”، اعتاد ان يُبين للصحفيين.

          استوعب باراك الآن ضعفه السياسي واستخلص منه الاستنتاج المطلوب وهو توفير وقته في المعركة الانتخابية وانه يجدر ان يستمر في حياته العادية في الكرياه – وهي مكان عمله في أكثر ايام حياته البالغة. وستُحسم مسألة مشاركته في الحكومة القادمة بحسب نتائج الانتخابات والعوامل القسرية السياسية التي ستُستعمل على نتنياهو بعدها. من الواضح فقط ان باراك يستطيع باعتباره وزيرا “مختصا” ان يؤثر أقل من تأثيره في الولاية الحالية – وستتجه سياسة الحكومة الخارجية والامنية منذ الآن الى الاتجاه اليميني والقومي المعارض لكل تنازل ومصالحة بصورة أكبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى