أقلام وأراء

مفتاح شعيب يكتب – كوابيس القصاص في «إسرائيل»

مفتاح شعيب  13/1/2020

بدأ تحرك محكمة الجنايات الدولية لبحث جرائم الحرب «الإسرائيلية» في فلسطين يؤتي بعض ثماره، بعدما أبدت حكومة الاحتلال مخاوفها الجدية من صدور مذكرات اعتقال دولية سرية ضد مسؤولين عن تلك الجرائم، ما يضع المطلوبين في دائرة ضيقة ويجعل تحركاتهم الخارجية محفوفة بالكوابيس والتخيلات المرعبة لعمليات الضبط والاقتياد في مطارات العالم المختلفة.

أولى إدانات المجرم أن يعيش الخوف من القصاص، وهذه الحالة تنطبق على حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو، التي عقدت اجتماعاً مصغراً لهذا الشأن الأربعاء الماضي، لبحث الآثار الخطيرة للغاية على «إسرائيل» من تحرك الجنائية الدولية، وما قد يستتبعها من إجراءات للملاحقة تبدأ في غضون 90 يوماً من مجرد فتح التحقيق. ومن الهواجس التي تنتاب نتنياهو وصحبه أن مذكرات اعتقال سرية قد صدرت بالفعل ضد من يعتبرهم القضاء الدولي مشبوهين بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية. وتشمل هذه المذكرات قادة «إسرائيليين» وضباطاً في جيش الاحتلال ممن نفذوا الاعتداءات المتكررة على قطاع غزة وقمعوا مسيرات العودة وخططوا للتعدي على القانون الدولي، وارتكبوا فظاعات في الضفة الغربية المحتلة، سواء عبر الإعدامات العشوائية أو قرارات الهدم والمصادرة للممتلكات الفلسطينية المادية والمعنوية.

حالة القلق «الإسرائيلية» لا يبدو أنها ستنتهي قريباً، فهناك من المؤشرات ما يجعلها حالة دائمة، رغم محاولات حكومة الاحتلال الهروب إلى الأمام والسعي إلى إظهار عكس ما تبطن من رعب وخشية من المحاسبة. ومن ذلك إعلان وزير حربها نفتالي بينيت عن مخططات استيطانية خطيرة ومدمرة تقضي بابتلاع أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة وإغراقها بأكثر من مليون مستوطن، وتخص هذه الخطة المناطق المصنفة (ج)، وذلك تمهيداً لتهويدها وضمها تحت ما يسمى «سيادة» الاحتلال، وهي خطوة تلقى دعماً مطلقاً من الإدارة الأمريكية، لكنها تواجه رفضاً دولياً متزايداً باعتبارها مسعى يهدم جهود «التسوية» التي مازالت تدافع عنها الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والقوى الكبرى الأخرى مثل روسيا والصين.

ربما ترفع الإجراءات الاحتلالية الجديدة سقف التحدي أمام الفلسطينيين، بما يدفعهم عاجلاً إلى البحث عن وسائل أنجع للمقاومة، فضلاً عن تكثيف العمل المشترك على الصعد المحلية والإقليمية والدولية، وتكثيف النشاط الدبلوماسي والقانوني في مواجهة هذه المشاريع الاستعمارية التوسعية. ورغم الشكوك العديدة، فيمكن للفلسطينيين الرهان على خطوات محكمة الجنايات الدولية، والعمل على تنبيه الضمير الإنساني إلى ما ترتكبه «إسرائيل» من جرائم يومية.

وإذا كانت هناك بقية قانون وأخلاق في مواثيق الأمم المتحدة، فمن غير الممكن أن يظل العبث «الإسرائيلي» مطلق اليد، بل يجب إنصاف الشعب الفلسطيني سريعاً، وإلا فليتركوه يقرر مصيره بالأسلوب الذي يراه، طالما تجاوزت سياسات الاحتلال الكثير من الخطوط الحمراء، وتمادت طويلاً دون أي رادع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى