ترجمات أجنبية

معهد واشنطن – وكلاء إيران في العراق يشنون هجوم إرهابي لإحياء ذكرى 11 سبتمبر.

معهد واشنطن – بقلم مايكل نايتس, كريسبين سميث, حمدي مالك *- 14/9/2021 

في الساعة 23:43 من الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، اعترضت الدفاعات الجوية للتحالف طائرتين مسيّرتين انتحاريتين ثابتَتي الجناحين كانتا محمّلتين بالمتفجرات في مطار أربيل الدولي. فضُربت كلتاهما وتحطمتا، إحداهما داخل محيط المطار والأخرى خارجه، ولحسن الحظ لم تتسببا في وقوع إصابات للمدنيين المحليين أو أعضاء التحالف. وكالعادة، بالغت قنوات المقاومة على مواقع التواصل الاجتماعي في فعالية الهجوم ونشرت مقاطع فيديو وصوراً للانفجارات المؤثرة والكرات النارية لتوضيح الدمار المزعوم. .

والأكثر إثارة للاهتمام هو أن قناة الميليشيات الإعلامية البارزة “صابرين نيوز” زعمت في رسالة عبر “تلغرام” (والتي حُذفت لاحقاً) أن سبب الهجوم هو “أردنا تذكير الأمريكيين بهجمات 11 أيلول/سبتمبر بطريقتنا الخاصة ” . وعادة ما يتم حذف مثل هذه الرسائل المؤقتة في غضون ثوانٍ، كونها تُستخدم في الاتصالات الداخلية داخل المقاومة. وفي هذه الحالة، يبدو أن الرسالة كانت تستهدف شخصيات مرتبطة بـ «الحرس الثوري الإسلامي الإيراني»، بناءً على محتواها ولغتها المختارة (الفارسية، وهي نادرة نسبياً في رسائل “صابرين”). وقد جاء في المنشور ما يلي:

“#[رسالة] مؤقتة [إلى] الأصدقاء في غرفة الدردشة. يقول شباب المقاومة إن هجوم الليلة لا علاقة له بالانتقام لاستشهاد محمد في غاندو، مجرد أردنا تذكير الأمريكيين بهجمات 11 أيلول/سبتمبر على طريقتنا الخاصة”.

ومن الغريب نوعاً ما أن “صابرين” تسعى على ما يبدو إلى إسكات الشائعات المتداولة عن ارتباط هجوم الطائرتين المسيّرتين بموت شخصية خيالية من «الحرس الثوري» في مسلسل التشويق التلفزيوني “غاندو” الذي يرعاه “الحرس الثوري”.مَن أمَر بشن هجوم أربيل؟

يبدو أن هجوماً بطائرتين مسيرتين على أربيل يشكل استثناءً في منحى التراجع الأخير الذي شهدته الهجمات بالطائرات المسيرة أو الصواريخ على نقاط التواجد الأمريكي في العراق. (لكن في سوريا، تواصل الميليشيات ادعاء الهجمات من بينها الضربات الصاروخية على القواعد الأمريكية. وفي 5 أيلول/سبتمبر، زعمت إطلاق خمسة صواريخ على القوات الأمريكية المتمركزة بالقرب من حقل “عمر” النفطي، وفي 31 آب/أغسطس، أعلنت عن هجومين صاروخيين على القوات الأمريكية بالقرب من حقل نفط “كونوكو”). وفي 29 حزيران/يونيو، وبعد يوم واحد من الضربات الجوية الأمريكية على الميليشيات العراقية، نقل قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» إسماعيل قاآني توجيهاتٍ صارمة من المرشد الأعلى علي خامنئي إلى قادة الميليشيات العراقية في بغداد والنجف، محذّراً بشكل عام من توجيه المزيد من الضربات على المواقع الأمريكية، ومشدداً بشكل خاص على أهمية عدم شن ضربات بالطائرات المسيرة، وهو ما حذّرت الولايات المتحدة منه إيران بشدة عبر قنوات مختلفة. كما تضمنت رسالة خامنئي تحذيراً مفاده أن إيران تعرف لمن أعطت الطائرات المسيرة، وأن بإمكانها استرجاعها.

في ضوء هذه الخطوة، يمكن أن تعزى هجمات 11 أيلول/سبتمبر بالطائرات المسيرة إلى مجموعة من الاحتمالات المثيرة للاهتمام.

قيام إحدى خلايا المقاومة بتنفيذ هجوم غير مصرَّح بطائرة مسيرة: هذا احتمالٌ وارد، على الرغم من أنه قد يشير إلى استخدام طائرات مسيرة ثابتة الجناحين تُستخدم عادة فقط من قبل الجماعات الأكثر انضباطاً («كتائب حزب الله»، «منظمة بدر» وربما «حركة حزب الله النجباء»). ومع ذلك، إذا سيطرت “عصائب أهل الحق” على مثل هذه الطائرات المسيّرة أيضاً، فقد تكون قد أضافت هجوماً آخر إلى سجّلها الحافل بمخالفة اتفاقيات المقاومة لوقف إطلاق النار. وتجدر الإشارة أيضاً إلى واقع نشر “كتائب سيد الشهداء” نفياً تلفزيونياً نادراً لتورطها في الهجوم. كما بدت رسالة “صابرين” بشأن 11 أيلول/سبتمبر بمثابة تبرير بأثر رجعي موجّه إلى إيران. ومع ذلك، حتى لو شنت الميليشيات هجوماً مضاداً خلافاً لتوجيهات خامنئي الثابتة، فإن الدعم الواسع الذي حصلت عليه عبر قنوات المقاومة يشير إلى أن إيران لم تشجب هذه الخطوة. وسابقاً، تلقت الهجمات “غير المصرّح بها” ردود فعل متباينة أو حتى رفض صريح من قبل بعض الأوساط الإعلامية للمقاومة.

“إعفاء” استثنائي لمرة واحدة للسماح بالهجوم. الاحتمال الآخر هو ربما تكون إيران قد خففت قيودها وأجازت هجوم ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، أو لسبب آخر (قد يتعلق بزيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى إيران في اليوم التالي).

استئناف أوسع للهجمات. قد تؤكد الهجمات اللاحقة هذا الخيار، على الرغم من أنه قد يبدو غريباً أن توجّه إيران مثل هذا التحذير القوي لوكلائها في حزيران/يونيو لتعود وتتراجع عنه بعد شهرين.

وفقاً لتقدير “الأضواء الكاشفة للميليشيات”، من المرجّح أن يكون هذا الهجوم استثناءً منحته إيران للاحتفال بالذكرى السنوية لأحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر ليكون تصريحاً معادياً لأمريكا، وفقاً لادعاءات “صابرين”. فبعد الرسالة التي أوصلها قاآني في 29 حزيران/يونيو، قلّصت الميليشيات تدريجياً هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على المواقع الأمريكية في العراق، ومن المحتمل أن يستمر هذا الوضع حتى ما بعد الانتخابات العراقية في 10 تشرين الأول/أكتوبر. ومع ذلك، حتى إذا تبنّت الميليشيات نهج “التريث والترقب” إزاء درجة الانسحاب العسكري الأمريكي بحلول نهاية العام، تحتاج هذه الميليشيات أيضاً إلى أن تَظهر بأنها “تقاوم” الولايات المتحدة. وكانت طريقتها الرئيسية لإعطاء هذا الانطباع هي زيادة نسبة تبنّيها للهجمات على الشاحنات التي تزود بنظرها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بالإمدادات. وفي مثال على هذا النوع من التباهي الأجوف إلى حد كبير، هو إعلان «أصحاب الكهف» (جماعة واجهة تدّعي غالباً شنها هجمات القوافل) في 4 أيلول/سبتمبر عن انتقالها إلى “سلسلة جديدة من العمليات” وتوعّدها بتوسيع نطاق عملياتها الجغرافي.

*مايكل نايتس هو زميل في برنامج الزمالة “ليفر” في معهد واشنطن ومقره في بوسطن، ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج و كريسبين سميث هو زميل في فريق قانوني معني بشؤون الأمن القومي ومقره في واشنطن. وتركز أبحاثه على قضايا الأمن، وحقوق الإنسان، وقانون النزاعات المسلحة في العراق و الدكتور حمدي مالك هو زميل مشارك في “معهد واشنطن” ومتخصص في الميليشيات الشيعية. وهو المؤسس المشارك لمنصة “الأضواء الكاشفة للميليشيات”، التي تقدم تحليلاً متعمقاً للتطورات المتعلقة بالميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا. وقد شارك في تأليف دراسة المعهد لعام 2020 “التكريم من دون الاحتواء: مستقبل «الحشد الشعبي» في العراق”. ويتكلم العربية والفارسية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى