شوؤن عربية

معهد واشنطن – رسم مسار جديد بشأن الخليج المتصدع

معهد واشنطن – لوري بلوتكين بوغارت* – 9/4/2018
في 10 نيسان/أبريل، من المقرر أن يستضيف الرئيس الأمريكي ترامب في البيت الأبيض أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ومن بين القضايا التي من المرجح أن تتصدر جدول أعمالهما هي تشديد إجراءات الدوحة لمكافحة الإرهاب وتعزيز العلاقات العسكرية الثنائية. وسيوفر الاهتمام المشترك بحل الخلاف بين قطر والدول الأربع التي تفرض حصاراً عليها (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر) سياقاً مهماً لهذه المحادثات.
لكن زيارة الأمير تميم تأتي أيضاً خلال فترة من التحوّلات الواضحة في سياسة الولايات المتحدة تجاه الخلاف الخليجي، والتي تشمل اهتمام أكثر وضوحاً بتشديد علاقات العمل مع الرياض وأبو ظبي حول أهداف إقليمية مشتركة مثل مواجهة النشاط المؤذي الذي تقوم به إيران. وقد تشمل هذه التحوّلات تخفيف الأولوية عن هدف الوحدة بين دول «مجلس التعاون الخليجي» لتحقيق المصالح المشتركة – على الرغم من عدم التخلي عنها. ولم يشر الموجز الرسمي للبيت الأبيض عن اجتماع الرئيس ترامب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في 20 آذار/مارس إلى وحدة دول «مجلس التعاون الخليجي» كمسألة للنقاش. ومع ذلك، فقد تم الاستشهاد بها كموضوع ذو أهمية في الاتصالات اللاحقة مع كل من الملك سلمان في 2 نيسان/أبريل، والأمير تميم في 3 نيسان/أبريل، وزعيم الإمارات الفعلي محمد بن زايد في 6 نيسان/أبريل.
وفي غضون ذلك، قد تكون لمجموعة العمل الأمريكية-السعودية-الإماراتية الجديدة أسبقية على التعاون مع «مجلس التعاون الخليجي» الأوسع حول بعض القضايا على الأقل. ففي 26 آذار/مارس، أعلن البيت الأبيض عن خطط لعقد اجتماعات ثلاثية منتظمة بين مستشاري الأمن القومي للدول الثلاث من أجل تطوير أطر أمنية إقليمية مشتركة وتنفيذها. ويستفيد هذا الترتيب الخاص من إعلان أبو ظبي في 4 كانون الأول/ديسمبر عن تشكيل لجنة تعاون إماراتية-سعودية مشتركة مكلفة بتنسيق جميع الأنشطة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.
وفي الشهر الماضي، أصدرت الدوحة قائمة جديدة من التصنيفات الإرهابية؛ وأدت ردود أفعال الدول المُحاصِرة لقطر إلى كشف التحدي أمام تعزيز التعاون مع دول «مجلس التعاون الخليجي» بشكل واضح خلال النزاع الحالي. وحيث تم الإعلان عن هذه القائمة في 22 آذار/مارس، فقد كان الهدف منها تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزته الدوحة في معالجة المخاوف الأجنبية بشأن دعم الإرهابيين. ومع ذلك، تضمنت الأسماء المنشورة عشرة أفراد ممن هم أيضاً على قوائم الإرهاب الصادرة عن الدول المُحاصِرة لقطر. وبعد فترة وجيزة، غرّد وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش بأن الإعلان “يؤكد الأدلة ضد [قطر] أن دعمها للتطرف والإرهاب جوهر أزمتها”. وعلى نحو مماثل، وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير التصنيفات بأنها “اعتراف بالمشكلة” وأعرب عن “الأمل في عودة قطر إلى الصواب وتصحيح أخطائها”. وانتهز وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة لحظة أثناء حضوره “منتدى الإعلام العربي” في الإمارات لكي يصرّح بأن “لا سبيل للمصالحة” مع قطر نظراً لسلوكها في الماضي.
وفي الواقع، تعتقد هذه الدول أن التعامل مع أي تسامح قطري مع مؤيدي تنظيمي «القاعدة» و «الدولة الإسلامية» و«حركة حماس» وغيرهم من الجماعات التي صنفتها الولايات المتحدة كإرهابية لا يعالج المشكلة بالكامل. فمن وجهة نظر هذه البلدان، هناك قضية أساسية أخرى تتمثل في الدعم السياسي والمالي والإعلامي القطري للمعارضين والمحرضين وغيرهم من عناصر المعارضة الفعليين والمحتملين داخل حدودهم. ويقيناً، قامت هذه الدول بتهييج [الرأي العام] ضد الأمير تميم وحكومته، لكنها تعتقد أنه من غير المقبول أن تقوم دولة صغيرة مثل قطر بعمل الشيء نفسه ضد جيرانها الأقوياء (من بينهم البحرين، التي يُنظر إلى استقرارها على أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمثيله في المملكة العربية السعودية). وفي الواقع، تشكل سياسة هذه الدول تجاه قطر جزءً من جهد أوسع نطاقاً “لتطهير البيت الداخلي” ومعالجة مصادر عدم الاستقرار في الفترة التي اتسمت بالهشاشة في أعقاب “الربيع العربي”.
ومع ذلك، بما أن إدارة ترامب قد غيرت نهجها تجاه هذا الصدع، فيجب أن تضع نصب أعينها الصورة الأكبر حول مدى أهمية وجود «مجلس تعاون خليجي» فعال بالنسبة للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الخليج. يجب على واشنطن أن تبذل جهداً غير عادي للتفاوض بشكل فردي مع كل شريك في الخليج، لكي يدرك كل منهم أن تحويل حرب قطر الباردة إلى سلام بارد يصب في مصلحتهم الخاصة. [وقد يكون السبيل لنجاح ذلك هو اتباع تكتيك يشمل] جزرة مختلفة مع كل دولة.
وفي قطر، يدرك المسؤولون أن أقوى أوراقهم ضد الجيران الأقوياء هو الدعم الأمريكي. ينبغي على واشنطن مواصلة العمل مع الدوحة لتشديد إجراءات مكافحة الإرهاب ومواجهة التحريض الأجنبي كعنصر ضروري لتخفيف تأثير النزاع على قطر. وعلى الرغم من أن الدوحة قد أثبتت جدارتها كشريك أمريكي حاسم من خلال استضافتها “قاعدة العُديد الجوية” واتخاذها إجراءات أخرى، إلّا أنّ الصدع الخليجي يُعد فرصة كبيرة للتعامل بصورة أكثر شمولاً مع مجالات الاختلاف الاستراتيجي الثنائي.
وبالنسبة للسعوديين والإماراتيين، يمكن أن تشمل الجزرة الخاصة بكل منهما المزيد من الدعم ضد الأنشطة الإيرانية في شبه الجزيرة الخليجية [الصغيرة] أو ضد المتشددين الإسلاميين، على التوالي. إن تسمية جون بولتون كمستشار للأمن القومي وترشيح مايك بومبيو كوزير للخارجية في الولايات المتحدة يمكن أن يعززا فرص التفاوض بنجاح لتخفيف تأثير الحصار، حيث يبدو أن المواقف السياسية لكلا الرجلين تتواءم بشكل وثيق مع تلك التي تتبعها السعودية والإمارات أكثر مما أظهره موقف وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون.
وأخيراً، ينبغي على واشنطن التواصل مع الشريكين الآخرين في «مجلس التعاون الخليجي» اللذين ليسا طرفاً في الخلاف، وهما الكويت وعُمان، بهدف إبقائهما إلى جانب الولايات المتحدة. وإذا استمر النزاع كما هو، فقد ينظر كلا البلدين إلى المنظمة على أنها مجموعة من الدول المجاورة التي تهدد [البلدان الأخرى] وليس مصدراً للحماية. وفي الواقع، إن دول «مجلس التعاون الخليجي» الضعيفة والمنقسمة تخلق المتاعب للمصالح الأمنية الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة، خاصة إذا سمحت لمنافسي الولايات المتحدة الإقليميين والدوليين بالاستفادة من الانقسامات. يجب على واشنطن أن تعمل بجد مع شركائها لتفادي هذه النتيجة حتى لو ظل الحل الكامل لأزمة قطر بعيد المنال.
*لوري بلوتكين بوغارت هي زميلة “باربارا كاي فاميلي” في معهد واشنطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى