ترجمات أجنبية

معهد واشنطن – استطلاع رأي سعودي : الصين تقود الولايات المتحدة ؛ الأغلبية تدعم خطوات مكافحة التطرف الديني وفيروس كورونا

معهد واشنطن * –  ديفيد بولوك *- 31/7/2020

يكشف استطلاع نادر للغاية – بتكليف من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى- إنما موثوق إلى حدّ كبير للرأي العام السعودي أجرته وجهًا لوجه شركة تجارية إقليمية في حزيران/يونيو، بعض المفاجآت بشأن مسائل رئيسية خاصة بالسياسة الخارجية – رغم السكون العام بشأن السياسات المحلية التي تبقى محور الاهتمام الشعبي المهيمن.
فللمرة الأولى منذ انطلاق هذه الاستطلاعات في العام 2014، تخطت الصين بشكل كبير الولايات المتحدة من حيث التأييد الشعبي في السعودية، حيث أن نصف السعوديين (49 في المائة) يقولون الآن إن العلاقات الجيدة مع الصين “مهمة” بالنسبة لبلدهم مقابل 38 في المائة ممن يقولون الأمر نفسه بالنسبة للولايات المتحدة. كما أن النسبة التي حصلت عليها روسيا بحسب الإحصاءات تعادل حاليًا ما حصدته الولايات المتحدة.

وتأتي تركيا خلف هذه الدول إذ تعتبر نسبة 28 في المائة من السعوديين أن العلاقات معها هي مهمة “بعض الشيء” حتى بالنسبة للمملكة. ومع ذلك، وبالنظر إلى التوترات الحادة على المستوى الرسمي بين البلدين، فإن هذا الرقم يمثل أقلية كبيرة من الجمهور السعودي الذي يختلف بشكل خاص مع التوجه الحزبي. سيتم أيضا تحليل التطابق أو التباين بين وجهات النظر الرسمية والشعبية حول مختلف موضوعات السياسة الخارجية الأخرى الهامة بما في ذلك فلسطين وقطر ونظام الأسد السوري وقائد الحرس الثوري الإيراني السابق قاسم سليماني – في ورقة منفصلة في الأيام المقبلة.
غير أن أيًا من هذه العلاقات الخارجية لا يبدو أنه يحتل الأولوية بالنسبة للشعب السعودي الذي ينصب تركيزه كما دائمًا على المسائل الداخلية. فنسبة كبيرة تساوي 84 في المائة (على الأقل “إلى حد ما”) تتفق على النقطة التالية: “تكتسي الإصلاحات السياسية والاقتصادية الداخلية حاليًا أهمية أكبر بالنسبة لبلدنا من أي مسألة خاصة بالسياسة الخارجية، لذا علينا البقاء بمنأى عن أي حروب تدور خارج حدودنا”. وتشمل هذه الأغلبية الكبيرة 39 في المائة من السعوديين الذين “يشددون” على أن هذا ما “يشعرون به حقًا”، وهي نسبة مرتفعة على نحو غير اعتيادي.
تتفق الأغلبية على أنه يتعين على الحكومة منع التطرف الديني
من بين المسائل المحلية، يعتبر نصف السعوديين تقريبًا (45 في المائة) أن حكومتهم تبذل “الجهد الكافي” من أجل “الحؤول دون تفشي التطرف الديني في مجتمعنا”. لكن نسبة 38 في المائة تقول إن المسؤولين يقومون “بالقليل” في هذا الصدد. ويدلّ هذا المزيج على دعم واسع النطاق للتدابير الآيلة إلى كبح التطرف الديني، إلى جانب بعض المخاوف بشأن مؤشرات على أن هذه النقطة لا تزال تمثّل مشكلة.


جهود مكافحة فيروس كورونا تحصد آراء متباينة؛ الكثيرون يعتبرون الجائحة مؤامرة خارجية 
بالنسبة لجائحة فيروس كورونا، تتباين المواقف أيضًا، ولو بطريقة مختلفة. فنسبة 38 في المائة من السعوديين يعتبرون أن السلطات تبذل ما يكفي من الجهود من أجل “ضمان صحة شعبها وتوفير الرعاية الطبية له”. مع ذلك، تصف النسبة نفسها (40 في المائة) هذه التدابير بـ “المبالغ فيها”، ما يشير إلى مقاومة من نوع ما للإغلاق أو غيره من القيود المفروضة. وعلى نحو مفاجئ، تقول نسبة 20 في المائة فقط إن الحكومة لا تقوم بالكثير في هذا الصدد. 

ما يثير الدهشة على نحو مماثل هو العدد الكبير للغاية من السعوديين – 76 في المائة – الذين يعتقدون أن فيروس كورونا “هو فيروس أطلقه أعداؤنا الأجانب عمدًا”. فضلًا عن ذلك، يتفق الثلث “بشكل كبير” مع نظرية المؤامرة هذه. إن هذه الأرقام أعلى بكثير من تلك المسجلة في استطلاعات رأي في دول عربية أخرى ردًا على هذا السؤال نفسه منذ شباط/فبراير: سواء مصر أو الأردن أو الإمارات أو الضفة الغربية وغزة. صحيح أن أسباب ذلك غير واضحة، لكن هذه الزيادة المرافقة في الآراء السعودية الإيجابية إزاء العلاقات مع الصين تشير إلى أن هذه الأخيرة غير ملامة إلى حدّ كبير على نشر الفيروس.


النصف فقط راضٍ على تدابير فرض القانون والنظام؛ الأغلبية ترغب بإيلاء أهمية أكبر للرأي العام
على صعيد مسألة محلية بارزة أخرى، أتت الآراء بشأن “الحفاظ على القانون والنظام في أماكننا العامة” متباينة بدورها. فنحو نصف السعوديين، أي النسبة نفسها تقريبًا المسجلة في الدول المستطلعة الأخرى، يعتبرون أن حكومتهم تقوم بما يكفي في هذا المجال. أما النصف الآخر، فهو منقسم: يرى نحو الربع أن المسؤولين يقومون “بالكثير” من أجل ضمان الهدوء والطمأنينة محليًا؛ في حين يعتبر الربع المتبقي أنهم يقومون “بالقليل”.
غير أنه ثمة مسألة داخلية واحدة ترى أغلبية ضيّقة (58 في المائة) من السعوديين، مقارنةً باستطلاعات أُجريت مؤخرًا في دول عربية أخرى، أن حكومتها لا تبذل الكثير حيالها، وهي: “إيلاء أهمية للرأي العام بشأن سياساتها”. إن هذه النسبة المرتفعة نسبيًا هي نفسها تقريبًا المسجلة في ثلاث دول عربية أخرى تمّ استطلاعها. لكن ثمة مفارقة في حالة السعودية في ظل بذل الرياض جهودًا كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية – من خلال “مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني” وتحليل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل – لجسّ نبض شعبها وحتى أخذ آرائهم في الحسبان بشأن مسائل اجتماعية متنوعة.
لكن الربع فقط يرى قيمة في الاحتجاجات الشعبية ومعظمهم يشعر بالرضا نسبيًا
مع ذلك، يشعر الشعب السعودي ككل بالرضا عن الميزات النسبية التي يتمتع بها ويعارض الاحتجاجات العلنية. ويوافق ثلثا الشعب على النقطة التالية “حين أفكر فيما يجري في اليمن أو سوريا، أشعر أن وضعنا ليس سيئًا”. ويفترض أن الثلث الآخر من الجمهور السعودي يفهم أيضًا أن الأمور صارت أسوأ بكثير في اليمن أو سوريا،
وهذا في الواقع لا يجعلهم يشعرون بتحسن.
كما أن الشعب منقسم بالتساوي بشكل غير متوقع حيال مسألة ذات صلة. فردًا على سؤال “إن كان من الجيد أننا لا نشهد مظاهرات حاشدة في الشوارع هنا الآن كما يحصل في بعض الدول العربية الأخرى”، أتت إجابة 48 في المائة تمامًا مؤيدة و48 في المائة رافضة، حيث أن هذا الشعور ينتاب إما بشكل كبير أو بسيط نسب متساوية من السعوديين. لكن عند سؤال المستطلعين عن أمثلة محددة، وبخاصة “الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق ولبنان”، تعتقد نسبة 24 في المائة فقط من السعوديين أنها ستخلف تأثيرًا “إيجابيًا بعض الشيء”.


ملاحظة منهجية
استُخلصت هذه النتائج من استطلاع أجرته وجهًا لوجه في حزيران/يونيو 2020 شركة تجارية موثوقة للاستطلاعات تتمتع بخبرة واسعة، مع عينة تمثيلية وطنية شملت ألف مواطن سعودي. إن المؤلف على دراية شخصية وثقة كاملة بالوسائل التقنية والإدارة المهنية وضوابط الجودة والضمانات الصارمة شديدة السرية والنزاهة المطلقة لفريق العمل الميداني. بالإضافة إلى ذلك، ونتيجة القيود التي تفرضها ظروف تفشى وباء كورونا، يُشرف المؤلف مباشرة على صياغة الأسئلة والترجمة، ومواصفات الترميز، والتعديلات الخاصة بالجدول الزمني، والجوانب الأخرى ذات الصلة بالاستطلاع..
فقد تمّ اختيار المستطلعين بحسب أساليب الأرجحية الجغرافية المعيارية الصارمة. وبالنسبة لعيّنة من هذا الحجم والطبيعة، يوازي هامش الخطأ الإحصائي 3 في المائة (حيث يعتمد الهامش الدقيق على توزيع الإجابات عن أسئلة محددة). ويمكن توفير تفاصيل منهجية إضافية عند الطلب.

* ديفيد بولوك زميل أقدم في معهد واشنطن يركز على الحراك السياسي في بلدان الشرق الأوسط .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى