ترجمات أجنبية

معهد واشنطن – إلينا ديلوجر وستيفن سيش -“مصفوفة اليمن”: فك عُقد العلاقات التي تؤجج الحرب

معهد واشنطن –  إلينا ديلوجر  و ستيفن سيش *- 7/10/2020

“في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2020، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع إلينا ديلوجر والسفير ستيفن سيش لإطلاق برنامج “مصفوفة اليمن: الحلفاء والخصوم”، وهو دليل للمعلومات وأداة تفاعلية عبر الإنترنت تركز على المظالم التي تحرك الأحداث في اليمن العصري. وإلينا ديلوجر، منشئة المشروع، هي “زميلة روبن فاميلي” في المعهد وأستاذة مساعدة في “مركز الدراسات الأمنية” بـ “جامعة جورج تاون”. وستيفن سيش هو نائب الرئيس التنفيذي لـ “معهد دول الخليج العربي” في واشنطن وسفير الولايات المتحدة السابق في اليمن. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم”.

إلينا ديلوجر

انبثقت فكرة مشروع “مصفوفة اليمن” عن الرغبة في مساعدة الآخرين على مواكبة التطور وفهم الوضع اليمني الراهن بكل تعقيداته. وأردتُ من خلال هذا المشروع أن أعطي فكرة عن العلاقات والأحداث الرئيسية التي ترسم معالم الحرب في اليمن، مع التركيز على شبكة معقّدة من الروايات التي تشكّل هذه الحرب. ولتوضيح النزاع الحاصل، يستخدم هذا المشروع نهجاً قصصياً، وهي طريقة تحاول إضفاء الطابع الإنساني على قصة اليمن عبر شرح التاريخ من خلال الأشخاص الذين اختبروه والجماعات التي عايشته.

ويركّز مشروع “مصفوفة اليمن” على ثلاثة أنواع من المعلومات هي الجهات الفاعلة والأحداث والعلاقات. ويتناول المشروع بشكل خاص اثني عشرة جهة فاعلة رئيسية. وعلى الرغم من أن العوامل التي تقيّد حجم المشروع تحول دون سرد قائمة شاملة تماماً بالجهات الفاعلة، إلا أنه يركز على الأفراد والجماعات الرئيسية المؤثرة أو الجديرة بالمراقبة حالياً. ومع ذلك، وكما تشير مقدمة المشروع، تشمل الإغفالات البارزة القبائل والفصائل المنشقة داخل الأحزاب السياسية الرئيسية، والجماعات الإرهابية. ويغفل المشروع أيضاً ذكر القوى الخارجية مثل قطر، التي يصعب تحديد علاقاتها مع الجهات الفاعلة الأخرى، ولكنها تستحق الإدراج في المشروع إذا استمر نفوذها في النمو.

ويُشار إلى أن الأحداث المختارة هي مَجْريات تاريخية رئيسية صاغت وجهات نظر اليمنيين اليوم. وعند التركيز على هذه الأحداث، يمكن اكتساب فهم أعمق للديناميات السياسية الحالية في اليمن. فبالنسبة لليمنيين، تستمر الأحداث الماضية في التأثير على الأحداث الراهنة، ولا تزال أحداث 1962 و1986 و1994 و2004 تلعب دوراً كبيراً كما هو الحال اليوم.

أخيراً، يغطي المشروع خمسة أنواع رئيسية من العلاقات، والتي تتراوح ضمن نطاق يمتد بين “الحلفاء” من جهة و “الخصوم” من جهة أخرى، مع ذكر العلاقات “الإيجابية” و “المعقدة” و “غير المواتية” بين هذين القطبين. ويقوم المشروع على نهجٍ يعتبر أن العلاقات ليست راكدة وسوف تتحرك على طول هذا النطاق. وتحاول المصفوفة أيضاً أن أن تبقى صالحة قدر الإمكان، وسيتم تحديثها استجابة لأي تغييرات جوهرية في العلاقات.

وتتمثل إحدى أبرز النقاط التي يمكن استخلاصها من هذا المشروع في مدى ترسّخ المظالم والشكاوى في صميم القرارات والعلاقات في الوقت الحاضر – وكيف سيستمر هذا الأمر في المستقبل. وبالتالي، إذا حاولنا فهم سبب وجود التحالفات في اليمن، فمن الأفضل غالباً البدء بالمظالم المشتركة. ومن الأمثلة على ذلك غزو الحوثيين للجنوب في عام 2015: بالنسبة لحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كان استيلاء الحوثيين على عدن رمزاً آخر للانقلاب الحوثي ضدها. أما بالنسبة لـ “المجلس الانتقالي الجنوبي”، فكان هذا الحدث بمثابة فصل آخر من الغزو الشمالي للجنوب. وهذا الشعور المشترك بالظلم جعل حكومة هادي و”المجلس الانتقالي الجنوبي” يصطفان بشكل مؤقت ضد الحوثيين، ومع ذلك فإن عداء أحدهما تجاه الآخر – المتجذر في أحداث 1986 و1994 وما بعد ذلك – كان يغلي تحت السطح إلى أن انفجر في النهاية بشكل عنيف.

وثمة استنتاجٌ آخر يمكن استخلاصه من المصفوفة، وهو أن أوثق التحالفات في اليمن هي في الأساس مع جهات خارجية. وتعتمد جميع الأطراف اليمنية الرئيسية تقريباً على جهة راعية خارجية للحصول على الدعم المالي – كما يفعل “المجلس الانتقالي الجنوبي” مع الإمارات العربية المتحدة، ومتظاهرو المهرة مع سلطنة عُمان، والحوثيون مع إيران. وعلى الرغم من هذه الرعاية الخارجية، إلّا أن معظم الجماعات اليمنية تُعبّر عن مناهضة شديدة للتدخل الأجنبي. وبالتالي، تُعتبر علاقات اليمن مع الدول الراعية الخارجية متعددة الأبعاد: فالموارد المالية تساعد الجماعات اليمنية على السعي لتحقيق طموحاتها، لكن هذه الجماعات تدافع عن استقلاليتها من خلال عدم الالتزام دائماً بنصائح جهاتها الراعية. ومن النادر أن تعمل جماعة في اليمن كوكيل مطلق لدولة خارجية. وبالفعل، يستهجن الرئيس هادي السعودية من حين لآخر، وقد سبق للحوثيين أن استخفّوا بالنصائح الإيرانية، في حين أن “المجلس الانتقالي الجنوبي” يتحدى أحياناً تحذيرات الإمارات. ومن الضروري أن يأخذ صانعو السياسات هذه الأبعاد المتعددة بعين الاعتبار لأن الناس يميلون إلى المبالغة في تبسيط تفسيراتهم للديناميات المتبلورة في اليمن.
ستيفن سيش

سوف تثبت “مصفوفة اليمن” بسرعة فائدتها كأداة بحث جوهرية لجميع المراقبين للأوضاع اليمنية. فالمشروع يتولى المهمة الصعبة المتمثلة في شرح (1) الديناميّات الفريدة للصراع في اليمن و (2) كيفية تطور تلك الديناميات. ومن خلال القيام بذلك، يستعرض المشروع تفاصيل جوهرية عن العوامل المؤثرة في اليمن ويقرّ في الوقت نفسه بسهولة تقلّب الأوضاع ومدى سرعة تغيّر العلاقات.

فضلاً عن ذلك، فإن أحد الاستنتاجات الصارخة التي يمكن استخلاصها من هذه المصفوفة هو غياب المرأة عن مواقع السلطة والنفوذ في اليمن. وعلى الرغم من جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث لضم أصوات النساء اليمنيات، إلّا أن الطريق لا يزال طويلاً لضمان مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار. وتسلط المصفوفة الضوء أيضاً على المصالح الشخصية المتنافسة بين صانعي القرار الرئيسيين في اليمن، والذين يعتقد الكثير منهم أن ما يفيدهم شخصياً سيفيد أيضاً البلد ككل. وبالتالي، رفعت مثل هذه الآراء المصالح الشخصية فوق الرفاهية الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى